لو أني في طفولتي زرعت في كل مكان مررت به أمنية على شكل شجرة، مثلا، بباب بيتنا الصغير زرعت شجرة ورددت قربها أمانيي بأن تثمر حرزا لأهلي، يقيهم المرض، والغربة، والفقر والموت بمرض حقير ينهشهم مثل ذئب ينهش بفرخ الأرانب، وزرعت بباب صديق طفولتي العليل، شجرة على شكل أمنية له بالشفاء، تكبر بدمعه، وتعينها عيوننا كي لا تجف وتموت، كما هو خوفنا على صاحبنا الذي اصفّر وجهه حتى غدا كأنه خيط شمس الفجر، وزرعت بباب مدرستي ثلاث أشجار، واحدة للآباء الذين كانت طباشير الدرس تغطي ملابسهم، وأياديهم، وثانية، للضجيج العذب الذي تنشره أصوات الصغار في باحتها، وثالثة للرجل الكبير، وهو يقف في بابها كل يوم ينتظر طفله الوحيد. أعرف أن أمي ستقول لنسوة الجيران لو شاهدتني احمل زرعي بكفوفي الصغيرة، لقد أصاب ولدي جنون مبكر، فبدل أن يكون طبيبا يداوي مرضي، ها هو فلاح صغير، وجاهل بالفلاحة فوق ذلك. وستعود لطفولتها مثلي الآن لتعلمني أصول حرفتها الفقيرة.
يا رب، أتدري أن كل أمانينا مخاوف، كلها، كلها، واعيد عليك المخاوف بعدد الاشجار التي تمنيت زرعها. ايعقل أن يكون الخوف هو بستان العمر؟
وأي عمر هذا الذي يمشي كقطار مسرع وتمر به الاشجار كلمح بالبصر؟



Share To: