أيمن سوقي.. صورة لفلسطين التي لا نعرفها | بقلم الكاتب الصحافي الأردني الفلسطيني خالد جهاد

الشغف هي كلمة السر والإيمان بما يقدمه أحدنا هو الخطوة الأولى والأهم نحو تحقيق ما نتمناه، وعلى مدار سنوات كان اسمه إلى جانب الكثير من الأسماء اللامعة في عالم التصوير الفوتوغرافي في فلسطين مرجعاً ومادةً خصبة للعديد من وسائل الإعلام التي تناقلت لقطاته الفريدة والمميزة، والتي خلقت مساحةً مختلفة لصورةٍ جديدة عن أرضٍ أقرب مما نتصور جعلتها أعماله واقعاً في قلوبنا رغم بعدها عنا، لذا يسعدني أن يكون ختام المقالات التي تتناول أسماء أهم المواهب في عالم التصوير الفوتوغرافي لهذا العام مع المصور الفلسطيني المبدع أيمن سوقي..

برغم أن التصوير الفوتوغرافي ليس مهنته الأصلية لكنه استطاع أن يحجز لصورته المتميزة مكاناً هاماً وبشكلٍ دائم فعدسته تتنقل بمحبةٍ يشعر بها المتلقي دون كللٍ أو ملل بين مختلف المناطق الفلسطينية التي حرم الفلسطينيون والعرب ومحبوا فلسطين عموماً من رؤيتها والتعرف عليها وعلى تاريخها العريق والإستمتاع بجمالها لتخلق حالةً من التواصل الوجداني والتلاحم معها، كما أنه يسعى من خلال ما يقدمه أسوةً بالعديد من المصورين المحترفين في فلسطين إلى توثيق التراث والثقافة والأماكن الأثرية التي تشهد على تواجد الإنسان الفلسطيني وامتداد حضارته التي عانقت بدورها الكثير من الحضارات منذ فجر التاريخ، وشهدت على التنوع الذي يمثله الفلسطينيون بشكلٍ حي من مختلف الثقافات التي كان لكلٍ منها دوره ومكانه وقيمته في تكوين الفسيفساء الفلسطينية والتي لا تنفصل بطبيعة الحال عن محيطها في بلاد الشام والعالم العربي إلى جانب الكثير من الثقافات التي أسهمت في نهضتها وتكوين هويتها المتفردة أبعد من حدود بلادنا..

كما أن حرفية ما يقدمه أيمن سوقي جعلت المواد التي يقدمها عبر صفحته من صورٍ وڤيديوهات بديعة من فلسطين وجهةً لبعض المؤسسات الإعلامية المعروفة حيث تم الإستعانة بها مراراً واستخدامها ضمن تقارير صحفية مصورة ضمن عدد من البرامج التلفزيونية أو عبر المواقع الإلكترونية التابعة لها، وكما تم ذلك أيضاً في بعض الأحيان بشكل يخلو من احترام حقوق النشر وحقوق الملكية الفكرية وهي مشكلة يواجهها الكثير من المبدعين على اختلاف مجالاتهم، لكنه رغم ذلك مستمر في تصوير وتوثيق فلسطين التي نحبها بأسلوبه ومن زاويته التي يحاكي فيها روح المكان الذي يصوره ويهتم بنقل تفاصيله وتثقيف القارىء والمتابع له من خلال عرض نبذةٍ مكتوبة عن تاريخ المكان الذي يحتفي به لتكون الرحلة المنشودة بصحبة عدسته مكتملة الأركان، وهو ما استمر في تقديمه ضمن جولاته في بعض الدول العربية كالأردن والكويت، حيث يدقق في اختيار المواقع والزوايا ويحاول قدر استطاعته إظهار أجمل ما فيها من دون تكلف وبأسلوبٍ يعكس ذلك التواصل بين عدسته وقلبه ليخرج لنا في كل مرة مجموعةً من الأعمال القيمة رغم التضييق والتشديد الذي يعاني منه ككل الفلسطينيين وبالأخص مبدعيهم كي لا ينقلوا الصورة الحقيقية لواقعهم وكي لا يكونوا جسراً يصل فلسطين بمحيطها الذي لا زالوا يحاولون عزله عنهم ولم ينجحوا رغم كل هذه السنوات، ولذا تشكل هذه الحالة الفوتوغرافية الفلسطينية استثناءاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى كونها ساهمت في تقريب فلسطين للشعوب..

ويبدو واضحاً من خلال أسلوب أيمن سوقي سعيه الدائم إلى خلق حالةٍ من الحوار بين المتابع وبين الصورة وهو ما يجعله يرتبط بأعماله ويرغب في الإستزادة منها، فالمصور أو الفنان عموماً هو من يصنع الرابطة التي تجمعه بمن يتذوقون نتاجه من خلال أسلوبه أو الطريقة التي يقدم فيها أعماله، ويكفي لمبدع مثل أيمن سوقي أن يكون أحد سفراء الصورة الفلسطينية الذين يملكون عزيمةً لا تفتر لتقديم الأجمل ولتقديم فلسطين التي لا نعرفها عن قرب..

خالد جهاد..