الشعراء / الأشباه ، اولئك الذين وفدوا من خارج الشعر / الابداع / التجربة في الأصل ، واستشروا في الصحف بوتيرة متصاعدة حتى لم يعد للابداع العامي أي مكان الا عند مبدعيه ، وهم - اقصد المبدعين- أناس يحترمون قصائدهم ويجلونها عن المشاركة في هذا الذي يحدث ، ثم ان المبدعين قلة وبعضهم عزف عن النشر ترفعا ، أما بعضهم الاخر فيكتب في أوقات متباعدة ، ويمكن ملاحظة أن نشاطهم في تراخ يكاد يكون مستمرا ، ولست هنا لأتحدث عن هده النقطة بالتحديد ، وانما لأتحدث عن الشاعر الشعبي حسب ما استقيته بعيشي بدول الخليج خاصة الكويت وقطر ، هدا الشاعر الشعبي المستولد شعريا في كنف دائقة تقليدية ، والمجند فنيا من قبل صحافة لاتنظر بعين المبدع الى الطرح الشعري المغاير شكلا ومضمونا ، بل تنظر الى السوق بعين التاجر ، ومن الطبيعي ان تنشأ من هذا الوضع ، معايير يتم بمقتضاها تغيير الوظيفة المفترضة للشاعر من باحث عن الجمال في العمق ، ومنقب أبدي عن الجديد والمبتكر ، الى متجمل دي خيلاء شكلية في الخارج ، وهي معايير هدفها الأساس ترويج الشعر العامي باعتباره مادة ذات قابلية اقتصادية استهلاكية بالدرجة الاولى ، وفي معظم القصائد التي تنشر الآن ، نشاهد استجابة كبيرة لهذا النوع من الترويجية الرخيصة ، والمبتدئ اليوم ، حتى مع افتراض أنه سيكون مبدعا كبيرا ذات زمن ، يصعب عليه كسر هذه العقيدة التي أصبحت ايديولوجيا شرسة تقتل الابداع والمبدعين ، وتعلي من شأن الركاكة والتهريج والادعاء الأجوف .
لقد صار الشاعر /النجم/ هو الذي يفرد امامه سجله الدكوري ، مستعرضا من خلاله علاقته الفحولية بالمرأة ، دافعا بخطابه الشعري الى مدى بعيد في اعلان حروبه العاطفية معها ، وذكر مآزقه النفسية بسببها ، مؤزما علاقة المرأة بالرجل على نحو فج ، وكأن المرأة لايشغلها اي شئ اخر سوى ان تتلوى برقبة رجل ، وهدا النهج بالذات ضد حقوق المرأة بالأساس ، بل هو الى اقصى حد يحط من قدرها ، ويحولها الى " ديلغادينا " تحت تصرفه ، بحسب رؤية بطل رواية " داكرة غانياتي الحزينات " لماركيز.
وهنا تجدر الاشارة الى أن المرأة التي نراها في قصائد هؤلاء ، لاعلاقة لها بالمرأة الراهنة بوصفها انسانا ينتمي الى زمن حديث ومعقد ، ولاتمس حياة المرأة المعاصرة في تجلياتها المعرفية ، فامرأة القصيدة الشعبية عند هؤلاء غانية ، لعوب ، سطحية ، غبية ، أمية ، مظهرية شكلية ، عاطلة عن العمل ، أو تعمل لكنها غير منتجة ، كائن ليلي يسهر حتى الصباح في الثرثرة ، لاتحس بما يدور حولها ، ليست لها علاقة بالوفاء ، انها امرأة تدل على اعتلال المخيلة الشعرية التي أنتجتها من ناحيتين :
- الأولى يمكن ان نسميها الارتهان الى النمودج الساكن.
- والثانية فقدانها شرط الحياة الضرورية لأي شعر يريد ان يتمثل هموم عصره .
في اعتقادي ، كل من يكتب قصيدة عامية هذه الايام مطالب بمساءلة نفسه بموضوعية وبمنتهى الصدق : أين هو موقعي بالضبط ؟ هل أنا مع اولئك الأشباه ، أم انني مختلف عنهم ، لأن ثقافتي ووعيي ، ومفهومي عن الشعر والانسان ، وقضايا العصر تختلف عن تصوراتهم ومفاهيمهم ؟؟...
ولمن يطلق عليهم / صحافة الشعر العامي / "نجوما" ، أقول : لاتفرحوا كثيرا ، فمنذ ان وجدت هذه الصحافة الى اليوم لم نعرف ولم نسمع أنها اعتمدت في استباناتها واستفتاءاتها على مراكز احصاء معروفة ومستقلة وحيادية ، وكل الذي يحدث هو أن المياه تمر من تحت الجسر هادئة ، والنتيجة محسومة سلفا ، وفي الواقع ، ليس الشاعر النجم هو بالضرورة من يحصد المركز الأول في مثل هده الاستفتاءات ، وانما قد يكون شاعرا آخر لم يدرج اسمه ضمن القائمة المطروحة للاستفتاء اما بمزاجه واما بمزاج الجهة المسؤولة الواقفة خلف هذا النشاط .



Share To: