ماذا لو؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد 


ماذا لو؟! | بقلم الكاتبة السودانية تسنيم عبد السيد



إن عدد المسلمين في العالم اليوم لا يتعدى 2 مليار مسلم، من أصل نحو 8 مليار إنسان على هذا الكوكب، أي نحو 25% فقط من سكان العالم، فماذا عن الـ 75% الآخرون، هل يعرفون النهاية التي تنتظرهم، أم أن النهاية أصلًا ليست كما نتوقعها نحن! الذين نظن أننا نجونا لكوننا فقط مسلمين!


قد يتساءل أحدهم؛ هل أولئك البشر مُغيّبون! لا يدركون حقيقة هذا الكون وغاية وجودهم فيه؟!

أعتقد أن ثمة أسباب عديدة لوجود ذلك الكم الهائل من غير المسلمين، لكن أهمها برأيي أن الحساب والجزاء لمن يختار الإسلام أو غيره ليس آنيًا وإنما مؤجل، فجميعنا يعرف أن تناول الأطعمة غير الصحية أو التدخين يضر بالصحة ويؤدي للوفاة، لكن رغم ذلك فالأطعمة رائجة والتدخين منتشر لماذا؟! ببساطة لأن الضرر أو الموت ليس آنيًا أو سيحدث فيما بعد وليس الآن، فالعقل يُوهم صاحبه أن هذا الهلاك "قد" يحدث! لكن نجد نفس الشخص الذي يدخن لن يُلقي بنفسه أمام القطار مثلًا، أو يتعمد تناول طعامًا مسمومًا، فتجده يحرص على أن ينجو بنفسه من المهالك، ولا يوقع نفسه في فخ النهايات الآنية. 

وفي المقابل هناك فئة من الناس أصحاب عقول واعية ومنطق سليم، يحرصون على سلامتهم الآنية والآتية، ولا يرتكبون بحق أنفسهم ما يؤذيها عاجلًا أو آجلًا ويعيشون حياة صحية آمنة بعيدة عن المخاطر، وهؤلاء هم الخيار في كل زمان، مثلهم كمثل المسلم الذي فكّر واختار بعقله النهاية التي تليق به. 


أذكر أنه في أحد البرامج كانت هناك حلقة عنوانها: ماذا لو تفاجئت في نهاية المطاف بأن الإسلام ليس هو الدين الصحيح؟!

ملخص الحلقة: ماذا لو كان هو الدين الصحيح! فالخسائر حينها أكبر، فما الإسلام في أصله إلا سلوك قويم يتسق مع الفطرة الإنسانية السليمة، فلا مجهود يبذله الشخص السويّ ليصبح جزءًا من تلك الشريعة.


فلو كان لدخول الإسلام إشارة آنية يحصل عليها الإنسان مادية ظاهرة تضمن له النجاة؛ لما تأخر أحد، لكن أعتقد أن الغفلة وعدم الاكتراث منشأها رفض تصديق الوعود، وانعدام الثقة في ما قاله الله عبر رُسله للبشرية، فالتصديق بوعد الله واليقين بما هو آت هو الإيمان الحق، والوصول لتلك المنطقة من الثقة والاعتقاد الثابت ليس سهلًا على كثير من الناس، فموسى عليه السلام مثلًا أُرسل لقومه بتسع آيات "معجزات" ومع ذلك كذبه قومه وقاوموا فكره.


الخلاصة: أن العقل والمنطق هو الحل لهذا اللغز، وهي دعوة لأولئك الرافضون؛ للتفكُّر والتعقُّل قبل إتخاذ أي خطوة نحو التصديق والإيمان، والحرص على عدم قبول الأمر دون اقتناع كامل، حتى لا يثنيك عن تطبيقه ذرة شك، وحينها فقط اختر ما يناسبك وتحمَّل تبعات قراراتك وكن مستعدًا لمواجهة المصير الذي تستحقه. 


ولتعلم أنه اذا كان هنالك احتمال منطقي مقبول بنسبة 1% أن هذا الكون أوجد نفسه والبشر جزء من هذه الطبيعة، لكان احتمال أن الاسلام ليس هو الدين الصحيح واردًا بذات النسبة، لكن لا يوجد عاقل يمكن أن يشكك في أن لهذا الكون خالق ومُدبر ومسيطر على مجريات الأحداث فيه، حركة مجراته ومخلوقاته، ظاهره وباطنه، أرضه وسماؤه.

لأجل ذلك دخول الإسلام والإيمان بوجود الله اليوم؛ ليس بالفتوحات الاسلامية، ولكن بالمنطق وبالعلم وبالبراهين الواضحة الدّالة على وجود قوة عظيمة تُدير هذا الكون هو الخالق الواجد المُحيي المُميت، وكفى بالخلق والموت الذي يتكرر أمامنا دون أن نُحرك ساكنًا عبرةً واتعاظًا! فمن يقدر على إحياء روح أو انتزاعها غيره سبحانه وتعالى؟!



Share To: