هريسة تانيس من حقول الفلفل الى اليونسكو | بقلم الفنانة التشكيلية والكاتبة التونسية / رجاء بن موسى 


هريسة تانيس من حقول الفلفل الى اليونسكو | بقلم الفنانة التشكيلية والكاتبة التونسية / رجاء بن موسى



حمامة سلام من اليونسكو ترفرف على سماء تانيس توثّق هريسة نابليوس كهويّة وطنيّة


و قوافل  الصّين والهند قد رست على جزر أبي شريك محمّلة ببذور الفلفل 

 

وجنود من الأرسكيين قد نشروا

 هذه الحبّات الفضيّة في حقول المعمورة و بنزرت  و العلا و تستور و سليمان


 فحفرت الأبار و امتدّت السّدود من  وادي الكبير  و  سالم  و العبيد

 و الرّمل


و وثّق  عبد الله  و قد منحته أرضه كتّانا ينسج منها كدرونا   المحراث  في تربة خصبة   ليؤسّس زرارعة   كبرى يأمل منها شعاعا  أمام العالم


فغدت الحقول  رياضا  من الرّياحين والنرجس و زهر الرمّان  و القرنفل

تلك هيّ ألوان قرون الغزلان


فيمتد ّ البكلوطي و البلدي والمعموري والمسكي و المسيّر 

ثمارا   من  مزارعنا


و أميرات القرية قد انتشرن وسط زهرات المرجان وقد تدلت من طاقيتهم  المطرّزة بالكنتيل و الفضة  عقود الجوهر و والزمرد


وتتوقّف  فاطمة عن  ركب الأميرات لتخلّص ما علق في كمّ السّورية  الموشّى من شبكة  الدنتال براعم الفلفل فتسقط قوفيتها بين شدو براعم  الرّنج و الّنسري


و أبت زهرة الا أن تدلّل شارية على ظهرها فتنحني معها كلّما  قطفت قرون الغزلان

 و قد أّحكمت شدها بيدها على جبينها  الموشى بمحرمة النوار


وفي عشيّة يوم الجمعة 

أوقف عمّار  البرّاح  الكرّيطة أمام مقرّ سيدي علي عزّوز

وقد ثقلها بأكداس المسكي

و بأعلى صوت  راح ينشد مع نغمات الطّار والنّغرات  و بتهاليل العزّوزيّة


عقد  مرجاننا   عالميا 

فهريستنا من حقولنا إلى  اليونسكو



ثم ينحنى بسروال القّندليسية  وقد نسج من القمراية محاولا  أن يرجع زنّاره إلى وراء أكتافه وهو يكوّم  المعلف و يوفي الكيل خيرا وبركة 

لتكون عولة لهذه العام   


وبين حيّ الّربط و المحفر قد  تسارعت  ريحيّة  منصور  وهو يشدّ

الشّواري  المتدلية من ظهر حمارته وقد تساقط منها قرون المسكي الحار

لينشره وسط السّقيفة  كحبّات المرجان حتى يأخذ وجها من  قوايل الرمان


و في الحوش اتّخذت  النّسوة مقاما  تحت ظلال الياسمين والفلّ


فهذه علجية   بسوريّة  البلاّر المزهرة عدسا وفضة قد اتخذت من حباّت المرجان عقدا و أودعته للشمس قربانا  


فلما يتقاطر اللؤلؤ عل خدي فاطمة ?!

وقد  أمالت التّقعيدة  المنقوشة بالغرزة النّابلية على جبينها   لتزيل بذور الفلفل و تقصّ أطرافه بسرعة تحاكي البّرق 


و مهراس قد جلب من سوق النّحاس ترن ّبه سعدية 

و في نغماته عبق تراثنا 

وأصالة أجدادنا


و أبت للا ّ فاطمة وقد لفت مليتها على ركبتيها وتدلّت الرّيحانة من بخنوقها و ورقص عقد القرنفل الزاخر خمسة  وحوتة و محبوبا على صدرها  إلا ان يكون الفلفل المجفف بين أضراس الرحى الحجري

تديره بحكمة و دراية

فتكون عجينة حارّة   تليّن بعصير ذهبي  من زيتونة علّيسة

 وملح سوابخنا 

و بهرات الهند تابل و ثوم 

 ذلك  سرّ الهريسة  


وفي بيت العولة تمتلأ  الخابية بالهريسة  و الهروس 


سلاحا لشتاء و مواسم الجني و الحصاد 


 وببن وثائق اليونسكو

تكون هريسة تانيس

هويّة  وطنيّة  و خصوصيّة عالميّة




Share To: