_ كيفَ حالكِ سمرائي؟ 

مضى العديد من السنوات منذ افترقنا.. أتُصدقين إذا أخبرتكِ أنني للآن أعيش وهم العودة التي باتت مستحيلة..
أحادثُ قلبي عنكِ كل مساءٍ بشغف طفلٍ صغيرٍ يحكي لنفسهِ عن أحلامه حين يكبر..
متمسكٌ بكِ أكثر من تمسكه بتلك الألعاب المكسرة والمكدسة في جواريره..
أقنع نفسي بإصراره الفذ أن فراقنا كان خيالاً وكأنه ما حدث.. 

مضى ثلاث سنوات.. 
ماذا تغير فيكِ؟
هل كبرتي وازدتِ فتنة وهل صرتِ أكثر شهوانية؟
أذكر أنني أحببتك طفلة صغيرة كنتِ بعمرِ وردة غاردينيا سنواتكِ الأربعة عشر لم تكمليها..
وافترقنا...
هل يا ترى تلك الوردة البهية ذبلتْ بعدَ فراقي..
أم أنَّ غيثاً غيري سقاها وما اكترثت؟

مضى أربع سنوات.. 
ما زلتِ في زهو العمرِ..
أذا لِمَ أنا هرمت واشتعل قلبي شيبا..
لِمَ ملامحي بهتتْ..
لِمَ ندوب الحبّ تناثرتْ على قلبي وجسدي وأنتِ لا؟
لِمَ أصبحتُ معلقاً بحبال الماضي والآمال المزيفة؟

عمري الآن خمس سنوات من الحزنْ والخيبة خمس سنوات لا أكثر..
هل تلاحظين كم انا طاعن في الحزن؟

مضى ست سنوات..
على قهوة الماضي التي لطالما احتسيناها سوياً..
كوبان كل صباح على شرفةٍ صغيرة تلفها روائح الحبق والفل والياسمين..
كمْ أحنُ لقهوة الماضي في هزيج من الليل والأحاديث الشغوفةُ فيما بيننا وتلك القبلة التي تلامس قلبي بمرورها على شفتيَّ وتشعرني بغبطة لا توصف... 

مضى سبع سنوات..
على ذاك الفنجان الذي أدمنتُ سواده حتى صار لوني ولون أيامي ولون حزني..
من قال أن الحزن ينتمي للقلوب العاشقة صدق..
من قال أن الفرق يجعل من حزننا هالة تحيط أيامنا وذكرياتنا صدق..

مضى ثمان سنوات..
يا حلوتي وصغيرتي تراكِ تذكرين ذاك الوداع الأخير..
ذاك الحوار الصامت..
والصوت الواجف..
والخوف..
والتشتت..
والتيه..
وفوضى الحواس..
ودمعة سقط سهواً من مقلتينا..

ثمان سنوات ويوم.. 
وأنا لا أزل أرتاد ذاك المقهى الصغير..
في كل صباح وفيروز تخبرني بكمٍّ من الأغان أن هناك أمل.. ولكن سرعان ما تقول ((أوقات بيطلع من ملل..))
وانا أعيش الأمل والملل والترقب والتيه بكل رحبة قلب..
وسأبقى..

ثمان سنوات ليست تكفي لأنسى علاقتي معك..
الأماكن..
الطرقات..
الأغان..
القصائد..
نسائم الصيف..
عطر الحبق الفواح..
فيروز..
الليل..
نجوم المساء..
السهد..
الأرق..
التيه..
الوحدة..
البكاء على أغنية كلثومية تقول..
((كان لك معايا أجمل حكايا بالعمر كلو..))
كلمات من قصيدة درويشية تأن على وترٍ وريشة..
((لا وقت للغد...))
أشياء حرقت قلبي وآذتني فهلّا اقتربتِ مني كي لا أصبح رماد..





Share To: