(علمتنا الأيام) 
بقلم الكاتب و المفكر أ. رامي محمد



ثُمّ إن الأيام علمتنا أن شرط السعادة بقواعد عريضة من الطموح والتطلع، من شأنه أن يصيب كل خططنا بالانهيار في لحظة، لأن تلك الآمال ستكونُ عُرضةً دائمة للحوادث غير المتوقعة، والأيام التي تجري بما لا تشتهي الإرادة.
في البداية نأخذ الترتيبات المبالغ فيها ونرسم طريق حياتنا بالقلم والمسطرة، ولا نعرف أن الأيام خداعة، وعرضة لإخفاقات متتالية وعقبات تحول دون تحقق كل الأماني.

الغريب أننا أحيانا نصلُ إلى ما نخطط إليه، دون أن نأخذ في الحسبان ما يُحدثه الزمن من تغيّرات في ما وصلنا إليه، بل وفي تصوراتنا نحن تجاهه، فيصيب كل حساباتنا وتوقعاتنا الإرباك، بعد أن اكتشفنا أن ما كافحنا لأجله لم يعد يناسبنا.

الحياة رحلة؛ يحدثُ فيها كما يحدث للمسافر، كل ما تقدم في طريقه تتخذ الأشياء أمامه أشكالا مغايرة، لا تشبه تلك التي كان يراها عن بعد، وكل ما اقترب منها تغيرت وتبدلت أكثر.

وربما يكتشف أن كان سيجد أفضل مما كان ينتظر ويتوقع، لو أنه سلك طريقًا آخر، وأنه حيث ظن أنه سيجد سعادة وافرة، وجد درسًا قاسيا وطريقًا صعبًا وعبرة يتعظ بها لحياته. 

هي الأيام باصديقي، كفيلة بإنهاك الإنسان والتلاعب به، نعذب فيها أنفسنا لأجل غايات تتجازوها وكل هذا من الوهم الذي يجعلنا نرى الأشياء ممتدة بلا نهاية.
Share To: