مستقبل العلمائية |بقلم الكاتب المصري أ. محمد السعيد
قال لي صديقى فيما يشبه الهمس :أنت علماني.!
ولم أكن أدري ماذا وراء كلامه ذاك وإبتسامته تلك؟ تشف ام إعجاب؟ محبة ام ضغينة؟ وهل علماني تلك سبة ام مديح؟وماذا قلت، تحديداً، يستحق ذلك الوصف؟قلت لنفسي :لعلها طريقتي السيريالية في السرد، وتأدبي فى حد ذاته مما جعل الأمر يختلط عليه .! لكني ، مع ذلك، كنت أعرف وإن بشكل شبه شعبوي عام مثل بقية أفراد المجتمع أن العلمانية أمرا غير مستحب، وربما يكون مخالفاً لتقاليد الأغلبية !،أو هكذا أوحت إلي حوارات ونقاشات العامة من الناس، علي الرغم من وجود علمانيين يجاهرون بعلمانيتهم، كمن يجاهر بشرب الدخان في نهار رمضان بين الصائمين ، أو كمن يشرب الخمر علي قارعة الطريق، ومنهم أيضاً، كما عرفت، من هرب بعلمانيته إلي بلاد الفرنجة خوفاً من ردة فعل الناس ! . لهذا ولأسباب أخري متنوعة، قررت أن أحدث تغييراً شبه جذري في بنيتي التفكرية، فإخترعت، بعد مشاهدات متنوعة وتجارب حثيثة ومضنية ، فكراً جديداً واسميته العلمائية، وهكذا وجدت، أخيرا، إجابة للأسئلة الصامتة والصريحة للأصدقاء والمقربين، كما القراء المشككين ، فمن الآن فصاعدا، إذا سألني أحدهم :هل أنت علماني؟ ، أجيبه بأني، بكل فخر وإعتزاز ، علمائي!.لا يميني ولايساري، فقط علمائي. وهي كلمة واحدة من كلمتين هما العلم والماء (علمائية). فعندما يقول رجل لرجل آخر مخبرا إياه بحقيقة ما :لعلمك، لقد بذلت جهداً وعرقا خرافيا حتي حصلت علي شهادة الدكتوراه تلك) فإنه ينقله، أثيريا وعلمياً، من مرحلة معرفية دنيا وعادية إلى مرحلة معرفية أخري أعلي درجة وأكثر رفعة وحضورا ، فالعلم هنا، أولاً، يسبق المعرفة الظنية وهي الجهد المبذول بالعرق ما يعني، ثانياً، وهي لا تقل أهمية عن أولاً، حاجة الإنسان التي لا تنتهي للماء ليروي ظمأه المعنوي والجسدي معا . هكذا نشأت العلمائية كفكر وتوجه خاص له مسبباته البيولوجية والمنطقية ودواعي حضوره الملزم والحتمي . وهكذا أيضاً ولدت العلمائية من رحم الظمأ الوجودي الملحاح للبشرية . وقد درست أبعاد ذلك الفكر وإمكانية وضعه كبديل عن العلمانية، فوجدت أنه الفكر الأنسب لمجتمعاتنا الأكثر إحتياجا لماء جديد يغذي شراينها، ويدفع بها نحو حياة جديدة مبتكرة وأصلية وتفي بالوعد . فلا غني حقيقي بدون الماء، ولا إستغناء، علي الإطلاق، عن وفرته . هذا غير أنه تصور جديد ومتفق عليه من قديم الزمان، وهنا يكمن السر ويحيا وينمو موطن الجمال في العلمائية، فكل الأفكار والمذاهب تدعوا للنظافة وإلاستحمام وتقدر قيمة الماء، ومنهم، كما تعلمنا، من دعاه بالماء المقدس وآخرون بالماء الطهور. وقد عرفت، فيما سبق، أن العلمانية لا تعطي للماء حقه كمطهر للجسد والروح في حين تعلي من شأن المادة وتقدس الحريات الفردية علي حساب حرية المجتمع ، أما العلمائية فتدعو الناس إلى الإستحمام اليومي المتكرر كخلاص للأزمة الإنسانية، وكمصوغ للعمل والوعي الجمعيان . كما أنها تدعوا الناس إلي العلم كما في المثل السابق ذكره. كما وجدت أيضاً، بعد بحث دقيق، أنه يمكن تأسيس مفهومي (المعرفة العارقة) نسبة للعرق المبذول، فالإنسان إبن أفكاره ونتيجتها الحتمية والمنطقية ، فما بذله عرقا من أجل الوصول إليه ، فهو يصل إليه ، ومالم يصله لا يصل إليه بالضرورة، ولهذا سميت عارقة . أما (الطاقة مجهولة الهوية)، وهي المفهوم الثاني والمؤسس العلمائية الجديدة ،فهو نسبة إلى السلام النفسى المصاحب لدرجة إلانعكاس المنشود والمرجو من قبل الأفراد والمحيطين ، أو بمعني أقرب - البركة -حسب التصور الثيوقراطي والشعبي ، فما تحب من المادة تصل إليه الروح ، وما تروح إليه بمحض إرادتك فهو حتما لك ويصل إليك ومن البركة .والفكرة، بالطبع، قابلة للإجتهاد والتطوير إذا لزم الأمر، ومع قليل من الحب المصاحب لعملية التأويل نكون قد أصبحنا قريبين من المكون والمبتغى . وفقكم الله
Post A Comment: