Articles by "حوارات ثقافية"
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوارات ثقافية. إظهار كافة الرسائل

 

ذة. أمنة برواضي في حوار "مع الناقد "(أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 17 مع الأستاذ الباحث محمد امحيندات.


ذة. أمنة برواضي في حوار "مع الناقد "(أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 17 مع الأستاذ الباحث محمد امحيندات.
ذة. أمنة برواضي في حوار "مع الناقد "(أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 17 مع الأستاذ الباحث محمد امحيندات.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أولا أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي

 ليكن أول سؤال:


 - 1: من هو محمد امحيندات؟ 


جواب:

- الشكر موجه لكم أستاذة أمنة على مجهوداتكم النيرة للإعلاء من شأن الثقافة والإبداع في عصر عمت فيه التفاهة، وتفشى فيه الخمول والكسل. 

محمد امحيندات شخص  شغوف بالأدب، ومتعطش للإبداع منذ نعومة أظافره، ولدت في مدينة صغيرة اسمها أكنول شرق المغرب عام 1996، فيها نشأت وتربيت على التأمل في جبالها الراسية وطبيعتها الخلابة الساحرة.

 حاصل على شهادة الماستر في السميولسانيات وتحليل الخطاب وباحث بسلك الدكتوراه تخصص اللسانيات العربية المقارنة. 

أعمل أستاذا للغة العربية للناطقين بغيرها في المعهد العربي الأمريكي للدراسات اللغوية بمدينة مكناس. مهتم بكتابة الشعر ، وفائز بالعديد من المسابقات الوطنية والدولية، ومشارك في العديد من الأمسيات والمحافل الشعرية الوطنية والدولية، ولي مخطوط ديوان جاهز للطبع.  

 

سؤال: 

2 - صحيح لا زلت في أول الطريق لكن خطواتك ثابتة، وهناك عزيمة قوية ماذا يمكنك أن تقول لنا عن مسيرتك الإبداعية؟


جواب:

- صراحة الحديث عن مسيرتي المتواضعة جدا يجعلني أستحضر تلك الدهشة الأولى التي طالما اعترتني وأنا أنظر لكل ما يحيط بي بعين منفلتة صوب الطبيعة والوجود، أجدني حائرا في أحايين كثيرة وتائها تارة ثانية، تربيت في محيط شبه منعزل جعلني مهووسا بالطبيعة والوجود مرفوقا بالصمت التام، كانت هذه البواعث الأولى التي اكتشفت عبرها دهشتي الأولى، بعدها تحولت النظرة المرفوقة بالصمت إلى محاولات أولى أعبر بها عن ما يختلج دواخلي، ويكسر صمتي الدفين الذي طالما كان مرافقي وأنيس وحدتي الأول. 

هناك وجدت ذاتي المنفلتة من العالم الكائن إلى العالم الممكن، ركزت بعدها على إخراج ما يكنته دواخلي للوجود في أسطر مشتتة تحتاج إعادة الترتيب والصقل، جاءت بعدها مرحلة تحول آخر كان فيها لسلطة اللغة نصيب الأسد، ولعلها ليومنا هذا هي التي تعبر عن ما تسمح به حدودها، أما نصيب الصمت فقد تركت فراغه للآخر ليسهم بدوره في إتمامه. هذه هي تجربتي باختصار. 


سؤال:

 3 - لا زلتم في بداية مشواركم الإبداعي، وقد كلل بعدة نجاحات. ترى هل واجهتكم صعوبات وعراقيل؟


جواب: 

- إن أعظم صعوبة قد تواجه أي شخص بدأ في بناء مشواره الإبداعي هي خيبات الأمل التي يتلقاها من قارئ لا يعطي للنص نصيبه من الاهتمام، وكلنا ندرك مكانة الشعر بين الأمس واليوم في ظل الثورة الرقمية التي أشعلت فتيل الكسل فينا وقتلت فينا حاسة التذوق الذي ارتبط بالأسماء أكثر من النص للأسف. فضلا عن عدم إتاحة فرص حقيقية للشباب المبدع ليبصم بصمته في محيطه الاجتماعي، ويصقل تجربته الإبداعية ويطورها. لذلك، أجد أن الشعراء الشباب لم تتح لهم الفرص الكافية للتعبير عن ما يكتنه دواخلهم، ولإبراز ما تجود به قريحتهم، وهذا يعود بطبيعة الحال للقارئ أولا الذي يجب ألا يقتصر، في نظري، على أمجاد الماضي وأن ينفتح على المستقبل الإبداعي الذي يبصمه الكثير من الشعراء الشباب الذين يعملون جاهدا على تطوير أنفسهم، ولا يمكن أن نتحدث عن التطور من دون تلقي.


سؤال:

 4 - لكم حضور في الساحة الثقافية وعضو بمجموعة من المواقع الالكترونية: - مدير نشر مجلة امتداد للثقافة والفن بمدينة تازة المغرب. - عضو بمبادرة غلمان الأدب المصرية، صنف الشعر (مصر). - عضو بالرابطة الموريتانية للأدب والثقافة (موريتانيا). - عضو بأكاديمية الفينيق للأدب العربي (الأردن). - عضو بالعديد من المدونات الإلكترونية الثقافية الوطنية والدولية. كيف يمكن التوفيق بين التحضير لرسالة الدكتوراه، وما تشرفون عليه من خلال عضويتكم في العديد من المدونات السالفة الذكر وبين الإبداع ؟


جواب:

- صراحة هذا يطرح تحديا حقيقيا بالفعل، أول تحدٍ هو تخصصي العلمي الدقيق والبعيد كل البعد عن مساري الإبداعي الذي يجعلني دوما بين مطرقة لغة إبداعية منسابة وسندان لغة تقنية علمية دقيقة.  أضف إلى ذلك تحدي الموازنة بين العمل والإبداع. لكن بالرغم من كل ما سلف ذكره أجد دوما في الإبداع ذلك الملاذ الآمن الذي يأخذني من عالم ضغوطات الحياة وهمومها إلى عالم رحب يتجاوز ما هو كائن إلى ما هو ممكن.  


سؤال : 

5 - سؤال مرتبط بما سبق، ماذا تضيف لكم العضوية في مثل هذه المدونات الإلكترونية؟ 


جواب:

- أكيد، فهي تجعلني أنفتح على أصوات شعرية بارزة في الوطن العربي، فضلا عن إتاحة فرص ثمينة لتطوير كتابتي والاستفادة من آراء ونصائح شعراء كبار لهم تجربة مميزة ومسار إبداعي حافل، كل هذا يحفزني على تطوير نفسي وقدراتي والاستفادة من ملاحظاتهم ونصائحهم التي تسهم في تطوير مساري الإبداعي للأحسن. 


سؤال:

 6 - أستاذي الفاضل أحرزت أعمالكم الإبداعية على مراتب مشرفة:

 - المرتبة الأولى في المسابقة الوطنية "شغف الكتابة" صنف الشعر المنظمة من قبل "جمعية رواد للتغيير للتنمية والثقافة" في إطار النسخة الثانية للمعرض الجهوي للكتاب المستعمل، بدعم من وزارة الثقافة وبشراكة مع جماعة وجدة، سنة 2021.

 - فائز بالمرتبة الأولى في المسابقة الأدبية الوطنية التي قام بتنظيمها "منتدى الإبداع" بالمغرب صنف الشعر سنة 2021. 

- فائز بالمرتبة الأولى في المسابقة الشعرية الدولية "دروب القلم" المنظمة في باريس من طرف المجمع الدولي للآداب والفنون البصرية والمنظمة الدولية للثقافة والتنمية وحوار الحضارات سنة 2021.

 - فائز بالرتبة الثالثة في المسابقة الدولية الشعرية الشبابية العربية المنظمة في تونس من قبل المركب الثقافي محمد الجموسي والمقهى الأدبي عبد الرزاق نزار. سنة 2021. 

- مؤهل للقائمة الطويلة للمسابقة الشعرية الدولية "تلك الأشعار" المنظمة في الصين من طرف موقع تلك الكتب. سنة 2021.

 - فائز بالمرتبة الأولى في المسابقة الشعرية "تجارب شعرية"، المنظمة من طرف المديرية الإقليمية للثقافة بتازة، سنة 2023.

 سؤال : حدثنا عن وقع هذا الفوز؟ وكيف يكون شعوركم وأنتم ترون ثمار مجهوداتكم؟ وهل لهذا الفوز دافع للمزيد من العطاء؟ 


جواب:

- أولا، المشاركة في المسابقات الشعرية تجعلك تكتشف ذاتك من جديد، وتعرف قيمة ما تقدمه للساحة الإبداعية، بالإضافة إلى الاستفادة من آراء لجان التحكيم، وملاحظاتهم التي تساعد لا محالة في التطور والتقدم للأحسن دائما. 

أكيد أن الفوز له طعم مختلف يحفزك على العمل والاجتهاد، ويطمئنك بأنك تخطو بخطوات ثابتة نحو الأحسن والأفضل، هذا يجعلك بالتأكيد تتطلع للأحسن دوما وتجتهد أكثر لتظهر في أبهى صورة مستقبلا، ولتبصم على مستقبل إبداعي واعد.

 لذلك، المسابقات تحفزني كثيرا وتطمئنني، وأيضا تحملني مسؤولية ليست باليسيرة لتطوير نفسي وكتاباتي مستقبلا.


سؤال:

 7 - هل في رأيكم الجوائز كافية لتتويج المسيرة الإبداعية والنقدية للأديب والناقد؟


جواب:

- أكيد ليست كافية؛ لأنها تعرفك بمكانتك الإبداعية في الساحة الأدبية فقط، وتفتح لك آفاقا جديدة للعمل والاجتهاد. وهذا يعني أن التتويج الحقيقي للمسيرة الإبداعية لأي شاعر أو أديب يتجلى في عمله الدؤوب على تطوير نفسه، والانفتاح على محيطه الثقافي والاجتماعي لأجل بناء تجربة مميزة تعطيه بصمة خاصة تميزه عن غيره من المبدعين. هذا هو التتويج الحقيقي في نظري.


سؤال:

8 - كيف يرى المبدع محمد امحيندات مشاركة الشباب في الحقل الثقافي؟ وهل من السهل أن يضع قدمه على الطريق الصحيح في ظل غياب النقد والتوجيه؟


جواب: 

- لقد أشرت لهذا في معرض حديثي عن التحديات التي تواجهني. صراحة أرى أن إقبال الشباب على الحقل الثقافي ممتاز، لكن المشكل الذي نواجهه هو مشكل الانفتاح؛ بمعنى، هل فعلا تتاح الفرصة لهؤلاء الشباب المقبلين على هذا العالم الرحب؟ وهل هناك فعلا امتداد لتجربتهم هذه؟ والأهم من كل هذا كله، هل هناك فعلا وعي نقدي يوجههم للطريق الذي يطمحون إلى سلكه؟ كل هذا أكيد سيكون مستحيلا من دون توجيه وإرشاد حكيم يُخلق من خلال ربط الماضي بالحاضر، وتقديم نقد بناء غير مبني على أحكام قبلية من جهة، ولا مجال فيه للمجاملة من جهة ثانية.


سؤال: 

9 - هل اهتمام الجيل الجديد بالإبداع بهذا الشكل الذي يبدو عليه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، قادر على أن يعطينا في المستقبل كتاب ونقاد يحملون على عاتقهم هم الثقافة في الوطن العربي؟ 


جواب:

- أن تحمل لواء الثقافة في الوطن العربي على عاتقك مهمة ليست باليسيرة. أكيد، هذا يحتاج لجهد وعمل وكد، وهو ما لا يتاح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في غالب الأحيان للأسف. ففي هذه المواقع يمكن للجميع أن يصبحوا مبدعين في رمشة عين؛ لأنه في نظري هذه المواقع مبنية على الإيهام والابتذال وتسود فيها العشوائية، والحال أن المبدع الحقيقي هو من يضع نفسه أمام هاجسين؛ هاجس الإبداع المبني على قوانين نقدية صارمة لا مجال لتجاوزها، وهاجس التجربة المبنية على رؤيا واضحة للقارئ والمبدع. وهذا في أغلب الأحيان لا نجده متاحا إلا لدى القليل من رواد هذه المواقع. لذلك، أرى أن مواقع التواصل تخدم المبدع الذي يكون واعيا بهذه القناعات، وإلا فلا مجال للحديث عن نهضة ثقافية حقيقية إن بقينا على هذا الحال.  


سؤال: 

10 - كيف يرى المبدع محمد امحيندات العلاقة بين المبدع العربي والنقد؟ 


جواب:

- أراها علاقة مضطربة قليلا تحتاج لإعادة النظر من جديد، كون النقد هو المحدد الرئيسي للإبداع، ومن دونه لا يمكننا أن نتحدث عن إبداع حقيقي؛ لأن الهدف الأسمى للنقد هو وضع شروط دقيقة تحدد المعنى الحقيقي للإبداع وشروطه قبل الحديث عن قراءته وتلقيه. لذلك، أرى أنه من الأهمية بمكان إعادة النظر في هذه العلاقة وأخذها بعين الاعتبار إذا أردنا بناء مستقبل إبداعي رصين.




ذة. أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد "(أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني | الحلقة 16 مع الدكتورة عبير خالد يحيي من سوريا


ذة. أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد "(أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني | الحلقة 16 مع الدكتورة عبير خالد يحيي من سوريا
ذة. أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد "(أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني | الحلقة 16 مع الدكتورة عبير خالد يحيي من سوريا


السلام عليكم أستاذتي الفاضلة. 

أولا، أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي. 


ليكن أول سؤال.

1 - من هي عبير خالد يحيي؟


جواب:

- أهلًا ومرحبًا بك أستاذة, وأنا اشكرك على استضافتك الراقية 

أنا طبيبة أسنان سورية - خريجة جامعة دمشق – كلية طب الأسنان 1990

من مدينة طرطوس في سوريا, مقيمة حاليًا بالإسكندرية في جمهورية مصر العربية منذ العام 2012

عضو اتحاد كتاب مصر, وعضو مؤسس في العديد من الكيانات الثقافية في الاسكندرية, وعضو منتسب في العديد من الكيانات الثقافية في القاهرة, وكاتبة في العديد من المواقع العالمية كالحوار المتمدن والمثقف ....., لي العديد من الأبحاث المحكمة المنشورة في المجلات المحكمة, وعضو لجنة علمية في المؤتمرات الدولية في العديد من البلدان العربية, وحائزة على العديد من الجوائز في النقد وأدب المرأة. ولي ابتكار جنس أدبي بيني هو ( الحوارية السردية ) تم تحكيمه وإقراره في المؤتمر الدولي لجامعة قناة السويس وجامعة دمنهور ونُشر في العدد السادس والعشرين 2017 من مجلة سرديات الصادرة عن الجمعية المصرية للدراسات السردية.   


سؤال:

2 - دكتورة أسنان ناقدة ومبدعة ومبتكرة لنظرية في الإبداع... كيف حدث هذا؟ لا بد من تأثير من الأسرة أو المحيط او شيء من هذا القبيل ؟ 


جواب: 

- أولًا, أنا مشاركة في النظرية الذرائعية, مع المنظر عبد الرزاق الغالبي, بالجانب التطبيقي, أي في الدراسات النقدية التي أجريها على النصوص الأدبية الإبداعية, وكذلك في البحوث التي أقدمها في المؤتمرات أو المجلات المحكمة بالاستناد على المنهج الذرائعي, بالنسبة للشق الثاني من السؤال, الكتابة كانت هاجسي منذ كنت تلميذة على مقاعد الدراسة الابتدائية, كنت أكتب خواطر ومذكرات وبعض الأشعار في دفاتري وعلى حواشي الكتب, مدرّساتي كنّ يشجعنني على الكتابة, ويعرضن مواضيعي في التعبير الأدبي والوصفي كنماذج, حالت درجاتي العالية في شهادة الثانوية العامة بيني وبين دخولي كلية الإعلام, رغم أن والدي كان يعمل في هذا الحقل,  طبعًا أجبرني الأهل على دخول كلية الطب, ولكني توصّلت معهم إلى حلّ وسط, وهو دخول كلية طب الأسنان, وكنت أظن أن اختصار سنوات التعليم الجامعي ستمكّنني من العودة إلى الكتابة, لكن مشاغل الحياة المهنية والعائلية أكلت هذا الحلم, إلى أن اضطرتني ظروف الحرب في بلدي الغالي سوريا إلى الانتقال إلى مصر الحبيبة, طبعًا كان لزامًا علي أن أغلق عيادتي هناك, ولم يتسنَ لي فتح عيادة في مصر, فعاد هاجس الكتابة يعصف بي, وتشبّثتُ بالحلم من جديد, والحمد لله وجدت موطئ قدم لي في هذا الوسط الإبداعي في مصر, وتركت طب الأسنان راضية, وها أنا انتمي إلى اتحاد أطباء الأسنان في سوريا, وإلى اتحاد الكتاب في مصر.   

 

سؤال:

3 - كيف يمكن تصنيف المشهد الثقافي في بلدكم سوريا مقارنة بدولة مصر وبباقي الدول العربية الأخرى؟


جواب:

- إن الشعب السوري شعب طينته الشعر والقص والروي والفن بالعموم منذ أزل التاريخ, قد يكتب الشعر بمسمار صدئ على الجدران أو على سطح صخرة, بنفس الحماسة التي يكتب بها الخاطرة على ورقة شجرة أو على منديل أو كيس ورقي أو بلاستيكي, فكيف إذا أمسك بالقلم وأمامه القراطيس؟! عندها يكتب القصص والروايات والمسرحيات وكل ما ترتوي منه وما تطرحه الثقافات المعاصرة, تعلمين حال سوريا الآن, لكن رغم كل ما اعتراها من أوضاع سيئة إلا أنها تقاوم, هناك نشاطات ولقاءات ثقافية أدبية تُقام من قبل اتحاد الأدباء العرب بالمركز والفروع, على قلّتها, إلّا أنها مثمرة, وعلى الأقل تحافظ على ديمومة الحراك الثقافي, كما أن هناك نشاطات شبه دورية لمجموعات تأسست بالبداية عبر الفيسبوك, وعبر الملتقيات الالكترونية, ثم تطوّرت بالمجهود الشخصي لأعضائها وجسّدت لها كيانًا على أرض الواقع, ونجحت, نذكر منها على سبيل المثال مجموعات القصة القصة القصيرة جدًا, والمجموعات المهتمة بقصيدة النثر, وأتمنى أن نجد هذا النشاط في مجال السرد القصصي والروائي بالعموم, طبعًا المقارنة بين الحراك الثقافي في سوريا والحراك الثقافي في مصر هي مقارنة بين كفّتين غير متكافئتين, بالنظر للظروف المتباينة بين البلدين, فمصر, حفظها الله, تنعم بمناخ إبداعي وثقافي آمن وسخي جدًّا, من حيث اللقاءات الأدبية والنقدية والمؤتمرات العلمية، والمهرجانات الشعرية، والإمكانات والقصور الثقافية  التي تجعلها تستقطب كل رواد الإبداع من كل الدول العربية والأجنبية، نشهد حراكًا ثقافيًّا في المغرب العربي، كما نشهد بدايات وجهود حثيثة لحراك ثقافي في بعض دول الخليج العربي كالإمارات والعراق والسعودية، لكن إلى الآن، مصر، حماها الله هي في الصدارة.   


سؤال:   

4 - كيف ترى الدكتورة عبير تأثير العولمة على الأدب العربي المعاصر؟ وما هي الرهانات التي يراهن عليها النقد العربي ما بعد الحداثة؟ 


جواب:

- أرى فيها رأي الذرائعية في المجلد الثاني الموسوم ب ( الذرائعية وسيادة الأجناس الأدبية )، والتي كشفت فيه الذرائعية عن أذرع الأخطبوطية كثيرة للحداثة منها الذراع السياسي والفكري الذي كان وبالًا على الوطن العربي والشعوب العربية، ما جعل الحداثة تبرز أمامنا بمفهومين، سلبي، نتج عنه الاستعمار الغربي للوطن العربي بذريعة مضللة وهي حماية وتطوير الأمة العربية، ومن بعده احتلال فلسطين من قبل الكيان الصهيوني، والغزو الأمريكي للعراق، وافتعال الأزمات والحروب و وآخرها ثورات الربيع العربي، لكسر الجيوش العربية وخوض الحروب بالنيابة، للقضاء على دول الشرق الأوسط، وإيجابي تمثّل بتيارات ونظريات فكرية، أخذ الأدب العربي منها ما يفيد ويتفق مع الفكر العربي وأخلاقه وفلسفته العربية والإسلامية المتحفظة، وترك ما لا يفيد، حيث تزين الأدب العربي  بأفكارعمّقت الحالة التعبيرية والتكوينية فيه حتى جعلته يتفوق على الأدب الغربي بالشكل والمضمون: 

إن الحداثة أو العولمة أو الهوية، وجميعها تصب في مصب واحد، تعكس في جوهرها خصوصيّة غربيّة، وحضارة وإنسان متأزّم بسبب التطوّر العلمي والتطوّر الفكري الذي استمر لثلاثة قرون من الزمان، من الأزمات والانتقالات الاجتماعيّة والنفسيّة والإنسانيّة والاقتصاديّة، لهذا جاءت هذه الحداثة موسومة بسمة أساسيّة تميّز المجتمع الغربي الحديث في سمة الاستمراريّة في التجاوز، وبظهور عدد من المذاهب الفنيّة والفلسفيّة التي تعبّر عن هذه الأزمات كالرمزيّة والسرياليّة والوجوديّة، والتي تختلف فيما بينها، لكنها تشترك في مجموعة من الخصائص التي تعدّ ميّزة للحداثة الغربيّة السلبيّة في حينها، بالنسبة للأدب العربي والتي انقلبت على نفسها بعد ذلك، حين وظّفها الأدباء والمفكرون العرب بشكل إيجابي وابتكاري خدم الأدب العربي وتطوّره لمواكبة الأدب الغربي حتى تفوُّق عليه في عدة جوانب، بسبب طبيعة اللغة العربيّة وجماليّاتها التي حفظها القرآن الكريم من العبث،  ووعي الأدباء والشعراء العرب من المدّ الغربي وأهدافه الخبيثة.


أما الجواب عن الشق الثاني من السؤال، عن الرهانات التي يراهن عليها النقد العربي ما بعد الحداثة، فهي ما تفعله الذرائعية حاليًا للوقوف في وجه التخريب الذي تنتهجه ما بعد الحداثة كامتداد للحداثة، لكن بشكل أكثر شراسة، ففي الوقت الذي قامت فيه الحداثة وما بعدها بتخريب بنية وهندسة الأجناس الأدبية من خلال نظريات وتيارات فكرية ومدارس فلسفية ونقدية وفنية، تصر الذرائعية على إعادة سيادة الأجناس الأدبية، وإعادة هوية النص الأدبي، فالذرائعية لا تنقد النص إلا بعد تحديد جنسه الأدبي، ثم تقوم بدراسته وفقًا لهويته وخصائصه الفنية المشمولة بتلك الهوية. وإن كانت الحداثة وما بعدها قد قامت بتقويض الميتافيزيقا الغربية. وسحق المقولات المركزية التي هيمنت على الفكر الغربي قديمًا وحديثًا،كاللغة والهوية والأصل والصوت والعقل، فإن الذرائعية تثبت تلك البنيات، وتجعلها مرتكزات وبؤر ثابتة تحرّك حولها ما تراه مناسبًا من مستجدات وتجريب  يقبلها النص العربي برحابته ومرونته، وهنا سأذكر بعض الآليات التخريبية التي استخدمتها الحداثة وما بعدها من باب مبدأ ( اعرف سلاح عدوك وجابهه بما يفلّه) : التشتيت- التشكيك- الاختلاف – التغريب - فلسفة الفوضى- التفكيك - الخروج من حدود الجنس الأدبي نحو النص والتناص - تبني قوة التحرر - ممارسة كتابة الاختلاف والهدم والتشريح - الانفتاح على الغير عبر الحوار والتفاعل - محاربة لغة البنية والانغلاق والانطواء في الأدب والنقد الأدبي بشكل خاص. 


 

5 - الذرائعية هي نظرية نقدية عربية ما بعد الحداثة لمنظرها عبد الرزاق عودة الغالبي في رأيكم دكتورة هل هناك من مواصفات يجب توفرها في العمل الإبداعي لتخضع للتحليل الذرائعي؟

إن الذرائعية تدرس النص الإبداعي إذا توفرت فيه صفات وشروط النص الأدبي السبعة كلها أوبعضها بتصرّف، وهي : 


 1: السبك: Cohesion 

هو الربط النحوي، ويعنى بكيفية ربط مكونات النص البصرية، أي الكلمات والجمل، وهو يشتمل على الإجراءات المستعملة في توفير الترابط بين عناصر ظاهر النص, مثل: الحذف، التكرار الخالص، والتكرار الجزئي، وشبه التكرار، شبه الترادف، وتوازي المباني، والإسقاط والاستبدال، وعلاقات الزمن، وأدوات الربط بأنواعها واستعمال الضمائر وغيرها من الأشكال البديلة، يعني بالمجمل أدوات الربط بين الألفاظ والتراكيب، وتعتمد مكونات ظاهر النص بعضها على بعض وفقاً للأعراف والأشكال القائمة فى علم القواعد والنحو.

 

2 - التماسك الدلالي: Coherence 

ويشير إلى الوظائف التي تتشكل من خلالها مكونات عالم النص، وهو  " "يدرس ما تتصف به مكونات عالم النص، أي تشكيلة المفاهيم والعلاقات التي يستند إليها ظاهر النص، والمفهوم هو تشكيلة من المعرفة (محتوى معرفي). أمّا العلاقات فهي الروابط القائمة بين المفاهيم، والتي تتجلّى معًا فى عالم النص، وأهم هذه العلاقات علاقات: السببية، التسويغ، الإتاحة، بمعنى الترابط الداخلي المخبوء بين الأفكار في النص والتي تشكّل وحدة النص الفكرية.


3: القصدية: Intentionality 

وهى تعبير عن هدف النص، واتجاه كاتب النص إلى أن تؤلف مجموعة الوقائع نصًّا مترابطًا متماسكًا، ذا نفع عملي فى تحقيق مقاصده، أي في نشر معرفة أو بلوغ هدف منشود أقرّ مسبقًا بنية وقصد .

 

4: المقبولية:  Acceptability 

وتتعلّق بموقف المتلقي الذى يقرّ بأنّ المنطوقات اللغوية تكوّن نصًّا متماسكًا مقبولًا لديه وللأديب والناس اجتماعيًّا وأخلاقيًّا ولغويًّا وأدبيًّا، وموضوعه أيضًا، اتجاه متلقّي النص إلى أن تؤلف مجموعة الوقائع اللغوية نصًّا مترابطًا متماسكًا ذا نفع له، أو صلة ما به، و اكتسابه معرفة جديدة تنفع الجميع .


5: الإخبارية: Informativity: 

وتتعلّق بتحديد سردية النص لأحداث و المعلومات تتخلّله وعدم توقّعها من قبل المتلقي, وهي تشتمل عامل الجدّة أو الجودة،و اللا يقين النسبي لوقائع النص بالمقارنة معالإخبار بالوقائع الأخرى المحتملة الحدوث. أي تخبر بشيء جديد ومفيد.

 

6: الموقفية Situationality:

وتتعلّق بمناسبة النص للموقف، أي أنها تشتمل على العوامل التي تجعل النص ذا صلة بموقف حالي أو بموقف قابل للاسترجاع، وهو الموقف الذي كتب من أجله النص بالواقعية أو الإشارة إليه بالعمومية أو الرمزية.

7: التناص:  Intertextuality :

ويختصّ بالتعبير عن تبعيّة النصّ لنصوص أخرى، أو تداخله معها بالمقارنة الإنسانية والأخلاقية والأدبية وليس السردية، و أنه يتضمّن العلاقات بين نصّ ما ونصوص أخرى ذات صلة، تمَّ التعرف إليها في خبرة سابقة، وتلك السمة تشير نحو إغناء النص بالتوازي نقديًا بأفكار أخرى مشابهة تعطي لهذا النص بعدًا إبداعيًّا مسبوقًا واستمرارية أخلاقية لهذا الإبداع .

وهناك أيضًا خلفية أخلاقية ترى الذرائعية وجوب توفرها في النص الإبداعي، فالذرائعية لا تنقد النصوص التي تدعو إلى العدائية والعنصرية والمفاسد الخلقية والإباحية والتعرّض للمعتقدات الدينية والإساءة إلى منظومة التقاليد والعادات المحافظة التي تسوّر أخلاقيات مجتمع من المجتمعات. 


سؤال:

6 - من موقعكم كناقدة، ما هي الشروط التي تساعد على إرساء نهضة أدبية وثقافية شاملة في الوطن العربي؟


جواب:

- سؤال جميل جدا، الشرط الأول بنظري أن تتوفر النية الصادقة على تحقيق هذه النهضة، ومن ثم الإخلاص بالعمل الجاد على بنائها، وبعدها تكون الشروط الأخرى ممكنة التحقيق وليست صعبة، منها أن يعمل الناهضون بهذا الأمر على إفساح المجال لاستماع واحدهم للآخر، واحترام آراء بعضهم بعضًا، وأن نتجاوز حالة الرفض والتهميش لكل ما هو مبتكر عربي، أن نتخلّص من عقدة ( الخواجة ) الغربي، ثم تُطرح كل الآراء على طاولة النقاش، سواء عبر المؤتمرات العلمية التي يجب أن يتم التوافق على عقدها ببرنامج زمكاني مناسب، وعبر قنوات أكاديمية دولية رسمية، أومنابر ثقافية مؤثرة. حاليًّا نشهد مثل هذه اللقاءات ولكن نظرًا للمحدودية المادية، لا يُعطى فيها الباحث أو الناقد إلا وقتًا وجيزًا لا يكفي لعرض ملخص بحثه حتى. ويمكن حل هذه المعضلة بالإفادة من تكنولوجيا التواصل الحديثة، أحضر الكثير من المؤتمرات التي يكون جلّ همها توحيد المصطلحات، وأعجب من ذلك ؟ هل تنتهي المعضلات بتوحيد المصطلحات؟! إطلاقًا، لكل نظرية حديثة مصطلحاتها التي أصبحت معلومة عند معتنقيها وعند معتنقي غيرها، فلماذا نهدر الوقت والجهد في مناقشة المعلوم ونغض الطرف عن المطلوب؟!

 كما أن هناك توصيات تنتهي بها المؤتمرات، وتنتهي بانتهاء تلك المؤتمرات دون انبثاق لجان تتولى مهمة إنجازها للأسف الشديد، نحتاج لخطة زمنية للإنجاز. الحوار العلمي والمنطقي أساسي جدًّا في تحقيق هذه النهضة، عندنا في الوطن العربي دراسات وأبحاث كثيرة مهدورة، لم تخرج من أجنداتها, كما لدينا الكثير من الأفكار التي اكتفى أصحابها بنفضها في كتب لا يتم الترويج لنشرها، هناك الإعلام الذي يجب أن يكون قناة مفتوحة بشكل دائم، ومتابعة كل جديد بالاهتمام نفسه الذي يلقاه الغناء والتسالي.

 نحن نقوم بذلك بشكل عشوائي, من خلال إمكانياتنا الخاصة المحدودة، أتمنى أن يتم معاملة الأدباء والنقاد والمثقفين معاملة خاصة في الانتقاال من بلد عربي إلى آخر, لا أن تحول القوانين الدولية بينهم وبين المشاركات العلمية، أتمنى أن يكون لنا صرح علمي واقعي أو افتراضي. المهم أن يكون رسميًّا، مؤهلًا لترسيم النظريات الجديدة ونشرها في العالم.

 

سؤال:

7 - هل تعتقدون أن هناك أدبا نسائيًّا وأدبًا رجاليًّا؟ أم أن الفرق الجوهري بين كتابة الجنسين يكمن في درجة الإبداع ومدى تحققها في العمل الإبداعي؟


جواب:

- لا، ليس هناك أدب نسائي وأدب رجالي، والإبداع عطية الله لمن شاء من البشر، رجلا كان أم امرأة, لكن هناك أدب نسوي تكتبه المرأة والرجل في مضمون قضوي محدد وهو قضايا المرأة، وبرأيي تبرع فيه المرأة أكثر من الرجل، من خلال اطلاعي على العديد من الكتابات النسوية المكتوبة بقلم كاتب أو كاتبة، أولًا ،ومن خلال معقولية أن الكاتبة تكتبه بمصداقية وبمقدرة تعبيرية أكبر، طالما ان الكتابة بشكل عام هي حالة إبداعية قوامها إحساس شعوري واع أو لا واع لا نستطيع السيطرة عليه ولا يجوز التدخل فيه خارجيًّا، ولكن، أليس هناك فرق بين الإحساسين،  أقصد إحساس المرأة وإحساس الرجل اتجاه هذه القضايا ؟! أترك الجواب لكم، وأحترمه مهما كان. فإذن، هناك نوع أدبي قضوي، مثل الأدب النسوي، وأدب الأطفال، وأدب الحرب، وأدب اللجوء وأدب السجون.... يتم فيها تخصيص الأدب بأنواع تعكس القضية أو المضمون أو الثيمة الرئيسة التي يعالجها النص الأدبي.

 

سؤال:

8 - أستاذتي الفاضلة أصدرتم في النقد:

إصدارات في الإبداع والنقد: 

الذرائعية في التطبيق (آلية نقدية عربية ) بالاشتراك مع المنظر الذرائعي ومؤسس النظرية الذرائعية الأستاذ عبد الرزاق عودة الغالبي- إصدار دار شعلة الإبداع – القاهرة - 2017 

الذرائعية في التطبيق طبعة مزيدة منقحة بالاشتراك مع المنظر العراقي عبد الرزاق عوده الغالبي – دار النابغة للنشر والتوزيع – طنطا - 2019 

الذرائعية وسيادة الأجناس الأدبية – بالاشتراك مع المنظر العراقي عبد الرزاق عوده الغالبي – دار النابغة للنشر والتوزيع- طنطا- 2019  

الذرائعية بين المفهوم الفلسفي واللغوي- بالاشتراك مع المنظر العراقي عبد الرزاق عوده الغالبي – دار النابغة للنشر والتوزيع – طنطا- 2019 

الذرائعية والعقل بالاشتراك مع المنظر العراقي عبد الرزاق عوده الغالبي – منشورات اتحاد الكتاب العراقيين -2021

السياب يموت غدًا/ دراسات ذرائعية  لقصائد للشاعر العراقي عبد الجبار الفياض دار شعلة الإبداع القاهرة - 2017

أدب الرحلات المعاصر بمنظور  ذرائعي/ إصدار دار الحكمة – القاهرة-2020

قصيدة النثر العربية المعاصرة بمنظور ذرائعي/ إصدار دار الحكمة القاهرة – 2020

 تحليل نقدي في أدب الفانتازيا والخيال العلمي عند المنظر عبد الرزاق عوده الغالبي- دراسات ذرائعية للناقدة الدكتورة عبير خالد يحيي/ إصدار دار المفكر العربي – القاهرة2020 

الأدب النسوي العربي المعاصر بمنظور ذرائعي / إصدار المفكر العربي – القاهرة 2022

/ قصائد طارئة/ مجموعة شعرية- إصدار دار البشير للنشر والتوزيع – القاهرة 2022

/ سأشتري حُلُمًا بلا ثقوب / مجموعة قصصية – إصدار دار البشير للنشر والتوزيع – القاهرة 2022

/القصّ الموجز المكثف (ق.م.م) تنظير ونصوص وتحليل نقدي ذرائعي / تأليف :د. عبير خالد يحيي – عبد الرزاق عوده الغالبي - دار الأدهم للنشر والتوزيع- القاهرة- طبعة أولى/  2023

/البحر وأدب الرحلة عند حسن البحار/ دراسات ذرائعية للناقدة الذرائعية الدكتورة عبير خالد يحيي- دار المتن – العراق – بغداد – الطبعة الأولى 2023

/ عوالم حياة الرايس السردية/ دراسات ذرائعية للناقدة الذرائعية الدكتورة عبير خالد يحيي- تونس

  

سؤال:

هل الذرائعية هي الحل الأمثل لكونها مثقلة بنظريات فلسفية ونفسية تساعد كل من المتلقي والناقد على اقتحام أي نص بشكل ذرائعي علمي؟


جواب: 

- نعم، وسأشرح ذلك، إن الذرائعية هي الجسر الواصل بين ضفتين، الفلسفة, والعلم، وكلاهما، الفلسفة والعلم, لهما دور أساسي وكبير في إرساء قواعد النص الأدبي، كيف؟: 

كانت الفلسفة هي الأساس في إنتاج سائر العلوم وتطويرها، وقد تمكّنت من تجذير جميع العلوم والمعارف التي ساهمت في بناء الحضارة الإنسانية بشكل عام في شتّى الميادين، وما لبثت أن تفردت تلك العلوم بالاستقلالية التدريجية حتى انفصلت عنها، ويختلف العلم عن الفلسفة من أنه يعرّف على كونه كل نوع من المعارف والعلوم والتطبيقات، و أنه مجموع أصولٍ كليّة ومسائل تدور حول ظاهرة أو حقيقة معينة، تقتضي معالجتها بمنهجٍ محدد، ينتهي بالقواعد والنظريّات. كما يعرّف العلم على أنه مبدأ المعرفة التطبيقية، أما الفلسفة فهي تفكير في داخل التفكير، مع التأمل والتدبير المدروس، والمحاولة للوصول إلى أفضل الإجابات والنتائج, لكون الفلسفة أفضل دلالات الحكمة، وأسمى صور المعرفة في البحث عن جذور وحقائق الأشياء في هذا الكون ..... وعلى هذا الأساس فإن فهم ADDIN CSL_CITATION {"citationItems":[{"id":"ITEM-1","itemData":{"author":[{"dropping-particle":"","family":"الضاهر-","given":"الدكتور سليمان أحمد","non-dropping-particle":"","parse-names":false,"suffix":""}],"id":"ITEM-1","issued":{"date-parts":[["0"]]},"title":"- الأستاذ مفهوم النسق في الفلسفة(النسق: الإشكالات والخصائص )- مجلة جامعة دمشق المجلد 30 العدد 3و4/2014ص 380","type":"article-journal"},"uris":["http://www.mendeley.com/documents/?uuid=e7c63ad3-c8eb-4d82-836d-cea9f3a15058"]}],"mendeley":{"formattedCitation":"(الضاهر-, n.d.)","plainTextFormattedCitation":"(الضاهر-, n.d.)","previouslyFormattedCitation":"(الضاهر-, n.d.)"},"properties":{"noteIndex":0},"schema":"https://github.com/citation-style-language/schema/raw/master/csl-citation.json"}(الضاهر-, n.d.)أيّ نصٍّ فلسفي يقتضي أن نعيد وضعه في بنية المجموع الذي هو جزء منه، أو لِنَقلْ: إنّ من المناسب أن نوضّح وجود علاقة منطقية بين المعنى الظاهر لهذا النص، وبين معنى النصوص الأخرى التي كتبها الفيلسوف نفسه، وهكذا تكون مجموعة العلاقات المنطقية التي يمكن اكتشافها، ما ندعوه عادةً باسم العلاقات الفكرية التي تربط بين ،« مذهب  الفيلسوف بالمعنى الواسع لهذه الكلمة أجزاء التجربة الفلسفية بعضها ببعض هو ما يسمى اصطلاحاً بالنسق او المذهب ، فأي اختلال في هذه العلاقة بين العناصر يفقد النسق توازنه ويغير معالمه ، وتتأتى قوة الإقناع في النسق الفلسفي، من درجة انسجامه وترابطه وتكامله : علينا ان نوضح الفرق بين العلم والفلسفة :


موضوعيًّا : الفرق بين العلم والفلسفة .... تعتبر المواضيع العلميّة حسيّة اتجاه الأشياء، أما المواضيع الفلسفيّة فهي تأملية في تكوينات الأشياء مع تطبيق عددٍ من المفاهيم.

 منهجيًّا: فالعلوم تنهج بمنهج التجربة، أما الفلسفة فتنهج بمنهج التأمل العقلي بحقائق الأشياء . 


من حيث الهدف: العلم يسعى نحو اكتشاف كافة القوانين الطبيعيّة، وبعد ذلك يعيد توجيهها لأغراضٍ نافعة، أما الفلسفة فهي بحثٍ لا يلتزم بالقوانين، و يسعى إلى الوصول إلى المعرفة عن طريق تطبيق الشك المنهجي.

 والنص 

 التشابه بينهما: العلم والفلسفة مرتبطان بعلاقة حميميّة منذ الأزل، لكونهما يلتقيان في الأسس المعرفيّة، ولا يمكن استخلاص النتائج فيهما تحت تأثير الغرائز والأهواء، إنما وفقًا لقواعد منطقيّة ضمن المعقول. 


المشاركة بينهما: في عددٍ من الخصال الذهنيّة والأخلاقيّة وهي جوهر الروح العلميّة.

 

العلاقة بينهما : عن طريق عمليّة الوصل بما  يضع العلم على واجهة النقد، بحيث يتمكّن من تحديد علاقته وذاته بالحقيقة، ليعود للالتقاء مجددًا بالفلسفة حبًا منه بالمعرفة والعقل....


تعتبر الفلسفة والعلم جداران واقيان وساندان للأدب من خلال العلوم التي يرتكز عليها الأدب، وتشترك معه بالمنفعة بشكل تبادلي مثل علم النقد الذي يدار بالفلسفة وعلم التاريخ والاجتماع والمنطق والبيان والبديع وعلم اللغة والأسلوبية والصوت ..إلخ من العلوم الأخرى.... وهذا ما توفّره الذرائعية كمنهج نقدي أدبي علمي فلسفي. 


 سؤال:

9 - دكتورة عبير ابتكرتم جنس أدبي بيني هو ( الحوارية السردية ) تم تحكيمه وإقراره في المؤتمر الدولي لجامعة قناة السويس وجامعة دمنهور ونُشر في العدد السادس والعشرين 2017 من مجلة سرديات الصادرة عن الجمعية المصرية للدراسات السردية.

هل لكم أن تحدثونا عن هذا الابتكار ؟ وعن شعوركم بما وصلتم إليه؟


جواب:

- الحوارية السردية : هي جنس حواري سلوكي من محفز واستجابة وسؤال وجواب, بشكل محادثة مسرحية بحوار ظاهري سردي، يحمل بين طياته التشابك السردي للقص القصير, وعقدة التشابك والانفراج, بذلك يعطينا جنسًا بينيًّا بين المسرحية المقروءة والقص القصير, بشكل حوار مستمر حتى تقره النهاية المشتركة وابتكر هذا الجنس البيني الدكتورة عبير خالد يحيي, ويحتوي على الحدود الجنسية التالية:

1-حوارات مدروسة من سؤال وجواب حول موضوع واحد سياسي أو اجتماعي أو أي شكل من أشكال الخطاب, أو عدة موضوعات.

2-يحتوي موضوع النقاش على استفزاز يفجر في داخل الشكل الفني لتشابك سردي بصراع عنيف.

3-تتوسط عقدة التشابك السردي, وتشير نحو انفراج أو محاولة الانفلات منها عن طريق الحل أو الانفراج.

4-الانفراج هو الحل الذي يتخلّل الحوارات بميل سردي نحو الانفلات من شكل العقدة والاتجاه نحو....

5-النهاية المشتركة التي تعطينا إخمادًا لجميع الحرائق التي ازداد أوارها نتيجة التحاور الظاهري بين المتحدثين...

6- قد يكون الحديث بشكل حوار بين شخصين مؤيد ورافض لموضوع الحوارية, أو تحاور بين مجموعة من المتحدّثين.

7-تكون تلك الحوارات مدروسة لغويًّا وجماليًّا, بحيث تعطي تفرّدًا أدبيًّا له قيمة تأثيرية في نفس المتلقي.

8-تحتوي الحوارية على أسلوب مترع بالجماليات البلاغية، وسرد وجداني تشويقي.


سؤال:

10 - دكتورة أحرزتم  العديد من الجوائز في النقد وأدب المرأة.

هل الجوائز تكون حافزا للمزيد من العطاء؟ وهل تعتبر كافية لتتويج المسيرة الإبداعية والنقدية للأديب والناقد؟


جواب:

- يولد العطاء مع السجايا, كعطية ربانية, ويستمر طيلة حياة الإنسان, لا يساوم المبدع بما يعطي, ولكن قد يسعده التقدير, وقد يرفع من معنوياته ويعزز يقينه بقيمة الإبداع الذي يقدّمه, هل هي كافية لتتويج المسيرة الإبداعية والنقدية للأديب أو الناقد؟ أظن أنها مكافأة آنية عليه ألا ينتظرها دائمًا  لأن العملية الإبداعية يجب أن تسير ضمن مسارها بلا توقف, والجائزة قد تكون محطة توقف, أو قطعة سكر مقدّمة للفرس حين يفوز بمضمار السباق, والمسيرة الإبداعية أو النقدية مستمرة بقطعة سكر أم بدونها, فليس من المنطق أن يحصد المبدع الفوز دائمًا التتويج قد يكون في النهاية.     


سؤال:

11 - أستاذتي الفاضلة  لكم إصدارات عديدة في الإبداع نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

/لملمات / مجموعة قصص مكثفة.

 / عطايا / مجموعة شعرية

 / رسائل من ماض مهجور / مجموعة قصص قصيرة.

/ ليلة نام فيها الأرق / مجموعة قصص قصيرة 

/ قصيدة لم تكتمل / مجموعة شعرية.

/ بين حياتين / رواية .

/قصائد طارئة/ مجموعة شعرية 

/ سأشتري حلمًا بلا ثقوب/ مجموعة قصصية

سؤال : بصفتكم ناقدة هل يكون النقد حاضرا أثناء عملية الإبداع ؟ 

سؤال مرتبط بما سبق، هل أنصفكم النقد؟ وما حظ كتاباتكم من أقلام النقاد؟


جواب:

- الإبداع هو عملية  تلقيح تبدأ من المؤثرات الخارجية ( العالم الخارجي) التي تشكّل الحافز المستفز الذي يرتكس له شعور المبدع المستقر في عالمه الداخلي, يبدأ من اللا وعي, ثم يشرك الوعي في عملية التلقيح, لتتشكل المضغة المخلقة في الهوة الإيحائية الإدراكية في المخ, التي تعالج المدخلات, وتعمل على إنتاج المخرجات, بعملية إجرائية تنتهي بولادة عمل إنجازي تطرحه للعالم الخارجي كظاهرة سيميائية ( كتاب) ملقاة بين يدي المتلقي أو الناقد ليقوم بفحصها وكشف معانيها. فالعملية الإبداعية تكون صافية تمامًا, إلى ما قبل تلقفها من قبل المتلقي, في هذه الفترة الممتدة من طرح المخرجات إلى ما قبل تسليمها إلى القارئ, يعمل القلم النقدي في الحذف والتكثيف وتطبيق علوم النقد, وتقويم وتشذيب النص ابداعي, حتى يقرّ وصوله إلى حال العمل الإنجازي, عندها يلقيه في حضن التلقي.

هل أنصفني النقد؟ نعم والحمد لله, وخصوصًا النقد المنهجي المعاصر الذي شهد لنصوصي بالجدة والتجريب, 

كتاباتي, والحمد لله, أراها تلاقي حظّها من النقاد الذين لا أعرفهم, وهؤلاء أسعد بهم كثيرًا, حين يقع بين يدي وعلى سبيل الصدفة دراسة لأحد نصوصي منشورة على غوغل وعبر المواقع الإلكترونية, أنا خجولة في طلب دراسات نقدية عن نصوصي, لكن, والفضل لله, ما أن أصدرأي إصدار إبداعي حتى أجد من يتفضّل بدراسته, دون سؤال.    


سؤال:

12 -  دكتورة ما هو المشروع النقدي الذي يشغل  بالكم؟ لكم الكلمة.


جواب:

- المشروع الحالي هو العمل على إيصال النظرية الذرائعية بمجلداتها وبحوثها ودراساتها إلى منصة الباحث العلمي ( ( Google Scholar وقد تحقق ذلك والحمد لله, بعد أن نجحنا في ترسيخ إصداراتنا الذرائعية في ( Research Gate) ونستمر بالعمل حتى تدخل الذرائعية ضمن البحوث الأكاديمية في رسائل الماجستير والدكتوراة, وقد تحقق ذلك في عدد من الجامعات العربية وكذلك في الجامعات اللغات الشرقية, ونعمل على توسيع هذه الخطوة لتشمل جامعات المغرب العربي وكل الشرق الأوسط ليتم الاعتراف بها لاحقًا عالميًّا بإذن الله كنظرية نقدية معاصرة بعد حداثية.  

شكرًا لكم أستاذتي الفاضلة، وفقكم الله في مسيرتكم

الشكر لك دكتورة  على هذه الاستضافة الراقية, أتمنى أنني كنت ضيفة خفيفة لم أثقل عليكم.



ذة. أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد " (  أسئلة الباحث العربي  ) الجزء الثاني | الحلقة 15 مع الدكتورة أحلام حسين غانم من ( سوريا ).


ذة. أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد " (  أسئلة الباحث العربي  ) الجزء الثاني | الحلقة 15 مع الدكتورة أحلام حسين غانم من ( سوريا ).
ذة. أمنة برواضي في  حوار "مع الناقد " (  أسئلة الباحث العربي  ) الجزء الثاني | الحلقة 15 مع الدكتورة أحلام حسين غانم من ( سوريا ).



السلام عليكم أستاذتي الفاضلة. 

أولا، أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي. 

ليكن أول سؤال.


1 - من هي أحلام حسين غانم؟


جواب:

 - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته  

قبل البَدْء أستاذة أمنة برواضي

أولا، اسمحي لي أستاذتي الفاضلة أن أتوجه لكِ بالشكر والتقدير على استضافتي  عبر منصة الباحث العربي  وفاتحة القول :

السلام على كُلِّ من سَمَّى بالله بَدْءاً  وسَعَى للرحمن عملاً.

- من هي أحلام حسين غانم؟

يدفعني السؤال إلى التفكير في المسافة بين ما أتكئ  عليه من حلم ، وما أحمله من اسم وما يؤول في الأحلام الإنسانية  التي تعبر  منه إليه؛ الحلم والواقع هما وجهان لحقيقة واحدة، إنهما جسم واحد لمرئي ولامرئي، ومن هنا كانت الكتابة / الحلم تجربة الوصل بين المرئي واللامرئي، فالحلم وسيلة لمعرفة المطلق، ووسيلة للاتصال بالمطلق وتجليته في حياتنا، لأن تفصيلات حياتنا وأحداثها تترجم هذه الأحلام. 

لقد أخذت أحلام عن النَّحل التنظيم ، وعن النَّمل الصَّبر، وحرصًا  على تلك المزايا ،توشحت بجدلية المجاز  التي تقوم على لغة التشويق للبحث والسؤال ومعرفة المجهول والدخول في حركة اللانهاية.

 هذا لا يعني أن الأحلام التي نظمتها هي التي تساهم في تشكيل هويتها  الاستثنائية ، إنها فوضى الحواس وهي ترتدي  ملح الأنوثة في تركيب لغوي ؛ وبقدر ما تقتربين من اللغة  بقدر ما تعيدي تشكيل اسم أحلام وإنْ  قمتِ بتدويره يمنحك أملاح التأويلات المفتوحة.

وبما أنَّ  مفتاح الخَلْق هو الهيولى الأولى، و أساس الموجودات وحقيقة الطبيعة الإنسانية، والإنسان ابن الطبيعة؛ أحلام شاعرة بالفطرة؛ لأن الشعر هو الفطرة التعبيرية الأولى للإنسان .

ناهيك عن ذلك أحلام حسين غانم أم  عربية الهوى واللسان ، سورية الجذور ، محمّديّة الانتماء ، موطنها  الحب أينما كان .. تفكر وتكتب لكي تتقن لعبة البياض والسواد،  تنشغل بطرح الأسئلة المنفلتة من أطر الزمان والمكان؛ قلمها حصانٌ أعمى  لا يجيد الرؤية إلا في الليل، لكنه لا يصمّ أذنيه  عن حاجات النهار الإنسانية، لأن الأديب ابن عصره وشعبه،  وقلم الأديب يجب أن يكون خادمًا  لحاجات الإنسانية، وذو فاعلية مزدوجة تكشف عن وجوه القصور والحجب أو الخداع والزيف في ما يقال او يعلن.

ورهان قلمي في ذلك هو فتح أفق تتجدد معه العدة الفكرية في وجه من الوجوه، ويحاول خرق الشروط واجتياز الحدود، ويشتغل بتفكيك الأجهزة الإيديولوجية أو القوالب المعرفية التي تصادر حرية التفكير أو تحاصر إرادة الفهم. 


سؤال:

2 -  دكتورة أحلام، لكم حضور بارز في الساحة الثقافية العربية:

-  عضو اتحاد الكتاب العرب 

- عضو الاتحاد الدولي للأدباء والشعراء العرب 

-عضو الهيئة العليا لحقوق المرأة 

-عضو جامعة شعراء الأبجدية الدولية 

-عضو  فخري بمؤسسة بنياد الشهيد في جمهورية  إيران الإسلامية .

- منسقة دولية umpl لمهرجان الشعر الدولي /غانا / للجائزة الدولية للسلام  ودفاع حقوق الإنسان برئاسة الشاعرة الكوبية - الإيطالية GERDA GARCIA HERNANDEZ

سؤال:

   كيف يمكن تصنيف المشهد الثقافي العربي مقارنة بباقي الدول الأخرى؟


جواب:

- ابتداء ينبغي التمييز بين ما هو  مشهد ثقافي واقع وبين ما نريد، بين التطلعات وبين الحقائق ، حتى نتمكن مما نريد تحقيقه أولاً بأول، وأن الثقافة التي نريدها أن تتبلور في أذهان الناس وتتفاعل معها أرواحهم وعقولهم وتنعكس في أعمالهم وسلوكهم هي ثقافة البناء والتعمير، لا ثقافة الهدم والتدمير.

 وبطبيعة الحال، مازالت تلك المقارنة هي هاجسنا، وما زال التطور العلمي والتقني، الذي انطلق بقوة وبتصاعد هندسي يزيد في تهميشنا، في هذا  الزمن العنكبوتي  المليء بالأحداث الجسام التي كانت السبب الرئيس  في تغيير الكثير من المسلمات والبديهيات العلمية والاجتماعية والسياسية.

ومن البديهي أن يتمايز المشهد الثقافي من بلد إلى آخر، بالنظر إلى الخصوصيات الثقافية التي تميز كل بلد؛ ولنعترف بصراحة، الفن المعاصر فقير في موضوعاته وغامض في شكله، حتى أن المؤلف نفسه لا يعرف عن ماذا يكتب، ونراه يدور  حول نفسه وينتهي في حلقة  عنكبوتية مفرغة .

من هذا المنطلق وفي ظل الخراب الروحي الذي يصيب العالم بشكل عام، و الوطن العربي بشكل خاص قد لا أستطيع هنا أن أضع فروقًا واضحة  أو معايير محددة لتصنيف المشهد الثقافي  مقارنة بباقي الدول الأخرى .

لا سيّما معروف أنَّ مادة المشهد الثقافي هي الأدب بفرعيه من الشعر والنثر، وما امتد على كلِّ فرع من غصون مختلفة ، وبما أنَّ الأدب يخاطب العواطف، والتي يجللها الغموض إذ لا توجد مقاييس نقيسها بها ، ولا لدينا مختبرات ثقافية لم تدخلها الأيديولوجيات يمكن أن نحللها فيها .

 فالأدب لا يكتفي بمخاطبة العواطف الإنسانيِّة، وإنْ كان يركّز عليها ، ولكنَّه يخاطب العقل الإنسانيَّ أيضًا .

 لذلك ينبغي ان نتساءل: أي ثقافة نريد في هذا الزمن العربي المليء بالهزائم والانكسارات والهجوم الدولي بكل أسلحته وتقنياته لاحتوائنا والسيطرة على مقدراتنا، وتوجيهنا الوجهة التي تناسب أطماعه وخططه الفكرية؟ 

إلا أنه على الرغم من كل هذا البؤس  يجب أن نؤمن ؛ كل فكرة حيّة أو خصبة هي رأسمال ثقافي بشري، بل هذا شأن كل رواية أو قصيدة أو لوحة تصدر عن تجربة فذة وتصاغ على نحو جمالي، إنما هي أيضاً لها بُعدها العالمي الخارق.


سؤال:

3 - لكم العديد من الإصدارات النقدية والدراسات والأبحاث نذكر منها:

- فنتازيا المعنى /دراسات نقدية

-غزلان الشابي وبلاغة المعنى/ دراسات نقدية

- دوائر الامتلاء والمثلث السيميائي /  الشاعر العُماني سعيد الصقلاوي أنموذجاً.

_ بالإضافة إلى عشرات الدراسات النقدية لعدد من الأدباء في سورية والوطن العربي المنشورة في الدوريات اليومية والأسبوع الأدبي .

سؤال:

من موقعكم كناقدة ما هي الشروط التي تساعد على إرساء نهضة أدبية وثقافية شاملة في الوطن العربي ؟


جواب:

- العالم العربي في حاجة ماسة  إلى بيان ثقافي وفكري جديد متعدد الأبعاد ، يأخذ في الاعتبار أدوار المثقفين مع إنتاج أفكار ومعان توازي  التحولات الاجتماعية والمتغيرات الحالية في قضايا الإصلاح ، الحداثة ، العولمة ، الديمقراطية والمواطنة .

ولأن الوعي قبل السعي ، والإنسان قبل البنيان ؛ تقريب الثقافة  والفكر يستدعي مداخل تواصلية بين المفكرين والمثقفين العرب، لصيانة الهوية والخصوصية الحضارية  ومقاومة نزعات التطرف، العنف والاستبداد.

 في هذا الصدد يقود الانفتاح الثقافي من دون رؤية ولا هدف ولا مضمون ، أي من دون أن يكون مرتبطًا بمشروع مجتمعي واضح وواع للتنمية أو للتحديث ، إلى تشظّي البنية الثقافية  وتعميق التشتت الفكري  والنفسي والضياع، وتزداد بالقدر نفسه هجرة الكفاءات والكوادر الثقافية والعلمية التي تفتقر لأي آفاق في بلدانها الأصلية .

وعليه ، بات من الضروري العمل على تغيير النظرة والمقاربات الشكلانية للمسألة الثقافية، وللهوية الدامجة لمختلف مكونات الأمة بتعبيراتها المتنوعة؛ من خلال الرصد الدقيق للمشاهد  الإنسانية  التي تشكل  مرآةً ما للإنسان العربي.


سؤال:

4 - كيف ترى الدكتورة أحلام  تأثير العولمة على الأدب العربي المعاصر؟ وما هي الرهانات التي يراهن عليها النقد العربي ما بعد الحداثة؟ 


جواب:

- أثرت العولمة في الأدب العربي المعاصر تشكيلاً ورؤية، وأوجدت تحديات جديدة في آليات إبداعه وتلقيه، وأسهمت في ذيوع بعض إبداعاته وانتشارها، وأتاحت الفرصة لنمو ألوان أدبية جديدة في ظل ثورة المعلومات وهيمنة الشبكة العنكبوتية.

بلغ الأمر أن يتساءل صنف من الناس في استنكار صريح عن أهمية الأدب وعن دوره في الحياة، أو عن فائدة الشعر وجدوى الاهتمام به، فتبدو القيم الروحية والجمالية للأدب شبه مفقودة أو غائبة ومفهوم العولمة يتسع ليشمل كافة أشكال التلاقي والتعايش والتفاعل بين أنساق الوعي البشري في الأماكن المختلفة من الكرة الأرضية.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

ومن زاوية أخرى هناك فريق آخر  يحذرون من العولمة ويطالبون بمقاومتها لأنها حسب رأيهم وإن بدت براقة، إلا أنها لا تحمل في جوانبها قدسية البراءة فهي تعمق الفوارق وتضاعف من عجز الأقلام أمام ديكتاتورية المؤسسات الثقافية ؛ لا سيّما هناك حقيقة صعبة، وهي أن تأثير العولمة على نفسية الأديب العربي المعاصر  وحشٌ من الصعب السيطرة عليه وترويضه. 

  في حين أن الرهانات  التي تسعى إلى إبرازها  هذه الحركة  التحديثية  تكمن في تخطي الحالة المتردية ،فمن الضروري أن نرى العولمة  كإطار للتشارك الإنساني في حضارة واحدة، ومسائل مشتركة من الوعي الذي يحرر الإنسانية من البؤس والشظف والعناء، ربما كان ذلك الجانب الإيجابي الذي يتم استبعاده عن طريق النظرة السلبية للعولمة وهذا يقودنا إلى  التساؤل المطروح ؛  ما هي الرهانات التي يراهن عليها النقد العربي ما بعد الحداثة؟

 كيف لنا أن نراهن ما بعد الحداثة وما زال  مفهوم  الحداثة غامض في امتداده ، وغير مؤكد في فهمه. إنها مصطلح مرجعيته ذاتية ومثير للجدل (وهذا لا يعني أنها غير مجدية أو غير ضرورية). 

وعليه ،البحث في أمر الحداثة هو أمر يصعب الإلمام به، ذلك أن القول في الحداثة أقوال، وهناك من مجالات الحداثة ما يثبت أن الحداثة حداثات،  لذلك يتنوع  النقد ما بعد الحداثة  ثقافيًا؛ الرأي أن ما بعد الحداثة تفتقد للتماسك ومعادية لفكرة المطلق كفكرة الحقيقة.

و على وجه التحديد، يُعتقد أن ما بعد الحداثة لا معنى لها، تروّج للغموض المتعمد وتستخدم النسبويّة (في الثقافة والأخلاق والمعرفة) إلى المدى الذي تعيق فيه معظم مطالب الحُكم.

وإذا كان الأدب الغربي قطع أشواطاً طويلة في تحولاته التاريخية، فإنه يصعب في المقابل الاشتغال بالأدوات النقدية ذاتها المرتبطة به على أدب عربي عمره قصير.

من هنا ، لا مهرب من مراجعة حساباتنا وفتح ملف إنسانيتنا، وسط ما يمارس من عبث وجنون أو ما يحدث من عنف وخراب روحي، وبعد كل هذه الصدمات والتراجعات الأدبية والانهيارات الفكرية، يجب لا يُركن إلى ما يقوله أصحاب المشاريع والدعوات، أكانت قديمة أم حديثة.

 لقد انتقلت الرهانات  ما بعد الحداثة من نقد الذات الأخلاقية والتطرق الى الوعي الشقي ووهم اللغة ونقد العقل إلى تصدع الوعي وتفكيك الأسس وإذابة الذات وسيلان الوجود وإثْم الحياة وتراجيديا التاريخ وعبثية الحقيقة.

 الأمر الذي يعني أن مفاهيمنا للعقل والتنوير والحرية، باتت مستهلكة، ساذجة، لا تشرح ولا تفسر، بل تموّه الحقائق وتطمس الوقائع.

 من هنا حاجتها إلى النقد والتفكيك لفهم ما تفاجئنا به أفكارنا وأعمالنا، مما ندّعي محاربته من الفساد والاستبداد والإرهاب الفكري.

لذا لا مفرّ من نقد منتجات العقل من الصيغ والانسياق والقواعد، بالاشتغال عليها تحويلاً وتطويراً، وإلا تخلّى الواحد عن عينه النقدية، وتحول إلى تمثال حجري.

في أي حال إن الأزمة الكونية تعني أنه ما عادت مجدية إدارة الشأن البشري والكوكبي بالصيغ والمفاهيم أو القيم نفسها، وسط كل هذه التراجعات والصدمات والانهيارات.

الأمر الذي يقتضي مراجعة ما تكشفه العين الثالثة وتبصره عين الفؤاد الرابعة، وتلمسه الحاسّة السادسة وفي الأخص في ما يتعلق بمفهوم الإنسان الذي يحتاج إلى أن يوضع على مشرحة النقد والتحليل، وذلك من أجل إعادة النظر في المفردات التي صنعنا بها إنسانيتنا أو التي صنعتنا من حيث لا نحتسب ولا نعقل.

والرهان هو ابتكار قيم ونماذج ومفاهيم جديدة لإدارة العلاقات بين الناس:

ممارسة التواضع الوجودي، بحيث نخفض السقف الرمزي من الطوباويات والمتعاليات والقدسيات، لكي نشتغل بمفردات الحوار والاعتراف أو المداولة والشراكة. 

إننا نعيش في حقبة مثيرة جداً من التاريخ ، لذلك أنا أرى بما قد رأى تولستوي :"أن الفن  وسيلة توصيل  من المبدع إلى المتلقي ، فهو لا يكتفي برسالة الفن التعبيرية ،وإنما يرى أن للفن رسالة توصيل للأفكار  والانفعالات والمشاعر والعواطف  ويقوم الفن بنقل رسالته  بين الأجيال المتعاقبة، وليس فقط بين أبناء جيل واحد."

 ومن البديهي حين يحترم المجتمع الأدب والأدباء، وتُحترم حرية التعبير والإبداع، وتأخذ الأشياء أماكنها الطبيعية، والمنافسة الخلاقة تصبح سلوكاً للجميع، يتحول الكتاب إلى دورة اقتصادية فاعلة ومؤثرة في المجتمع.


سؤال:

5 - هل تعتقدون أن هناك أدبا نسائيا وادبا رجاليا؟ أم أن الفرق الجوهري بين كتابة الجنسين يكمن في درجة الإبداع ومدى تحققها في العمل الإبداعي؟


جواب:

- يصرّ بعض الكتّاب والنقّاد على أن يكون هناك ما يسمى بالأدب النسائي، إلا أنه في حقيقة الأمر، لا يمكن تجزئة الأدب إلى نسائي ورجالي ..

أعتقد أنه ينبغي التفريق أولاً بين النسائي والنسوي، فنحن نقول إن هذه الشركة نسائية عندما يكون كل العاملين بها نساء، وعندما نقول نسوي فهذا يعني أنه يوجد توجه ما، إذ ليس كل ما هو نسائي نسوياً..

 لذلك ينبغي بعيداً عن تأنيث المفردة أو تأنيث النص ،وبلاغة  الكلمة ،وقبل الدخول إلى خصائص التصنيفات المتحركة؛ يجب أن نحدد معيار التصنيف, أن نقول أدبًا نسائيًا هل هو تعبير معياره الأسلوب؟ أم الإبداع أم انتقائية المواضيع أم خصائص تبرز في الكتابة النسوية تجعلها مختلفة عن الأدب الذكوري أو الرجالي أو الآخر مهما كان؟

يبدو لنا أن مصطلح النسوية مازال يثير تساؤلات كثيرة، منها : هل هناك خصوصية في الخطاب النسوي؟ هل يعني استخدامه تمييزاً مطلقاً بين أدب ذكوري وأدب أنثوي؟

لن أدخل هنا في متاهة سؤال: هل يوجد هناك أدب نسائي وأدب رجالي؟

لا توجد كتابة تنشأ من لا شيء؛ فالإبداع يتكوّن نتيجة مطلب ضروري لحسم تناقض ما والتنافس يجب أن يكون على القيمة  وليس على الشكل .

فالأمر غائم ومخلوط ومتداخل، وهذا الخلط وهذه الضبابية مقصودان  لتهميش جزء مهم من  أسرة التكوين الثقافي ؛ كي لا يصبح للأدب ولا للأديب مهمة واضحة، وكي لا يشعر الناس بالحاجة إلى وجود المبدع ويشغلهم تنافس التجنيس بعيدًا عن التكامل.

إنَّ سر  الفنون الجميلة  مسألة أعمق  وأسمى من أن  تلفها تجنيس الكتابة ؛برأيي هناك مدارس أدبية في العالم، وبين تلك المدارس لا يوجد مدرسة تدعى الأدب النسائي، وبالتالي يصنف الأدب الذي تكتبه المرأة في مدرسة من هذه المدارس الأدبية التي يشترك فيها النساء والرجال على حد سواء.

رغم أن هذا المصطلح يثير الحساسية والجدل عند فئة معينة ، مع أن المقصود من استخدام النسوية التعرف على الإبداع الذي تكتبه المرأة، وتلمّس مدى خصوصيته .

 لذلك يجب الأخذ بالاعتبار ،لا يُقصد من استخدام هذا المصطلح الإشادة بتفوق جنس على جنس أو عزل الإبداع النسوي عن الإبداع الذكوري، وإنما الانطلاق من حقيقة الإبداع لا بد أن يكون من نبض المعاناة الخاصة أولاً ثم يكسوه الفنان حلة عامة.

فهدم  ما كان سائدًا  من أفكار ، أصبح ضرورة  تتلاقح  فيها مجموعة من الرؤى على أنها نماذج لعصرنة القصيدة النسوية ، وبث روح التفاؤل  فيها.

 ولا شك أن هذه المعاناة تتجلى عبر جماليات اللغة التي يمتزج فيها الفكر والشعور والتخيل، فيتجلى عبرها الشكل الفني، عندئذ على سبيل المثال لا الحصر  نستطيع أن نلمس جماليات خاصة للرواية النسوية التي لخصتها بريجيت لوغار عبر أربعة محاور : "الجنس- إدراك الجسد-التجربة الحياتية-اللغة".

 وعليه، كما تنقسم كل ثمرة إلى قشرة ونواة، كذلك ينقسم العمل الأدبيُّ إلى شكلٍ ومضمون ، الشكل هو الوعاء ، والمضمون هو  ما في داخل الوعاء . الشكل هو  وسائل تجسيد الفكرة ، لأن الفكر هو المضمون , ولقد كانت وظيفة الأدب وما زالت المساهمة في تكوين جمال العالم الروحي للناس ، وتصعيد ميولهم الإنسانية، ودوافعهم النبيلة ، لأن الإنسان هو المادة الأساسية للأدب، وكل ما هو موجود  في الحياة هو  في خدمة الإنسان . 


سؤال:

6 - دكتورة أحلام لقد شاركتم الأديب المصري الباحث سعدني السلاموني في تأسيس منهج التعليم البصري في أكاديمية محو الأمية البصرية. هل لكم أن تحدثونا عن هذا المشروع؟ لكم الكلمة.


جواب:

- يقوم مشروع محو الأمية بالتعليم البصري، على علم جديد وتعليم جديد ، والعلم هنا هو العلوم البصرية المكتشفة حديثاً، أما التعليم  فهو التعليم  البصري الذي يقوم بتدريس منتجات العين البصرية .

 يدرس منتج البصر ، منتج البصيرة ، منتج بصيرة البصيرة؛ بداية من النقطة البصرية للياء البصرية .

وكل هذا يقوم على أول موسوعة  بصرية مكتشفة، وهي موسوعة محو الأميّة البصريّة التي تتكون من خمسة أجزاء  وهي :

( محو الأميّة البصريّة .. علم الخيال )

1- محو الأمية البصرية .. علم الخيال

2- علم التفسير البصري .. ما بعد العقل 

3- الكتاب البصري .. ما بعد العقل 

 4- أذان العين .. ولسانها 

 5-  كتاب الكتب .. ما بعد العقل 

ومنها يستخلص المنهج  البصري  لكل المراحل الدراسية البصرية  حيث أن اللغة البصرية هي الجسر الممتد  بين الإنسان  وأخيه الإنسان ، فهي لغة الإنسانية .

 جملة القول :  يقدم المشروع عقلا جديدًا يسمى العقل البصري  الذي هو  قاعدة أذان العين البصرية التي لم تكتشف بعد، ثم لسان العين البصري  من خلال هذا المشروع؛ ولأن الذي لا يعرفه العلماء أن من قام  ببناء الكرة الأرضية من حبة الرمل لعمارات ناطحات السحاب  نهاية بمكوك  الفضاء هو العقل البصري وأذان العين البصرية  واللسان البصري.

من هنا سيقوم "المعهد  العالي للتعليم البصري "على تخريج طالب يؤسس على أرقى العلوم  البصرية، طالب يضيف لدولة الإنسانية البصرية العالمية .

  و بحثي المشارك  في منهج  محو الأمية البصرية والموسوم  "التكوين الثقافي والحقيقية الجوهرية البصرية "، كان عبارة عن محاولة للبحث والتنقيب وإذ يُدرج ضمن المنهاج لأهميته . 

 ويسرني أن أضع بين أعينكم  بعض من استهلال  بحثي المشارك :

(على سبيل البدء

لعل من نافلة القول ، لا يمكن نشوء شيء من فراغ مالم يكن هناك اطار معرفي ومرجعي يغلفه ويحتويه، وإذا كانت الكلمة المدوّنة روح الأدب وعنوان الثقافة؛ لأنها تحرك حاسة أو حاستين ، فالصورة  هي لغة من نوع جديد  وخطاب حديث له صفة المفاجأة، والمباغتة والتلقائية  والسرعة الشديدة  مع قوة  المؤثرات المصاحبة وحديَّة الإرسال ، إذ تحرك جميع الحواس ،وتنطبع في الذهن  في الوقت نفسه، وتبقى حيّة في الذاكرة .

التكوين الثقافي

ولما كان البصر حاسة تزود الإنسان بالمعلومات ، تسهم ـ إلى جانب السمع ـ في التكوين الثقافي للفرد ،كما تسهم في  تشكيل قدرته على رؤية الأشياء، فهو أداة  من أدوات المعرفة بدليل قوله تعالى في الآية الكريمة: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)[الإسراء:36].

القيم الذهنية

وفي إطار هذا الإعجاز العلمي واللغوي يتجه البصريون إلى استحضار القيم الذهنية وقدرتها على توحيد الأشياء على لوحة الواقع  والتي يصعب على العين رؤيتها؛ لأن الفن ليس مجرد وسيلة  لمداعبة العقل والحواس، وإنما وسيلة لاستزادة المعرفة، ورسم الأشياء كما يريدها العقل . 

ربما كان الأسقف باركلي Barkely، أول من زعم بأن الرؤية مثل اللغة، وأصر على أنها لغة عالمية وليست لغة إقليمية أو محلية.)


سؤال:

7 - أستاذتي الفاضلة، لكم إصدارات عديدة في الرواية والشعر والمسرح نذكر منها :

- قصائد لجلنار البحر 

- رقص على رماد الجسد 

- امرأة بكى في عينيها أوليس 

- ومن الماء أنثى.

- الوسط البعيد.

- تيم البنفسج .

- وينكسر الغياب : مجموعة شعرية.

- رتاج الشمس  : مجموعة شعرية. 

- قداحة العشق ..

- هذا الذي كان.

-مرقد اليقين

- رواية - في حضرة الرصاص

 _   رواية : "حيث يسكن الياسمين"..

_مسرحية...تحمل عنوان  :"وأبحث عن آدم "

_ ملح أنوثتي  - ديوان شعر ..

سؤال : بصفتكم ناقدة هل يكون النقد حاضرا أثناء عملية الإبداع ؟


جواب:

- كي لا يأخذنا السؤال إلى جهات أخرى يجب الاعتراف أنَّ اللغة الشعرية أيقونية بامتياز ،لأنها قابلة للمزج  بين الكلام والتشكيل  لأغراض جمالية وإيديولوجية  مقصودة ،و النقد ينمو  في ظلّ الفنّ أو الأدب، والأديب هو الناقد الأوّل لأعماله؛  لأن العمل الإبداعي هو نفسه عمل نقدي .

  لاسيّما الذات المبدعة هي ذات منشطرة  فإذا نظرنا إلى الذات من وجهة نظر مارتن هيدجر "هي سمات الشخصية النفسية والاجتماعية وكذا العمليات الموحدة التي ينطلق منها الفرد في تعامله مع كل ما يحيط به من البيئة المحيطة وأي اختلاف أو بعد عن هذا الإطار الموحد السوي هو انشطار.

بكل شفافية  أشعر الذات الشاعرة التي بداخلي ذات أخرى تختلف عنّي في الحالة العاديّة، و أثناء الكتابة تكتب وكأنها تعري ذاكرتها لتصل إلى الفراغ الذي  يحررها من أي قيد  ولتكون الذات  التي لا تشبه أحدًا ، فتنشطر إلى ذوات وتعود لتوحد الحواس وتخضعها لمبدأ التراسل البناء،  وتلتحم بشخصيتي، فأتحوّل معها إلى مرآة لتصبح العلاقة بينهما علاقة تقابل وانعكاس، تماماً كما يحصل بين الوجه (الذات) والمرآة .

فكما أن (الذات) الشاعرة حاضرة دائماً، وممثلة حضورها هذا في ما ترى من صور الأشياء، أو ترسم ما تتخيل فتجسد أو تعبر عن رؤيتها للوجود.. فالخيال مرايا  منكسرة  حيث صورة تعكس صورة  إلى ما لانهاية؛ ينجم عن هذا الانكسار  تناسل التشظيات والفوضى  والمتاهات والتهويمات..  

فإن (المرآة) هي المجال العاكس لكل ما هنالك من صور الأشياء ووجوه التعبير.. إذ تبقى (الذات) هي المركز، ومجال الإشعاع، والبؤرة.. وهذه المرآة هي الشعر، والنقد بآن واحد.

 ومن هذا المنطلق لكي يكون المرء مبدعاً، لا يكفي أن يعرف كتابة الشعر والقصة والرواية، بل ينبغي له كذلك أن يكون ناقداً  أثناء عملية الإبداع كي يتمكن من الدفاع عنها.

وعند النظر في كلا العمليتين ، سنجد أن العمليتين لا تختلفان عن بعضهما بعضا إلى الدرجة التي يظنها أصحابها، بل هما عمليتان مكملتان لبعضهما.


سؤال:

 8 - سؤال مرتبط بما سبق، هل أنصفكم النقد؟ وما حظ كتاباتكم من أقلام النقاد؟


جواب:

- قبل الإجابة على السؤال لا بد من التأكيد ؛  الشعر هو  النقطة الأولى   التي يقف أمام محرابها النقد جاثيًا باحثًا عن تجلياته بلا جدوى؛ لأن الشعر وليد اللحظة الشعرية الفارقة والإحساس الروحي الصادق الذي لا يخضع  للقواعد والقوالب والإملاءات .

ومن زاوية أخرى ؛ النقد مسألة مركبة جداً، وهو غربال الموهبة وثقافة ورؤيا، فنّ يشترك فيه الذوق والفكر والفهم العميق ؛ هو إبداع على إبداع  العمل الأدبيّ، حسب بارث هو عمل مفتوح تصبح فيه القراءة النقديّة ضربًا من الإبداع والكتابة. 

أما كتاباتي فقد كان حظها من أقلام النقاد  قليلاً،  وهي على قلتها لم تلامس جوهر الشعر  عندي، وإذا ما التفت بعض النقاد بين الفينة والأخرى إلى هذه التجربة قدموا قراءات  انطباعية وسطحية وعابرة غير مركزة وغير منهجية؛  بالمقابل كان  لي حظ أكثر  وفرة في كتاب الناقد العراقي  الدكتور " ناظم حمد السويداوي "  / جغرافيا الصوت الآخر / قراءات استنطاقية  في الشعر النسوي  المعاصر .. وأيضا الأديب الناقد العراقي حيدر عبد الرضا تناول تجربتي بنقد مبتكر وموضوعي تميزت بعمقها المعرفي وجدتها المنهجية، مجموعاتي الشعرية لا تقدم مفاتيحها بسهولة إلى النقاد، لكنها  في الحين عينه، تتيح للقراء من فرص كي يلجوا عالمها الشاسع، والمتعدد الظواهر والتجليات والتآويل، ولعل هذا ما اعترف به لا تقدم الشاعر والأديب الناقد التونسي التونسي لطفي عبد الواحد عندما سبر أغوار تجربتي الشعرية والنقدية  بكل شفافية  ..

 أنا مع النقد؛ لأنَّ  قداسة المؤلّف قد ماتت، ماتت ملكيّته وأبوّته للنصّ فزالت سلطته..

في هذا الإطار يحضرني قول (فرانك كلارك) : "النقد مثل المطر ينبغي أن يكون يسيراً بما يكفي ليغذي نمو الإنسان، دون أن يدمر جذوره ".

 فالنقد في الوطن العربي لم ينصف أحدًا حتى ينصفني، فنحن ليس لدينا حركة نقدية عربية يسيرة  موازية للحركة الإبداعية ترى من أين يجيء الإنصاف النقدي؟

وتجدر الإشارة  إلى أنَّ وجود الناقد المهني في المفاصل الإبداعية أمر ضروري جداً؛ لأن هكذا نوع من النقاد يستطيعون تشخيص نقاط القوة والضعف في العمل، وبالتالي يستفيد المبدع من رؤية الناقد، وبالتالي تكون العملية تضامنية، فالإبداع مساحته أكبر وبلا حدود ، إما الناقد يعمل على حدود وقواعد والعلاقة بينهما ليست علاقة خصم بخصم، وصورتاهما يضمهما إطار واحد، فالإبداع مادة النقد، سواء أكان ذلك النقد تنظيريًا أم كان تطبيقيًا، وإذا كان الإبداع نصًا فإن النقد نص آخر، أي أنه نص على نص.

لابد  من تطوير آليات التلقي  وإنتاج المعنى ، للتغطية على الهشاشة التي يعرفها نقدنا العربي؛ إن الوعي النقدي مسألة اجتماعية في الأساس لا يمكن تدعيمه دون فتح الأنساق المعرفية المغلقة للبحث، والمساءلة.

 لذلك ينبغي على النقاد العرب: أن يتواضعوا ويؤمنوا بالحداثة عقيدة حياة ووعياً مستمراً بأدب يجدد ولا يقلد.

 والناقد الحق هو الذي ينصف نفسه قبل أن ينصف غيره من الأدباء، حين يكون حارسًا لقيمه العليا، بوصفه ناقدًا قاضيًا عالمًا، وأديبًا متذوّقًا فنّانًا بامتياز.


سؤال:

9 - دكتورة أحلام مسيرتكم الإبداعية والنقدية كانت متوجة بالعديد من الجوائز مثل :

_ جائزة  مهرجان همسة  للآداب والفنون  في جمهورية مصر العربية 2017 عن شعر التفعيلة.

 _جائزة شاعر النيل والفرات ،الحصول على المركز الأول في مسابقة شاعر النيل والفرات  في مصر عن كتاب "رتاج الشمس "

- الفوز بالمركز الأول بمسابقة  الشعر لمجلس الثقافة والفنون بسويسرا   للعام 

2017

- ٍالحصول على جائزة أفضل إصدار لعام 2019 لمؤسسة النيل والفرات في مصر عن  ديوان /قَدَّاحةُ العشق/ 

_ شهادة التفوق وإحراز المرتبة الأولى عن مخطوط " شموس الثريَّا"  بالمسابقة الدولية التي أقامتها  جامعة الزهراء/ جمهورية إيران الإسلامية  2021 

- إحراز المرتبة الأولى  في مؤتمر /القدس لنا الدولي عن قصيدة" موكب الشمس" 2021

هل الجوائز بالنسبة لكم حافزا للمزيد من العطاء؟ وهل تعتبر كافية لتتويج المسيرة الإبداعية والنقدية للأديب والناقد؟


جواب:

- في ظل ما صاحب تلك الجوائز من أزمات يجعلها محل جدل، ويجعلنا نحاول البحث عن الإجابة عن السؤال الشائك ؛ جوائز الإبداع لا تخلق مبدعاً وقطعا لا تصنع أي كاتب .

 مما لا شك فيه إنَّ النصوص هي التي تمنح المبدعين قيمتهم. وهي التي تظل شاهدًا على انجازهم وعلى مدى ما أضافوه إلى الإبداع . 

أميل من جانبي إلى تغليب حسن الظن، الجوائز قد تجذب قراءً جددًا للأعمال الفائزة، وتنشط الحوارات والمناقشات حول تلك الأعمال و تحفز التنافس المبدع والخلاق بين المبدع، مما يدفع العملية الإبداعية إلى الأمام و تعني استمرارًا وتشجيعًا معنويًا لا للجوائز قيمة تضاهيها قيمة معنوية،  وأن الجهود المبذولة لا تذهب سدى إنما هي مقدرة ومرئية وهو شعور فارق مع المبدع أن هناك من يتعاطى ويتفاعل مع منتجه ومنجزه والجائزة إن لم توضع من قِبل المبدع في مكانها الطبيعي فستكون حينها كارثة على إبداعه ،لأنَّ الإبداع هو المعيار الحقيقي والثابت للمبدع.


سؤال:

10  -  دكتورة، ما هو المشروع النقدي  الذي يشغل  بالكم؟ 


جواب:

- مشروعي النقدي هو طريقة في التفكير تتسع للأشياء كلها، لكل ما يمكن ان يكون مصدرًا لمعلومة، أيا كان نوعها وحجمها. وهو استعداد نفسي للتعامل مع الاشياء على اساس الانتباه والسؤال الذي يبحث بصدق عن معرفة.

   استنادا إلى أن النقد حركة نصية رؤيوية واعية، و مكاشفة دائمة ؛اللبنة الأساسية لمشروعي النقدي هو  الأساس المعرفي الفلسفي لأنه يشيّد المرجعية الضابطة للتفكير في قضايا النقد والأدب أسُّه "الصناعة" المعرفية لا الأهواء الذاتية، فالمعرفة هي القوة الناعمة لإنجاز القفزات النوعية في سلم النقد،  ويحمل هذا المشروع أبعادًا ثلاثية:

 إبداعية ونقدية وفكرية .

 حاولت في مشروعي  الاستفادة   من أسرار البلاغة التي وضع فيها عبد القاهر الجرجاني أُسُسَه ومنهجَه في علم البلاغة، و"دلائل الإعجاز"،  وهذا دعم مفهوم النص حسب تصوّري: هو حتمًا؛ نص متداخل، ولا يوجد للنص البريء الذي يخلو من المداخلات ،  ولذا قالت " جوليا كريستيفا ": إنَّ كل نص هو عبارة عن لوحة فسيفسائية  من الاقتباسات، وكل نص هو تسرّبٌ  وتحويل لنصوص أخرى ".

 في هذا الإطار حاولتُ الاستفادة  من بنيوية "رولان بارت "  ومن شعرية " رومان جاكبسون "  ومن لسانيات  " فيردناد دوسوسير ".  

  القراءة الإبداعية للنص الأدبي  تتجاوز  مستواه الجمالي  إلى النسق المضمر في ثقافته ؛ لأن النقد الثقافي هو معني بكشف لا الجمالي كما شأن  النقد الأدبي، وإنما همه كشف المخبوء  من تحت أقنعة البلاغي / الجمالي ؛  وكشف حركة الأنساق  وفعلها المضاد للوعي  وللحس النقدي .

فالقراءة الناجعة هي القراءة اللا منتهية أو القراءة اللا مكتملة؛ وهي القراءة القابلة للمحو التغيير ،أو هي التي تتقبل المحو التغيير ؛ أي هي القراءة  التي يمكن أن تتطور ،ويمكن  أن تتغير . 

لذلك معظم  كتاباتي تبقى في حوار  وانفتاح وتصادم وتناقض، ،وإضافة  ومحو ، فأنا لا أؤمن بناقد كامل , 

   لا غرو أن يكون مشروعي النقدي  ذو حساسية جمالية ، وإرادة واعية تتحسس الأشياء ،وتتشوف جوهرها  من خلال حسن الاستشفاف الجمالي ، وحسن الرؤية، وعمق مخزونها الإبداعي، فالإبداع في أسمى تجلياته ثورة جمالية، وحساسية جمالية مرهفة، لا يمكن الوصول إليها إلا عبر مدلول جديد ، ورؤية ثاقبة تستشف ما خلف الكلمات .

    هذا المشروع قابل للتطوير  والتعديل والتوسيع تبعًا لما تعرفه  التراكمات المعرفية والمنهجية من تطورات سريعة  تمس طبيعة النص  ووظيفته داخل المجتمع .

 أعتقد أن أهمية المشروع متأتية من أنه لا يقف عند حدود النص الأدبي  من خلال إيماني المطلق أن المشروع النقدي للناقد ، كما المشروع الإبداعي للمبدع لا يكتمل أبدًًا، لذلك مشروعي النقدي ليس خياراً ميتافيزيقياً، بل يعدُّ اختياراً معرفياً تحكمه المعرفة والفلسفة، وتقوّيه التجربة، وتدعمه الفطرة الشعرية و الموهبة النقدية.


سؤال:

11 - قد يكون هناك سؤال أو أكثر تودون الخوض فيه والإجابة عنه، ولكنني لم أتطرق له، أرجو أن تضعوا السؤال وتتفضلوا بالإجابة عنه؟


جواب:

- يبقى التساؤل المطروح ؛ ما هي أهمية الجواب إذا كانت مساحة السؤال تفوق مساحة الجواب ؟ كيف نسأل؟ كيف نعيد للسؤال عرشه المفقود ولفن السؤال أهميته الضائعة ..؟

ويكون السؤال المُلح: هل استطاعت النظرية النقدية بالفعل إنقاذَ العقل من نفسه؟ وهل استطاعت أن تقترب من هدفها الأساسي وهو تحرير إنسانية الإنسان وتأكيد فرديته المقهورة، وإبعاد أشباح اللاعقلانية الزاحفة عليه في عصرنا الحاضر بأشكال مختلفة؟

 لذلك يجب الأخذ بالاعتبار ؛ العقل الناقد هو عقلٌ متقد يمحّص كل شيء يقع تحت بصره وبصيرته بالأسئلة باحثًا عن إجابات تصبح بدورها هي نفسها أسئلة فتتوسع آفاقه الذهنية باطراد.

القران الكريم يحث بشكل لا لبس فيه على إعمال العقل المتفكر المتسائل المتوثق وإطلاق ملكاته وعدم تقييده بإحكام موروثة أو مسبقة، ويفسح المجال لخيول الفكر لتعدو في الآفاق الكونية والذهنية تستقدح أنوار المعرفة وتنفض أغبرة الجهل والوهم.

 وسيظلُّ النص القرآني موقظا للقلوب  الجامدة ، ومحركًا للعقول الخاملة ، من خلال ما يصور التساؤلات الفكرية كنشاط عقلي بشري حظي بشرف ذكر الله له مثل (عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ) -النبأ ١-، و(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عنّي…) -البقرة ١٨٦-، و (وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَٰهُمْ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيْنَهُمْ …) -الكهف ١٩- ، ووردت كلمة (يسألونك) خمس عشرة مرة في القرآن الكريم متبوعة بإجابات وبيانات إفهامية من العليم الحكيم، بل ويحث النص القرآني صراحة على السؤال (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)

من هنا كانت الأسئلة هي المفتاح الأصليّ لكلّ بحث واكتشاف، إذ تكمن مهمّتها في زعزعة المسلّمات وتفكيك شبكة المعلومات السّائدة في عصر ما، قصد فهمها واكتشاف أسسها.

شكرا لكم أستاذتي الفاضلة، وفقكم الله في مسيرتكم

الشكر الأكبر لكم أستاذتي الفاضلة "أمنة برواضي" ولهذا الحوار  الذي يقدّمه مركز الباحث العربي إلى قرّائه الكرام  من خلال (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني ، محاولة لاستبيان الصراط  الذي تسير عليه  النفس الإنسانية في تشكّل المعارف ،و لتظهير مراتب المعرفة  عند الناقد العربي  وبيان الأسس  التي يقوم عليها  هذا النظام المعرفي ، وبذلك تكون تلك الأسئلة / الحركة  حلقةَ الوصل بين الثابت  والمتغيّر ، وبين المطلق  والمحدود ؛ وأتمنى أن يجد الباحث الكريم  في هذه الأسئلة ما يثير ميله إلى الاقتناع، أو رغبته  في النقد وتجديد السؤال .

والله من وراء القصد .

ــــــــــــــــــــــــــــ




 

ذة. أمنة برواضي في حوار "مع الناقد "( أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 14 مع الناقد والمؤلف المسرحي : أحمد طه حاجو (العراق).


ذة. أمنة برواضي في حوار "مع الناقد "( أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 14 مع الناقد والمؤلف المسرحي : أحمد طه حاجو (العراق).
ذة. أمنة برواضي في حوار "مع الناقد "( أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 14 مع الناقد والمؤلف المسرحي : أحمد طه حاجو (العراق).



    الرأي النقدي يخضع للنسبية.


حضور المرأة العراقية في مجال التأليف المسرحي قليل لا يوازي حجم الكتاب المسرحيين العراقيين ..

حوار مع الناقد العراقي:

 ( أحمد طه حاجو )

حاوره :  أمنة برواضي. 


السلام عليكم أستاذي الفاضل: أحمد حاجو عباس التميمي .

أولا، أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة عن أسئلتي.

ليكن أول سؤال.

1-  من هو ( أحمد طه حاجو عباس التميمي ) ؟ 


جواب:

_ ( أحمد طه حاجو ) هو ناقد ومخرج مسرحي ومدير تحرير مجلة الآداب والفنون ، حاصل على الماجستير في الاخراج المسرحي ، انسان صريح جداً ، يؤمن بدور الثقافة في تغيير الواقع الى الأفضل وعلى كافة الاصعدة ، السياسية والاجتماعية والثقافية ... الخ .


سؤال:

2 - كيف يمكن تصنيف المشهد الثقافي في العراق في ظل الظروف التي يمر بها البلد مقارنة بغيره من البلاد العربية الأخرى ؟


جواب:

_ المشهد الثقافي العراقي منذ الأزل هو ولّاد للطاقات الإبداعية وعلى كافة الأصعدة ، لا سيما في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مر بها العراق ، وفي كل مرحلة زمنية لها ابعادها الثقافية والابداعية ولها نتاجاتها ، فمثلاً في مرحلة ما بعد التغيير 2003 ظهر ما يسمى بأدب الحرب فأنتجت روايات وقصائد وقصص قصيرة راحت توثق الحرب بكافة أبعادها السايسلوجية ، كما ظهر في مجال المسرح العديد من العروض المسرحية وقبلها نصوصاً مسرحية كانت تندد بالحرب وويلاتها ومآسيها ، وبرز وتبنى ذلك العديد من المخرجيين العراقيين .

 وفي مرحلة جائحة ( كورونا ) أيضا ً صدرت العديد من الكتب التي وثقت لتلك المرحلة والخمول الذي اصاب العالم . إلا أننا قدمنا العديد من الأنشطة عبر منصات التواصل ( الاونلاين ) فمثلاُ أنا اسست مهرجان أبابيل الأدبي الدولي، وكان شاملاً للقصة القصيرة، والقصة القصيرة جداً، والقصيدة العمود وقصيدة النثر والنص المسرحي ، وكان هناك لجان تحكيم رصينة اغلبهم من اساتذة الجامعات، ومن الأدباء والنقاد الكبار ، وكانت هناك مشاركات دولية ، كما اطلقنا نسخة من مهرجان مسرح الدمى والعرائس الدولي الأول ، بلجان رصينة عربية , وقد حققنا المركز الأول عالمياُ وأخذنا جائزة التايمز ، ومثلنا عبر هذه المشاركة ( جامعة البصرة ) كلية الفنون الجميلة / قسم التربية الفنية . فالعراق بطبيعته وعبر ما مر به من حروب وأزمات ، لا يعرف المستحيل ، فكل مرحلة يمر فيها العراقيون لهم قدرتهم على تجاوزها والتفاعل معها وتوظيفها فهم قادرون على الإنتاج دائماً . 


سؤال:

3 -  الأستاذ الباحث ( أحمد طه حاجو ) ناقد ومخرج مسرحي وصحفي... ماذا يعني لكم المسرح ؟ 


جواب:

_ المسرح هو الكائن الحي الذي يجّمل الحياة ويزيل القبح ، عبر تقنياته الحيوية والجمالية ، من خلال عناصر العرض المسرحي ( النص ، الممثل ، الديكور ، المكياج ، والأزياء ، الإضاءة ، والإلقاء ) فباجتماع جميع تلك العناصر وعملها بلحظة واحدة أما المتلقي وفق رؤية المخرج المبدع ، فإنها ستظهر صورة جمالية مقنعة للمتلقي وتجبره أن يتفاعل معها، ويتبنى خطابها المضمر ، لكن أعيد وأكرر إذا وجد العنصر الأساس ألا وهو ( المخرج المبدع ) ، فالمسرح هو ثقافة ورسالة تنويرية تحريضية ، تعمل على تغيير وجه الحياة وإصلاحها عبر توجيه الفكر والوعي ، وعبر الدفع للإتيان بفعل رافض لجميع مظاهر التردي والفساد والقبح .


سؤال:

4 - ألفتم العديد من الكتب نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

 1_ كتاب ( نبضات مسرحية ) / ج 1 / قراءات تحليلية لعروض ونصوص وكتب مسرحية وأوراق نقدية /2019 . 

2_ كتاب ( نبضات مسرحية ) / ج 2 /قراءات تحليلية في عروض ونصوص مسرحية ( معد للطبع) . 

3_ كتاب ( التحريض في العرض المسرحي المعاصر ) ( معد للطبع ) .

 4_ كتاب ( تجليات حرف ) / قراءات تحليلية في روايات ومجاميع قصصية وشعرية / 2022 .  

 5_ كتاب ( البعد الاجتماعي في النقد المسرحي المعاصر ) ( معد للطبع ) .

 6_ كتاب ( البؤر السردية الواصفة ) / نقد / ( معد للطبع ).

بالإضافة إلى العديد من الكتب المشتركة .

من خلال عناوين الإصدارات يبدو مدى اهتمامكم بالنقد المسرحي هل يمكن القول أن المسرح في العراق بخير؟ وهل النقد يواكب ما ينتج من أعمال مسرحية ؟


جواب:

_النقد المسرحي هو الأداة الراصدة للعرض المسرحي منذ البداية وحتى لحظة فتح الستارة وانتهاء العرض ، كما أن النقد هو عملية اظهر المحاسن والمساوئ وتبيان مبررات  اشتغال كل عنصر من عناصر العرض المسرحي ، وفق المنطقيات المسرحية والأسس التي بني عليها العرض المسرحي ، ألا وهي المذاهب المسرحية ، اما في ما يخص النقد المسرحي في العراق ، فهو أكيد يواكب العروض المسرحية، ففي جميع المهرجانات المسرحية تقام جلسات نقدية لتفكيك العرض المسرحي، واشتغالات المخرج وإبراز المحاسن والمساوئ وفق معايير المسرح العامة ، لكن لا يخفى على الجميع أن النقد بصورة عامة سواء النقد المسرحي أو المسرح الأدبي ، فهو يخضع إلى النسبية في رأي الناقد مهما حاول التقيد بمذهب نقدي ما ، فذائقة الناقد تسيطر على أحكامه نوعاً ما ؛ لأنها وليدة لبيئة ما ، وتقع تحت ايدلوجيا ما . وأستطيع أن أقول ان المسرح في العراق بخير نوعاً ما ، فهنالك مهرجانات على مستوى العراق ، وأخرى خاصة بالمحافظات والتي تقيمها نقابات الفنانين ، وأخرى تخص المسرح الحسيني ، إلا أننا نطمح بالأكثر لأن المبالغ المرصودة لإقامة تلك المهرجانات قليلة مما أدى إلى انحسار العروض ، فحن لا نرى عروض مسرحية على مدار السنة ، بل فقط في مواسم المهرجانات السنوية . 


سؤال:

5-  سؤال مرتبط بما سبق كيف يرى الناقد ما ينتجه المسرح العراقي من الدراما وفرجة مقارنة بما ينتج في باقي الدول العربية الأخرى؟ 


جواب:

_ نعم كما أسلفت ان رأي الناقد يخضع إلى النسبية ، وإلى ثقافته الخاصة، وإلى مشاهداته الداخلية والخارجية واكيد  ان الناقد المطلع على التجارب العربية والعالمية ان رأيه سيكون قاسياً بعض الشيء على التجارب الضعيفة ، فالتجربة العراقية راسخة بالنسبة للرواد ، أذكر على سبيل المثال تجربة ( المخرج كاظم نصار ) والمخرج ( أنس عبد الصمد ) تعد من التجارب المتقدمة عراقياً وعربياً وعالمياً بالإضافة إلى عدد من المخرجين الذين لا يسعني ذكرهم ، بحكم اطلاعهم على التجارب العربية ، بالإضافة إلى عمق رؤيتهم للعرض المسرحي، والواقع العراقي  وقدرتهم على خلق مزيج مسرحي إبداعي متفوق ، لكن بالنسبة للمسرحيين الشباب فهم بحاجة إلى الخروج من الدائرة المغلقة، والاطلاع على التجارب المسرحية العربية والعالمية ، ليطوروا من مهاراتهم. والورش المسرحية المشتركة التي تتبناها الهيأة العربية للمسرح بين الحين والآخر هي حالة صحية للمسرح الشاب العربي وأكيد انها أضافت الكثير من المهارات للمشاركين فيها من العراقيين .


سؤال:

6 - جميعنا يعلم أن المسرح مرآة للواقع ما نصيب الأحداث التي عرفتها البلاد من الإنتاج المسرحي العراقي؟ وهل المسرح العراقي فعلاً مواكب لهذه الأحداث وعبر عنها ؟ .


جواب:

_ نعم المسرح العراقي خير مواكب للمتغير العراقي، ففي زمن النظام السابق برغم الصعوبة  في إنتاج عرض مسرحي جريء ، وذلك بسبب صرامة الرقيب في حينها ، إلا أن هناك عروض جريئة عرضت واوقفت وتم توقيف المخرج والممثلون ايضاً ، اذكر مثلاً مسرحية ( الذي ظل في هذيانه يقظاً ) إخراج الفنان ( غانم حميد ) التي عرضت ليوم واحد فقط ، وتم حبس المخرج وجميع الممثلين واستجوابهم ، وفي البصرة حاول المخرج العراقي والعربي البروفيسور ( حميد صابر ) أن يقدم مسرحية ( الحر الرياحي ) وأخرجها بطريقة تحريضية واعية ، إلا أنها أوقفت قبل يوم من عرضها ، بسبب أبعادها الدينية والتحريضية والتي تتعارض مع توجهات السلطة آنذاك ، وخوف السلطات في وقتها من ان يثير العرض مشاعر الجمهور، وقد تحرض على التمرد ، اما في مرحلة ما بعد 2003 ، أخذت العروض المسرحية منحاً آخر بسبب مجال الحرية التي منحت للمسرح بصورة عامة إلا أن المسرح بقي راصداً للمتغير السياسي وإسقاطاته على المجتمع العرقي فظهرت عروض مسرحية تحاكي الفساد الإداري، و الربيع العربي والارهاب وداعش وأيضا ً جائحة كورونا مؤخراً . 


سؤال:

7 - أستاذي الفاضل قمتم بالعديد من الدراسات النقدية خاصة فيما يتعلق بمجال تخصصكم (المسرح ) 

في رأيكم ما هي المواصفات التي يجب توفرها في العمل الإبداعي بشكل عام ليجد صداه عند النقاد؟


جواب:

_كما قلت ان المعيار في تفكيك العرض المسرحي هو مدى ثقافة الناقد ودرايته للعناصر المسرحية ، هو الأساس ، كما أن الرأي النقدي يخضع للنسبية من حيث ذوق وميول الناقد، وتوجهاته الثقافية والدينية ، فنرى بعض النقاد المتشددين دينياً يوجهون نقدهم المر على أي اشتغال مسرحي لا يتماشى مع توجهاتهم ، ونرى من النقاد المنفتحين يوجهون نقدهم القاسي على أي اشتغال ملتزم  وهكذا , إلا أن قلة قليلة من النقاد من الوسطيين المهنيين الذين يفككون العرض بصورة عادلة ومبررة لكل كلمة تخطها يداهم ، أما بالنسبة للمواصفات الواجب توفرها في العرض المسرحي هي أن يكون العرض مثيراً للجمهور , وان يحقق المخرج المسرحي دهشة لدى النقاد ، لأن الناقد بحكم عمله واطلاعه فإنه متابع جيد للحركة المسرحية العراقية والعربية وحتى العالمية ، فلا يثيره ما يثير الجمهور ، فعلى المخرج أن يكون واعياً وغير مستسهلاً للعملية الإخراجية ، وأن يراعي الجدّة في عرضه المسرحي ، فالنقد المسرحي في العراق على أوجه والناقد العراقي لا يقتنع بأي عرض مسرحي ، لأن نقادنا ذوي خبرة، وتخصص دقيق بامتياز . 


سؤال :

8 - كيف تقيمون حضور المرأة العراقية في المسرح العراقي؟ 


جواب:

_ حضور نوعي ومهم وواعٍ ، فالمسرح العراقي يحتوي على الكثير من الأسماء المسرحية النسائية المبدعة والتي حققت حضوراً عربيا وجنت العديد من الجوائز ، مثل ( د. عواطف نعيم ، هناء محمد ، د. شذى سالم ، د. سهى سالم ، د. هديل كامل ، آلاء نجم ، ... الخ ) وهناك العديد والعذر كل العذر لعدم ذكرهم جميعا ً . فحضور المرأة العراقية في المسرح العراقي حضوراً جاداً، وكثيفا سواء على مستوى التمثيل او الإخراج ، وحتى التأليف المسرحي ، وباقي التقنيات ، فلدينا العديد من النساء الفنانات المتميزات في فن المكياج والأزياء . 


سؤال:

9 -  سؤال مرتبط بما سبق لو سألتكم عن إصدارات المرأة العراقية في مجال التأليف المسرحي مقارنة بما أصدره الرجل ما هو جوابكم؟


جواب:

_ هناك العديد من النساء الكاتبات المسرحيات، ولهن إصدارات مثل ( د. عواطف نعيم ، اطياف رشيد ، د. ايمان لكبيسي ، وغيرهم ) لكن الصراحة أن حضور المرأة العراقية في مجال التأليف المسرحي قليل لا يوازي حجم الكتاب المسرحيين العراقيين ، فعدد الكتاب الرجال اكبر بكثير . 


سؤال:

10 -  تساهمون في عدة أنشطة ثقافية (مسرحية ) ولكم حضور في الساحة الثقافية العربية كيف ترون مستقبل الكتابة والإبداع في هذا الجنس الأدبي ( المسرح ) عند الأجيال القادمة؟


جواب:

_ الكتابة  المسرحية هي منظومة متكاملة فهي ليس عملية سردية كما في الرواية ، بل إنها تعتمد التكثيف والتركيز على الأفعال ، وهذه العملية تحتاج معرفة دراية بتقنيات المسرح تحديداً ، بالإضافة إلى سعة أفق وخيال ووعي ، ورؤية وتماس مباشر مع الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني والثقافي ... الخ .  وقدرة الكاتب على كيفية تحويل الواقع ومزجه مع رسالته الشخصية التي تمثل رسالة شعب ، مع الرسالة المسرحية وإخراجها بصورة جليلة جمالية مقنعة مؤثرة للمتفرج ، فهي عملية صعبة للغاية إلا أن هناك تجارب تبشر بالخير لكنها  قليلة جدا ً.


سؤال:

11 -  حصلتم على العديد من الجوائز :

- لقب أديب النيل والفرات لعام 2019 المركز الثاني في التأليف المسرحي.

- لقب صاحب أفضل إصدار لعام 2019 المركز الثاني النقد والتأليف المسرحي عن كتاب ( نبضات مسرحية ) 

- كرمتم بدرع من دار الأدب البصري لفوزكم في مسابقة عربية عن مسرحية متصنمون 2019

- ذكرت سيرتكم ضمن معجم المبدعين العرب /ج1 الصادر عن دار النيل والفرات مصر 2019

ماذا يمكن أن تقوله لنا عن سنة 2019 هل هي سنة الجوائز بامتياز ؟


جواب:

_ نعم كانت سنة مليئة بالإنجازات والكتابة والمشاركة في المهرجانات ، كنت في وقتها قد أنهيت السنة الأولى التحضيرية للماجستير، وكانت مرهقة بعض الشيء ، فجاءت مرحلة الكتابة وهي عام 2019 وكنت جالس في البيت،  وكانت وقتها جائحة كورونا ، فقد قمت باستغلال الوقت للكتابة ، والحمد لله قد شاركت بمهرجانين في مصر وحققت المركز الثاني في مجال النص المسرحي ، وأيضا ً في مجال الإصدارات ، ومنحت لقب ( أديب النيل والفرات ) ، وكانت هذه المشاركة بمثابة حافز  للمواصلة ، وفي الغالب ان المهرجانات هي حالة صحية للمبدع فمن خلال مشاركته باستطاعته أن يرى أين هو من خارطة الإبداع ،  ومستوى ما ينتجه مقارنة بالوسط العربي ، إذا كانت لجان التحكيم رصينة وعادلة وغير مجاملة . 


سؤال:

12 - هناك العديد من الجوائز  والشهادات في حقكم ماذا تعني للأستاذ ( أحمد طه حاجو ) مثل هذه التكريمات هل تكون حافزاً على المزيد من العطاء؟ وهل تعتبر كافية لتتويج مسيرة المبدع والناقد؟ 


جواب: 

_  الشهادات والتكريمات هي مصدر اعتزاز لي أكيد؛ لأنها عنصر معنوي كبير وتحريضي على الاستمرار في العطاء وإبراز أفضل ما لدي ، إلا أنها لا تعتبر اداة تتويج للمبدع ، لأن التتويج الحقيقي للفنان والمثقف والمبدع هو مستوى ما ينتجه، ومدى فائدته للمجتمع ، ومدى مغايرته لمن سبقوه . ومحتواه العلمي والفكري ، هنا يكون التتويج الحقيقي ، ألا وهو الإنتاج الجليل و الصادم والمغاير للمألوف .  


سؤال:

13 -  من موقعكم كناقد مسرحي ماهي الشروط التي تساعد على إرساء مسرح يعبر عن حاجات الإنسان العربي ويحقق الفرجة المطلوبة منه ؟


جواب:

_ حقيقة لا شروط محددة ، بقدر ما هو متوفر من مسؤولية وانتماء حقيقي لدى المخرج المسرحي ، لأنه هو الأداة الفاعلة في صناعة العرض المسرحي ، فالمخرج عادةً يعبر عن محتواه الأيديولوجي والفكري والوطني، وعلى كافة المستويات ، من خلال أدواته الإبداعية ، والتي تتمحور عبر عناصر العرض المسرحي ، فالعناصر واحدة ، لكن الأفكار متعددة ، فمتى ما كانت الفكرة على مساس مباشر مع الهم المجتمعي ، فإنها تكون مؤثرة وتحقق تفاعلاً حيا من قبل المتلقي بغض النظر عن الأساليب المتبعة إخراجياً ، وهنا أحب ان اوضح نقطة ألا وهي أنه  على المخرج أن يبنى خطابه المسرحي والإخراجي وفق مستوى الجمهور المستهدف ، فمن غير المنطقي أن يقدم عمل مسرحي ينتمي إلى ما بعد الحداثة، او  عرضاً مليئا بالابتكارات والتجريب إلى جمهور في الريف أو منطقة بسيطة لا تفقه بدواخل العرض المسرحي ، فمثل هكذا مناطق ينبغي ان يكون العرض متوائماً مع ثقافتهم كي يحصل التفاعل والتواصل والعكس بالعكس .  


*كلمة أخيرة ؟ .

_ شكراً جزيلاً لك استاذة آمنة على هذا الحوار الذي استمتعت به كثيراً ، وعلى أسئلتك الدقيقة، والتي انبثقت وتصب في عمق التخصص وبحثك عن سيرتي العلمية والثقافية بصورة دقيقة ، وامنياتي لك بالتوفيق في عملك وتسليطك الضوء على الجانب الثقافي العربي ، وهذا إن دل إنما يدل على صدق إيمانك بدور الثقافة في نهضة الشعوب العربية، وبناء الأجيال القادمة.


شكرا لكم مرة أخرى أستاذي الفاضل وفقكم الله في مسيرتكم.