تيسير أحكام المرأة في الحج | بقلم دكتورة روحية مصطفى الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة
الجزء الأول
1- يجب على من أرادت الحج إخلاص النية لله تعالى ورد الحقوق إلى أصحابها إذا كانوا على قيد الحياة ، أولورثتهم بعد الممات .
2- إذا أرادت المرأة أن تحج يجب عليها استئذان زوجها سواء كان حج فريضة أم حج تطوع ؛ لأن الاستئذان من مظاهر المعاشرة بالمعروف بين الزوجين ، ولا يجوز للزوج أن يمنعها من حج الفريضة ، وإن منعها بلا عذر أثم ، ولها أن تحج دون إذنه على الراجح إلا إذا ترتب على خروجها دون إذن تهديد استقرار الأسرة ، فلا تخرج لأن الحج على الراجح من أقوال الفقهاء لا يجب على الفور بل على التراخي ، وإن كان فعله على الفور أولى خاصة إذا توافرت الاستطاعة المادية والبدنية وأمن الطريق ، ويصبح الأمر أكثر أولوية إذا كانت المرأة كبيرة في السن ، وقد لا تتمكن من الحج بعد ذلك ، أما إذا كان حج تطوع ، فلا تخرج بدون إذنه ، وله منعها ، وإن خرجت أثمت ، فرعايتها لأولادها وحسن تبعلها لزوجها يعدل أفضل الأعمال وهو الجهاد في سبيل الله ، بل يعدل كل خير
3- الأولى للمرأة أن تحج ومعها زوج أو محرم ، فإن لم يتوافر لها الزوج أو المحرم يكفي الرفقة الآمنه ، ولا يشترط رفقة خاصة من أهلها أو بلدها ، بل يكفي رفقة السفر التي تطمئن فيها المرأة على مالها وبدنها وعرضها .
4- يجوز عقد نية الإحرام والدخول فيه من البيت أو المطار أو الطائرة شريطة ألا تتجاوز الميقات المكاني دون إحرام ، وإذا أحرمت قبل الميقات تحترس من محظورات الإحرام ، لذا يفضل ألا تُحرم إلا في المطار أو الطائرة أو السفينة أو أي وسيلة للسفر .
5- من سنة الإحرام أي الأفعال التي يستحب فعلها قبل الإحرام لمن أراد الإحرام ، أن تغتسل المرأة حتى وإن كانت حائضا ؛ لأن الغسل هنا لسنة الإحرام لا للطهارة ، وتأتي بسنن الفطرة من تقليم الأظافر ، وإزالة شعر الإبط والعانة ، ولا حرج عليها أن تغتسل بصابون أو شامبوا ، أما بعد الإحرام فلا تستخدم إلا الصابون الذي لا يحتوي على رائحة ، ولا مانع من استخدام مزيل العرق عديم الرائحة ، وتكثر من التلبية بصوت منخفض على كل حال .
6- يتم الإحرام بنية الدخول فيه سواء كانت النية لحج الإفراد أو القران أو التمتع ، وإحرام المرأة في وجهها وكفيها لا في الملابس ، فلا تنتقب محرمه ولا تلبس القفازين ، وتلبس ماشاءت من الثياب ولكن بالضوابط الشرعية ، فلا تصف ولا تشف وتكون ذات ألوان محتشمه ، ولا حرج من ارتداء اللون الأبيض .
7- إذا كانت المرأة منتقبة في الأصل وتستحي من كشف وجهها أمام الرجال فيمكنها الإسدال على وجهها ولا تربط الوجه ويمكنها ارتداء قبعة وإنزال الإسدال من فوقها حتى لا يلامس وجهها .
8- بعد الغسل مباشرة إذا كانت غير حائض تصلي ركعتي الإحرام ، وإن وافقت وقت فريضة أغنت الفريضة عنها ، لكن الأفضل صلاتها بعد الفريضة .
9- يستحب لها ألا تبدأ الإحرام في الأوقات التي تُكره فيها الصلاة ، وهي بعد صلاة الصبح خاصة عند شروق الشمس ، وعند الظهيرة ، وعند غروب الشمس .
10- إذا نوت المحرمة التمتع بالعمرة إلى الحج فعليها هدي ، فإن تعذر عليها ذلك فعليها صيام عشرة أيام ، ثلاثة منهم في الحج وسبعة إذا رجعت إلى وطنها ، وإن لم تتمكن من الصيام في الحج لأي عذر ، فلها أن تصوم العشرة بعد عودتها إلى وطنها ، لكن تفرق بين الثلاثة والسبعة بأربعة أيام تقابل يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة .
11- بعد أن تحرم المرأة يجب عليها اجتناب محظورات الإحرام مثل ( الجماع ومقدماته " الرفث" وتجتنب الفسوق وهو مخالفة أحكام الشريعة مثل الكذب والنميمة والغيبة والسرقة .....، عدم التعرض لصيد البر . وتجتنب الجدال بالباطل .
12- يجوز للمرأة أن تحج عن غيرها حج نيابة شريطة أن تكون قد حجت عن نفسها أولا ، فإن لم تكن حجت عن نفسها وقع الحج لها لا لغيرها ، فإن حجت عن غيرها بعد أن حجت عن نفسها في عام سابق فقد صح الحج ، ورحمة الله وفضله تتسع لها ولمن حجت عنه فلا تُحرم اجر هذا الحج كما لا يُحرم من أنابها .
13- إذا جاوزت المرأة مكان الإحرام ولم تحرم لعذر نسيان أو نوم أو جهل أو مرض أو غير ذلك ، فلها أن تحرم من وقت ومكان التذكر وعليها ذبح هدي " شاة " توزع على فقراء الحرم ، أما إن كانت في سيارتها الخاصة وتمكنت من العودة إلى الميقات والإحرام منه فلا شيء عليها .
14- تبدأ التلبية بعد نية الإحرام أو بعد صلاة ركعتي سنة الإحرام أو بعد الركوب وبدأ المسير والسفر ، وتكررها في كل حال ، ولا ترفع صوتها بها مثل الرجال ، ولكن بقدر ماتسمع نفسها .
15- إذا حاضت المرأة قبل إحرامها أو بعد الإحرام ، فلها أن تؤدي جميع مناسك الحج إلا الطواف بالبيت الحرام ؛ لأن الطواف صلاة ويشترط لصحتها الطهارة من الحدثين ، فتبيت بمني يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة ، وتقف بعرفات ، وترمي الجمار ، وتبيت بمنى أيام التشريق ، وتسعى بين الصفا والمروة ، وتؤخر الطواف إلى مابعد الطهر ، فإن طهرت وهي في أرض الحرم طافت طواف الركن ( الإفاضة ) وكذا طواف الوداع وهو آخر عهدها بالحرم ، وإن استمر الحيض عليها في مدته المعتادة لها مالم يتجاوز خمسة عشر يوما ، وكانت مرتبطة برحلة عودة برا أو بحرا أو جوا ، فلها أن تفعل واحد من أمرين : الأول : أن تطوف في فترة النقاء المتخلل للحيض ، بمعنى إذا كانت ترى الطهر زمنا بين أيام الحيض فلها أن تغتسل فيه وتطوف ، والثاني : أن تربط على موضع الدم بحيث لا تلوث ملابسها ولا بيت الله الحرام ثم تطوف على حالها وترجع إلى وطنها سالمة غانمة لا إثم عليها ولا كفارة على ماذهب إليه متأخري الحنابلة.
16- لا يستحب لها صيام يوم عرفات ؛ لأن هذا اليوم هو يوم الرحمة والغفران ومطلوب منها أن تجتهد في الدعاء والاستغفار والتوبة والتسبيح والتقرب إلى الله تعالى ، وكل ذلك يحتاج إلى طاقة ، والصيام قد يُضعفها .
17- وتقف بعرفات الله في أي وقت متاح لها من بعد زوال شمس يوم التاسع إلى فجر يوم النحر ، فإذا تيسر لها أن تقف في أي زمن من هذا الوقت فقد أتت بالركن ، وأقل وقت للوقوف بعرفات لحظة ، فلو أدركت الوقوف بأرض عرفات لحظة قبل فجر يوم النحر فقد أتت بالركن ، حتى وإن كانت داخل سيارة أو أوتوبيس أو باص أو أي وسيلة مواصلات تقف بأرض عرفات ، أما المرور بها جوا فلا .
18- لا يشترط للمرأة أن تصعد على الجبل ، وإنما يكفيها التواجد بأرض عرفات ، سواء كانت واقفة أم جالسة أو نائمة داخل خيمة النساء ، حتى وإن كانت مغمى عليها ، فقد أتت بالركن .
19- من المستحب في الوقوف بعرفات أن تقف قبل الغروب وتدرك جزأ من الليل في أرض عرفات لتجمع بين وقوف الليل والنهار .
20- عند الخروج من عرفات الله يجب عليها أن تؤمن إيمان اليقين بأن الله تعالى قد غفر لها ، فهنيئا لها حج مبرور وذنب مغفور .
21- للمرأة أن تحرم بأي واحد من أنواع الإحرام بالحج ، إما إفراد ومعناه أن تنوي الحج فقط ، فتحرم به وتؤدي مناسكه ، وبعد التحلل إن كان هناك وقت يمكنها أن تحرم بالعمرة من أقرب موضع للحرم وهو التنعيم ، ويمكنها أن تنوي القران بمعنى أن تنوي الحج والعمرة معا فتدخل أعمال العمرة في أعمال الحج ، سواء في الميقات أم الأفعال ، فالفارق هنا هو النية ، ويمكنها أن تنوي التمتع بالعمرة إلى الحج ، بمعنى أن تحرم بالعمرة من الميقات المكاني ، وتدخل مكة وبعد أن تنتهي من العمرة تتحلل ، ثم تحرم بالحج من مكة ، ويجب عليها هنا في هذا النوع هدي ، أي ذبح شاه ، فإن تعذر عليها لعدم وجود المال أو الحيوان ، فتصوم عشرة أيام ، ثلاثة في الحج وسبعة في وطنها ، لذا يفضل من أرادت أن تتمتع بالعمرة إلى الحج وكانت غير حائض أن تنتهي من أعمال العمرة وتتحلل منها ثم تحرم بالحج يوم السادس من ذي الحجة ، وتصوم يوم السادس والسابع والثامن ، حتى تكون يوم عرفات وهو التاسع من ذي الحجة مفطرة ، فإن كانت حائضا وطهرت قبل أيام التشريق فيمكنها صيام الثلاثة أيام في أيام التشريق الثلاثة وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ، فإن تعذر ذلك فتصوم بعد العودة إلى وطنها على نحو مابينت قبل ذلك .
22- بعد أن تخرج من عرفات بعد غروب شمس يوم التاسع تنطلق إلى مزدلفة ولا يشترط أن تبيت فيها فيكفي زمن بقدر حط الرحال فقط ، فإن تيسر لها البقاء إلى آذان الفجر فتصلي الفجر في أول وقته ، ويمكنها جمع الجمرات من عرفة أو مزدلفة أو منى ، والمستحب لها أن تلتقط السبع جمرات التي ترميها يوم العيد من مزدلفة وهي جمرة العقبة ، وتأخذ أكثر من العدد المسنون ، ربما تسقط منها جمرة عند الرمي فتحتاج إلى جبرها بأخرى ، وتكون في حجم حبة الحمص ، حتى إذا اصطدمت بأحد أثناء الرمي عند بُعد لاتؤذيه غالبا
23- أن تجمع بين الظهر والعصر في عرفات جمع تقديم ، وتجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة جمع تأخير .
24- تبدأ برمي الجمار من ليلة عيد الأضحى الذي يوافق العاشر من ذي الحجة بعد أن تنفر من مزدلفة ، ويستمر الرمي حتى اليوم الثاني عشر من ذي الحجة إن كانت متعجلة ، وإلى قبل غروب شمس اليوم الثالث عشر إذا كانت غير متعجلة .
25- في يوم العيد يتم رمي جمرة العقبة بسبع حصيات ، وأما باقي الأيام فيتم رمي الجمرات الثلاث جميعا ، كل جمرة بسبع حصيات أي مجموع ماترميه في اليوم الواحد من الأيام الثلاثة هو واحد وعشرين جمرة .
26- تحرص على أن يقع الرمي داخل الحوض الدائري ، ولا ترميها مرة واحدة ، بل واحدة واحدة ، وإذا رمتها مرة واحدة تعتبر رمية واحدة .
27- أما ترتيب الجمرات فتبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ( العقبة ) ولا يصح العكس .
28- ووقت رمي جمرة العقبة يبدأ من طلوع الشمس إلى الزوال من يوم النحر ، وهذا هو الوقت المسنون ، ولا ترمي يوم النحر غيرها ، أما إذا كانت المرأة كبيرة أو مريضة أو ضعيفة فمتى وصلت إلى جمرة العقبة بعد انصرافها من مزدلفة جاز لها رميها .
29- من السنة أن تكبر مع كل حصاة " الله أكبر ".
30- أما وقت رمي الجمرات أيام التشريق الثلاثة فيبدأ من زوال الشمس يوم الحادي عشر وينتهي بغروب الشمس لمن ليس لها عذر ، ويجوز الرمي ليلا لمن لها عذر كأن تكون كبيرة في السن أو مريضة أو ضعيفة أو تخشى مزاحمة الرجال وغير ذلك .
31- يجوز لمن تعذر عليها رمي الجمار إذا كانت مريضة أو حامل تخشى تدافع الحجيج ، أن تُنيب غيرها في أن يرمي عنها لكن يشترط أن يكون رمى عن نفسه أولا .
32- ومن الآداب التي يجب أن تتحلى بها المرأة في هذه الأماكن المقدسة خاصة منى التي تجلس فيها عدة أيام أن تهتم بنظافة الخيمة التي تجلس فيها مع رفيقاتها ، ولاتأخذ من الطعام والشراب والعصائر التي وفرها القائمون على الرحلة إلا بقدر كفايتها ، وإن فضل من طعامها شيء تضعه في موضعه الذي اُعد لجمع بقايا الطعام ، وأن تحافظ على نظافة الحمام الذي تدخله ، فلا ترمي على أرضه أو داخله مناديل ورقية أو فوط صحية ، وتتأكد قبل أن تخرج من الحمام أنها لم تترك شيئا خلفها يؤذي من يدخل بعدها سواء كانت حاجة أم عاملة في الحمامات ، وأن تُعين كبيرات السن والمريضات والحوامل في توفير احتياجاتهن من الطعام والشراب ، ومساعدتهن في الوصول إلى أماكن قضاء الحاجة للنساء ، فهذه الرحلة الروحانية يتجلى فيها ترابط وتعاون وتعاضد المسلمين بعضهم بعض ، وأن تتجنب النميمة ، والغيبة ، والقيل والقال ، وأن تلتزم آداب المرأة المسلمة في اللباس والمشي والكلام والبصر ..
33- عند دخول بيت الله الحرام تتوضا المرأة وضوئها للصلاة وتتوجه مستقبلة الحجر الأسود وتشير بيديها وتكبر مثل تكبيرة الإحرام ، ولا تتكلف بمزاحمة الرجال لتصل إلى الحجر أو تقبله ، فإن تيسر لها ذلك بلا مزاحمة فلا حرج وإن لم يتيسر يكفيها الإشارة بيديها .
34- تطوف بالبيت سبعة أشواط ، وتتحرى الطواف في وسط النساء ، وإذا انتقض وضوئها وهي في أثناء الطواف فلها أن تفعل واحد من أمرين : تتوضأ ثم تبني على ماسبق لها من أشواط ، والثاني : تتوضأ وتستأنف الطواف من جديد ، هذا إذا لم تكن معذورة بالحدث ، فإن كان عندها عذر كثلث ريح أو استحاضة ، فإنها تتوضأ مرة واحدة في بداية الطواف مالم يخرج منها حدث آخر غير العذر ، فإن أكملت الطواف دون طهارة وجب عليها إعادته مادامت في مكه فإن عادت إلى وطنها ، فيلزمها ذبح شاة توزع على فقراء الحرم ، وتوكل أحد يذبح عنها في مكة .
35- في أثناء الطواف لا تنشغل بالحديث عن الذكر والدعاء والاستغفار لأن هذا موطن من مواطن إجابة الدعاء .
36- بعد أن تنتهي من الطواف تصلي ركعتين سنة الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام ، ولا يشترط أن تصلي خلف المقام مباشرة ، بل يكفي أن تكون خلفه من بعيد .
37- تشرب من ماء زمزم فهو لما شُرب له ، فتتمنى من الله تعالى تحقيق كل خير في الدنيا والآخرة ، ودرء كل شر عاجله وآجله .
38- بعد ذلك تذهب إلى المسعى للسعي بين الصفا والمروة ، فتبدأ بجبل الصفا ، والذهاب إلى المروة يُعد شوطا ، والرجوع إلى الصفا شوطا آخر ، ولا يشترط أن تكون طاهرة للسعي ، بل لو كانت حائضا صح منها ، وتسعى بين الجبلين سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتنتهي بالمروة ولا تُرمل في السعي ولا في الطواف ، بمعنى لا تسرع في الأشواط الثلاثة الأولى ؛ لأن الرمل سنة للرجال دون النساء .
39- يستحب للمرأة أن تكثر من الصلاة داخل المسجد الحرام فالصلاة فيه تعدل 100000 صلاة في غيره ، لكن يجب عليها أن تعلم أن الصلاة في المسجد الحرام لا تجبر الصلوات الفائته ، يجب عليها قضائها مااستطاعت إلى ذللك سبيلا . والله تعالى أعلى وأعلم
Post A Comment: