رحلة بين العقل و النفس | بقلم الكاتبة المصرية أميرة محمد
نتطور جميعا تلقائيا من مرحلة إلى أخرى ففي بداية حياتنا قد نتصف بالسذاجة في التعامل ثم ننضج أكثر و نعرف التعامل مع الآخرين على الرّغم من إختلاف شخصياتهم،
و مع هذا النضج نبدأ في التفكير بصقل معرفتنا بالعلاقات و كيفية نظر الآخرين لنا وما إلى ذلك من إهتمام بالنفسية الخاصة بنا و نفسية الآخرين و نمط شخصياتهم وكل هذا من أجل تكوين علاقات ناضجة صحية مع من حولنا الى أن نفكر في حجز الدورات الخاصة لتطوير فكرنا تجاه هذه العلاقات.
فمن المهم أن يبحث الإنسان عن هذا و يفني بعض من وقته فيه.
ولكن ما يحزنني في كل هذا أننا في أوقات لا نستطيع تحقيق ما درسناه ودون الإنتباه أيضا أننا خالفناه .
و الدليل على هذا أن الكثير منا تعلم أن لا يجب الحكم المسبق على الآخرين و عندما يدخل في علاقة مع شخص ما قد ينبهر به في بداية العلاقة ثم يبدأ بإكتشاف أنه إنسان عادي وهذا حال أغلبنا .
فهذا نوع من أنواع الحكم المسبق على الآخرين فأنت وضعته أولا في فئة العلماء و المبهرين ثم وضعته مرة أخرى في فئة الإنسان العادي الغير مبهر لك الآن، و هذا المشهد قد مر على كثير منا و يجده مشهد طبيعي لتكرار فعل ذلك ولا يجد فيه أي إيذاء للشخص الذي أمامه.
و مشهد آخر عندما نجد إنسان مختلف عنا وعن أفكارنا فنبدأ بتكوين حاجز نفسي يبنى داخل أعماق أنفسنا والأخطر أننا لانقاومه رغم ما وصلنا إليه من النضج الفكري ولكننا نترك هذا الحاجز يكبر و يعلو ولا نحاول أن نهدمه و لا نشعر بالذنب تجاه هذا الانسان الذي عاقبناه داخلنا لمجرد إختلافه عنا وأجلسناه خارج حاجزنا النفسي.
فلا نخرج من كل هذا إلا بأننا مهما وصل بنا النضج في علاقتنا و معرفه نفسية الآخرين فالطبع يغلب التطبع، و طبعنا الأساسي قد يغلب علينا للأسف في بعض سلوكيات حياتنا دون أن نشعر،
وهذا ليس معناه أننا فشلنا رغم كل الجهد المبذول في جعلنا أُناس أنضج و ذوى علاقات صحية ، و لكن كل ما أعنيه أن نصقل كل ما درسناه و قرأناه بلحظات صدق و إعتراف بالحقيقة لأنفسنا دون إلباس الأشياء مسميات مختلفة لتكون ألطف على النفس.
فالنفس البشريه لا تستقيم عند إستقامة العقل بالدراسة- لا أعتقد ذلك - بل بالعكس تماما قد يخضع العقل في أوقات كثيرة الى هوى النفس برغم معرفته أن ما يفعله خطأ.
كمثال الذي يشرب الخمر و هو يعلم جيدا أنها تذهب عقله و تجعل منه أُضحوكة بين من حوله ولكن هوى النفس جعل العقل يخضع له.
فيجب دائما مع كل علاقة وقفة مع النفس و سؤالها لماذا لا أتقبل هذا الشخص ؟
ربما تكون الإجابه: أنني من بنيت هذا الحاجز وليس هو
، و ربما هو السبب حقا لما به من تصرفات تؤذيني،
ولكن في هذا الوقت قد أكون رفعت مستوى نضجي إلي مستوى أعلى و أصقلت دراستي و عرفت أكثر عن نفسي ودواخلها
و إنتصرت في لحظات علي هوى نفسي الذي يخضع له باقي أعضائي، و هذا إنتصار عظيم.
Post A Comment: