التبسم في ثقافة شعوب شرق آسيا..
للكاتب و المفكر أ. رامي محمد
كان أحد أصدقائي يعتقد بأنها سذاجة؛ أن تبتسم للأشياء التي لا تعرفها؛ وكان يسمهم بالبلاهة، لكنها بالنسبة لي منحة لطيفة، بدلًا من الوجوه المتجهمة التي تراها في شوارع المدينة. فهي تعكر المزاج؛ لما للبسمة أو التجهم أثر كبير على فكرة العاطفة.
الرابط اللطيف في تلك المفارقة، أنك تلاحظ في فن النحت في آسيا، أن كل التماثيل البوذية في الشوارع والمتاحف مبتسمة وتفيض بالفرح، وهذا على خلاف التماثيل الرومانية واليونانية، التي لا تعبر بحال عن تلك الغبطة الداخلية.
يعني أن الابتسامة لها أصلٌ متجذّر في روح تلك الثقافة، كما تحكي التعاليم البوذية، أن البسمة هي السبيل الأوحد لمقاومة الشعور بالحسد داخل الإنسان، وأن الحسد يقصّر العمر كما أن البسمة تطيله، وربما لذلك كانت إجابة أكبر مُعمّرٍ في العالم بحسب موسوعة غينيس -الياباني واتناوبو- حين سئل عن سبب طول عمره فقال -الابتسامة!-
فالحاسد لا يتقبل نجاح الآخر أو سعادته، وينتقص من أهمية ما يحقق غيره، ولا يتخلى عن المنطق المرَضي -التنافس- والقياس ومقارنة حاله بالآخرين، فيتجهم بحواسه ولا يتبسم، انعكاسا لتلك الضغينة بداخله، والتي تضعف قدرته على البقاء.
أما المبتسم فهو يربي بشكل ما بداخله، ثمرة حب الغير والسعادة لكل انتصار وتقدم له، يسعد بتطور ونمو كل شيء حي، فيعبر بابتسامته الدائمة وكأنها تصفيق بالملامح وإشارة إلى عدم الغيرة من جمال غيره أو أفضلية عمله، أو فرحه بشريكه، بدلًا من أن يترك الحزن والضغينة ينموان بداخله، فهو بتلك البسمة البسيطة، يوجه نفسه شطر الفرح ويريد لنفسه طول البقاء!
Post A Comment: