فاطمة و فراشتها على سجادة الصلاة | بقلم الكاتبة والشاعرة اللبنانية نسرين حرب 


فاطمة و فراشتها على سجادة الصلاة | بقلم الكاتبة والشاعرة اللبنانية نسرين حرب



في كل مرة يتم الاعتداء فيها على غزة الحبيبة تراودني ذكريات العدوان الصهيوني في  تموز  2006 على لبنان ، وأكثر ما يراودني ذكرى تستوقفني دوماً في لحظة من الإعجاب والتعجب والاندهاش ، هي لحظة لكنها حكاية ، وقف زوجي عند باب البيت يقول جهزي البنات بسرعة حتى ننتقل إلى الجبل قبل الغارة المقبلة ، كانت الساعة الخامسة صباحاً استيقظنا بسرعة وأسرعنا إليه ، إلا بتول ذات الخمسة أعوام أبت إلا أن أسرِّح شعرها قبل المغادرة ، وقف والدها يبتسم و أنا كذلك . سرحت شعرها ومضينا للسيارة جميعاً مسرعين وفي حضني بنتي الصغرى "فاطمة الزهراء " عمرها يومان ، ولدت يوم ولادة سيدتنا فاطمة عليها السلام في ال ٢٠ من جمادى الثانية . إنطلقنا وكأن السيارة تطير على بساط الريح أنظر ناحية الشرق لا شيء سوى الدخان و الدمار و هدوء يسبق القصف العتيد . 

       ألشاهد في روايتي أن الحرب لن تستطيع مطلقاً وإن استهدفت قتل الأطفال ماديّاً ومعنويّاً وإعلاميّاً أن تقتل براءتهم وإصرارهم على البقاء و إثبات وجودهم و الاستمتاع بالحياة ، لأنها الفطرة . بتول أرادت أن تقول للعدو الغاشم و كل مآسي وتحديات الحياة : "  إقضِ ما أنت قاضٍ " ، لن أواجه إلا بكامل براءتي و أناقتي و عزيمتي .

     و رحنا لمكان نظنه آمناً ، و أمّا فاطمة التي كانت تأكل وتنام و ( تنقز) على صوت الصواريخ والقصف والنسف و تعود لتكمل طعامها ثم تنام أمست يحلو لها السهر لتكون القمر الذي يؤنس القلوب وأما الحرب الكونية لم تستطع أن تطفئ نور القمر و لا ان تمنع شروق الشمس ، لأن الله متمُّ نوره و لو كره المستكبرون ، و في كل لحظة يجذب النورُ الفراشة .  

      فاطمة الآن معشوقة الفراشات ، و قد كانت في طفولتها فراشة كما وصفها أبي يوماً ما وهي تمرحُ بين زهور الدار حول ( زهرة السكوكع) التي جاءت وحيدةً من قلب رفاة الشهيد رضوان صالح الذي استشهد في حرب تموز في مواجهة العدوان المتغطرس ، له النعيم المقيم والرضوان ، أما وقد صبحت الآن حوضاً مترعاً بالهيام والإلهام حول أطيب تينة في بيت أهلي ، و حيث تدور كل رؤاي ، و فيها رائحة الأحباب والجنة منتشرةُ في أرجاء الدار كلها . هل هو سر الفراشة ام السرٌّ في حرف الفاء ؟! و لعلّ السرّ في فاطمة الزهراء . 

دمتم طيبين . 


نسرين حرب 13/5/2023

فاطمة و فراشتها على سجادة الصلاة .

فلتفتح الأبواب و أنا قائمةٌ  لأصلي .



Share To: