منذ عقود المثقفون العرب يرددون علينا ذلك الكليشيه البائس بأننا أخذنا عن الغرب "القشور وليس اللباب". وهذا آخرهم المدعي الدجال ادونيس: "اننا نأخذ المنجزات ونرفض المبادئ العقلية التي أدت الى ابتكارها."
أي شخص يعرف ألف باء علم أو فلسفة العقل يعرف تماماً بان مثل هذا الكلام لا يصدر الا عن جاهل.
أنا اعرف ليس لأنني ولدت عبقرياً ولكن لأنه حدث أن كانت "فلسفة العقل" مادة أسياسية في دراستي للفلسفة. ومن هنا اعرف بأن كل الفلسفات التي قالت بالعقل باعتباره آلة أو تدبير كونيّ الطبيعة فقدت رصيدها الكامل مع نشوء العلوم الانسانية، وخاصة علم النفس، والتي اضطرت الفلسفة منذ اواخر القرن التاسع عشر الى الأخذ بمعطياتها.
ليس هناك عقل كوني مجرد عن التاريخ والمجتمع، ولا معطيات أو مبادئ عقلية مجردة وكونية. كل عقل ينتمي الى سياق اجتماعي وثقافي ونفسي وكل مبدأ عقلي كذلك.
ومن ثم فان الكلام عن أخذ (او عدم رفض) المبادئ العقلية الغربية هو اقرب الى القول بأن كل واحد منا عليه ان يولد في الغرب ويتربى تربية غربية ويعيش في الغرب بما يكفي من الزمن لكي ينضج عقله. وهذا طبعاً كلام مجانين. ولكن اليست هذه هي مشكلتنا فعلاً، مثقفون يتفوهون، مثل المجانين، بما لا يفهمون بمعناه النظري أو العملي؟
لو كان هذا المدعي التافه ادونيس جشم نفسه عناء قراءة بعض اعمال فرويد فقط، وهو الاشهر واعماله منتشرة في كل مكان، لأدرك ان ما فعله، حينما نطق بهذا الحكم الهزلي، هو بمثابة ضراط فموي!
Post A Comment: