أحرف مبعثرة | بقلم الكاتبة السودانية هنادي إسحق إسماعيل 


أحرف مبعثرة | بقلم الكاتبة السودانية هنادي إسحق إسماعيل



  غرفتي صغيرة، بها سرير أرتمي عليه انا وكل الأشياء التي  أعيشها  خلال يومي... خزانة مليئة بالثياب وقليل من  ذكريات لأشخاص ضيعنا بعضنا البعض ولم نعد نلتقي، بها طاولة عليها أوراق مبعثرة مثل مستقبلي وأحلامي، صورة معلقة كانت لي وأنا أضحك! نظرت  بالمرايا وحاولت استراجع ضحكتي من جديد ولكن فجأة وقعت الصورة وانكسرت! حتى الصورة قررت أن تغادر عالمي ..

 غرفة  معتمة تعودت عليها منذ سنين، وتسللت العتمة لقلبي .. صامتة مثل صمتي وصدى الصمت مسموع!، يا ترى مذ متى وللصمت صدى؟

  بزاوية الغرفة ألعاب...  لعبتي الوحيدة التي تذكرني بطفولتي التعيسة  سرقتها الحرب!

ضجيج العالم بالخارج موجع ..

 صوت قنوات الاخبار يحكي عن أزمة سوف نخوضها من جديد ..

 فهل إنتهينا من القديم لنبدأ  حروب جديدة ؟

كل يوم نفس السيناريو   .. 

ننام لنفيق غدًا ونعيد  كل الذي عشناه اليوم ..

كل يوم نفس المعاناة  ووجع مختلف الفرق هو أن الحكاية تختار عنوان جديد من الألم ..

داخل غرفتي لا أحد غيري، والخارج  عالم كامل به أشخاص وصرخات مكتومة ودموع ممنوعة من النزول والسبب "نحن اقوياء" .. لا أعلم  متى  تنزل الستارة لنزيل القناع؟

تطلعت بشباك الغرفة التي محتملة سوداويتي اللعينة .. يبدو أن الشتاء  قاسي هذه السنة .. لا شيء يبقى  حنون بهذا الكون!

لكل انسان فينا ملجأ يختبيء به ويمكن أن يكون الملجأ  غرفة .. ولكن بقدر الهروب من الكل سيكون الإنسان في الأخر مع قلبه واحساسه.. الاحساس شعور لا ينعدم ولا نستطيع الهرب من دقات القلب...

الآن  اسمع ام كلثوم وصوتها من الزمن القديم الزمن الذي لا يتكرر 

ويظَل تساؤلها مُدويًا في الغرفة : 

" أهرَب من قلبي أروح على فين !؟


هنادي إسحق إسماعيل/ السودان




Share To: