
قراءة في معرض "ذكر نفسك "
للفنانة التشكيلية القطرية ريم آل ثاني
بقلم الكاتب: عبدالرزاق بن علي من تونس
حين دخلت المعرض لأول مرة كنت وكأني ألج إلي أعماق الكنه الإنساني المعقد على بساطته .
هو سفر داخلي لا بداية له ولا نهاية كميلاد الافكار وتوالدها ، تارة تنعكس ذاتك في الموجودات واخرى تكون الموجودات انعكاسا لذاتك.
الملاحظ للوهلة الاولى في المعرض هو تنوع الاشكال الهندسية لكن على تنوعها يمكن و بشي من البحث والتمحيص أن يتجلى لك ذلك الخيط الرفيع الذي يربط بينها ... الشكل الدائري و الأسطواني الذي يكاد يكون عنصرا أساسيا في هذا الركن من الابداع.
الدائرة ، الكرة ،عجلة دراجة ،المروحة، ازرار الهاتف ، عين الكاميرا،...حتى الالواح المربعة التي تتدلى من الاعلى على اختلاف الوانها هي في حركة دوان مستمر تخبرك ان الثبات وهم ... وفي تأرجحها ممهاة لتأرجح الإنسان بين العلم بالشيء والجهل به .
حتى الحصان الخشبي الذي يتحرك من الأسفل الى الاعلى على حركة نصف دائرة ينبئك عن طبيعة تأرجح الانسان بين الاضداد مثلا أو بين المتناقضات ، يخبرك ان الانسان كائن متحول بالضرورة و يحمل ذلك التغير وعدم الثبات في كيانه أينما انتقل .
ما يثير الاعجاب حضور "بومة مينيرفا "التي تأتي اخر الليل لتخبرنا الحقيقة ، كان حضورها في اعتقادي جد معبر جنبا لجنب مع لوحة مفاتيح الكومبيوتر ، وذلك الصراع الابدي بين الفلسفة والعلم ومن هو الاجدر ان يلقب "بأم العلوم" .
حين تنتقل الى مجسم خيوط الصيد المعلقة عموديا توسطتها اقلام الرصاص في اتجاهات مختلفة ستلاحظ انها أيضاً في تناغم تام مع المفهوم العام المعرض ، حيث يظهر انعكاس صورته دائريا وحين التدقيق تدرك انها ما هي سوى محاكاة لمركز الادراك البشري "المخ"
حضور الحقائب دليل على أن الانسان في سفر دائم وترحال ، سفر مادي وانتقال مستمر من مكان لآخر وسفر معنوي أراه الأهم، هو ذلك الذي يخوضه الإنسان بينه وبين فكره وعمق ادراكه....
وهنا أعود من حيث كان يجب ان أبدأ ،إلى النص الذي يستقبلك عند الدخول وقد كتب باللغة العربية والانقليزية تحت عنوان "ذكر نفسك "
وهي في ما أرى دعوة صريحة للإنسان أن يعرف نفسه ويغوص في أعماق كيانه أو يبحث له عن مكان بين الموجودات التي هو مبتدؤها ونهايتها.
Post A Comment: