الكاتبة السودانية / سمر حيدر تكتب خاطرة تحت عنوان "أنـا تُهتِ مني!"
على أطّلال المَاضي وقفتْ ذِكريَاتي وفوقَ أغصَان الأسَى امتدّت أوجاعي،
السّادسة شروقََا عندمَا كَانت أحلَامي البَريئَة تُطهَى على بسمَاتِ الصباح وكوبٍ منَ الحليبِ المُحلى بالشُوكولا.
وعندَما كانت للبيّت رائِحة معتقّة، وعلى شُرفَة الآمـان ازدانتْ أرواحنَا كالألوان الزّاهية، وعلى نفحَات الليلِ تلآلآت أعيننَا حتى باتت كَالقمر المنتصف من شدّة بريقهِ لا يمكنكَ النظر إليه.
أنـا تُهتِ مني!
في ختَام اليوم تأملت ذَاتي كيفَ كانت في الماضِي وكيف تبدو الآن، وعلى خضام الحرب ذَبُلت، لم يكن الأرَق يومََا صدِيقي حتى أضحَى اليوم كالقَرين على كتفِي، وعندمَا عُلّمَتِ العيون بِالهَالات وازدادت أعصابُ المعدة في المعَارك إثر الأوجاع، وكأن سكبُ الدّمع أيسرُ من شُرب الماء، هنَا أيقنت أن
أنـا تُهتِ مني!
قميصِي الأبيض المُتسّخ بأوهان الزمن، كـالقلوب البائسة والجفون المترهلة بقساوة هذه الأرض، لك عزيزي على دائرة الزمن دارَت الأيام والأسابيع والدهور مرورَ الآلم الفظّ، لم ألبثُ أن أُقاوم حتى ازدادتِ الجاذبية سَاحنةََ
روحي إلى أسفل ثمّ أسفل حتى السافلينَ، بمنتَهى السهولة.
لمْ أعد أهَاب السجن فمنذ أن حُكم عليَّ بسجنِ الحرمَان ماعادتِ الآلام توجع فؤادي، بل مُزقتُ إربََا إربََا على لوحِ الزمن، وماعادَ الظّلام يُخيفني، ولا الأشبَاح التي حدثتنيِ عنها جدّتي تُرعبنيِ.
في الأمس على تمام العَاشرةِ قمَرََا في بُقعَة من الدنيَا عليّ شُرب اللبَنِ الطّازج، وتنظيف أسناني والإستمتاع بفلم الكارتون (توم وجيري) ثم الخلود للنوم دونَ همٍّ ولا أرَقٍ ولا وجَع.
الآن على تمامِ الرابِعة وهنََا عليّ أخذُ مسكنِ الغضروفَ ثم بعدها كوبََا من القهوة المرّة علّها تنسِيني حَالي ومحَالي وما آل بي، وعلّي بعدهَا أن أُضمّد جِراحي بيديّ لا بيدِ والديّ، عندمَا كانتِ الدروسُ تدرس في المدارس فقط،
ابتدأت الحياة بجلدنَا مرةََ تلو الأخرى بدون رحمةٍ ولا شفقَة ويكأنها تُأكدُ أن الثقلَ لن يتقَاسمه معك سواك أنتَ.
أنت تهتِ منك برضو؟
Post A Comment: