قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد


قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد



في لحظةٍ تتسرب من قبضة الأيام وفي مشهدٍ يبدو سوريالياً أو مناقضاً للواقع الذي زحفت عليه (الحداثة) حتى أفقدته هويته، تطل قريةٌ (جريس) المصرية برأسها وتعلو شفتيها ابتسامةٌ تشبه تلك التي ترتسم على ملامح الناجي بأعجوبةٍ من حربٍ ما، يتفقد جسده بإمتنان ويتأكد أنه لا زال على قيد الحياة بعد ما فعلته به (الحياة)، حيث يكاد النشاز يطغى على جمال صوتها الأصلي تحت مسمى (إيقاع) العصر..



فتتراقص فيها الأواني الفخارية التي تشتهر بها بين يدي صانعيها، أولئك الذين لا زالوا يقاومون بحرفيتهم ومن خلال مهنتهم الكثير من الثقافات الحديثة والوافدة عليهم، والتي لا تشبه طباعهم وهويتهم المعجونة بطين الأرض وترابها، وتنتمي إلى ريفهم حيث لا زال للبيوت المتلاصقة وتغريد الطيور وحفيف الأشجار وخرير المياه معنىً مختلف يكاد يكون هو البقية الباقية من ما توارثوه عن أجدادهم منذ زمنٍ طويل، ويكتسب في هذه المرحلة قيمةً أكبر وسط هذا الكم من الصعوبات التي يكابدها البشر للعيش والإستمرارية وكأنه بمثابة طوق النجاة واليد الحانية التي تربت على كتفهم وتمسح على جراحهم التي خلقها الواقع، ولا يملكون سوى الضحكة التي تهبهم شيئاً من النسيان وكثيراً من الرضا والإتزان لتجاوز ما لا يمكن تجاوزه بدونه، ويحتاج إلى معرفةٍ (فطرية) بعيداً عن التنظير بطبيعة المحيط الذي يسكنه وأهمية دوره فيه..


ففي الوقت الذي قد ينظر البعض فيه إلى هذه القرية المصرية التي تجمع بين الجمال والبساطة دون بهرجةٍ واستعراض كمكانٍ يحيا (خارج الزمن).. يتضح لنا أن هذا المكان وما يماثله من أماكن في مختلف بلاد العالم هو الحقيقة الوحيدة التي نراها في (عين الزمن) وقلبه ويخاف منها الكثيرون، ربما لأنها قد تذكرهم بصوتٍ خافت كان يعلو بداخلهم ذات يوم وأوشك على التلاشي في أحضان المجهول..


ولا شك أن عدسة المصورة المبدعة (أميرة الغندور) استطاعت  كعادتها أن تلامس روح القرية وأهلها، واستطاعت أن تقدم الجانب الإنساني لهم خارج الصورة المعتادة التي تنشغل بتصوير الريف وعملية صناعة الفخار لتقدمها ضمن تقارير موسمية سواءاً كانت مصورةً أو متلفزة، ففردت مساحةً بارزة لعلاقة القروي بأرضه ومكانه وشعوره بالتوائم معها ومع ذاته بصمتٍ بليغ وتوظيفٍ ذكي للإضاءة بدرجاتها وألوانها، أبرز أكثر من وجه وعدة انطباعات عن نفس الأشخاص، ولربما كانت تلك المرة الأولى التي يتسنى فيها لبعضهم أن يرى نفسه بشكلٍ متجرد وغير اعتيادي رغم توافد المصورين على هذه القرية، وهو ما يؤكد على تميز القلة بذلك الحس الجمالي بالمشهد والناس وما يرفعهم إلى مرتبة الفنان، والتي لا يصل إليها سوى من يمتلك الشغف والموهبة ويحسن إداراتها وتوجيهها والتعامل معها، ويرى فيها انعكاساً لمشاعر الآخرين على تنوعهم واختلافهم فيدخل إلى أعماقهم ليصل إلى أبعد وأصدق نقطةٍ فيها..



ملاحظة: جميع الصور بعدسة المصورة المصرية أميرة الغندور وتنشر لأول مرة..


خالد جهاد..



قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد

قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد



قرية جريس..أصوات الماضي في أحضان الصورة | بقلم الكاتب الصحافي خالد جهاد
خالد جهاد


Share To: