مَضَار الذكاء الاصطناعي | بقلم الأديبة المصرية خلود أيمن
السلام عليكم ،
مَضَار الذكاء الاصطناعي :
هناك ظاهرة جديدة متفشية تلك الآونة في المجتمع وأعتقد أنها سوف تساهم في تدميره والقضاء على كل البشر في القريب العاجل إنْ لم نُوقِّف تأثيرها الفتاك الذي يتحكم فينا بأقصى سرعة ممكنة ، إذْ تعمل على تقليل الاعتماد على العنصر البشري في كل الأمور الحياتية وكأنها تلغي دوره ووجوده بالكامل رغم أن الإنسان هو المتسبب الأول في إيجاد تلك الوسائل التي سوف تسحقه وتجعله غير مرئي وكأن وجوده كعدمه ، وهي ظاهرة الذكاء الاصطناعي التي يفتخر بها البعض ويعتز بوجودها إذْ يعتقدون أنها تُقلِّل الضغط والجهد الواقعين عليهم أغلب الوقت غير واضعين في الاعتبار أنها سوف تمحوهم في القريب العاجل وكأنهم صاروا بلا قيمة أو هوية تُميِّزهم ، فلقد بدأت بالفعل تنشر فسادها في بعض المجالات وأولها الفن فقد أَبطلت مواهب العديد من المشاهير وذوي الهِبات المختلفة ولسوف يكون التأثير أكثر قسوةً في المستقبل الذي لن يرى النور ثانية بعد كل هذا الخراب الذي سببته بالفعل ، فهي تحرم البشر من إظهار واستغلال مواهبهم التي حباهم الله إياها ، فالموهبة هي رأس مال أي شخص يحمل رسالة وهدفاً يسعى لتحقيقه وإنْ قامت تلك الوسائل بلعب هذا الدور فماذا سوف يُقدِّم إذاً في حياته ؟ ، ماذا سوف يفعل ؟ ، أسيظل مكتوف الأيدي يُراقب المشهد من بعيد دون أي ردة فعل ؟ ، أسيتركها تأخذ مكانه حتى تسرق منه أغلى ما يملك ؟ ، أسيتخلى عن حياته بتلك البساطة من أجل الحصول على المزيد من الراحة لبعض الوقت ؟ ، فقد يظن البعض أن تلك الوسائل هي مصدر للراحة ولكن إنْ زاد توغلها أكثر من اللازم فلسوف تقضي على آخر ذرة أمل يعيش لأجلها المرء وسوف لن يجد لنفسه نفعاً ، سيظل كآلة تعطلت وأصابها العَطب ولا يعلم ألسوف تعود للعمل مرة أخرى أم ستظل كذلك إلى أنْ تنتهي مدة صلاحيتها كغيرها من الموجودات ، بالطبع سيصبح الإنسان بلا طائل إنْ ترك تلك الأشياء المستحدثة تحل محله وتخسف بمكانته التي عانى من أجل الوصول إليها الأرض دون أنْ يُحرِّك ساكناً أو يعترض أو يتخذ أي قرار يهز كيان المجتمع للنهوض واسترداد تلك الحقوق التي تُسلَب عنوةً دون أي رغبة منه ، بل أنها تنسف مستقبله بالكامل وتحذف ماضيه وما حقق فيه من نجاح ساحق ، فلا بد من وقفة للحد من مهازل التكنولوجيا التي سوف تمزقنا إرباً إرباً إنْ لم نسترجع دورنا الذي سلبتنا إياه دون أي وجه حق ، فليس كلٌ البشرِ متكاسلين متهاونين في أداء أدوارهم ، في انتظار أي فرصة للخمول والقعود الذي لن يُدِّر عليهم أي فائدة ذات يوم ، فهناك فئة ما زالت ترغب في الكد والعمل والسعي المتواصل دون أنْ يتخللهم ذرة كسل تُضيِّع تلك الجهود التي بذلوها بالفعل فكل فرد منهم دوماً ما يكون في انتظار نتيجة عمله وسعيه الدؤوب الذي لم يتوقف يوماً ولكنه في تزايد كل مدى من أجل رؤية النهاية المرجوة منه ، فلا بد أنْ نعي الفارق بين الفريقين ونعمل من أجل ذلك الفريق المُستَحق الجدير بالتقدير والاحترام والفخر والحفاظ على حقوقه من الضياع بلا رجعة ، فلا ذنب لهم في هذا الخراب والفساد الذي حلَّ بالمجتمع والاستسهال الذي لحق بالبشر ظناً منهم أن في هذا صالحاً لهم ولكنهم غافلون لا محالة ولن يستفيقوا سوى بعد فوات الأوان ، فلندعنا منهم وننصف المخلصين الذين يتقون الله في أداء ما بوسعهم للوصول إلى النجاح الباهر ذات يوم ، فليس من المعقول أنْ تكون اختراعات الإنسان هي سبب تعاسته وعنائه وإلغائه والقضاء على وجوده تماماً ...
Post A Comment: