سجود التلاوة للحائض | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة، جامعة الأزهر. 


سجود التلاوة للحائض | بقلم أ. د روحية مصطفى أحمد الجنش أستاذ ورئيس قسم الفقه الأسبق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة، جامعة الأزهر.


أولا : حكم سجدة التلاوة سنة غير واجبة عند الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة للقاريء، أما المستمع فهي سنة له عند الشافعية فقط. ودليل عدم الوحوب أن النبي صل الله عليه وسلم تركها في بعض الأحيان وكذلك صحابته الكرام رضوان الله عليهم،روي البخاري عن عمر : أنه قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْه.ِ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -وَزَادَ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ. 

والحكمة من سجدة التلاوة هي التربية الروحية للنفس بتنفيذ أوامر الله تعالى على الفور، فقد أمر الله تعالى ابليس بالسجود فعصي، وأما الملأ الأعلى فهم مفطورون على الطاعة وتنفيذ أوامر الله تعالى، فإذا سجد العبد للتلاوة كأن أقرب للملأ الأعلى 

ثانيا :لا تشترط الطهارة لسجدة التلاوة عند متأخري الحنابلة وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما،

ثالثا : يجوز للحائض قراءة  القرآن الكريم عن ظهر قلب أو من خلال مس المصحف بدون حائل على الراجح وهو مذهب المالكية والحنابلة ، وبحائل باعتبار الأولى تعظيما لشعائر الله تعالى كما ذهب إليه متأخري الحنابلة . 

رابعا: يحرم على الحائض الصلاة إجماعا؛ لأن من شروط صحة الصلاة النقاء من الحيض والنفاس ، وليس عليها قضاء الصلاة بعد الطهارة إجماعا ؛ لأن النبي صل الله عليه وسلم كان يأمر الحائض بقضاء الصوم دون الصلاة، والمقصد من ذلك التيسير على المرأة ورفع الحرج عنها، لأن الصلاة تتكرر كل اليوم، والمشقة تجلب التيسير، أما الصوم فهو مرة واحدة في العام ولا يتكرر، لذا لا يترتب على قضاءه حرج ومشقة، أما سجدة التلاوة فهي أقرب للقراءة منها إلى الصلاة ، وطالما جاز للحائض قراءة القرآن فيجوز لها أن تسجد للتلاوة؛ لأن هذه السجدة مثل الدعاء والتهليل والتكبير وكل هذا جائز من الحائض بلا خلاف .

 خامسا:  بما أن سجدة التلاوة ليست صلاة فلا يشترط فيها الطهارة ولا تغطية الرأس للمرأة على الراجح.

الدليل :  ورد بإسناد صحيح أن رسولنا الكريم كان يقرأ القرآن ويمر بآية سجدة فيسجد ويأمر أصحابه بالسجود ولم يرد عنه صلوات ربي وسلامه عليه أنه تحرى عن حال أصحابه من الطهارة وعدمها، فقد كانوا يتواجدون معه داخل المسجد ومنهم من ليس على وضوء،  ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر سامع آية السجدة إذا كان محدثا يذهب ويتوضأ، وفي هذا دليل على أن سجدة التلاوة ليست بصلاة حتى يشترط لها ستر العورة والطهارة وإن كان يستحب ذلك عند الإمكان تعظيما لشعائر الله تعالى (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج 32.  

ورد عن ابن عمر رضي الله عنه أنه سجد للتلاوة وهو على غير وضوء. 

خلاصة القول : يجوز للحائض تلاوة القرآن الكريم والسجود للتلاوة إذا مرت بآية سجدة  ؛ لأن سجدة التلاوة من جنس القراءة وليست صلاة ، وإذا كانت المرأة وسيلة مواصلات  وسمعت آية كريمة فيها سجدة تومئ للسجود برأسها، وذلك بخفض الرأس قليلا وتذكر الدعاء المأثور في ذلك : سجد وجهي للذي شق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجرا، وارفع بها عني وزرا، واجعلها لي عندك زخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك ونبيك داوود عليه السلام ، أو أي دعاء أو تسبيح تيسر لها، وليس فيها تكبيرات ولا تسليم إلا التكبيرة الأولى للسجود   والله تعالى أعلى وأعلم.



Share To: