قصور مطماطة بين الخرافة و الواقع | بقلم الفنانة التشكيلية والكاتبة التونسية / رجاء بن موسى 


قصور مطماطة بين الخرافة و الواقع | بقلم الفنانة التشكيلية والكاتبة التونسية / رجاء بن موسى



أفافا إينوفا 

أفافا إينوفا 

سلاما  

إينوفا  أطلق أبوابك لي أمانا

أخشى  وحوش الغابة 

جحافل بني هلال 

وثعلب الصحراء 

رماحهم و مدافعهم تلاحقني 


"_الخوف يأسرني مثلما يأسرك بنيّتي"

دعي أساورك الفضيّة ترنّ سلاما وحياة


لنهرب إلى تمزرت و زوارة  و توجان

هناك سنقيم البنيان

و هل ندخل باكين على قصور عاد وثامود  وقد أتوا الصّخرة بالواد

أو نقيم سلاما لمدائن صالح وطراز البتراء


و نتّخذ من تضاريس القمر بيوتا وأمانا

فبالرّفش و المعول سنزيح الرّمال 

و ننحت الجبال بالإزميل والماء

لنجعل منها ديارا في  القمر  

 رداؤها نور الشمس و طينها  اللّازمزة

جدرانها  منحوتة خمسة و حوتة  من شر كلّ حاسد و عين 


و سراب الواحة يوحيك بالجنان

لكن ما إن تمتد خطواتك حتى تغوص في باطن الصّخور الرّملية 

أو الحوش الحفري


فتطمئن لسعي الصّيف والشّتاء قد اتّخذا عولة في الطّابق العلويّ شعيرا وقمحا  وزيتا و فلفلا  

 و الطّابق السّفلي سدّة   

ساحة أمان وأحلام  وأنشودة للسّائح 

وبين  الغرف سقيفة معبر للنجوم 

في ساحة الحرب


وتحت النخلة وقرب العين

تلعب الخربقة 

فيفرش بساط الرمل ليكون ساحة شطرنش بين الحصى و قلوب التّمر

و تلتفّ الجباه السّمراء بالعمامة البيضاء و يجلس الشّيوخ  القرفصاء

وعبق الشّاي يدفع للمنافسة و الكبرياء

والأيادي تخفق بين الانتصار و الإنهزام

وحكاياتهم شلحة 

*اللغتك  تمردوتيك* لغتك هويتك

مثلما ذكر شاعرهم 

"قعدنا مكابي كلّ واحد فينا خايف على جروه من الخربقة يدادي

يريد النجا من خصمه يفادي غلبته "


و هل فتحت كتاب الحكايات والخرافات وعشت مع عشائر  مطماطة أو حلمت  انك أميرا في قصر غيلان و أولاد سلطان   تعظّم  الفرسان في ساحات الحرب 

و تفاخر بالغزوات و الفتوحات


و هل للجبال أمان حتى يلتحق

المشهور  الدغباجي   بكاف النسورة

 

و في  أنفاق قصر الزيت و  زقرارين يكون  معقل الفلاّقة بين جباههم

 المقرون و في خفايا برانيسهم الألغام  مكرا و هجوما على على النازييّن و رومل ثعلب الصحراء


ويفتتح  موسم النّسيج 

و تتشابك الخيوط ألوانا في ثنايا النّول البدائي  بين أنامل الكاهنة البربريّة وقد فاح من صدرها عقد السّخاب بين قرن غزال و نجوم سماء ليكون كليما بربريّا خطوطه 

من  الأزهار البريّة و الرموز الأمازيغيّة


و مع مواسم الدّقلة والتّمر  و الرّمّان

تتلذّذ الفطائر مع نسمات الصّباح

و تمتدّ صواني العصيدة وقد تفتّحت زيت زيتون 

وتغمس الملّة وقد نفضت من رماد النّار في عسل سدرة البشاير  


 و ينحر الجمل و تتحّرك الأسباب


و تزهر وسط الحوش قصع كسكسي سبع حبوب والفلفل الحار 

و ينسكب اللاّقمي من الزّير ناعما حلوا فتتمايل القلوب



وفي قرية* تاوجوت،*

سمر للعروش و القبائل و الرّحّل 

و مداولات وسمسرة   في الهواء وبيع وشراء 

و خطوبة و أهازيج من الخرافات


وفي ضباب زاوية للاّ معاويّة  جاوي و بخور

وأمام سناجقها تتلحّف العروس بالحرام الذّهبي والأحمر

و يد موشّمة  أهازيجا من الخطوط 

والطيور  تحاول فكّ الخيوط من علاقة العروسة فيتناثر منها الحنّة و الحلوى والسّواك و  اللّوبان  وعلى صفحة  مرآة البحيرة  تنعكس صورة القمر


وفي ثنايا  زاوية *تلكواست* يشدّ المرحول خطاه وراء الهودج ناشدا الزّغاريد و إيقاع البارود و رنّات حدوة  الخيل 

وعلى الهودج  لاحت العروس  بين الخسوف  والكسوف مع نغمات  ملحفتها  شمس و  ومرجان 


ومن* قصر عيشة*

يلوح فارسا  يتخطى القمم 

وعلى جبينه عقال 

و فوق أكتافه برنسا يزيده  خيالا 

و بندقيته ضباب من البارود و  وافتخار للعروبة 

فترقص حوله االعرّاسة رقصات الصّوفية و العيساويّة 


و مع حنين القمر تفرش زاوية سيدي علي إدريس مرقوما و كليما  و تطلق الصّبايا شعورهنّ المفتخر بزيت الزيتون العنان لرقصة النّخّان و المبازة على إيقاع البندير 


فقصور مطماطة خيال ونغم وفن




Share To: