Articles by "حوارات ثقافية"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوارات ثقافية. إظهار كافة الرسائل

 

الأديبة أمنة برواضي في حوار " مع الناقد"  (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 29 مع الأديب والناقد د. السهلي عويشي.


الأديبة أمنة برواضي في حوار " مع الناقد"  (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 29 مع الأديب والناقد د. السهلي عويشي.
الأديبة أمنة برواضي في حوار " مع الناقد"  (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 29 مع الأديب والناقد د. السهلي عويشي.


أولا أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي. 


سؤال:

1 - من هو السهلي عويشي ؟


جواب:

- السهلي عويشي من مواليد مدينة جرادة تلك المدينة المنجمية العمالية البسيطة حيث الصرخات الأولى في أحد الأحياء العمالية البسيطة ،حيث تلقيت أبجديات الحروف الأولى في اللغة العربية في أحد الكتاب أو الجامع باعتباره لم يكن مكانا للعبادة فحسب بل لتعلم اللغة العربية وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم ،لينطلق بعد ذلك المشوار الدراسي داخل فضاءات المدرسة العمومية بمراحلها الثلاث ابتدائي وإعدادي وثانوي ،حيث سأحصل على الباكالوريا شعبة الآداب وقد كان الحلم كبيرا في مواصلة المشوار الدراسي إلا أن نجاحي في مباراة الولوج إلى مركز تكوين المعلمين حال دون ذلك بداية الأمر نظرا للوضع الاجتماعي الذي لم يكن يسمح بذلك، فالحصول على شغل كان من أولوية الأولوية لابن متقاعد بسيط ،لكن الحلم بمتابعة الدراسة الجامعية كان يطرح نفسه وبقوة كوني كنت مهتما بفعل الكتابة من جهة ثم التعيين كأستاذ للتعليم الابتدائي الذي صادفنا خلاله مجموعة من الأساتذة العاشقين للقراءة وللنقاشات الهادفة المفيدة ،فبمجرد رفع الترخيص بمتابعة الدراسة للموظفين في عهد حكومة التناوب بقيادة الزعيم اليوسفي رحمه الله حتى ذهبت توا للتسجيل فتمكنت من الحصول على الإجازة في الآداب ثم الحصول على دبلوم الدراسات العليا المعمقة الذي أتاح إمكانية الاشتغال بالتعليم الثانوي ثم بعد ذلك الحصول على الدكتوراه في الآداب .


سؤال:

2 - ما هي الدوافع وراء  الانخراط في العمل الجمعوي وتجربة أدب المناجم ؟؟


جواب:

- مسألة الانخراط في العمل الجمعوي لم تكن وليدة الصدفة بل أملتها مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي كنا نعيشها داخل مدينة جرادة، فمن المعلوم أن المنتمين لهذه المدينة المنجمية أو المارين بها بسبب ظروف العمل يدركون أنها مدرسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فيها تعلمنا آليات الاشتغال داخل المجتمع المدني احتكاكا وممارسة منذ طفولتنا الأولى فأحيانا ونحن فتيانا كنا لا نجد حرجا في ولوج بعض المقرات النقابية للاستماع إلى النقاشات أو حضور بعض التجمعات النقابية بل وحتى السياسية أحيانا خاصة إبان الفترات الانتخابية فالبيئة كانت تفرض نفسها بقوة خاصة وأنها كانت تشهد حركية وفاعلية لا يمكن أن توجد في مدينة أخرى، وبالتالي لما تقلدت المسؤولية في جمعية طارق بن زياد للتضامن والتنمية والتواصل حاسي بلال جرادة وبحكم الاشتغال داخل الحقل الثقافي فأول ما فكرت فيه هو التأسيس لفعل ثقافي جاد ومتميز داخل المدينة كان هو فكرة أدب المناجم ، وبالفعل بدأنا الاشتغال رفقة الإخوة أعضاء المكتب الذين أوجه لهم من هذا المنبر التحية فكانت الانطلاقة الأولى سنة 2016 في الملتقى المغاربي الأول لأدب المناجم، والملتقى المغاربي الثاني سنة 2017 والذي حضره ثلة من الباحثين في أدب المناجم خاصة من تونس، وعلى هامشه تم الـتأسيس للجنة التحضيرية للمنتدى المغاربي لأدب المناجم وقد كانت تتكون من عبد ربه ومن الشاعر التونسي الكبير محمد عمار شعابنية رحمه الله والذي وافته المنية السنة الماضية، والذي يعتبر من رواد الشعر المنجمي بتونس ، ثم الصديق المبدع والمترجم محمد العرجوني، والشاعر التونسي نصر الدين الزاهي ،في سنة 2018 تم تنظيم النسخة الثالثة من الملتقى المغاربي لأدب المناجم في مدينة اليوسفية بتنسيق مع جمعية مبادرة القوافل للتنمية التي يترأسها الشاعر الزجال محمد مومني، إلا أن حدث كورونا للأسف الشديد عطل المسيرة لننظم النسخة الرابعة رقميا سنة 2020 والتي شارك فيها العديد من الباحثين والباحثاث من المغرب والجزائر وتونس ، منذ ذلك الحين والفكرة ما زالت حية، إلا أننا لم نستطع أن ننظم النسخة الخامسة كما كنا نتوق إلى ذلك لمجموعة من الأسباب ترتبط أساسا بغياب الدعم كحال مجموعة من الملتقيات ، أما التعاطي لما نصطلح عليه بأدب المناجم فهو يأتي ترسيخا لنوع جديد لا ندعي أنه يمثل جنسا أدبيا بقدر ما ندرك جيدا أنه يمثل نوعا أدبيا مثله ما يصطلح عليه بأدب السجون أو أدب البحر أو أدب الرحلة أوـ ـ ـ لأننا نعلم حجم التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسوسيوثقافية التي أحدثها اكتشاف المناجم في جميع أنحاء العالم ،تخيل لو لم يتم اكتشاف المناجم دون شك لبقي العالم ثابثا دون أن يتقدم أو يتطور أو يصل إلى ما وصل إليه الآن من رقي ولما استطاع أن يراكم الفعل الحضاري بجميع مستوياته ، للأسف الدارس لدرس الأدب وحتى للسوسيولوجيا غيب هذا المعطى من ذهنه ، أضف إلى ذلك هناك مدن في جميع أنحاء العالم ما كان لها أن تتأسس أو تتطور او توجد أصلا لولا المناجم مثل جرادة في المغرب خريبكة اليوسفية ــ ـ ـ قفصة في تونس ـ ـ بل ما كان للحضارة الحديثة أن تقوم ، بل هناك مجموعة من التجمعات الحضارية البترولية ما كانت لتوجد أصلا لولا البترول والغاز وبالتالي لا بد وأن يكون هناك أدب رصد مختلف هذه التحولات ووقف عند هذه الفضاءات تحدث عنها بشخوصها بتاريخها بتراثها بمعاناتها بآلامها بأحزانها بأفراحها بـ ـ ـ  فالأمر لا يتطلب سوى النبش وسبر أغوار مختلف النصوص الأدبية ذات الصلة بهذه الفضاءات وهنا أتساءل لماذا لا يمكن أن نصنف خماسية مدن الملح للروائي الكبير عبد الرحمان منيف ضمن هذا الأدب ؟؟ ألم يقف الكاتب عند التحول الذي طرأ على مجتمع الجزيرة العربية باكتشاف البترول من مجتمع بدوي تقليدي إلى الحضارة  ؟؟ وبالتالي فاشتغالنا على هذه التيمة يأتي ليكرس لفعل ثقافي جديد ينزاح عن السائد والمألوف ويبتعد عن الاجترار يسعى إلى خلخلة الفعل الثقافي في المغرب وفي العالم العربي فالقليل من التأمل لمجموعة من النصوص سواء داخل المغرب أو خارجه يجعلنا ندرك أن الموضوع صار يحقق المزيد من التراكم الإبداعي .


سؤال :

3 - ما هي الصعاب والعراقيل التي واجهتكم خلال عملكم الجمعوي ؟وكيف تواصلون العمل في ظل هذه العراقيل ؟؟


جواب:

- بالنسبة للصعاب والعراقيل التي واجهتنا في إطار اشتغالنا جمعويا يمكن أن نختصرها تحديدا في تمويل المشاريع الثقافية خاصة بعد أزمة كورونا؛ لأن العمل الثقافي عموما للأسف الشديد تراجع بشكل كبير وطنيا ، ففي غياب التمويل لا يمكن القيام بأي نشاط ثقافي كيفما كان نوعه  أو وزنه.


سؤال:

4 - ارتبط اسم مدينة جرادة بالمنجم هل لكم أن تقربونا أكثر من واقع جرادة والمنجم ؟؟


جواب:

- مدينة جرادة، هي مدينة منجمية تم اكتشاف الفحم الحجري فيها سنة 1927 ليبدأ الإنتاج سنة 1933 إبان فترة الاستعمار الفرنسي ، وهي مدينة لولا المنجم لما كانت أصلا كحال العديد من المدن المنجمية في العالم ،لتبدأ في التشكل معالم مدينة من لا شيء بل من رحم الأرض ، فاكتشاف الفحم كان يتطلب اليد العاملة التي تعمل داخل الآبار والتي تعمل على إخراجه واستخراجه لتبدأ الحياة تدب شيئا فشيئا في هذه المدينة، وما يتطلبه الأمر من بناء المباني والمرافق من مدارس ومراكز صحية ودكاكين وسوق مارشي  وـ ـ ـ  لتصبح المدينة منطقة جذب لليد العاملة من كل المناطق المجاورة خاصة أبناء القبائل المحيطة لتتسع بعد ذلك شيئا فشيئا ويتم جلب اليد العاملة من كل مناطق المغرب من الشمال والجنوب والغرب والوسط لتصبح المدينة مغربا مصغرا يتعايش فيه الجميع وقد وحدهم العمل ووحدتهم المعاناة والأحزان والأفراح كلهم سواء ففي بعض الأحياء خاصة بعد فترة الحصول على الاستقلال يمكن أن تجد داخل الحي الواحد كوكطيلا من الانتماءات القبلية والكل متجانس متعايش ومتضامن ولا فرق بين هذا وذاك لأن المستعمر بعد اكتشاف الفحم في تأسيسه لمعالم المدينة كان يعزف على وترة التقسيم القبلي فأغلب الأحياء التي كانت تتشكل بداية الأمر لم تكن أحياء أصلا كانت عبارة عن مجموعة من الدواوير ،تجمعات لمجموعة من الخيام كل دوار مرتبط أصلا بانتماء قبلي، وهي سياسة اتبعها المستعمر بغاية الضبط وبث التفرقة بنية السيطرة على المجال ،لذلك نجد مجموعة من التسميات للأحياء إلى الآن فهي إما مرتبطة بانتماء قبلي معين أو بمدينة معينة ، حي أولاد سيدي علي ، حي أولاد عمروـ، حي بني اعلى ، حي الزكارة ،ـــ ـ ـ أو حي تازة ، حي دبدو ، ـ ـ ـ أو تلك الأحياء الراقية التي كانت تحتضن الأوروبيين وفيما بعد الأطر المشتغلة بالمنجم والتي يطلق عليها بالحي الأوروبي ، وهو تقسيم موجود في جميع المدن المنجمية دون استثناء  لتصبح المدينة مغربا مصغرا بثقافات وتقاليد ولهجات متنوعة ومختلفة في تعايش تام قل نظيره ،فعيد العرش  الذي كانت تحتضنه كل من حاسي بلال وجرادة ،كان يوما احتفاليا بامتياز ،جولة بسيطة تجعلك أمام لوحة فنية فولكلورية متنوعة وإيقاعات مختلفة من الظهرة ،من الصحراء ، من سوس ، من جميع مناطق المغرب بانتماءاته القبلية المتنوعة ،لوحة فنية اسمها المغرب داخل مدينة الفحم جرادة ،تلك المدينة المعطاء بفحمها ومعملها الحراري الذي تم تشييده بداية السبعينيات بحاسي بلال والذي شكل معلمة طاقية حقيقية مكنت المغرب من التخفيف عن الأزمة الطاقية التي كان يعيشها وقتها ،ويستمر العمل ويستمر الإنتاج ،وإلى جانب ذلك تستمر معاناة العمال ومعاناة ذويهم ،فالحوادث كانت يوميا ،والإصابات كانت يوميا ، ومن لم يمت بفعل انهيار المنجم فالإصابة بمرض السيليكوز اللعين الذي يفتك بالجهاز التنفسي بلا رحمة في انتظاره ،وبالتالي استمرار جحيم المعاناة ،لكن بالرغم من هذا الواقع المأساوي كانت هناك الحياة فمن الموت كانت تنبعث الحياة ،ومن الحزن كان ميلاد الفرح ، ومن الألم كان الأمل ، ومن السواد كان البياض بسبب تلك الحركية الاقتصادية التي كانت بفعل المنجم والتي كانت تحرك العجلة الاقتصادية والاجتماعية بشكل رهيب ليس في جرادة وحدها ،بل في المغرب بأكمله فالوقوف عند التحويلات المالية صوب جميع مناطق المغرب تجعلنا ندرك هذه الحقيقة دون استحضار ما كان يبعث أو يرسل بالطرق التقليدية بواسطة أشخاص ،في سنة 1998 يبدأ مسلسل الإغلاق وبالتالي الدخول في دوامة جديدة ستعمل عل تغيير معالم المدينة رأسا على عقب ،ركود اقتصادي وهجرة جماعية إما صوب الضفة الأخرى بامتطاء قوارب الموت أو صوب المدن الأخرى بحثا عن الحياة وعن الخلاص ،ومن لم يستطع فالخيار الوحيد الذي كان أمامه هو الاشتغال داخل الآبار العشوائية أو ما نسميه بالساندريات والتي لم يستفد منها سوى بعض أباطرة الفحم أما البقية الباقية فلم تجن سوى الفقر والأمراض وتلك حكاية حزينة أخرى.


سؤال:  

5 - المنجم بقدر ما يساهم في إيجاد فرص الشغل بقدر ما له سلبيات كيف ترون ذلك ؟؟


جواب:

- المنجم هو المجال الحيوي لاستخراج الفحم الحجري وما يتطلبه ذلك من يد عاملة تعمل على الحفر والاستخراج ، ما يعني ذلك العمل في ظروف لا تطاق في مكان ضيق جدا أشبه بشرايين ضيقة لا تتجاوز أحيانا أقل من متر أو نصف متر وبالتالي التعرض لانهيارات جبلية مميتة وهي الحوادث التي كان يذهب ضحيتها العديد من العمال خاصة في فترات زمنية ترتبط بذروة الإنتاج في غياب ظروف السلامة ومن نجا السليكوز في انتظاره بمعنى أن المنجم بقدر ما كان يخلق الحياة كان يصنع الموت أيضا .


سؤال:

6: نعلم جيدا أن أدب المناجم يحفظ الذاكرة ويحميها من الضياع هل ديوان يوسف الفحمي يخدم ذاكرة جرادة ؟؟


جواب:

- أدب المناجم هو ذلك الأدب الإنساني المرتبط بالأمكنة المنجمية ، هذه الأمكنة التي كانت تصنع الحياة وتصنع التاريخ والأحداث ، هذه الأمكنة التي كانت تستقطب العديد من الأعراق والعديد من الأجناس والعديد من الثقافات ، هذه الأمكنة التي كانت تعرف تنوعا ثقافيا ساهم في تشكل في بيئة منجمية لا يمكن أن تجدها في أي مدينة أخرى ،بيئة منجمية بتعددها وتنوعها استطاعت التعايش والعيش بشكل مشترك متجانس يسوده التضامن والتآزر ، وقد وحدها الحزن والحلم والبوصلة الواحدة ، وبالتالي فأدب المناجم هو ذلك الأدب الذي يأبى إلا أن ينفتح على ذاكرة المناجم وتاريخ وتراث المناجم لا ليبكي ولكن لحفظ الذاكرة من جهة وصونها من خلال الأدب لتكون متاحة للأجيال التي لم تعش هذه البدابات، وهذا التاريخ المنجمي الذي بطبيعة الحال لن يقف عنده المؤرخون فهم  غالبا لا يقفون عند الهامش والمهمشين من عمال وكادحين و ـ ـ ـ ، لكن الأدب بوسعه فعل ذلك بوسعه النبش في الذاكرة بوسعه النبش في التاريخ والتراث بوسعه الإنصات لآلام  وصرخات العمال والمستضعفين وبالتالي فديوان يوسف الفحمي هو إنصات للذات من جهة، لأني عشت تجربة شخصية مع الوالد رحمه الله بحكم إصابته بمرض السيليكوز اللعين ووقفت حقيقة عند حجم المعاناة الحقيقية التي كان يعيشها حينما لا يقف على التنفس ولا يقف على الحركة لأن المرض يتلف الرئتين ، وبالتالي هو صرخة لإسماع صرخات من مضوا ومن ضحوا بكل ما كانوا يملكون لتستمر حياة الآخرين ، هو صرخة للوقوف عند مدينة كيف تشكلت بفعل الفحم الحجري ، هو سيرة للسواد سيرة لمدينة ما كانت لتوجد لولا الفحم.


سؤال:

7 - ماذا قدم المنجم والعمل الجمعوي للدكتور السهلي عويشي ؟


جواب:

- في المنجم كان الميلاد، وفي هذه المدينة ودعت أبي وهو يصارع مرض السيليكوز اللعين ،في هذه المدينة كبرنا وعانقنا أحلامنا البسيطة ونحن بين ظهرانيها نعيش طفولتنا ، وبالتالي لا يمكن أن نكون إلا أوفياء لمدينة أنجبتنا ، ففي رحمها تمت محاربة المستعمر الفرنسي وانطلقت الشرارة الأولى للحركة النقابية بالمغرب ، لا ننسى أول خلية نقابية في المغرب كانت في جرادة وانطلقت في تجمع نقابي في أربعينيات القرن الماضي بعيدا عن أعين المستعمر بإحدى الدواوير القروية وتدعى عكاية والتي حضرها الطيب بنبوعزة الذي يعتبر من القادة داخل نقابة الاتحاد المغرب للشغل بعدما تأسست لاحقا ، هذا الحدث لم يقف له المستعمر الفرنسي موقف المتفرج بل كان الذريعة لاعتقال الوطنيين من جهة ثم لتنفيذ المخابرات الفرنسية عمليتها الإرهابية بتنسيق مع الوكالة الدولية لتهجير اليهود أي ما يعرف بزازة اليهود سنة 1948 وتلفيق التهمة للمغاربة ،في مدينة جرادة أيضا كان الفعل السياسي الجاد ، وفيها أيضا كانت  الحركية الثقافية الدؤوبة كخلية نحل في المسرح وفي تنشيط مختلف الأمسيات الفنية التي كان يشهدها المركز الثقافي بمدينة جرادة كمعلمة ثقافية تاريخية  في المدينة.


سؤال: 

8 - ما هو نصيب أعمالكم من أقلام النقاد ؟؟


جواب:

- العمل الذي حظي بالدراسة والاشتغال أكثر هو رواية الحوت البري كرواية نالت الكثير من الاهتمام من  قبل الباحثين سواء داخل المغرب أو خارجه خاصة في تونس والجزائر بحكم ارتكازها على تيمة المناجم كالباحث محمد العرجوني ومحمد عبد الهادي زعبوطي والباحث عبد القادر امحمدي والباحث مهدي نقوس والباحثة الجزائرية نسرين دهيلي ـ ـ ـ


سؤال: 

9 - من موقعكم كناقد ماهي في تصوركم الشروط التي تساعد على إرساء نهضة أدبية وثقافة شاملة ؟؟


جواب:

- إن إرساء أي نهضة أدبية وثقافية يتطلب بداية الاهتمام بالتعليم أولا وأخيرا قصد صناعة الإنسان؛ لأنه هو الصانع الحقيقي لأي فعل نهضوي، ولن يتم ذلك إلا بإنسان قاريء إنسان متعلم مثقف عالم وفاعل في الحقل الثقافي ومساهم فيه من خلال تشجيع الفعل القرائي داخل المؤسسات التعليمية ابتداء من المؤسسات الابتدائية وتقوية الصلات والقدرات بفعل الكتابة ولن يتحقق ذلك إلا بانخراط الآلة الإعلامية بجميع مستوياتها مرئية ومسموعة عبر الترويج لذلك والتسويق للثقافة الجادة العالمة لا التسويق لثقافة الرداءة والتفاهة التي ملأت الساحة الإعلامية للأسف الشديد في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشجع على مثل هذه الأشكال التي لا يمكن أن نسميها ثقافة إذ الثقافة منها براء ثم الانكباب على أن تعود الأسرة لممارسة دورها الريادي الذي كان لها في السابق في تربية النشء والاهتمام به وتربية الحس الذوقي والجمالي والقرائي السليم ، وذلك لن يتم  إلا في أسرة متوازنة سليمة ،ثم لا ننسى الدور الذي يمكن أن تلعبه تنظيمات المجتمع المدني بجميع تلاوينها في الاهتمام بالفعل الثقافي وتشجيعه دون أن ننسى الجهات الحكومية الرسمية مركزيا وجهويا ومحليا والدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه في التنمية الثقافية من خلال الدعم والمواكبة والتشجيع ،خلاصة نحن في أمس الحاجة لثورة ثقافية ينخرط فيها الجميع كل من موقعه وكل من مسؤوليته.


سؤال:

10 - كيف للناقد أن يزاوج بين النقد والإبداع ؟ وهل يكون النقد حاضرا أثناء عملية الإبداع ؟؟


جواب:

- المزاوجة بين النقد والإبداع أمر ليس بغريب داخل الساحة الثقافية المغربية والعربية عموما بل وحتى العالمية ، لذلك نجد العديد من النقاد هم مبدعون أصلا قبل أن يكونوا نقادا وباحثين ، وبالتالي لا غرابة في ذلك ، والإنسان المبدع حين يبدع تجده مسلحا دون شك بالمادة النقدية وقواعدها التي يدرسها ويدرسها ليجد نفسه مبدعا وناقدا وهو ما يجعله أحيانا ممزقا بين فعله الإبداعي التحرري نوعا ما وبين سلطة النقد الصارم فأيهما يختار ، من موقعي أفضل أن أكون مبدعا أكثر مني ناقدا ربما تأثير النشأة داخل مدينة منجمية ترفض الانصياع والانقياد وتأبى إلا أن تحلق والتحرر من كل قيد وهو ما جعلني أميل أكثر إلى الشعر أكثر من غيره من الأجناس الإبداعية الأخرى .


سؤال:

11 - أستاذي الفاضل كيف تفسرون علاقة الثقافة بالفكر وأيهما أكثر تأثيرا في الآخر ؟؟


جواب:

- أعتقد أن العلاقة بين الفكر والثقافة هي علاقة معقدة ومتشابكة وإذا ما طرحنا السؤال أيهما ينتج الآخر هل الثقافة تنتج الفكر أم الفكر هو الذي ينتج الثقافة ؟؟ أعتقد أن ذلك سيدفعنا حتما إلى تحديد المفاهيم فتحديدها دون شك سيؤدي بنا إلى إدراك طبيعة العلاقة ،فإذا كانت الثقافة عموما هي مجموع المعارف التي يراكمها  الإنسان  مع مرور الزمان داخل المجتمع من عادات ومعتقدات وتقاليد وقوانين وقيم وأفكار ومشاعر وـ ـ ـ وإن كان الفكر هو الكفيل بالممارسة الذهنية والعقلية التي يقوم بها الإنسان ، إذن فكلاهما مرتبط بالفعل الإنساني إلا أن تحديد العلاقة يستلزم الوقوف عند طبيعة هذا الإنسان في حد ذاته وطبيعة المجتمع الذي يتواجد فيه ، فالمجتمع الذي تطغى عليه الخرافات والتفاهات ليس هو المجتمع الذي يقوم على إعمال العقل في كل شيء. والمجتمع الذي يخضع كل شيء للعقل ليس هو المجتمع الذي يرى عكس ذلك وبالتالي فكل مجتمع من هذه المجتمعات له ثقافته التي تؤطره والمرجعية التي تحكمه، وبالتالي فالعلاقة بين الفكر والثقافة هي علاقة جد معقدة، وتحكمها الكثير من المسارات قد تكون أحيانا منسجمة، وقد تكون في أحايين أخرى متوترة وهو ما ينتج عنه نوعا من التدافع الفكري.


سؤال: 

12 - دكتور لو سألتكم عن إصدارات المرأة المغربية فيما يخص أدب المناجم ؟؟


جواب:

- بالنسبة لإصدارات المرأة في أدب المناجم في عالمنا العربي على المستوى الإبداعي قليلة جدا؛ لأنه مازال أدبا يحاول أن يحقق المزيد من التراكم من جهة ثم ثانيا باعتباره أدبا له خصوصيته كونه ارتبط بمعاناة رجل المناجم وبالتالي الكتابة الإبداعية فيه من قبل المرأة نوعا ما صعبة تتطلب الاحتكاك بالعمال وبطبيعة الاشتغال وببيئة العمل إلى غير ذلك من العوامل التي تجعل من مهمة المرأة المبدعة فيه نوعا ما صعبة إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور بعض الأقلام النسائية التي حاولت بشكل جدي إماطة اللثام عن هذه التيمة، وهنا لا بد من التذكير بمساهمات الشاعرة والروائية ابنة مدينة جرادة حليمة الاسماعيلي التي قاربت التيمة شعرا ورواية من خلال مجموعة من القصائد وفي الرواية خاصة في روايتها التي أصدرتها حديثا رجال العتمة التي يمكن تصنيفها ضمن أدب المناجم أما في الأبحاث فهناك العديد من الباحثاث في التيمة في المغرب مثل الباحثة كلثومة الكرش، وذة نزهة بودوح، وفي تونس عائشة الثايب، ومن الجزائر نسرين دهيلي وصورية جيجيخ وغيرها من الأسماء. وتجدر الإشارة إلى أن الموضوع مازال بكرا في الساحة الإبداعية العربية يحتاج إلى المزيد من النبش لم يحظ للأسف الشديد بالاهتمام من قبل الباحثين حتى داخل الجامعة المغربية لمجموعة من الأسباب لعل أبرزها من يؤطر مثل هذه الأبحاث؛ لأن البحث في الثقافة المنجمية، والأدب المنجمي ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى من خبر البيئة المنجمية ويعرف تمفصلاتها التي يتقاطع فيها النقابي بالسياسي بالاقتصادي بالاجتماعي بالأنتربولوجي بالتاريخي، ولا يمكن أن يفك هذه الشفرة إلا من خبر مدن المناجم .


سؤال:

13 - ما هو المشروع النقدي الذي يشغل بالكم ؟

جواب:

- حقيقة إن ما يشغل بالي ولمدة طويلة هو التفكير بشكل جدي لتأصيل أدب المناجم وهو ما زال يشغل حيزا من تفكيري باعتباره موضوعا له جاذبيته وراهنيته خاصة ونحن نتواجد بجهة منجمية بامتياز من الناظور حيث الحديد إلى جرادة سيدي بوبكر وتويسيت وبوعرفة، لكن للأسف الشديد أن مجموعة من المشاريع تصطدم بالواقع الذي نعيش والذي لا يشجع إطلاقا ، أما المشروع الثاني فهو البحث في تاريخ مدينة جرادة وثقافتها وتراثها خاصة وهي مقبلة على الاحتفال بذكراها المائوية الأولى سنة 2027ـ

شكرا لكم مرة أخرى أستاذي الفاضل.





 الأديبة آمنة برواضي في حوار مع "الناقد" (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني | الحلقة 28 مع الأديب والناقد: منذر يحيى عيسى من سوريا


الأديبة آمنة برواضي في حوار مع "الناقد" (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني | الحلقة 28 مع الأديب والناقد: منذر يحيى عيسى من سوريا
الأديبة آمنة برواضي في حوار مع "الناقد" (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني | الحلقة 28 مع الأديب والناقد: منذر يحيى عيسى من سوريا



ليكن أول سؤال:

١ - من هو منذر يحيى عيسى ؟


جواب:

- ببساطة مطلقة شخص وجد نفسه منذ الطفولة الأولى في مجالس الكبار، في بيئة ريفية حيث تقع قريتي(ديرحياش) على هضبة تطل مباشرة على البحر المتوسط .

 شغلتني المعرفة و الاطلاع والبحث عن كل جديد؛ نشأت في الريف؛ ومصادر المعرفة محدودة جداً في منتصف الخمسينات من القرن العشرين؛ فكانت الطبيعة الشغل الأساسي والتي كانت تطرح أسئلة جديدة بدلاً من إيجاد اجوبة!.

نشأت في عائلة لها طابع ديني؛ وبالتالي اهتمامات معرفية ودينية؛ فتوفرت لديها كتب هي مصادر المعرفة؛ حيث زيّن البيت بمكتبة تحوي دواوين الشعر، وكتب التاريخ

وكتب مخطوطة لها طابع صوفي، فاستهواني عالم الكتاب حتى أتقنت القراءة وبدأت الغوص في عوالم أكبر من مقدرتي العقلية؛ وشكل ذلك تحديا كبيرا بالنسبة لي؛ دفعني لملازمة الكتاب وحرماني من أجواء الطفولة، وألعابها ومشاركة مجالس الكبار؛ وسهراتهم  وقراءاتهم المتنوعة؛ عانيت من مشكلة عدم تكيفي مع محتويات المناهج حيث كنت أشعر بأنها لا تلبي رغبتي المعرفية.

في المرحلة الإبتدائية قمت بإصدار مجلة حائط أسميتها: (الشعلة)، على مدى ثلاث سنوات كنت أخططها و ألونها و أكتب كل زواياها، وللتنويع أكتب أسماء الزملاء دون أن يشاركوا.

كانت مشكلتي محاولة إشراك زملائي بما أقرأه و أطلع عليه، ولكن للأسف لم أفلح رغم إعارتهم كتب لها قيمتها الأدبية والتاريخية، وأغلبها من الطبعة الأولى.

 لم يكن التفوق هدفاً وإنما المعرفة هي الغاية.

في المرحلة الإعدادية تطورت المعارف التي نحصل عليها، ولكن الخيال وتطواف العالم كان هو المسيطر.

في المرحلة الثانوية انتقلت إلى مدينة (طرطوس)، وكانت هذه النقلة ما يشبه صدمة لطفل في الرابعة عشر حيث المدرسة الثانوية من كل مناطق المحافظة؛ وفيها عملت خلال دراستي في اتحاد الطلبة، وبدأ الوعي الوطني والقومي يتبلور مع العمل الجماعي والاجتماعي وخدمة الآخرين.

بعدها كانت المحطة التالية في /جامعة دمشق- كلية العلوم/, مع أن الهدف كان هو دراسة اللغة الانجليزية ولم يحصل ذلك بسبب قرارات وزارية، فكانت العلوم الكيميائية والطبيعية هرباً من الدراسة الهندسية.

في الجامعة فتحت أبواب واسعة للمعارف والمعلومات، وحاولت التزود بالكثير منها و استهوتني الكيمياء وتركيب العناصر، و روابطها والنتائج الحاصلة في تفاعلاتها؛ وقد قدر لنا أستاذة في الجامعة يرقون إلى مستوى علماء في اختصاصاتهم المتنوعة وفي سويتهم الأدبية والعمل السياسي القيادي الذي ارتقوا سدته.

في تجربتي الأدبية من الطبيعي وانا أقرأ شعراً وقصة ورواية أن تكون لي محاولات مبكرة، وقد بقيت حبيسة الورق مع محاولات نشر في مجلات وصحف وكان معلمي الأول والذي شجعني وأخذ بيدي هو والدي /الشيخ يحيى عيسى / رحمه الله، لقد كان شاعراً وله مجموعة شعرية مطبوعة بعنوان (بوح الوفاء).

استمرت محاولات الكتابة وكانت بدايتها خواطر ثم شعرا تقليدياً

نفرت منه ووجدت نفسي في قصيدة النثر العالم الأرحب للتعبير وأصبحت لي بصمة واضحة بها في سوريا وفق رأي النقاد.

تخرجت من جامعة دمشق حاملاً بكالوريوس في الكيمياء الحيوية، ولأن علم النفس والدراسات التربوية والنفسية هي جزء من قراءاتي حصلت على دبلوم في التربية وعلم النفس بتفوق. 

وكانت المرحلة الأخرى و هي العمل في التربية والتدريس والإدارة التربوية لمدى عشرين عاما متواصلة.

شاءت الظروف أن يتم نقلي إلى مجال عمل آخر مخالف تماماً لطبيعة دراستي وعملي التربوي وهي (الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش) ذات العمل الرقابي القانوني.

فكان لابدّ من إعادة تأهيل ذاتي لهذا العمل، ودراسة القوانين والأنظمة والأحكام الإدارية في كافة جهات الدولة.

بقيت في هذا العمل عشرين عاماً أخرى، والحمد لله كانت مسيرة ناجحة جداً، وكنت منافسا شديداً لحملة الإجازات في القانون، وربما الرغبة ومحاولة إثبات الذات هي الحافز؛ دون أن يطغى ذلك على الجانب الأدبي والإبداعي وملازمة الكتاب والغوص في نفائس الإبداعات الأدبية ومتابعتها.

وبعد نشر ثلاث مجموعات شعرية انتسبت إلى /اتحاد الكتاب العرب/ وتتالت الإصدارات والنشاطات الأدبية والفكرية.

كان هذا مختصراً لهذه المسيرة.


سؤال:

٢ - عملتم في حقل التربية والإدارة فترة؛ كما انتقلتم بعدها إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش حتى التقاعد.

كيف حال التعليم في سوريا ؟ وماذا عن اهتمام الجيل الجديد بالإبداع؟


جواب:

- تولي الدولة السورية على طول المراحل التاريخية منذ الإستقلال للمناهج التربوية الدور الأساسي في العملية التعليمية، وأستطيع أن أجزم بأن هناك قامات تربوية كبيرة تساهم في وضع المناهج؛ والتي تعرضت إلى تغيير متكرر منذ الإستقلال حتى الآن نجحت في أغلب الأحيان وتعثرت مرات أخرى رغم ذلك فهذه المناهج قد أهلت طلابا سوريين تفوقوا وأبدعوا في كل جامعات العالم؛ وهذا مؤشر على تأسيس سليم وقوي.

التعليم في سورية الآن ليس بخير وبصراحة سببه الحرب الهمجية التي شنت على البلد خلال العقد المنصرم مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وتقطيع أوصال الوطن وسيطرة العصابات الإرهابية على بعض المناطق وفرضها لمناهج متخلفة عن روح العصر، وعن الروح الوطنية والقومية.

من خلال عملي التدريسي رأيت وتابعت الكثير من المواهب الشابة التي بدأت تخط طريقها في درب الإبداع بكل ثقة ومقدرة، وأصبح لها بصمتها وبعضهم أصبحوا زملاء لنا في اتحاد الكتاب العرب وهذا أمر مفرح جدآ.

بعد تولي عملي في رئاسة /فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب/، وبتوجيه من رئاسة الاتحاد بدأنا مسيرة رعاية المواهب الشابة منذ المرحلة الإبتدائية وحتى الثانوية والجامعة وقد تشكلت نوادي للشباب لرعاية مواهبهم والنشر لهم في دوريات الاتحاد.

وكذلك إقامة المسابقات على مستوى الفرع، أو على مستوى الاتحاد في سورية.

أشير إلى أن الحرب رغم ما تركته من آثار مدمرة على البنية التحتية والحالة النفسية إلا أن وضع جيل الشباب يوحي بالطمأنينة؛ فالحرب خلقت منهم شباباً حريصون على بناء الوطن والتسلح بالمعرفة والعلم.


سؤال:

٣ - صدرت لكم الكتب التالية:

1 - رايات سوداء لها شكل الفرح/شعر.

2 - الدهول في مدار الياسمين /شعر.

3 - تحولات القلب/شعر

4 - حالات لعصف القصيدة/شعر.

5 - عابر إلى ضفة أخرى/شعر.

6 - لا  توقظوها ...حالمة /شعر.

7 - وحيدا ستمضي /شعر. وهي المجموعة الفائزة بجائزة الشعر نبض الحياة دورة عبد الجبار الفياض عام 2022م.

8- بارقات تومض في المرايا /شعر.

- كيف للناقد أن يزاوج بين النقد والإبداع؟

وهل يكون النقد حاضراً أثناء الإبداع ؟


جواب:

- من الصعب علي أن أصنف نفسي ناقداً ؛ بالتراكم المعرفي وغزارة الإطلاع؛ بدأت بكتابات ودراسات أخذت شكلاً نقدياً، وقد عرف النقد لغة : بأنه التمييز بين الصحيح والزائف من العملات النقدية.

أما النقد اصطلاحا فهو دراسة الأعمال الأدبية (شعرا ونثرا) والكشف عن عناصر الإبداع والجمال؛ أو الرداءة والقوة أو الضعف ثم إصدار الحكم النقدي.

ولا يغيب عنا أن للنقد الأدبي الحديث صلة واسعة مع العلوم الإنسانية الأخرى؛ وللنقد وعلم النقد طبيعة تختلف عن العلوم التجريبية ذات النتائج المحددة؛ ونتائج النقد ليست واحدة رغم أن المناهج والأسس واحدة،  وهي مجموعة عمليات عقلية تحتاج إلى تأمل عميق للعمل الأدبي بهدف تقويم هذا العمل .

والناقد يحتاج لمجموعة بنى فكرية؛ وقوانين جامعة تحدد نقاط الاتصال بين آرائهم عن المعارف الجمالية ومن ثم الإنطلاق للكشف عن مواطن الجمال والتميز في العمل الأدبي؛ ثم يتم إصدار الحكم.

يشار إلى أن للنقد مناهج

(الاجتماعي _النفسي _التفكيكي- البنيوي)

في محاولاتي النقدية تشدني اللغة وجزالتها وسلامتها وحيوية مفرداتها.

كما أبحر في  المضمون الاجتماعي للعمل الأدبي وتقاطعه مع القيم والمبادئ الأخلاقية ومدى اقترابها من الحقيقة والواقع بتعبير آخر، صدق هذا المضمون وواقعيته أو مردوده إذا ما كان متخيلا!

ومدى الأثر الذي يتركه عند القارئ ، ومدى مساهمته في بناء منظومة أخلاقية نافعة للمجتمعات البشرية.

كما أحاول توظيف معارفي في علم النفس والسلوك البشري في قراءة النصوص، وبالتالي سبر أغوار النفس البشرية ومكوناتها وانعكاس ذلك على السلوك، و أرى أن هذا المنهج النفسي يمكنه الكشف وكذلك تحديد أثر الشعر في النفس الإنسانية وتداخل ذلك مع الجوانب الاجتماعية، ولابدّ من التذكير بأن هذا النمط من النقد يستوحي أدواته من نظرية التحليل النفسي لمؤسسها فرويد.

وفي كثير من الأحيان أمارس النقد الانطباعي وذلك بتدوين قراءة وفق تأثير الانطباعات السريعة التي أحصل عليها بعد قراءتي لنص، وقد يخضع ذلك للمزاج الخاص، ولكن قد تكون النتيجة عدم موضوعية هذه القراءة والتي لا تستند إلى أحكام مسبقة ولا لمصطلحات محددة مسبقاً.

و أرى أن الناقد يجب أن يكون على دراية بزمن كتابة النص الإبداعي، ويدرك  أن معايير الجمال تختلف من عصر لآخر.

أمارس النقد أثناء كتابتي لنصوصي وعندما لا يناسب ذائقتي وخبرتي

في مجالات الإبداع قد أسقطه، وأتنصل منه، وبالتالي من يمتلك روحاً نقدية قد تظهر في أغلب نصوصه الإبداعية، وبالتالي يعتبر الأمر لصالح العمل الإبداعي.


سؤال:

٤ - ماهي علاقة المبدع منذر يحيى عيسى بوطنه العربي، والسوري على وجه التحديد و بقضاياه على اختلافها وتشعبها؟.


جواب:

- نحن جيل خمسينات القرن العشرين جيل التحولات الكبرى، والجيل الذي ولد بعد تحرر بلادنا من الاستعمار وبداية النهوض القومي والفكر العروبي.

عشنا فرحة الشعب بالوحدة مع مصر والتضامن مع ثورة الجزائر ونضال الشعوب في كل دول العالم للاستقلال، وتعاطفنا معها وهتفنا تضامنا معها، وتبقى قضية فلسطين هي المحور وما زالت.

أنا مرتبط بالمكان وقد أتجذر فيه كأني نبات يبذر في التربة، أعتبر أن للأمكنة ذاكرتها، قريتي مكان ولادتي أشجارها بيوتها المتقاربة التي تنشد الدفء من بعضها وتقتل وحشة الزمن بتجاورها، سيطرت بشكل كبير وواضح على جميع منجزاتي الأدبية، وماتزال ذاكرتي تعود إليها إلى حواكيرها ووديانها، جبالها، نباتاتها البرية، طيورها، وأصوات الحيوانات فيها، صيفها الجميل، شتائها غزير المطر، وجوه الناس، أصواتهم  سطوة الموت، ورحيل الأحبة، أفراحها القليلة.

أنا مرتبط بهذا المكان وهو صورة مصغرة عن كل سوريا، وأرتبط بذاكرتي في كل مكان زرته في سوريا ويشغل حيزاً من أيام وسنوات عبرت.

وهناك ارتباط مع الوطن العربي؛ لأن الفكر السائد لدينا هو فكر قومي؛ تفاعلنا مع كل أحداث الدول العربية وكأننا من مواطني كل الدول وقد ساعدت المناهج الدراسية في تعميق هذا الشعور نعرف الجغرافيا والتاريخ، وأنماط العادات والتقاليد، وخصوصاً دول المغرب العربي وتحديداً تونس التي يربطنا بها عراقة التاريخ و ( اليسار ) خير شاهد وقرطاج وشجرة الزيتون والبحر المتوسط وحتى تشابه الوجوه، عشنا مع    

/عمر المختار /في ليبيا وكان عبد القادر الجزائري في دمشق هو جزء من تاريخ سورية وثورة المليون شهيد.

ناهيك عن مصر ودولة الوحدة، التي كانت نواة حلم كبير ما زلنا نحمل شعاره ونناضل لتحقيقه بقواسم وعوامل مشتركة، وسنبقى نغني (بلاد العرب أوطاني من الشام لبغداد).


سؤال:

٥ - كتبت عن أعمالكم العديد من الدراسات من نقاد أبرزهم:

- علوان السلمان/العراق.

- رائد محمد الحواري/فلسطين.

- د.ريمان عاشور/الأردن.

- د.عبير خالد يحيى/مصر(كتاب مستقل لم يصدر بعد).

- أحمد علي هلال/فلسطين

- حمدي مخلف الحديثي/العراق (دراسة متكاملة في كتاب لم يصدر بعد).

- د. مرشدة جاويش/سورية

- د.أحمد علي محمد/سورية.

- هشام صيام /مصر

- عصام ترشحاني /فلسطين.

- أحلام غانم /سورية.

- حبيب الابراهيم /سورية.

- حيان الحسن /سورية.

- د. وليد مشوح/سورية.

- سيف الدين الراعي /سورية.

- د. نزار بريك هنيدي /سورية.

- محمد حديفي /سورية.

-حسين حموي/سورية.

- عبد القادر الحصيني /سورية.

- عصام يوسف حسن/سورية.

- الراحل عماد جنيدي/سورية.

وغيرهم الكثير..الكثير

هل يمكن القول أن النقد أنصفكم؟


جواب:

- من وجهة نظري أرى أن للنقد أهمية كبيرة في التعاطي مع المنجزات الأدبية، فهو يعمل كضابط لإيقاع العمل من خلال التقويم، والإشارة إلى مواطن الجمال، وكذلك الإشارة إلى العثرات وما يسيء إلى النص.

أقول: إن النقد هام جداً لمتابعة قصيدة النثر تحديداً التي بدأت تفرض نفسها على المشهد الإبداعي، وهي ماتزال في طور التجريب للوصول إلى امتلاك حيوية إبداعية تضعها في حديقة الشعر والإبداع.

كثيرون يضايقهم النقد ويرفضون إخضاع منتجهم للنقد، لكن بالنسبة لي تسعدني جدآ القراءات النقدية لمنجزاتي، وأرى فيها ولادة جديدة لنصوصي، لا بل أرى فيها كساء جميلا يستر عري النصوص، ويكملها للوصول إلى المتلقي بالشكل اللائق ، وهذا واجب المبدع والناقد معا.

لا أذيع سرا إذا قلت: أنني أسعى بكل جهدي لأضع نصوصي تحت مقصلة النقد، وإعجابي بالقراءات النقدية وكأنها أوسمة على صدر نصوصي.

كما لا أذيع سراً إن قلت: أنني أمرر نصوصي قبل نشرها إلى أكثر من قارئ من زملائي في مجال الشعر، وتكون الملاحظات المسجلة محل ترحيب واعمل بها.

أغلب القراءات النقدية أنصفتني وأفرحتني، وستكون في منجز مطبوع مستقبلاً سعيا للتوثيق وتكريماً للنقاد.

بالمناسبة أتوجه بالشكر اللامحدود لكل النقاد الذين وردت أسماؤهم ولغيرهم ممن لم يرد حيث أني مدين لهم بالفضل وهم شركائي فيما أنجز.


سؤال:

٦ - ماهي الإضافات التي يقدمها النقد للمبدع والعمل الإبداعي ؟


جواب:

أنا وغيري ممن يخوضون في بحر الإبداع، لا يفكرون بما يكتبون فتأتي الأفكار متداعية عفو الخاطر، بولادة طبيعية، حاملة سماتها الخاصة وبراءتها  ودهشتها، وقد تترافق هذه العفوية مع هنات يقوم النقد بإبرازها والإشارة إليها.

كما أن الكثير من الأفكار ، وما بين السطور والكلمات، يراها الناقد كمراقب من بعيد ويشير إليها، وقد لا تكون ضمن حسابات صاحب المنجز، وهذا غوص في بنية النص كالباحث عن اللألئ، أو كمن يبحث في التربة عن كنوز محفوظة.

للتربية الأولى للمبدع وجذوره الفكرية والثقافية دور كبير في ما يبدع دون أن يدري، و دون أن يتكلف هذا الأمر، ولأن بدايات قراءتي كانت في الصوفية والفلسفة، رأى الكثير من النقاد أن للنزعة الصوفية الدور البارز في أغلب منجزي الأدبي، وقد رأت الناقدة الذرائعية/ د. عبير خالد يحيى/، أن هذه النزعة هي السمة الغالبة في كل ما أكتب وهي تعدّ كتاباً قادماً حول النزعة الصوفية في منجزي الإبداعي. 

حقيقة أنا لا أتكلف ذلك ولكنه يأتي عفوا وأنا مستمر بهذا الطريق.

حيث لعب النقد هنا دورا تعزيزاً لهذا الخط الذي أتبعه وأسير عليه عفواً ودون قصد.


سؤال:

٧ - أستاذي الكريم ما هي المواصفات التي يجب أن يتمتع بها النقاد؟


جواب:

- بداية أذكر بعض المواصفات التي يجب أن يتمتع بها الناقد، ومن أبرزها صفة  التقصي والإبداع عارفاً بأسرار العصر الذي كتب فيه العمل الإبداعي والأفكار السائدة ويجب أن يتخلى عن التأثيرات الشخصية، مالكاً  لفهم واسع للغة المنجز وبنيته، عارفاً بموسيقى الكلمات ومعانيها وأصواتها قادرا على التحليل والتركيب، وأن يكون شمولي الثقافة، منفتحا على كافة المدارس دون تعصب لمدرسته ضد أخرى و إلا فلا يحق له أن يلعب دور الحكم.

كذلك حال النصوص الإبداعية التي تجذب الناقد، فلا بد لها من لغة سليمة وكلمات عميقة الدلالات ذات موسيقا تناسب المنجز الشعري، والجمل الإيقاعية آلتي تحمل موسيقاها بذاتها، إضافة إلى المضمون الفكري المحمول على هذه اللغة، كذلك لا بد من تمتعها برؤيوية تستطيع أن تكشف بعض أستار المستقبل وهنا يظهر دور الشعر جلياً.

كما أن النصوص التي تحفل ولادتها بخلق دهشة لدى القارئ جديرة بأن تلاقي ترحيباً لدى النقاد لإبراز بواطن الجمال وما يظهر منه للإشارة إليها، رغم وضوحه يحتاج كثيراً لمن يوضحه ويظهره، وهذه مهمة الناقد. لابدّ من تمتعه برؤيوية تستطيع أن تكشف بعض أستار المستقبل وهنا يظهر دور الشعر جلياً.

كما أن النصوص التي تحفل ولادتها بخلق دهشة لدى القارئ جديرة بأن تلاقي ترحيباً لدى النقاد لإبراز بواطن الجمال وما يظهر منه للإشارة إليها، رغم وضوحه يحتاج كثيراً لمن يوضحه ويظهره وهذه مهمة الناقد.


سؤال:

٨ - تكتبون في النقد والدراسات والقضايا الادبية والفكرية، صدرت لكم العديد منها نذكر على سبيل المثال لا الحصر :

_نديم محمد شاعر الألم والكبرياء /دراسة/.

_ نديم محمد الشاعر المتمرد.

_اوراق الوداع.

من موقعكم كناقد كيف ترون مستقبل النقد في الوطن العربي مع كثرة الاصدارات الأدبية؟


جواب:

- أكرر واعيد التأكيد بأنني لست ناقداً محترفاً، فأنا لي ما يمكن أن أسميه مشاغبات نقدية قد ترقى إلى مستوى الدراسات النقديه أو تقاربها، وهي محاولات وتجريب  في هذا المجال حيث أن ما أكتبه من منجز إبداعي يصنف في حقل الشعر، ورغم ما صدر لي حتى الآن من مجموعات شعرية قاربت العشر، اعتبر نفسي في طور التجريب وأراها محاولات للتجديف في هذا اليم الكبير.

كما أنني أقدم دراسات في مجالات عدة /بيئية- تربوية - فكرية/أرجو أن تضيف شيئا يمكن أن يسهم في بناء منظومة علمية فكرية تتكامل مع ما يقدم على الصعيد المحلي و الوطني.

وأعود للقول إن النقد يجب أن يواكب المنجزات الأدبية مع غزارتها وتنوعها وبالتالي لا بد للناقد من تفرغ كامل للعمل النقدي كي لا يكون النقد انتقائيا ومزاجيا وخاضعا للعلاقات الشخصية وكما نسميها في وسطنا الأدبي (الشللية).

النقد يمكن أن يشكل رافعة للإبداع الأدبي ودافعاً للمزيد من الإبداع، وقد يخلق حركة فكرية حوارية بين الناقد والمبدع وجمهور القراء مما يسهم في إغناء الجو الثقافي والفكري.

واكب النقد الإبداع منذ بداية الإبداع قديماً واستمر مرافقاً له ولكن ليس بالتوازي وإنما وكما أرى لم يجاريه خطوة بخطوة ربما يكون السبب غزارة ما ينتج من جهة، ومن جهة أخرى عدم تفرغ النقاد للعمل النقدي البحت فالكثير منهم قد يبدعون في مجالات أخرى.

هناك ثغرة في العمل النقدي، وهي التركيز  بشكل كبير على الأسماء الأدبية اللامعة ومتابعة منجزاتها، وإهمال ما تبقى، وقد يكون ذلك محاولة من الناقد للبحث عن الشهرة المستمدة من شهرة المبدع وتقاسم ذلك معه.

لا إبداع  يمكن أن يأخذ دوره في الحياة الثقافية بمعزل عن النقد، فالماء ماء ولكن منه العذب الفرات. ومنه الأجاج ومنه الملوث، ولا بدّ من تفريقه بواسطة التحليل المخبري ليقدم للإنسان شراباً سائغا.

والنقد هنا يلعب دور التحليل المخبري الذي يؤكد سلامة وسلاسة ما يكتب ويبدع، ويقدم للمتلقي (القارىء) بالشكل المناسب.


سؤال:

٩_ كأديب وناقد، ماهي في تصوركم الشروط التي تساعد على إرساء نهضة أدبية وثقافية شاملة؟


جواب:

- وفق رؤيتي فإن هناك أسس ثابتة للنهضة الأدبية والثقافية تبرز بشكل أساسي في التركيز على التعليم في جميع مراحله، من الأساسية وحتى الجامعة.

وإحياء اللغة العربية، وإنشاء جيل متعلق بهذه اللغة من خلال إبراز جماليات هذه اللغة ويمكن للمعاجم بكافة أشكالها والتي تستوعب مفردات هذه اللغة وإيضاح المفردات الجديدة المتداولة، والتي وفدت من لغات أخرى، خصوصا مصطلحات العلم و التقنية الحديثة، وإدخال وسائل تعليمية حديثة أكثر نجاعة وكل هذه الأمور مرتبطة بالمناهج الدراسية ومواكبتها لروح العصر.

وفيما يتعلق بالأدب لا بدّ من الانفتاح على كافة صنوف الإبداع التي لم تعد تقتصر على الشعر و القصة التي ظهرت مؤخراً، بل لابدّ من استيعاب مفردات دخلت من لغات اخرى كبعض المدارس الشعرية (الشعر التمثيلي - الملحمي - الحر - التفعيلة) كما لابدّ من اعتماد الترجمة كطريقة هامة للتعرف على آداب الشعوب الأخرى.

إن التعامل مع الحداثة في كل صفوف الأدب يحتاج إلى عقل منفتح وطريقة تفكير.

ففي كل حالات التجديد نجد من يعارض بشدة ومن يوافق ومن يقف بين بين كما حصل في قصيدة التفعيلة وكما يحدث حالياً وما زال مستمراً  بالتعاطي مع قصيدة النثر منذ ستينات القرن الماضي، وبالتالي أرى أن تفاعل هذه الآراء يمكن أن يخلق حراكاً ثقافياً و فكرياً يصب في مصلحة الأدب والفكر ويكون النقد الحكم في كل ما ينجز ويطرح على الذائقة الأدبية.

هي معركة الحياة الدائمة بين ما هو قديم وما هو حديث وستستمر المعركة مع استمرار الحياة، وفي النهاية سيثبت الأدب الجيد مكانته في الساحة الأدبية.


سؤال:

 ١٠ - أين يقف المبدع السوري اليوم خاصة بعد الأحداث التي عرفتها البلاد مقارنة بباقي المبدعين العرب؟


جواب:

- للأسف فإن الأحداث التي عصفت ببعض البلدان العربية تحت مسمى (الربيع العربي) والذي لم يكن ربيعاً ولم يجلب لهذه الشعوب سوى الدمار والقتل والكثير من الدماء 

وكان لسورية النصيب الأكبر من هذا الخراب و الدمار وقد انقسم المبدعون السوريون بين من وقف مع الدولة الوطنية معارضاً هذا الخراب المجاني ،. ومتألماً على مصير بلاده وما آلت إليه الأمور فجاء إبداعه لمصلحة الوطن ووحدة ترابه و الحفاظ عليها.

وهناك قسم آخر  ركب موجة ما يسمى الثورة ظلماً وتحت إغراء المادة التي بذلت ووفدت من خارج الحدود فآثروا الهرب إلى دول اخرى وبدأ إنتاجهم الفكري والأدبي يصب في تيار التحريض على الدولة والنظام، والتشجيع على التخريب وقتل أفراد الجيش والشعب وتدمير البنى التحتية التي قامت بعرق وجهد الشعب معاكسين بذلك أبسط واجبات المثقف والأمانة التي يحملها على عاتقه حتى وصلت الأمور ببعضهم إلى الانقلاب من أقصى اليسار إلى أقصى التفكير الظلامي والذي لا يؤمن بالوطن ولا بالمواطنة.

قسم ثالث بقي في المنطقة الرمادية طويلاً حتى اتضحت الأمور و سياقها وبالتالي فقد لعب دوراً سلبياً لا فائدة ترتجى منه، والدليل على ذلك أن ما أنجز ونشر  في مجال القصة والشعر خارج سورية يفوق بعشرات أضعاف ما نشر في الداخل.

لن أدخل في أسباب هذه المواقف فلكل أديب ومبدع رؤيته وظروفه الخاصة وهذا ليس تبريراً، فلا مساومة على أمن الوطن وسلامة حدوده.

إن ما حصل في سوريا من حصار ودمار وتواجد لجيوش أجنبية وعصابات مسلحة مارست الإجرام بشكل لا يمكن تصوره وما تبعه من قتل ودمار وتجويع وسرقة لثروات البلد، يجعل كل ذي عقل يدرك أنه لا بدّ من الوقوف مع الوطن والحفاظ على وحدة أراضيه.

والسؤال المطروح الآن:

أين هذه الفصائل الجهادية كما تدعي من جرائم إسرائيل في فلسطين ؟.

وأين هم من دماء أطفال ونساء غزة؟

وأين شيوخ الإفتاء؟

لابد من الإشارة إلى الموقف المشرف للكثير من المبدعين العرب في الكثير من البلدان والذين أشاروا إلى جرائم العصابات المسلحة في سوريا وكانوا مع وحدة التراب السوري ومع الدولة السورية، وذلك من منطلق شعورهم القومي والعروبي.


سؤال:

١١ - تم تكريمكم من عدة جهات وكان آخرها تكريم من اتحاد الكتاب العرب عام ٢٠٢٠م كما فزتم بجائزة الشعر نبض الحياة دورة الشاعر عبد الجبار الفياض عام ٢٠٢٢م ماذا تمثل الجوائز والتكريمات للمبدع منذر يحيى عيسى؟

وهل تعتبر كافية لتتويج المسيرة الإبداعية والنقدية للأدب والناقد؟


جواب:

- لا أنكر أبدا بأن كل تكريم وكلمة ثناء واستحسان لما يكتب أو ينشر يشكل مصدر سعادة لي ولكل اديب ومبدع؛  فأنا أرى أن بداخلنا أطفالا تفرح بالهدايا وكل صنوف العطاء.

يشكل التكريم حافزاً للإبداع والسعي. نحو التميز والعطاء ومضاعفاته ولكن برأيي يجب أن لا يكون ذلك هدفا ويتم البحث عنه بالنسبة لي ان قراءة نقدية تبرز مواطن الجمال في ما أنجز يعتبر تكريماً.

لم أسع مطلقاً إلى تكريم، ولم أشارك أو أحاول المشاركة في مسابقات أدبية لكن عنوان المسابقة التي أعلنت في العراق وهي حصراً لقصيدة النثر دفعني للمشاركة، وذلك لقلة المسابقات التي تستهدف قصيدة النثر وقد سرّني الفوز، وهو يشكل وفق علم النفس ما يسمى (التعزيز) الذي يدفع للنجاح وإغناء المسيرة الأدبية.


سؤال:

١٢ - ماهي الصعاب والعراقيل التي واجهتكم خلال مسيرتهم الإبداعية والنقدية ؟

وكيف تواصلون الكتابة في ظل هذه العراقيل؟


جواب:

- أصر على تكرار مقولة أنني لست ناقداً محترفاً، في هذا المجال الذي أكتب فيه، فإن مقالاتي و دراساتي في مجال النقد لاقت استحساناً عند القراء والنقاد مما دفعني للإستمرار في هذا المجال ولا صعوبات تذكر في هذا المجال مطلقاً.

الكتابة النقدية تعزز المعرفة والذخيرة العلمية وتدفعك لمحاولة الغوص في النصوص وقراءتها بعمق ودقة.

أما في مجال الإبداع وخصوصاً قصيدة النثر فقد عانيت من صعوبات أبرزها عدم تقبل قصيدة النثر من شريحة واسعة جماهيرياً وعلى المستوى الإبداعي؛ لأن قصيدة النثر ليست منبرية فهي تكتب لتقرأ وليس لتلقى.

وهي بالتالي تفتقد الحالة الجماهيرية كما واجهت صعوبة في أن يكون منجزي يتداول في الوسط المحيط لعدم قبول هذا النمط.

وكان الحل هو الصبر والدأب والاستمرار بالكتابة مراهناً على المستقبل وعلى أن هذا النمط من الإبداع سيفرض نفسه على المشهد الإبداعي.

ساعدني في ذلك عدد من النقاد الذين شكلوا دافعاً لي للإستمرار ، واعتبر أن آرائهم ورؤيتهم صائبة وخصوصاً من راى لي بصمة وخطاً واضحاً في قصيدة النثر، وبأن ما أكتبه يشكل إضافة مهمة لقصيدة النثر في سوريا.

لم أجد صعوبة مطلقاً فيما يتعلق بالنشر وخصوصاً الجهات الرسمية (اتحاد الكتاب العرب - وزارة الثقافة - الصحف الوطنية)

كما أنني أشر حالياً في مجلات على مستوى الوطن العربي لها حضورها الفكري والثقافي (الشارقة _ الرافد) وغيرها كثير.

ولا يخفى الدور الكبير للنشر في تعزيز العمل الإبداعي والفكري وهذا أعتبره تكريما.


سؤال:

13 -  ضمنت أعمالكم في :

١_ رسالة دكتوراه في النقد  الادبي في جامعة المستنصرية في العراق للدكتورة /آسيا يوسف/

١_ رسالة دكتوراه للدكتورة /غيداء يونس/حول الرموز وتجلياتها في الشعر العربي المعاصر في سوريا الربع الأول من القرن الحادي والعشرين جامعة البعث في حمص - سوريا.

هذه البحوث والدراسات التي تناولت أعمالكم هل لكم أن تحدثونا عن إحساسكم بما وصلت إليه أعمالكم؟


جواب:

_  هذه الدراسات النقدية المتضمنة في رسالتي دكتوراة  لإنتاجي الأدبي يشكل مصدر سعادة وفخر ، وأدركت حينها أنني أسير في طريق الإبداع الذي لاقى قبولاً عند الدارسين وطلاب الدراسات العليا وهذا مؤشر على استحسان نقاد سيكون لهم بصمة في مجال النقد.

حيث تناولت الدكتورة/ آسيا يوسف/ في أطروحتها الرمز ودلالته في القصيدة العربية المعاصرة وكيف قمت باستخدام الرمز، حيث رأت في نصوصي أن عددا منها مفتوحة على دلالات عميقة تخيلنا إلى المعاني الروحية، ورأت أيضا في الكثير من النصوص توظيفا للأسطورة بشكل أعطى للنص روحا خاصة.

كما أشارت الدكتورة /غيداء يونس/ استحضارا للرموز الدينية (سيدنا يوسف - آدم وحواء - الشجرة - جلجامش - شهرزاد - مريم العذراء - سيدنا موسى).

_ كما نوهت إلى استخدام الشاعر لأسماء أمكنة لها وضعها التاريخي والحضاري والتي تمتلك طبيعة جميلة.

ولاحظت أنه بعد اختيار الرمز في تشكيل الصورة الشعرية لا ينفصل عادة عن سائر أفكار القصيدة، وإنما تظل أصداؤه تتجاوب  في أنحاء القصيدة مؤكدة لشيء ما.

فليس اختيار الرمز تعسفياً أو اعتباطياً وإنما تدعو إليه ضرورة نفسية وفق رؤية الناقد /عز الدين اسماعيل/.

الواقع إن تضمين نصوصي في رسائل دكتوراه قد أعطاني دفعا للإستمرار في دروب الإبداع مع شكري للغاليتين /د. آسيا يوسف و د. غيداء يونس/.


سؤال:

14 _ كيف يرى الأديب والناقد منذر يحيى عيسى تأثير العولمة على الأدب العربي المعاصر ؟

وما هي الرهانات التي يراهن عليها النقد العربي في ظل الحداثة؟


جواب:

_ العولمة أو الكوكبة كما يحلو للبعض تسميتها هي إزالة كل الحدود والحواجز التي تقف أمام المعارف والثقافات ومجالات الإبداع.

وهنا ينتفي دور الرقابة مهما اشتدت وتتمكن المعارف من تجاوزها بفضل شبكة الإنترنت التي جعلت الكوكب قرية صغيرة وقد رأى الناقد والشاعر العراقي /محمد صابر عبيد/ أن هناك ارتباطاً استراتيجياً ومنهجياً وثيقاً بين الحداثة و العولمة على مستوى النظرية الأدبية بكافة أشكالها يلاحظ تأثير العولمة في النصوص الشعرية والروائية والقصصية، حيث دخلت مفاهيم جديدة و حديثة اندحرت أمامها المفاهيم الكلاسيكية، وهذا ما يسهل انتشارها عن طريق النشر والترجمة وتقبلها في كافة الأرجاء.

إن الأدب الحديث وبتأثير العولمة قام بتفجير طاقات اللغة وقد ابتعد عن لغة القواميس إلى لغة يمكن تفهمها و قبولها.

كما أفسح المجال لاستخدام مصطلحات علمية وتقنية في سياق هذا الأدب، وهذا ما أسهم  بظهور  تيارات جديدة في المنجز الأدبي/قصيدة النثر وقصيدة الومضة أو النثيرة وكذلك القصة القصيرة جداً وهي الأكثر تأثرا بالحداثة.

إن وسائل الإتصال الاجتماعي وأبرزها/الفيسبوك/ساهم في انتشار المنجزات الأدبية المختلفة في كل أرجاء الكوكب وهذا تأثير واضح للعولمة.

وهذا لا يعني جودة كل ما ينشر، ولكن يمكنني القول: إن هذا الكم الهائل سيفرز نوعاً جيداً هو الذي سيبقى أما الغث منه فسيزول تحت مطرقة ذائقة القارئ وسيكون الزمن كفيلاً بإزالة أثاره.

السؤال: هل أثرت العولمة على فكرة المنجزات والرؤية المستقبلية والراهنة وما تأثير ذلك بالنهاية على السلوك؟

إن قصيدة النثر بأشكالها الحالية وقد تجاوزت القوالب الكلاسيكية (وزن وقافية والبلاغة) منطلقة إلى أفاق أكثر رحابة وخارج إطار القيود واقتربت بمفرداتها من لغة الناس مستجيبة لمنطق العصر وتجلياته، ومقتربة من حياة الناس وهمومهم اليومية.

فالعولمة أخيراً فرضت نفسها على المنجز الأدبي العربي المعاصر وبرأيي أن ذلك يسهم في الانفتاح على ثقافات العالم، بدلاً من التقوقع والانزواء واجترار أفكار وآداب الماضي، في محاولة للاقتراب من حياة الناس ومقاربة معاناتهم ومسايرة طموحاتهم، وهذه المهمة الأساسية للأدب.


سؤال:

15 - استاذي الفاضل قد يكون هناك سؤال أو أكثر تودون الخوض فيه ولكني لم أتطرق له أرجو أن تضعوا السؤال وتتفضلوا بالإجابة عنه،


جواب:

_ خطر لي سؤال: ما هو تأثير التربية الأسرية والاجتماعية والقيم الدينية والمفاهيم السائدة على المبدع وما ينجز؟


- عليه أجيب أن التربية الأسرية الأولى وفق المعتقدات الدينية والمفاهيم الاجتماعية يمكن أن تشكل قيداً يقف بوجه المبدع ويحد من إبداعه وانطلاقته بسبب رقابة المجتمع من جهة ورقابة داخلية فرضتها قيود تقليدية يصعب كسرها وتجاوزها.

فالكثير من النوازع والهواجس الداخلية يصعب التعبير عنها لتعارضها مع التربية الخاصة، وهذه الظاهرة منتشرة في الشرق العربي بتأثير التيارات الدينية وسطوتها، على عكس ما هو قائم في المغرب العربي الأكثر انطلاقا وقدرة على التعبير.


في الختام أشكر الأديبة

 /أمينة برواضي/ على هذا الحوار الذي فجر الكثير من القضايا المهمة على الصعيد الشخصي، وعلى صعيد الإبداع، متمنياً لها الصحة والسعادة، ودوام الإبداع.


شكرا لكم مرة أخرى أستاذي الفاضل تحياتي.





 الأديبة أمنة برواضي في " حوار مع الناقد " (أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 27  (شغف التقد والإبداع) مع الأديب والناقد السينمائي د . محمد اشويكة.


الأديبة أمنة برواضي في " حوار مع الناقد " (أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 27  (شغف التقد والإبداع) مع الأديب والناقد السينمائي د . محمد اشويكة.
الأديبة أمنة برواضي في " حوار مع الناقد " (أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 27  (شغف التقد والإبداع) مع الأديب والناقد السينمائي د . محمد اشويكة.


أولا أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي.


سؤال:

1- من هو محمد اشويكة؟


جواب:

- يستعصي عَلَيَّ في الكثير من الأحيان تعريف نفسي لأنني لا أحب التصاق الكثير من الألقاب بي، أحبذ أن يتحدث منجزي في الكتابة عن ذاته سواء في مجال الجماليات البصرية أم القصة القصيرة (إبداعا وتأملا) أم في شؤون الكتابة والثقافة بشكل عام. أتمنى أن تكون الكتابة مدخلا أساسيا للجمع بين عناصر تجربتي الثقافية التي يحركها الشغف قبل كل شيء.


سؤال:

2 - محمد اشويكة حاصل على الدكتورة في الفلسفة وناقد سينمائي.. الفلسفة والسينما أية علاقة؟


جواب:

- تتشابك العلاقة بين السينما والفلسفة اشتباكَ الحياة بالإنسان، فكل فيلم جاد يحقق رؤية معينة للذات والآخر والعَالَم، وهو صادر عن رؤية للحياة، يتبناها مؤلفه ضمن رؤية شمولية لأعماله السينمائية، تماما كما يفعل الفيلسوف. هناك وجهات نظر رئيسية تتعلق بالفلسفة في علاقتها بالأفلام، فلا يُفهم الفيلم بوصفه موضوعا للتفكير الفلسفي إلا بقدر ما يُفهم بِعَدِّهِ وسيلة للانخراط في الفلسفة. ازدهرت المساهمات في هذا المجال منذ بداية القرن الحادي والعشرين، تزامنا مع الناقشات الفكرية حول مدى إمكانية فهم الفيلم على أنه "يمارس" الفلسفة، وذلك عوضاً عن كونه محض مصدرٍ للتوضيح أو المثال الذي نقدمه أثناء لحظات التأمل الفلسفي. هناك اعتراضات حول الموضوع، لكن أصولها تعود إلى أوجه التشابه الملحوظة بين السينما وكهف أفلاطون، بينما يعود بعضها إلى الانتقادات الأفلاطونية الأكثر عمومية حول قدرة الفنون الخيالية على كشف الحقيقة. في مقابل هذه الاعتراضات هناك بعض وجهات النظر الجريئة والمدهشة حول قدرة الفيلم على القيام بالفلسفة، ومفادها أن الكثير مما يمكن القيام به في المجال اللفظي يمكن تمثله، أيضًا، في الوسط السينمائي، فضلا عن وجود نوع مميز من التفكير السينمائي يقاوم إعادة الصياغة عن طريق اجترار المصطلحات الفلسفية التقليدية. نشير كذلك إلى وجهات النظر الأكثر اعتدالا، تلك التي ترى بأنه يمكن للفيلم الانخراط في بعض الأنشطة الفلسفية المعروفة من قبيل التجربة الفكرية مثلا كما أنها قادرة على تقديم أنواع معينة من المواد الفلسفية بشكل أفضل. عموما، أثبتت التجارب أن الأفلام السينمائية قادرة على تقديم تصورات خلاقة حول الذات والعَالَم، وهي لا تقل في الواقع عما يقدمه الفيلسوف.


سؤال:

3 - دكتور لكم إصدارات عديدة في السينما منها ما هو فردي وما هو جماعي نذكر على سبيل المثال لا الحصر "الصورة السينمائية: التقنية والقراءة"، "السينما المغربية: أطروحات وتجارب"، "مجازات الصورة"، "السينما المغربية: رهانات الحداثة ووعي الذات"، "السينما المغربية: تحرير الذاكرة.. تحرير العين"، "التفكير في السينما.. التفكير بالسينما"، "السينما المغاربية: قضايا الفرادة والتعدد"، "السينما المغربية: جدل الموضوع وسؤال الإبداع"، "العرض السينمائي تصورا للعَالَم"، "السينما المغربية: من الخدمة العمومية إلى النقاش العمومي"، "السينما العربية: تجارب.. رؤى.. رهانات"، "السينما المغربية: من التراكم إلى الحساسية الجمالية".. كما أن لكم إصدارات جماعية منها: "سينما داود أولاد السيد: المرتكزات والخصوصية"، "صورة المهمش في السينما: الوظائف والخصوصيات"، "نظرات في سينما مصطفى الدرقاوي"، "المكونات الجمالية والفكرية لسينما محمد عبد الرحمان التازي"، "أسئلة النقد السينمائي المغربي"، "التجربة السينمائية للمخرجة فريدة بليزيد"، "سينما مومن السميحي: قلق التجريب وفاعلية التأسيس النظري".. 

ما هي في رأيكم أهم الخصائص التي تتميز بها السينما المغربية مقارنة بغيرها في باقي الدول العربية؟


جواب:

- تتميز السينما المغربية عن مثيلاتها في العالم العربي بانتظام وثيرة إنتاجها الذي تدعمه الدولة على مستويات متعددة (دعم إنتاج الأفلام، دعم التظاهرات والمهرجانات السينمائية، دعم تصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب، دعم بناء وتجديد ورقمنة القاعات السينمائية)، فضلا عن تَجَدُّدِ دماء الإبداع فيها بفضل اجتهادات أجيال مبدعيها الذين لامسوا قضايا وموضوعات معينة بطرق سينمائية مغايرة لاقت احتفاء خاصا في كبرى المحافل الدولية لاسيما بعض الأعمال التي أنجزتها المخرجات، ويمكن ذكر فيلم "كذب أبيض" الذي قاربت فيه المخرجة أسماء المدير أحداث أو انتفاضة 1984 بالدار البيضاء استنادا على حكاية عائلية، بطلها الجدة والأب والأم وبعض الجيران، وذلك وفق معالجة بصرية تجمع بين الوثائقي والدرامي، واعتماد التماثيل والمجسمات الصغيرة لاستعادة الماضي، وربطه بالحاضر والمستقبل، وفي ذلك جرأة كبيرة استندت على المحكي العائلي...

سارت السينما المغربية نحو خلق حساسيتها الخاصة التي تستند على التذويت والتجريب والتجديد على مستوى اللغة السينمائية، فضلا عن ملامستها للموضوعات ذات الحساسية الخاصة داخل المجتمع المغربي، فاتحة أفقا مغايرا داخل المغرب وخارجه بالرغم من انحسار القاعات السينمائية وتقلص الثقافة السينمائية في الفضاءات العمومية. يمكن الجزم بأن بعض التجارب السينمائية المغربية تَصُوغُ أفقا حداثيا يستدعي تمثله ضمن منظومة فكرية تساير ما يقع في مجالات بحثية تخلخل قيم الأزمة والتقليد والخرافة وتكريس الرؤية النمطية لأساليب العيش المغربية.


سؤال:

4 - بصفتكم ناقدا سينمائيا ما هي السبل للوصول بالسينما المغربية إلى تطلعات المشاهد المغربي؟


جواب:

- يصعب القول إن السينما المغربية لا تحقق، كليا، تطلعات المشاهد المغربي لأن أرقام مشاهدات الأفلام المغربية في القاعات السينمائية المتبقية، وتلك التي تتحقق عبر المنصات الرقمية، وتحميل الأفلام، ومتابعة ما تبثه التلفزيونات الوطنية وبعض القنوات الأجنبية، وتداول الأفلام عبر أقراص الـ"DVD" سواء بطريقة شرعية أو مقرصنة، كلها معطيات تنم عن تتبع معين، لا يمكن وصفه إلا بالمختلف لأن هناك إقبال على الأفلام الكوميدية (ولو كان بعضها لا يلبي شروط الجودة، والمعايير الفنية الخاصة بالنوع) أو تلك التي تناوش الطابوهات (الجنس مثلا).. لكن الأفلام ذات الطابع غير التجاري أي سينما المؤلف أو السينما التجريبية تظل منحسرة ومحاصرة بفعل احتكار مجال التوزيع وتحكم بعض الشركات في دواليبه حيث أنها لا توزع أو لا تغامر بترويج الأفلام ذات الطابع غير التجاري، أي تلك التي تقدم لغة سينمائية مختلفة أو لا تعتمد الوجوه المعروفة أو تتبنى الحكايات غير النمطية أو تتوفر على جرعات من الجرأة غير المرغوب فيها أخلاقيا.. وفي ذلك نوع من التقليص من فاعلية السينما المغربية التي تُرَوِّجُ أفلامها في المهرجانات والملتقيات الوطنية والدولية. وعليه، فالرهان على تكوين الجمهور مدخل أساسي لقيام الصناعة الإبداعية ببلادنا خاصة وأننا نتحدث عن سينما مدعومة ماديا من قِبَل الدولة، فلا يستقيم الدعم والجمهور لا يرى الأفلام، إنها مسألة مُحْبِطَة للمبدعين ككل.


سؤال:

5 - ما هي في رأيكم أهم الخصائص التي تتميز بها السينما المغربية مقارنة بغيرها؟


جواب:

- يمكن التركيز لدى بعض المخرجين على قيمة التجاوز بمعناها الشامل، تجاوز الذات عن طريق الانتقال من الازدراء إلى النقد والإثبات وتطوير الهوية، فضلا عن تطوير التجربة وتعميق البحث في الأساليب الإخراجية، وعدم السقوط في اجترار المواضيع مما أبعدهم وأبعد السينما المغربية عن التدني والرداءة (Médiocrité) التي صارت تكتسح القطاع بحثا عن أشياء خارج الفن.. وهناك حديثٌ عن تجاوز المجتمع، تُلَخِّصُهُ بعض التجارب الطليعية، موضوعا وأسلوبا، بفعل خروجها من شرنقة الجاهز والمتداول، وتطويرها للغة السينمائية.. ثم هناك تجاوز لحدود الوطن والسفر بعيدا بالأفلام عبر البحث عن الداعمين والمنتجين المشتركين بالرغم من اختلافنا عن وجهات النظر التي يفرضها هؤلاء وتتبناها الأفلام كليا أو جزئيا.. ولنا في أفلام ثلة من المخرجين مثل فوزي بنسعيدي ونبيل عيوش وأسماء المدير ومريم التوزاني وغيرهم خير مثال.


سؤال:

6 - دكتور تشرفون على برنامج "صدى الإبداع" على القناة الأولى. هل كان لهذا البرنامج تأثير على اتجاهاتكم الإبداعية والنقدية؟


جواب:

- جاءت تجربة الانخراط في البرنامج بعد انقطاع عن الاشتغال في التلفزيون لمدة طويلة، وهي تجربة شملت مجالات إبداعية وتقنية وفنية.. كانت كلها خلف الكاميرا، لكن تجربة المشاركة في التنشيط، فضلا عن الإعداد والتنسيق، فهي جديدة، لم أكن أرى في نفسي ذلك الشخص الذي يمكنه الوقوف يوما أمام الكاميرا لأنها بالقدر الذي تبدو فيه مرغوبة من طرف الناس، فهي تمسح ما قبلها، لاسيما في مجتمعنا الذي ينتصر للثقافة الشفاهية على حساب المكتوب، وفي زمننا هذا الذي تكتسح فيه الصورة كل شيء. شخصيا، أرتاح داخل الكتابة لأنها تخصني لوحدي، وهي مسؤولية فردية من حيث التطوير والإبداع والإخفاق أو الانحباس أما العمل التلفزيوني فهو جماعي بامتياز، تتحكم فيه توجهات عامة كثيرة بالرغم من قدرة الفرد على دمغه ببصمته الخاصة. هذا، وتظل متعةُ تقديمِ خدمةٍ ثقافيةٍ للمثقفين والمبدعين والباحثين من جهة، وللجمهور الواسع من جهة أخرى، رهان صعب، أظن أننا نجحنا فيه كفريق بالرغم من اختلاف رهانات وحساسيات وتكوين وطموح كل واحد من أعضاء الفريق.


سؤال:

7 - دكتور هل استطاع النقد السينمائي مواكبة الإنتاج السينمائي؟


جواب:

- لم نصل بعد إلى احترافية الناقد بالمعنى الذي يجعله متفرغا لذلك العمل مع استثناءات معدودة على رؤوس الأصابع، لا تستطيع تكسير القاعدة. تتفرق أدوار المهتمين بالكتابة عن السينما في المغرب بشكل وضاح، فمنهم من يمارس الكتابة لصالح الصحافة لأهداف كثيرة، ومنهم من يجعل موضوع السينما مجالا للبحث الأكاديمي والتأمل الفلسفي، ومنهم من تدخل ضمن هواياته التي تكمل شغفه السينيفيلي، ومنهم من يجعلها صكا تجاريا تجعله حاضرا في دواليب المنظومة.. وفي النهاية، هم قلة يعرفون بعضهم جيدا، يتعايشون ويتناقشون، استطاع بعضهم أن يكون داخل تنظيمات جمعوية أو سينيفيلية أو مؤسساتية، ومنهم من يقع خارجها بدعوى "الاستقلالية"، ولا يمكن، بموضوعية، تجاهل مجهوداتهم باستثناء المتسلطين على المجال من أولئك الذين لم يفهموا بأن الأشياء لا تقع خارج التاريخ، وأن من لم يتدرج في إتيان الشيء وتعلمه سيظل خارجه أو سيكون وقودا سرعان ما سيتحول إلى دخان.

وعليه، فالمواكبة الفعلية حاصلة، بمعنى الحرص على التتبع والمشاهدة، لكن الكتابة حولها تظل لدى الكثير من الأقلام الجادة مسؤولية، فحين يكتب النقاد الحقيقيون يعني أنهم اختاروا، والاختيار مسؤولية تقع خارج حسابات التكتلات والانتماءات والتوصيات وغيرها.


سؤال:

8- كيف يرى الناقد دور الجوائز في الإبداع بشكل عام؟ وما هو تقييمكم لها؟ وهل هناك إنصاف من وجهة نظركم طبعا؟ وهل الجوائز في رأيكم كافية لتتويج المسيرة الإبداعية؟


جواب:

- لم أفكر يوما في إعداد كتاب معين قصد الترشح لجائزة من الجوائز نظرا لإيماني الشديد بأن الكتابة مسؤولية ذاتية قد لا تتناسب ظروف إنتاجها مع مواقيت ومواعيد الجوائز التي صارت لها أجندة شبيهة بمباريات كرة القدم، وصارت الأهداف الإيديولوجية – غير الأدبية - لبعضها واضحة، منها ما لا يخدم الأدب في شيء، فضلا عن أن ملابسات الموضوعية تلاحق الكثير منها.. ولكن هذا لا يمنع من كونها محفزة على الإبداع، ومشجعة على الإنتاج، وقد يكون لها دور – لو كانت لها استراتيجية أدبية فنية - في ترويج الكتاب الإبداعي والأدبي عموما.


سؤال:

9- أستاذي الفاضل لكم إصدارات عديدة في مجال القصة. أين يقف القاص المغربي اليوم عربيا؟ وكيف ترون العلاقة بين المبدع المغربي والنقد؟


جواب:

- يصعب تلخيص هذا السؤال المركب الذي يُتَاخِم حدود التماس بين النقد والإبداع، لكن المقاربة في نظري تبدأ من نسيان النقد والانخراط في العملية الإبداعية التي تتطلب تحقق لحظات من الصفاء تساعد على الإتيان بنص إبداعي جديد إلى الوجود، يتحقق فيه تجاوز ما سبق ولو بجرعات طفيفة، سرعان ما تتوافق ظروف التلقي لتجعله محفوظا ومتداولا مع مرور الوقت. بمعنى أن القراءة، أقصد إقبال القراء على النصوص الإبداعية، أهم من القراءات النقدية؛ لأنها ترفع من انتعاش النص. أعتقد أن حيزا مهما من النقاش يدخل على المحك فيما يخص العلاقة بين العمل الإبداعي والمقروئية إذا ما نظرنا إلى علاقة النص بالناقد بوصفه قارئا محترفا، ستدفعه قراءته إلى إنتاج نص حول المقروء، والقارئ العادي، بوصفه قارئا متذوقا، ستقوده قراءته إلى المتعة في حد ذاتها. قد يرفض منظرو نظرية الإبداع التمييز بين الخلق والحفظ هاته، ولكنها محاولة تنسب الامتياز لكل طرف وفق غايته.

وعليه، فموقع القاص المغربي، عربيا، متميز لأنه يضيف إلى إبداعية القصة، ويرفع من منسوب التذوق القصصي، والدليل أن دُورَ نشرٍ كبرى تحتضن النصوص القصصي المغربية بما فيها المغامرة أو المغالية في التجريب، وإن كانت المتابعات النقدية شبه مفقودة للأسف.


سؤال:

10- ما علاقة محمد اشويكة القاص والمبدع بمجتمعه المغربي وبقضاياه على اختلافها وتشعبها؟


جواب:

- علاقتي مزدوجة بالمحيط الذي أعيش فيه، منغمس فيه حتى النخاع، ومبتعد عنه بما يتطلبه فعل الكتابة والإبداع والنقد والتأمل، لقد صارت علاقاتي – خارج ما هو مِهَنِي وإنساني - تتقلص باستمرار، فهناك ملفات كثيرة تحتاج إلى مواجهة. أظن أن ممارسة الكتابة في خضم مجتمع مركب مثل مجتمعنا، وفي ظل ظروف عالمية مضطربة، تغري كثيرا بإحداث قطائع قصوى، وهو الأمر الذي يستدعي القدرة على خلق لحظات الكشف والانكشاف والاكتشاف، فالتغير السريع للقيم يجعل البشرية تقف على مفترق الطرق ما دام الاقتراب من الهاوية مفتوح على مصراعيه. وهنا، بالضبط، تتلخص قيمة الكتابة في تحرير النفس من الارتماء في مستقبل مضطرب: جديد مشرق ومتسامح، أو رجعي قاتم ومتوحش. ومع ذلك، يقودنا التفكير إلى كشف الحقائق ولو قادنا هذا البحث إلى الوقوف على أكثرها ابتذالا؛ إذ لن يكون هناك الكثير مما يمكن كسبه من التشاؤم المروع أو التفاؤل المطمئن.


سؤال:

11 - ما الذي يؤرق الناقد؟


جواب:

- أمور كثيرة تقع في دوائر القلق النقدي، فأن تمارس النقد، معناه أن تنتج تفكيرا قادرا على مراجعة مبادئ الفكر أو تأزيمها، ومناوشة الذات باستمرار، وبما أن النقد السينمائي حيوي، يتجدد مع تطور الميكانيزم السينماتوغرافي، إنتاجا وإبداعا، فهو مُطَالَبٌ لا بالمسايرة والمواكبة فقط، بل بفهم وتفسير وتأويل التجارب السينمائية، ونقد بيئاتها الفكرية والإيديولوجية، دونما السقوط في التسرع وإرضاء العواطف التي تقع في عمق التذوق الفني بمعناه العادي. أعتقد أن الناقد الحقيقي هو مثقف بالمعنى الذي تحدث عنه إدوارد سعيد، فهو صاحب القطائع، والمراجعات غير المُهَادِنَة، لا ينتمي إلى المؤسسات كي يضمن لنفسه هوامش الحرية، رُوحُهُ تمزيقية بالمعنى الذي أضفاه الروائي الروسي "تورغينيـﭫ" في روايته "الآباء والبنون" عن شخصية "بازاروﭫ"، فلا ضرورة من الصدام الفني والفكري الذي من المحتمل أن يفضي إلى إحداث مشاكل مع المؤسسات والأشخاص، وذلك ما نعيشه بالفعل في أوساطنا. تصعب مهمة الناقد، اليوم، بالنظر إلى كمية الأفلام الصادرة في شتى أنحاء المعمور، وتصاعد تدخلات الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل الإبداع السينمائي، ولكن الناقد المطلع على المرجعيات المُؤَسِّسَة للإبداع السينمائي، والمدارس والتيارات والاتجاهات والنظريات السينمائية والفنية يظل يقظا ومجددا، عسى أن نتجاوز الغرق في الرداءات التي صارت تطوقنا وتؤرقنا.


سؤال:

12- لكم كتاب مشترك سنة 2020 حول "صورة المرأة في السينما العربية"؟ هل لكم أن تحدثونا عن هذه التجربة؟


جواب:

- يظل مجال الدراسات السينمائية النسوية (Feminism studies cinematography) محصورا في بلداننا العربية بشكل ملحوظ، ومرد ذلك إلى بنية التفكير في موضوعة المرأة، والنظر إلى كينونة المرأة، وما شملته من منظومات ذهنية بالغة الاشتباك والتعقيد، لكن السينما بوصفها فنا يفكك بنيات المجتمع عن طريق التصوير، استطاع أن يقرب صورها السلبية والإيجابية من الناس. نتحدث هنا عن هذا النوع من الدراسات التي تتراوح بين العامة والمتخصصة، ونحن نشير إلى أن الخطابات الثقافية النقدية النسوية، مدعومة بالرصيد النضالي الذي راكمته الحركة النسوية في شقها الاجتماعي والسياسي، قد شكلت بشكل حاسم صعود الدراسات السينمائية الأنجلو أمريكية في سبعينيات القرن المنصرم. في المقابل، يوفر هذا الكتاب، وسابقيه مما أصدره مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة بمصر، وترجم المهرجان الدولي لفيلم المرأة بمدينة سلا المغربية جزءه الأخير، دراسات فيلمية مهمة، وأرضية خصبة لبسط بعض ملامح الدراسات السينمائية النسوية تتجذر في الدرس الأكاديمي خارج أي تسييس. أعتقد أن كتبا كهذه من شأنها أن تشكل منعطفا أساسيا لتقريب الرؤى الخاصة والمتخصصة حول النقاشات النظرية حول التمثيل والمشاهدة والاختلاف الجنسي كي يتم استثمارها على مستوى التأثير الثقافي، خاصة وأنها تركز، أيضا، وبشكل مزدوج على النقد والإنتاج الثقافي.


شكرا لكم مرة أخرى أستاذي الفاضل.




 

الأديبة المغربية/ أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد" (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 26: مع الأديب مجدي شلبي (مصر)


الأديبة المغربية/ أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد" (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 26: مع الأديب مجدي شلبي (مصر).
الأديبة المغربية/ أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد" (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 26: مع الأديب مجدي شلبي (مصر).


السلام عليكم أستاذي الفاضل. 

أولا، أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي.


ليكن أول سؤال: 

1ـ- من هو مجدي شلبي؟


جواب:

(*) مجدي شلبي أديب مصري (عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر 

ــ عضو أتيليه المنصورة للفنون والآداب 

ــ عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب 

ــ عضو اتحاد المدونين العرب 

ــ مؤسس وعضو نادي أدب منية النصر)، من مواليد مدينة منية النصر محافظة الدقهلية عام 1954م، تعددت المجالات الأدبية التي كتبت فيها (شعر ــ قصة ــ مقال ــ نقد وأبحاث أدبية)، ابتكرت المقال المقامي والقصة الومضة وأنشأت الرابطة العربية للومضة القصصية عام 2013م لتشجيع الكتاب على تجريب الكتابة في هذا الفن الأدبي المبتكر، وأسست ناديا أدبيا في قصر ثقافة بلدي (منية النصر) عام 2019م، ثم تمكنت من الحصول على اعتماده الرسمي من الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة عام 2021م.

وفضلا عما ذكرته هنا، وما حوته سيرتي الذاتية؛ هناك جوانب إنسانية عرضتها في شهادتي التي نُشرت عام 2017 في كتاب مؤتمر إقليم شرق الدلتا الثقافي؛ بعنوان (نقوش على جدار الذاكرة)، وأسعى حاليا لإتمام تدوين مذكراتي بأريحية، تتيح للقارئ الاطلاع على الإجابة التفصيلية عن السؤال المطروح: من هو مجدي شلبي؟.   


سؤال:

2 - صدر لكم حتى الآن 15 كتاباً في فنون أدبية مختلفة: 

لهذا وجب التنبيه/ كلام والسلام/ كلمه في سرك/ الرقص على سلم الصحافة/ أسئلة ساذجة/ من مذكرات زوج مخلوع/ رباعيات مجدي شلبي/ كلام مربع/ زواج على صفيح ساخن/ حُمرة خجل/ أصل و100 صورة/ غروب/ المزلقان/ دموع وشموع/ شلبيات .

ولكم تحت الطبع 12 كتابا آخر:

شيزوفرينيا (ومضات قصصية)/ ثلاث مجموعات قصصية بعنوان: (حارة حرنكش) و(حبيبها) و(هي و المستحيل)/ عزف منفرد (شعر)/ أبيض وأسود (رباعيات)/ خطوط متقاطعة (رباعيات)/ مقاربات شعرية بين فحول الشعراء العرب (أبحاث أدبية)/ الآراء اللغوية في المختلف عليه من الألفاظ العربية (أبحاث أدبية)/ ببليوجرافيا القصة العربية (بحث أدبي)/ مختارات مجدي شلبي في الفنون الأدبية العشرة/ نقوش على جدار الذاكرة (سيرة ذاتية)...


هل لكم أن تحدثونا عن العراقيل والصعاب التي تواجه المبدع على طريق وصول إبداعه إلى القارئ؟ وكيف يواصل المبدع الكتابة في ظل كل هذه العراقيل؟


جواب:

(*) إن نشر الإبداع ليصبح في متناول الجميع؛ يمر بالعديد من العراقيل والمآزق، بداية من مشكلة الإبداع ذاته، حيث ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الغث والسمين بلا تفريق ولا تمييز، وأصبح السطو على أفكار المبدعين الحقيقيين، بل وسرقة نصوصهم ذاتها؛ يشكل ظاهرة تستوجب الوقوف حيالها، ووضع الحلول الناجعة لها.

ثم تأتي مشكلة النشر الورقي، والتي تمثل العقبة الكؤود أمام المبدع ــ خصوصا إذا لم يكن من المشاهير ــ حيث يتحمل تكلفة طباعة كتبه دون انتظار لأي حقوق لدى الناشر، فضلا عن ظاهرة العزوف عن القراءة، وتراجع المبيعات في معارض الكتب، إلى حد اكتفاء كثير من دور النشر بتنظيم (حفل توقيع) شكلي أشبه بسرادق محدود؛ يتلقى فيه المبدع واجب العزاء في إبداعه المسجى على أرفف المعرض!، ثم بعد انتهاء تلك (المراسم)؛ يحمل كتبه ليوزعها مجانا على الأصدقاء والأقارب، في مشهد يثير الشفقة عليه، وهو  يتسول منهم الإعجاب، بعد أن عاد من معرض الكتاب بخفي حنين خالي الوفاض!.


سؤال:

3 - أستاذي الفاضل الكثير من الأقلام تناولت ما كتبتم بالدراسة والنقد نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: دكتور/ السيد نجم (مصر) ـ أ/ حميد ركاطة (المغرب) ـ أ/ قاسم مسعد عليوة (مصر) ـ أ/ أبو إسماعيل أعبو (المغرب) ـ أ/ محمود الديداموني (مصر) ـ أ/ عبد الرحمن البجاوي (مصر) ـ دكتور/ أحمد الصغير المراغي (مصر) ـ دكتورة/ حورية البدري (مصر) ـ أ / سعدون جبار البيضاني (العراق) ـ دكتور/ موسى نجيب موسى (مصر) ـ دكتورة/ هداية مرزق (الجزائر) ـ أ / سيد طوفان (مصر) ـ أ / نادية كيلاني (مصر) ـ دكتور/ محمد هندي (مصر) ـ أ/ محمود قنديل (مصر) ـ أ / إبراهيم حمزة (مصر) ـ أ / أمل جمال (مصر) ـ أ / غاندي يوسف (سوريا) ـ أ / فاتن شوقي (مصر) ـ أ / محمد لفطيسي (المغرب) ـ أ / فهمي إبراهيم (مصر) ـ أ / صلاح الدين سر الختم (السودان) ـ

سؤال: هل يمكن القول أن النقد أنصفكم؟ أم أن هناك أشياء لا يزال الأديب ينتظر أن يلتفت إليها النقد؟.


جواب:

(*) لا شك أن ما تكرم به الإخوة النقاد من عرض لرؤاهم فيما كتبت؛ كان أمرا مشجعا ومحفزا لمزيد من الإبداع، أما بشأن الفنون الأدبية التي ابتكرتها ــ خصوصا القصة الومضة ــ فمازال بعض النقاد يراوحون مكانهم بشأن علاقتها بالقصة القصيرة جدا، بل ويعتبرونهما فنا أدبيا واحدا!، دون أن يجهدوا أنفسهم بالبحث في آلاف النصوص التطبيقية والرؤى النقدية، التي عرضتها في موسوعة (كنوز القصة الومضة) بأقلام أعضاء رابطتنا العربية للومضة القصصية، التي توضح بجلاء استقلالية وتفرد وتميز القصة الومضة عن غيرها من الفنون الأدبية، وبخاصة القصة القصيرة جدا، وقد ساهم المبدعون منهم ــ كتابا ونقادا ــ في إرساء دعائم وليدنا الأدبي المبتكر، وإثبات ريادتنا فيه، وحرصنا على الزود عنه، والارتقاء به.


سؤال:    

4 - كيف يمكن تصنيف المشهد الثقافي في مصر مقارنة بباقي الدول العربية الأخرى؟


جواب:

(*) يرتبط المشهد الثقافي في مصر ــ شأنه شأن المشهد الثقافي في أي قطر من أقطار العالم ــ بما يكتسبه المواطن من معارف وعقائد وقيم ومثل وعادات ومهارات مكتسبة إما بالتعلم المقصود، أو العرضي من خلال التفاعل مع أفراد المجتمع.

ونظرا لتشابه المجتمعات العربية في تلك الأمور الاجتماعية والمعارفية والعقائدية؛ لا نجد اختلافا كبيرا بين الدول العربية وبعضها في هذا الشأن.

ويمكن توصيف المشهد الثقافي العام بأنه منعوت بالتحزب والانقسام بين المتشبثين بالماضي والتعلق بالتراث، وبين الساعين للتحرر والانطلاق نحو المستقبل، ومن هنا تصل الضغوط المتحكمة في توليد الخلاف في الرؤى والأفكار والمواقف والقناعات إلى حد الصراع المحتدم بين القديم والحديث!، ومن ثم أضحينا في حاجة ماسة الآن ــ أكثر من أي وقت آخر ــ لتفعيل فكرة التكامل الثقافي بين الماضي والحاضر، بين الأصالة والمعاصرة، ولا شك أن ما قمت به ــ وقام به غيري أيضا ــ من مزاوجات بين أجناس أدبية تراثية وأجناس أدبية حداثية؛ هو لبنة من لبنات ذلك البناء التكاملي المنشود، الذي يعتبر بمثابة حائط صد في مواجهة التطرف الفكري الحاصل في المشهد الثقافي العربي بشكل عام.  


سؤال:

5 - كيف يرى الأديب مجدي شلبي تأثير العولمة على الثقافة عموما وعلى الأدب العربي خصوصا؟ 


جواب:

(*) إذا كان البعض يرى في العولة خطرا داهما على هويتنا العربية، بزعم فرضها الهيمنة على العقول وسعيها لفرض ثقافة أحادية؛ فإنني أرى أن العولمة ــ في الأساس ــ هي فكرة تكاملية لا ينبغي تحديها ومقاومتها، بل يجب علينا الاستفادة منها، سعيا وراء مواكبة التطور الذي وصل إليه العالم الغربي، والتبادل المعرفي من خلال التكنولوجيا الحديثة، وما تتيحه للمثقفين عموما، والأدباء والنقاد على وجه الخصوص، من وصول إبداعاتهم إلى العالم، واطلاع النقاد على المدارس النقدية المختلفة للاستفادة منها، والبناء عليها، وكفانا انكفاء على أنفسنا وتمحورا حول الذات، وانزواء عن العالم (وكأنه بعبع مخيف)، فالتطور حادث حتما ــ شئنا أم أبينا ــ وهو سنة من سنن الحياة التي سنها الله جل في علاه. 


سؤال:

6 ــ ما هي الرهانات التي يراهن عليها النقد العربي في ظل الحداثة؟  


جواب:

(*) إن أهم الرهانات التي يجب أن يراهن عليها النقد العربي المعاصر؛ التمييز بين الحداثة المزيفة التي تسعى للتغيير من أجل التغيير فقط، وبين الحداثة الرائدة الساعية للتطور، وألا يتم النظر للأدب الحديث على أنه خير كله لكونه كسر التابوه التقليدي القديم فقط، كما لا ينبغي تقديس الأدب التقليدي واعتبار الحداثة بالنسبة له شيطان رجيم، يجب رجمه والاستعاذة منه!.  

إن حداثة الإبداع، يجب أن يواكبها حداثة النقد؛ فقد قيل أن (النقد) "كلام في الأدب، مصوغ بلغة الأدب". وليس بلغة المستعلي عليه، والرافض له، والمستعيذ منه.


سؤال:

7 - ماهي علاقة القاص والأديب مجدي شلبي بوطنه العربي والمصري على وجه الخصوص وبقضاياه على اختلافها وتشعبها؟


جواب:

(*) بديهي أن علاقة الإنسان بوطنه تبدأ منذ الولادة، وهي علاقة بنوة ممتدة من الأسرة، إلى الوطن الأم، وغني عن القول أن لا أحد في الدنيا يكره أمه؛ فحبه لها كحبه للوطن؛ فتلك فِطْرة في داخل الإنسان، يصدق فيها بيت الحكمة:

بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة *** وأهلي وإن ضنوا عليَّ كرام.

ولأن الحديث عن علاقتي بالوطن جاء في سنوات متأخرة من عمري؛ أعود بالذاكرة إلى الوراء أكثر من نصف قرن؛ فأذكر شغفي الكبير ــ في مرحلة الصبا ــ بالتواصل مع أصدقاء كثر في دول عربية من خلال المراسلة البريدية، والمدهش أن أكثر أصدقاء المراسلة وقتها كانوا من المغرب الشقيق، وأبرز الأسماء التي مازالت عالقة في الذهن: الرامي لحسن وعلال اكريول وغيرهم ممن لم تسعفني الذاكرة بأسمائهم.

ثم ــ في مرحلة تالية من العمر ــ انتقلت إلى العلاقة الصحفية؛ حيث تعرفت على عديد من كبار الكتاب الصحفيين المصريين والعرب، من خلال ما كان يُنشر لي في الصحف المصرية والعربية، وتوجت تلك المرحلة بما كتبه بعض هؤلاء الكتاب مشيدين بأسلوبي في الكتابة الصحفية.

ومن الصحافة إلى الأدب، حيث امتدت مسيرتي الإبداعية فيه لأكثر من عشرين عاما، أنتجت خلالها عشرات الكتب، والتي تناولها بالنقد والتحليل بعض كبار الكتاب والنقاد المصريين والعرب، ولكون الإبداع الأدبي يأتي انعكاسا لواقع المجتمع؛ فقد جاءت كتاباتي معبرة عن قضاياه الاجتماعية المختلفة والمتشعبة. ثم انطلقت نحو ابتكارات أدبية: (المقال المقامي) ثم (القصة الومضة)؛ فأنشأت (الرابطة العربية للومضة القصصية) عام 2013م؛ تلك الرابطة التي كان لها الفضل الأكبر في علاقاتي بكبار الكتاب والنقاد المصريين والعرب، وهي علاقة كان لها الدور الكبير في إرساء دعائم منجزي الابتكاري، وانتشاره.


سؤال:

8 – كيف تقيمون حضور المرأة المصرية  والعربية في المشهد الثقافي المصري والعربي؟


جواب:

(*) المشهد الثقافي مشهد إنساني عام، لا أرى أن يتم تقسيمه إلى مشهد ذكوري ومشهد نسائي، أو مشهد مصري ومشهد عربي؛ فالمرأة العربية تثبت وجودها جنبا إلى جنب مع الرجل، فإذا ما أخذنا مثالا لها في مجال الأدب؛ وجدنا الأديبة الكويتية أ/ شمسه العنزي التي لم تكتف بإبداعاتها الأدبية، بل أنشأت (واحة للأدب)، نظمت من خلالها مسابقات فصلية في مجالات القصة القصيرة والقصيرة جدا، واستقدمت كبار النقاد للتحكيم فيها، ومنحت الفائزين الجوائز وشهادات التقدير، وأصدرت على نفقتها سلسلة كتب (الفائزون) التي تضم النصوص الفائزة والرؤى النقدية، بهدف تشجيع الكتاب العرب، وحثهم على مزيد من الإبداع والتميز، وقد شرفت بالعمل منسقا عاما لهذه المسابقات.

ولتوضيح عمومية المشهد الثقافي والأدبي دون تخصيص؛ أشير إلى ماقدمه الأديب المصري أ/ صلاح هلال، الذي لم يكتف أيضا بإبداعاته الأدبية، بل ينظم مسابقة سنوية في القصة القصيرة تحمل اسمه، ويستقدم كبار النقاد للتحكيم فيها، ويمنح الفائزين جوائز مادية وشهادات تقدير ويطبع على نفقته الخاصة مجلة سنوية بعنوان (المبدعون)، ينشر فيها النصوص الفائزة، وقد شرفت بالعمل منسقا عاما لهذه المسابقة الأدبية خلال سنوات ماضية. 

لقد أشرت لموذجين إيجابيين يؤكدان حقيقة أن "النجاح لا يكون بما تحققه لنفسك فقط؛ بل ما تحققه للآخرين أيضا". حرصا مني على النظر (لاثنين في المليون) من كوب المشهد الثقافي والأدبي، الملآن حقدا وغيرة، وأنانية واستعلاء!. 


سؤال:

9 – أستاذي الكريم نظرا لاهتمامكم الكبير بالإبداع والمبدعين، علمنا أنكم أنشأتم عددا من المواقع الالكترونية تحت عنوان (موقع لكل أديب)؛ ألا تحدثنا عن هذا المشروع الأدبي الرائد؟ 


جواب:

(*) لقد أنشأت عام 2006م أكثر من 30 موقعا لعشرات الأدباء ضمن مشروع طموح (موقع لكل أديب)، نشرت من خلال كل موقع التعريف بالأديب ونماذج من إبداعاته، وكانت هذه المواقع هي النافذة الوحيدة الالكترونية التي يطل هؤلاء الأدباء من خلالها على العالم، قبل أن يبدأ استخدام الفيسبوك العربي في مصر بدايات 2008م، ولكون موقع التواصل الاجتماعي أكثر قدرة على الانتشار وسرعة في التفاعل؛ توقف مشروعي الأدبي، الذي يضاف إلى تاريخ مسيرة العطاء التي أفخر بها وأعتز.


سؤال:

10 - لقد تم تكريمكم بالعديد من الشهادات التقديرية نذكر منها:

ـــ شهادة تقدير من مكتبة مبارك بالمنصورة 

ـــ شهادة تقدير من مهرجان شعر العامية بأشمون منوفية 

ـــ شهادة تقدير من منتدى عاطف الجندي الأدبي 

ـــ شهادة تقدير من مؤسسة عبد القادر الحسيني الثقافية 

ـــ شهادة تقدير من مؤسسة الشاعرة دلال كمال راضي الثقافية 

ـــ شهادة تقدير من كلية التربية النوعية بمنية النصر 

ـــ شهادة تقدير من مركز شباب الرياض المطور 

ـــ شهادة تقدير من مسابقة صلاح هلال في القصة القصيرة

ـــ درع تكريم من نادي الأدب المركزي بشبين الكوم منوفية 

ـــ شهادة تقدير من إقليم شرق الدلتا الثقافي 

ـــ درع الهيئة العامة لقصور الثقافة لعام 2017

.....

حدثنا عن وقع التكريمات على المبدع وهل تكون حافزا للمزيد من العطاء وهل تعتبر كافية لتتويج المسيرة الإبداعية والنقدية للأديب؟


جواب:

(*) هناك ثمة علاقة بين (ضرورة) التكريم وبين (ضرره) على الإبداع والمبدعين؛ فإذا مُنح التكريم كيفما اتفق ــ لكل من هب ودب ــ من باب المجاملة فهو تبديد لقيمة التكريم وإهدار لقيمة الأدب، وضار بمصداقية المانح والممنوح له؛ لكونه يدخل من باب الغش، الذي يقدح ولا يمدح، يخزي ولا يكرم، يهين ولا يعظم!. 

أما إذا جاء التكريم المستحق بهدف دعم المبدع وتشجيعه وحثه على مزيد من العطاء، وجعله في حالة حرص دائم لتقديم أفضل ما لديه؛ فبها ونعمت، وهو بهذا تكريم يصب في النهاية في مصلحة الأدب. 

وأرى أنه في هذه الحالة لا يكفي التتويج المعنوى والتكريم بشهادات تقدير ورقية، أو (دروع) نحاسية لا تقي المبدع من ضائقة وبائقة الاحتياج المادي لمواجهة أعباء الحياة!؛ لهذا يجب أن يعنى المانحون بهذا الجانب الإنساني للأدباء، وأن يستبدلوا أوراق البنكنوت بأوراق تلك الشهادات، والدروع الفلوسية بالدروع النحاسية (النحسية)!.


سؤال:

11 - أستاذي الفاضل ما هو المشروع الإبداعي أو النقدي الذي يشغل  بالكم؟ لكم الكلمة.


جواب:

(*) هو ليس مشروعا أدبيا واحدا؛ بل هو عدة مشاريع: فبعد ابتكاري لفني (المقال المقامي) و(القصة الومضة):

1ــ عمدت لعقد حوارات افتراضية بين فحول الشعراء العرب من عصور مختلفة، من خلال مقاربات شعرية بينهم حول موضوعات محددة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه (سوق عكاظ افتراضي)، وقد أنجزت أكثر من مئة مقاربة شعرية، استضفت فيها (افتراضيا) 322 شاعرا من تسعة عصور مختلفة، وأسعى حاليا لإجراء المزيد من تلك المقاربات الشعرية.

2 ــ مشروع بحثي خاص باللغة العربية، حيث عمدت للقيام بالكشف عن معاني الألفاظ المختلف عليها، من خلال عرض نتائج أبحاثي في تلك الألفاظ المتشابهة، وبيان الفارق بينها، وقد أنجزت أكثر من سبعين بحثا لغويا فيها، وأسعى لإجراء المزيد بإذن الله.

3 ــ مشروع (ببليوجرافيا رواد القصة العربية): وأسعى من خلاله لحصر وتوثيق أسماء الرواد الأوائل في كتابة القصة العربية على مستوى وطننا العربي الكبير، وعناوين إصدارات كل منهم، وقد أنجزت بعض ما أهدف إليه، وأسعى حاليا لاستكمال هذا المشروع الوثائقي المهم.


سؤال:

12 - قد يكون هناك سؤال أو أكثر تودون الخوض فيه والإجابة عنه، ولكنني لم أتطرق له، أرجو أن تضعوا السؤال وتتفضلوا بالإجابة عنه؟


جواب:

(*) أرى أن هناك سؤالا مهما يتعلق بالنقد أعرضه هنا: 


سؤال:

13 --  إذا كان (النقد الأدبي) معناه: الكشف عن مواطن الجمال أو القبح، من خلال الأساليب المتَّبعة لفحص الأعمال الأدبية، طبقا لرؤية الناقد وفكره؛ فماذا يعنى (نقد النقد) وما أهميته؟


جواب:

(*) قبل الولوج لمفهوم (نقد النقد) من خلال البعد الإبستيمولوجي بما يعنيه المصطلح الفلسفي هنا، من بحث في نِطاقِ النقد، ومدى ارتباطه بِمختلف المفاهيم المعرفية كالحقيقة والاعتقاد والتبرير، باتباع رؤية نقدية للنقد ذاته؛ وجب توضيح معنى (نقد النقد) بذكر بعض مرادفاته: (قول على قول)، ومن ثم إذا كان (النقد) يعتمد آلية تفكيك النص؛ فـ(نقد النقد) يعتمد آلية تفكيك (النقد) ذاته، من خلال البحث في أدواته، والقراءة فيه، والتعقيب عليه، وهو ما يحد من السلطة الوحيدة المسيطرة للنقد، ويجعل هناك سلطة أخرى تفنده وتعمل على التحليل له، والتنظير فيه، ومراجعة مصطلحاته، وبنيته التفسيرية، وأدواته الإجرائية...

وهكذا يصبح النقد نفسه موضوعا للتفكير وتنمية الوعي، وإثراء الحياة الأدبية بفن يعمل على تطوير البعد النقدي، ومحاولة إبعاده عما يشوبه ـ في أحيان كثيرة ـ من مآخذ وسلبيات، أضحت تمثل ظاهرة، وجب الإسراع لمواجهتها من خلال (نقد النقد) دون إبطاء أو تسويف.


شكرا لكم أستاذي الفاضل، وفقكم الله في مسيرتكم الابداعية والابتكارية.


(*) الشكر موصول لكم على هذه الاستضافة الكريمة، متمنيا لكم دوام التوفيق والتقدم والارتقاء.