الدُّعاء وصية رب العالمين | بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
الدُّعاء له منزلةٌ عظيمةٌ في الإسلام فهو من أفضل العبادات .
والدُّعاء هو إظهار غاية التذلُّل والافتقار إلى الله، والاستكانة له .
الدُّعاء وصية رب العالمين حيث حثَّنا الله تعالى على الدُّعاء في آيات كثيرة من كتابه العزيز
قال تعالى:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
[البقرة: 186]
قال الإمام ابن جرير الطبري :
وإذا سألك يا محمد عبادي عني: أين أنا ؟
فإني قريبٌ منهم أسمع دعاءهم وأجيب دعوة الداعي منهم .
قال سبحانه:
﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾
[النمل: 62]
قال الإمام ابن كثير :
ينبِّه تعالى أنه هو المدعوُّ عند الشدائد المرجوُّ عند النوازل كما قال:
﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾
[الإسراء: 67]
وقال تعالى:
﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾
[النحل: 53]
قال جل شأنه:
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾
[غافر: 60]
فمِن فضله تبارك وتعالى وكرمه ؛ أنه ندَب عباده إلى دعائه وتكفَّل لهم بالإجابة .
قال سبحانه:
﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾
[الأعراف: 55، 56]
ادعوا أيها الناسُ ربَّكم وحده تذللًا واستكانةً لطاعته وأخلصوا له الدُّعاء دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأصنام.
دعاء الأنبياء:
ابراهيم قال :
﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾
[إبراهيم: 37].
وقال إبراهيم أيضًا:
﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾
[إبراهيم: 40، 41]
قال الله تعالى حكاية عن نوح:
﴿ وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
[الأنبياء: 76، 77]
قال الله تعالى حكاية عن موسى:
﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ﴾
[طه: 25 - 36]
قال الله تعالى:
﴿ كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴾
[مريم: 1 - 9].
روى مسلمٌ :
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
دعوةُ المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابةٌ، عند رأسه ملَكٌ موكلٌ، كلما دعا لأخيه بخيرٍ، قال الملَك الموكل به: آمين ولك بمثلٍ .
#فضل الدُّعاء في السنَّة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ليس شيءٌ أكرمَ على الله تعالى من الدُّعاء .
#عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مَن لم يسأَلِ اللهَ، يغضَبْ عليه .
• قال المباركفوري :
لأن تركَ السؤال تكبرٌ واستغناءٌ، وهذا لا يجوز للعبد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن ربَّكم تبارك وتعالى حييٌّ كريمٌ، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرًا أي خاليتين .
روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مَن سره أن يستجيب اللهُ له عند الشدائد والكرب، فليُكثر الدُّعاء في الرخاء .
أي في حالة السَّعة والصحة والفراغ والعافية .
روى الترمذي عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ادعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن اللهَ لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ .
روى مسلم عن أبي هريرة :
أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:
إذا مات الإنسانُ، انقطَع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتَفَع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له .
روى أبو داود عن النعمان بن بشيرٍ :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
الدُّعاء هو العبادة
قال تعالى :
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ .
Post A Comment: