(خطوتانِ مِنَ البُكاءْ) 
بقلم الشاعر الفلسطيني أ. عبد المحسن محمّد



المتعبونَ أمَامنا
وأنا أحدِّقُ بالرَّحيلِ
فكيفَ أصرخُ
في فميِ وجعٌ
يحاصِرُهُ الصَّدأْ

وأسيرُ نحوكِ
خطوتينِ مِنَ البكاءِ
على شفاهِ الرَّاحلينَ
بلا نبأْ

فتمهَّلي..
شفةُ المكانِ تئِنُّ
يقهرُهَا الظَّمأْ

✿⊶✿⊷✿

عيناكِ..
قبلَ رحيلِ
بعضِهما إليكِ
ترامَتَا عندي
لنبدأَ بالهربْ

طِفلانِ قدْ فرَّا إليَّ
يفتِّشانِ عنِ الحقيقةِ
في صناديقِ التّعبْ

لمْ يعرفا
- بعدُ - الإلهَ
وكيفَ يُعبدُ
في ظلال الأرضِ ربْ!

عيناكِ..
كافرتانِ بي
ما حقَّ للمحبوبِ كفرٌ
حينَ يؤمنُ
مَنْ أحَبْ!

✿⊶✿⊷✿

سربٌ مِنَ الأوجاعِ
حلّقَ فوقنا
لمَّا صرختِ:
"أراكَ تشبهُ غائبي
عدْ حيثُ كنتَ
فإنَّ أحلامي انتهتْ"

عينٌ تحاولُ

أنْ تُخبِّئَ دمعَهَا
أخرى تَقاسَمَها 
الهوانُ فأدمعَتْ

نَبَتَ الفناءُ
على بقايا حُلْمِنا
وقصيدةُ العشقِ
الأخيرِ تمنَّعتْ

✿⊶✿⊷✿

نحنُ الضَحايا في الهوى
جثثٌ.. ستتلونا جُثَثْ

إنَّ الولادةَ مرَّةً أخرى
قدْ لا تغيِّرُ بالحدَثْ

عَبثًا عَشقنا..
ثمَّ نرحلُ مِنْ عَبَثْ

✿⊶✿⊷✿

أنتِ اكتمالُ الدمعِ فيَّ
وأنتِ صرختُنا الأخيرةُ
كلَّما طافَ العذابُ
ولم يجِدْ فينا
طقوسَ العاشقينَ
وبعضَ حُبٍّ
خلفَ ظِلَّينا اختلجْ

قلبي إليكِ سرى..
وقلبُكِ نحوَ غيريَ
قدْ عَرَجْ

لا ترحلي..
فالأرضُ ملأى
بالوجيعةِ واللُّجَجْ

✿⊶✿⊷✿

قدْ مرَّ في قلبي شُعاعٌ
يقتفي ليلاً خطاكِ
فما رآكِ وما لمَحْ

كوني احتضارَ الخوفِ بي
قلبي يئنُّ،
فكمْ تعذَبَ وانجرحْ

كَفَّانِ مِنْ وجع الهوى
خبَّأتُ حزنَكِ فيهما

لمَّا ملأتُهُما أسًى
دمعٌ تبدَّى وافتضحْ

✿⊶✿⊷✿

ليلانِ.. قدْ مرَّا
على عينيكِ وانصرفا
فحلَّ الحزنُ بينهُما
وقلبُكِ للهوانِ رَضَخْ

كنتُ اكتمالَ الضَّوءِ فيكِ..
فلمْ أعدْ منِّي.. 
وخانَ النُّورُ ظِلَّينا
فلمْ يبصِرْ بكاءَ الوقتِ بي
لمَّا صَرَخْ

عيناكِ ألفُ
شهيدةٍ رحلَتْ
وقلبيَ ألفُ فَخْ

✿⊶✿⊷✿
قدْ جئتُ بابَكِ حائرًا

بي كلُّ دمعِ الأرضِ
يجري فوقَ خَدْ

حولي صلاةُ التّائبينَ،
وليسَ مِنْ حولي أحدْ

"وغدًا أراكَ"..
ولنْ تريْ
قلبي أمامَكِ للأبدْ

قلبٌ تحطَّمَ
في جسدْ

روحٌ تئنُّ
مِنَ الكَمَدْ

وأنا المضرَّجُ بالبقاءِ..
بلا بَلَدْ

✿⊶✿⊷✿

كفَّاكَ عِطرهُما
يُحلِّقُ فوقَ صدريَ
ما الألَذْ؟

لولا رحلتِ..

عن المكانِ غريبةً
وطنًا يحطِّمُ ما أخذْ

مِنْ ثُمَّ غادرَ أضلعي..
ثُمَّ انتبذْ

✿⊶✿⊷✿

فتَّشتُ عنْ عينيكِ 
كلَّ مدينةٍ حيرى
وما لهما أثرْ

وسألتُ حزنَ الرّاحلينَ
فلمْ أجِدْ غيرَ الوجيعةِ 
في قَدَرْ

شوقًا أحدِّقُ بالمكانِ
لعلّني أجِدُ الخبرْ

ليلٌ أنا
ما زلتُ أنتظرُ القمرْ

ظمأٌ يفتِّشُ
عنْ مطَرْ

ظِلٌّ تخبَّأَ
في بصرْ

✿⊶✿⊷✿

يا غصَّةَ الأوجاعِ
في مرآتِنا

أهَوَاكِ يا حزنَ الغمامةِ
لمْ يُجَزْ؟!

ليلٌ مِنَ الآهاتِ يكفي
كيْ تجيئكِ مريمٌ
وتهزَّ.. صمتَ القلبِ هزْ

قلبي أمامَ النّارِ يمكثُ تائِهًا
وفؤادُكِ المحزونُ
في حزنِ الحكايةِ مُحتجَزْ

✿⊶✿⊷✿

نمضي نُخبِّئُ أدمُعًا
فأتى إلينا النّاسكونَ
بلا جرَسْ

والرّاحلونَ مضوا إليكِ
بلا حَرَسْ

قدْ مسَّ قلبي الغائبونَ
ولم أغِبْ!
كيفَ اكتفيتِ مِنَ البقاءِ
بغيرِ مَسْ!!

✿⊶✿⊷✿

جدرانُ حبِّكِ
- يا حمامةُ – 
بعضُ قَشْ

إنْ أقبلَتْ ريحُ الرّحيلِ
هواكِ أمطرَ وارتعَشْ

قدرُ الهوى أحزانُنا
إنْ كانَ بعضُ هواكِ هَشْ

✿⊶✿⊷✿

خبَّأتُ في عينيكِ
ما فضَحَ الهوى
وسجنتُ أنوارَ المعابدِ
في قَفَصْ

ورميتُ في كفَيكِ
نَصَّ نهايتي
فرحلتِ ثَمَّ رميتِ
بعدَ الهجرِ نَصْ

عينانِ مُزِّقتا، وقلبٌ

فوقَ أشلائي رَقَصْ

✿⊶✿⊷✿

والمتعبونَ على شُطآنِ
قافيتي مَضَوْا
والبحرُ أدبرَ
مِنْ عذابِكِ وانتفَضْ

كِسرى تُفتّشُ
في الممالكِ
عنْ شُعاعِكِ
في وَمَضْ

رحَلَ الشّعاعُ

إلى مدينةِ أضلعي
فكسرتِ أسوارَ المدينةِ
في مَضَضْ

✿⊶✿⊷✿

عودي إليَّ
لكيْ أراكِ
وغادري
حُلُمًا فقطْ

قلبٌ بلا ذكراكِ
ميتٌ قدْ سقطْ 

منذُ الولادةِ كنتِ حزنًا
في ولادتِنا ارتبطْ

✿⊶✿⊷✿

شوقٌ يسافرُ فيكِ
دونَ حقيبةٍ
كيفَ استباحَكِ
في المعابدِ واتَّعَظْ

ما كنتِ مريمَ
حينَ جئتُكِ نخلةً
فتساقطي
منِّي عذابًا
قدْ تخبّأَ
في هوانا
دونَ حَظْ

سيظلُّ قلبيَ معبدٌ

لعهودِ مَنْ تاهتْ خُطاهُمْ
ثُمَّ بالعهدِ احتفظْ

✿⊶✿⊷✿

خمسونَ حربًا بيننا
والموتُ يسألُ
عنْ فراتِ رحيلِنا
كنتِ انبعاثَ
الرُّوحِ منِّيَ للهلعْ

كوني كما
كانَ المكانُ وحيدةً..
قلبًا بمحرابِ الوجيعةِ
قدْ رَكَعْ

ومدينةً صُلِبَتْ
على كفنِ
النّهايةِ والوجعْ

أوْ بعضَ ذكرى
لمْ تَدَعْ فينا البقيَّةَ،
لمْ تَدَعْ

✿⊶✿⊷✿

مُرِّي على
جسدي مساءً
وانتهي فجرًا بَزَغْ

كوني فُتاتَ حبيبةٍ
مرَّتْ على

جسدِ الحياةِ
وحاصرَتْ قبرًا
فؤاديَ قدْ لدَغْ

عينايَ فارغتانِ منكِ
ومنكِ قلبيَ قدْ فرَغْ

✿⊶✿⊷✿

كُنَّا مدينةَ عاشقينِ
فخانَنَا حُلُمٌ
تردَّدَ وارتجَفْ

عفَّ الهوى
عنْ مُقلتيكِ
فكيفَ عنكَ

القلبُ عَفْ!!

نمضي أسًى..
ونجرُّ خلفَ جراحنا
وجعًا بعينيكِ اعتكفْ

وطنًا يحلِّقُ
بينَ أهدابٍ وكَفْ

✿⊶✿⊷✿

لمَّا اتَّبعتُ هواكِ
لمْ أخشَ الغرقْ

وجهِلتُ أنَّكِ
بعضُ بحرٍ

مِنْ وَرَقْ

كنّا ضحايا الحزنِ
في زمنِ القلقْ

رمقٌ على 
شفةِ الضَّياعِ يقودُنا!
هشَّانِ نحنُ
يقودُ عينينا رمَقْ!!

✿⊶✿⊷✿

حُلُمٌ يبوءُ
بمفرداتِ غبائنا
فأضاعَ قلبيَ
ثُمَّ جاءَ وضيّعَكْ

ووعدتِني يومًا:
" سأبقى رغمَ أحزاني معَكْ"

هُزِّي يديَّ..
لتسقُطَ الأحزانُ منّي نخلةً
واسّاقطي وجعًا
لأَسقُطَ أدمُعَكْ

✿⊶✿⊷✿

صوتٌ مِنَ الماءِ اصطفاكِ
وحينَ عانقنكِ اكتمَلْ

يحتاجُ ألفَ مَظَلَّةٍ
كي لا يقاومَهُ البَلَلْ

مائيَّةَ العينينِ يكفي
قدْ تمزَّقَتِ المُقَلْ

✿⊶✿⊷✿

لا زادَ في شفةِ الكمانِ
ولا نغمْ

فلتطردي عينيكِ مِنّي
باتَ يسكُنني الألمْ

أنا عاشقٌ
ولَّى وحيدًا وانهزمْ

وجعٌ..
يسيرُ على قَدَمْ

✿⊶✿⊷✿

عيناكِ مُتعبتانِ مثليَ
في وطنْ

خدّاكِ أزهرَ
فوقَ بعضِهما كَفَنْ

عودي فمَنْ
يَرِثُ الخطيئةَ
بعد موتِ الحُبِّ؟ مَنْ؟

✿⊶✿⊷✿

نَبتَ الهوى في الصَّدرِ
يأكلُ أضلُعَهْ

أفعى على قلبي
ترتِّلُ مَصْرَعَهْ

ظِلاَنِ يقتسمانِ حُلميَ
كلّما جاءتْ
عصاكِ لتخدَعَهْ

✿⊶✿⊷✿

موتُ القصيدةِ يا تُرى؟
أمْ أنَّ مَنْ
قتلَ القصيدةَ أوجعَهْ؟

كمْ بُحتِ لي:
"خُذني إليكَ
على ضفافِ الخوفِ

أو خذني بلا خوفٍ
إلى عينيكَ، أوْ

فالرّاحلونَ..
على بقايا الغائبينَ أتوْا"

فأتيتُ قلبَكِ عاشقًا
فمضيتِ عنْ قلبي
كعشَّاقٍ مَضوا

✿⊶✿⊷✿

يا نجمةً فرَّتْ صباحًا
مِنْ يَدَيْ

أبحرتِ بي حُلُمًا

يُبدِّدُ ما لَدَيْ

لمَّا رحلتِ
بِمُقلَتَيْ

حزنًا يحاصرُ ليلَنا
بلْ أيُّ حزنٍ
خلّفتْ عيناكِ؟ أيْ؟

وأتيتُ طفلاً فاصرخي:
"قدْ عدتُ عاشقةً، بُنيْ"

فاحملْ بُكاءَكَ
ولتعدْ.. طفلاً إليْ

✿⊶✿⊷✿
Share To: