تناهت إلى مسامعها أصداء الصفعات التي كان ينهال بها على والدتها..
تزاحمت إلى ذاكرتها صور من الماضي البعيد..الماضي المشحون بالمرارة القاتمة،متجسدة في ضروب الإهانة التي كانت تتلقاها و أمها..
إذلال الأم و إرهاقها بإجبارها على القيام بمختلف الأعباء المنزلية دونما مد يد العون أو إسداء الشكر و التعبير عن الامتنان على الأقل..
إرعابها هي و التسبب في إصابتها بنوبات عصبية مردها الخوف الدائم الذي كانت تحياه في بيت والدها...
لكنها تجاوزت كل ذلك..تجاوزته يوم أقسمت أن تنهض من ركام الدمار الذي حاق عالمها الصغير..يومها حطمت قيودها و أعلنت تمردها لتحلق في رحاب ما تصبو إليه..
لم تنسى يومها مشهد والدتها المسجاة أمامها و هي ترقد في سلام و طمأنينة أبدية،تعلو ثغرها ابتسامة مضيئة،كأنما هي تستبشر خلاصا من جبروت الحياة التي لم ترأف بها و هوت بها إلى قاع الجحيم...
عاهدت فتاتنا يومها أمها-التي لم يمهلها المرض الخبيث و لا إهمال الزوج الجحود-ألا تستسلم و ألا ترضخ لأحكام المعاناة..لن تسمح لهذه الحياة بالنيل منها..ستقف شامخة على قدميها و ستنتقم..أجل ستنتقم..سيكون انتقامها كبيرا بحجم ما يمكن أن يحتويه قلب مكلوم منفطر من الأسى،و قد كان!
مرت هذه الذكريات بخاطرها في طرفة عين قبل أن تلج المحامية مدخل قاعة المحاكمة..عاهدت نفسها في هذا اليوم أيضا أن تكون نصيرة للحق و المظلومين.
ستأخذ بحق موكلتها أيا كان؛لن يخيفها أن يكون زوج موكلتها مسؤولا في الدولة،ولن تتراجع قيد أنملة لأن في مواجهتها حشدا من المحامين الأكفاء وهي لا تزال محامية مبتدئة لا يشفع لها كونها ربحت قضاياها الأولى الثلاث سابقا لعدم رواج اسمها في سوق الشغل...
وانطلقت المرافعة..أبهرت الجميع حقا بسلاسة لغتها و حسن بيانها و قوة حجتها و صمودها في المواجهة،حتى خصومها من المحامين،تفاجؤوا بها..من تكون هذه الشابة الحسناء ذات الملامح الطفولية البريئة التي عبثا تختفي تحت قناع من الصرامة تقمصته تقاسيم وجهها؟!من أي قوة تستمد عزمها على المواصلة،وأي روح قتالية هذه التي تتملكها فلا تتراجع أبدا أمام كثرتهم؟حتى أن أحدهم همس لزميله قائلا:"إني على ما رأيته من إصرارها على حسم القضية لصالح موكلتها،أراهن على أنه لو عرض عليها ضعف ما عرض علينا جميعا مقابل الانسحاب أو الإنضمام إلينا لرفضت العرض رفضا قاطعا"!
و نطق بالحكم..و ربحت القضية رغم كل العوائق التي لاحت لها...
وقبل أن تغادر،هرعت إليها إحدى المحاميات من الفريق المكلف بالدفاع عن الطرف الآخر وهتفت بها:"فقط أريد أن أعرف،لماذا هذه الاستماتة في الدفاع عن طرف كانت كل المؤشرات تدل على خسارته القضية،لتحوليها إلى صالحه نهاية"؟!
استدارت إليها و هي تبتسم ابتسامتها العريضة:"لأنني أريد أن أحقق انتقامي"!
لتغادر بعدها القاعة في خطوات ثابتة،لتظل المحامية الأخرى مشدوهة من غرابة الإجابة!
أجل حققت انتقامها و ستواصل تحقيقه..بإحقاق الحق و نصرة المظلومين و إغاثة الملهوفين..ستكون نبراسا للعدالة كما عاهدت أمها يوم الفراق ..ستحقق انتصاراتها برسم الحدود لذوي النفوذ من المتغطرسين المتجبرين،و أصحاب القلوب المريضة والعقول المتحجرة ممن يذيقون النساء الويلات..
و إنه لنعم الانتقام...
تزاحمت إلى ذاكرتها صور من الماضي البعيد..الماضي المشحون بالمرارة القاتمة،متجسدة في ضروب الإهانة التي كانت تتلقاها و أمها..
إذلال الأم و إرهاقها بإجبارها على القيام بمختلف الأعباء المنزلية دونما مد يد العون أو إسداء الشكر و التعبير عن الامتنان على الأقل..
إرعابها هي و التسبب في إصابتها بنوبات عصبية مردها الخوف الدائم الذي كانت تحياه في بيت والدها...
لكنها تجاوزت كل ذلك..تجاوزته يوم أقسمت أن تنهض من ركام الدمار الذي حاق عالمها الصغير..يومها حطمت قيودها و أعلنت تمردها لتحلق في رحاب ما تصبو إليه..
لم تنسى يومها مشهد والدتها المسجاة أمامها و هي ترقد في سلام و طمأنينة أبدية،تعلو ثغرها ابتسامة مضيئة،كأنما هي تستبشر خلاصا من جبروت الحياة التي لم ترأف بها و هوت بها إلى قاع الجحيم...
عاهدت فتاتنا يومها أمها-التي لم يمهلها المرض الخبيث و لا إهمال الزوج الجحود-ألا تستسلم و ألا ترضخ لأحكام المعاناة..لن تسمح لهذه الحياة بالنيل منها..ستقف شامخة على قدميها و ستنتقم..أجل ستنتقم..سيكون انتقامها كبيرا بحجم ما يمكن أن يحتويه قلب مكلوم منفطر من الأسى،و قد كان!
مرت هذه الذكريات بخاطرها في طرفة عين قبل أن تلج المحامية مدخل قاعة المحاكمة..عاهدت نفسها في هذا اليوم أيضا أن تكون نصيرة للحق و المظلومين.
ستأخذ بحق موكلتها أيا كان؛لن يخيفها أن يكون زوج موكلتها مسؤولا في الدولة،ولن تتراجع قيد أنملة لأن في مواجهتها حشدا من المحامين الأكفاء وهي لا تزال محامية مبتدئة لا يشفع لها كونها ربحت قضاياها الأولى الثلاث سابقا لعدم رواج اسمها في سوق الشغل...
وانطلقت المرافعة..أبهرت الجميع حقا بسلاسة لغتها و حسن بيانها و قوة حجتها و صمودها في المواجهة،حتى خصومها من المحامين،تفاجؤوا بها..من تكون هذه الشابة الحسناء ذات الملامح الطفولية البريئة التي عبثا تختفي تحت قناع من الصرامة تقمصته تقاسيم وجهها؟!من أي قوة تستمد عزمها على المواصلة،وأي روح قتالية هذه التي تتملكها فلا تتراجع أبدا أمام كثرتهم؟حتى أن أحدهم همس لزميله قائلا:"إني على ما رأيته من إصرارها على حسم القضية لصالح موكلتها،أراهن على أنه لو عرض عليها ضعف ما عرض علينا جميعا مقابل الانسحاب أو الإنضمام إلينا لرفضت العرض رفضا قاطعا"!
و نطق بالحكم..و ربحت القضية رغم كل العوائق التي لاحت لها...
وقبل أن تغادر،هرعت إليها إحدى المحاميات من الفريق المكلف بالدفاع عن الطرف الآخر وهتفت بها:"فقط أريد أن أعرف،لماذا هذه الاستماتة في الدفاع عن طرف كانت كل المؤشرات تدل على خسارته القضية،لتحوليها إلى صالحه نهاية"؟!
استدارت إليها و هي تبتسم ابتسامتها العريضة:"لأنني أريد أن أحقق انتقامي"!
لتغادر بعدها القاعة في خطوات ثابتة،لتظل المحامية الأخرى مشدوهة من غرابة الإجابة!
أجل حققت انتقامها و ستواصل تحقيقه..بإحقاق الحق و نصرة المظلومين و إغاثة الملهوفين..ستكون نبراسا للعدالة كما عاهدت أمها يوم الفراق ..ستحقق انتصاراتها برسم الحدود لذوي النفوذ من المتغطرسين المتجبرين،و أصحاب القلوب المريضة والعقول المتحجرة ممن يذيقون النساء الويلات..
و إنه لنعم الانتقام...



Post A Comment: