أيتها القمحية | بقلم الأديب العراقي عماد الدعمي 


أيتها القمحية | بقلم الأديب العراقي عماد الدعمي


اعادتني

إلى دوائري العتيقة 

إلى نيفٍ وعشرين عاما مضت

وأعادتْ لي روحي الشاردة 

تلك الأنثى المختلفة

وربما انتشلتني 

من بئر اليأس

لأعود من جديدٍ مغامرا

واقتحمُ مدنَ الحب

التي كانت مختومة الأبواب

بالشمعِ الأحمر 

كنتُ أتساءلُ 

كيف قال السيابُ

كنَّ سبعا !

وايّ قلبٍ ذلك الذي

يعشق سبعا

كنتٌ لا أؤمنُ بالاخضرار 

بعدَ  اليباس 

وكان الخريفُ فصلي الوحيد

وكان قلبي بعيدا

عن مدن الحب

كبعدِ الأرضِ عن السماء

لكنّما روحي 

تسللت كسرعةِ البرق

نحوَ كلِّ شيءٍ فيها

فاخذتني بعيدا

لأبحرَ من دون ترددٍ

فعادَ قلبي يخفقُ

وشبَّ بداخلي ذاك

الحلمُ المنسيُّ منذ سنين

فكيفَ بي 

وأنا الطفلُ الكبيرُ

ايتها القمحيةُ القادمةُ

من خلف بوابات العمر

ذلك العمرُ المنفيُّ

بعيدا عن زمنِ الضباب

من أين جئتِ

وكيف عرفتِ

التسللَ إلى حروفي

ولغتي 

وإلى قلبي المتعبِ

النابضِ بالحزنِ الدفينِ

ايتها القمحيةُ

لقد ضيعتُ مفاتيحَ قلبي

منذُ عهدٍ مضى

ورحلتُ لعالمٍ آخر

كي ما أغرق من جديدٍ

فقبلكِ كنتُ مبحرا 

قد تاه في لجة الموجِ

وضلَّ عن المرسى

ايتها القمحيةُ الغائبةُ

لخمسينَ عاما

من علّمكِ لغةَ العيون

وكيف اخترقتِ

ذلكَ الجبروتَ

وكيف ترجمتِ 

لغةَ القلوب

وكيف أدركتِ

بأنك الحاضرةُ الغائبةُ

منذ أقدم العصور

أيتها القمحيةُ العشتاريةُ السومريةُ

مازال جلجامشُ لم يمتْ

ومازال سحرُكِ مُشعا

ينيرُ القلوب




Share To: