خالد اليوسف
( 52 )
من شخصيات المرحلة
ناصر بن عبدالله الموسى
لم تكن معرفتي بأخي الاستاذ ناصر الموسى حديثة عهد، وأنها لم تتم إلا بعد دخولي للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون كعامل فيها، بل هي قديمة منذ معرفتي بالجمعية نفسها، حيث كنت التقيه مع مجموعة من الفنانين التشكيليين، خصوصاً أن انضمامي للجمعية تم بصفتي فناناً تشكيلياً!
جالسته كثيراً وحضرت له عشرات المعارض التشكيلية، حتى أصبحنا في مكان واحد وهو الجمعية، ثم أكثر قربا وتجانسا حين أصبح في رئيسا للجنة التشكيلية في الجمعية وقت وجودي في اللجنة الثقافية ومسؤولا عن نادي القصة السعودي، وهنا اقتربنا وأصبح بيننا لقاء شبه يومي، وتعاونا في اللوحات التشكيلية التي يرسمها لأغلفة الكتب الصادرة عن النادي، بل اقترب أكثر مني حين عُين مشرفاً فنياً على الدورية التي صدرت عن النادي: الواحات المشمسة، وأنا معه في دورية التوباد كمحرر ثقافي، بل مستشاراً ثقافياً فيما بعد، هذه المواقع أتاحت لي أن أكون صديقاً قريباً من أخي ناصر الموسى، وهو الفنان التشكيلي المميز، الباحث في فنه باقتدار وعلم يقين، الناشط الثقافي في كل مجال، ومعظم لوحاته التشكيلية متاحة لي، ولهذا اخترت منها الكثير لتكون غلافاً لكتبي، ثم تجاوزت العلاقة الشخصية بيننا لتعم إخوتي وإخوته، فتعرف على جميع إخوتي وجالسهم وحاورهم واعجب فيهم وأعجبوا جميعاً فيه، وأنا كذلك التقيت بمعظم إخوته وتعرفت عليهم عن قرب، وعند تأسيس صالونه الثقافي أبى إلا أن أكون معه في كل صغيرة وكبيرة، فنحن بفضل الله تعالى على علاقة أخوية حميمة منذ أربعة عقود تقريباً، ويجمعنا حب ووئام وإخوة صادقة، لا مجاملة فيها ولا خداع أو زيف، بل تقوم على الصدق والأمانة والوضوح ولله الحمد، والاستشارة والتدارس في كثير من أمور حياتنا.
حسين المناصرة
الدكتور حسين بن عبدالله المناصرة من الأصدقاء الأعزاء الذين بدأت معرفتي به، وارتباطي الوثيق الأخوي بعد لقاءات خيمة الثقافة وصالون نادي القصة السعودي، وكان آنذاك محاضراً في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، وكان يحضر أحياناً برفقة الأستاذين – دكتورين فيما بعد – ناصر الحجيلان وعمر السيف وهما زملاء له في قسم اللغة العربية في الكلية، فتعرفت عليهم جميعاً وشرفت بهذه اللقاءات التي جمعت لنا عشرات المهتمين والعشاق للأدب ونقده وخصوصاً القصة القصيرة.
ثم امتدت العلاقات في أعمال أدبية بيننا، خصوصاً بعد اهتمامه بالأدب السعودي والكتابة عنه، وأصبحت لقاءاتنا متكررة ودائمة، وأجالسه وأستفيد من تجربته القرائية والكتابية في مواقع كثيرة، إلى أن شاء الله وأصبحنا في مكان واحد وهو كرسي الأدب السعودي، وفي هذا الموقع وجدت د. المناصرة مختلفاً، حيث اقتربنا أكثر وأكثر، ووجدت منه الحماس والتشجيع والمثابرة على العمل، وشهادة للتاريخ أن قيام كرسي الأدب السعودي بث في حسين المناصرة الباحث والأستاذ والدكتور والإنسان العمل من أجل الأدب السعودي، فكان محرراً ومصححاً ومراجعاً وباحثاً ومؤلفاً، كان موظفاً مخلصاً، وكان ساعياً وراء كل مشروع في خدمة للأدب السعودي، وتجاربي معه في كتبي تخجلني جداً، لأني وجدته يتعامل مع كتابي وكأنه كتاب له، وكثيراً ما سعى لإنهاء طباعته وتوصيله لي بأسرع الأوقات، حسين المناصرة ليس أديباً ومثقفاً وأستاذاً جامعياً فقط! إنه أكبر من ذلك كله، إنه إنسان شامخ من نوع فريد، وكم حزنت لسفره في ظروف صعبة، ووقت لم أستطع الاحتفال به، والاجتماع معه قبل مغادرته أرض وطنه الأول، لأن فلسطين وطننا جميعاً، والسعودية وطن العرب المخلصين، الذين أحبوها أكثر من بلادهم، وهو كذلك فيما رأيت وشعرت به منه، لك يا أبا عبدالله في أرضك عظيم التقدير والاحترام.
د. إبراهيم التركي
الدكتور/ إبراهيم بن عبدالرحمن التركي ليس محرراً ثقافياً أو مشرفاً أدبياً أو مديراً لتحرير جريدة يومية تعتبر من أهم الصحف العربية فقط، بل هو أكبر من ذلك وأعمق وأكثر تجذراً في حياتنا الثقافية! نعم إن أبا يزن يتسم بصفات كثيرة رأيت بعضها وسمعت عن بعضها وما خفي من الجمال أكثر وأكثر، تعرفت عليه منذ ثلاثة عقود أو تزيد، وكلما مرت الأيام وجدت منه المعدن الأصيل في الرجال، لهذا لم أطلب منه طلباً إلا وجدت موافقته مباشرة، أكرمني كثيراً وكثيراً في ملحق الجزيرة ثم مجلتها، وفي مواقع أخرى، ساند ووقف مع انطلاقة عملي الببليوجرافي الوطني: حركة التأليف والنشر الأدبي في المملكة العربية السعودية منذ بداياتها، وإلى أن أصبحت عملاً كبيراً لاتصلح للنشر إلا في كتاب مستقل، وفرح بذلك كثيراً؛ ثم ساند أي ملف أدبي أعده للجزيرة، ولهذا أصدر لي أكثر من خمسة ملفات تعتبر مرجعاً في بابها، ثم عند التكريم الذي تم اقتراحه عليه رد عليّ حرفياً: جريدة الجزيرة بين يديك وأنت أحد أبنائها وتستحق ذلك! وبالفعل جاء ملفاً وعملاً خالداً في مسيرتي الثقافية، ماذا أقول وماذا أكتب عن أخي الدكتور إبراهيم التركي؟ والحديث عنه يطول ويتفرع، لكن هذا بعض عطائه وسمات خلقه الرفيع الذي وقف معي لفترات طويلة، شكراً إبراهيم التركي .. شكرا أبو يزن .. شكرا دكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي الوفي في جميع مواقفك!
حسن الزهراني
إن الشاعر والأديب والمثقف الاستاذ/ حسن بن محمد الزهراني من العلامات الراسخة في الادارة الثقافية في بلادنا، وقد أستطاع في إدارته لنادي الباحة الأدبي التأكيد على أن الإنسان المميز لا يأتي منه إلا العمل المميز.
هذا المدخل مني يتطلب الإثبات بالشواهد، وأعتقد أنه اقترب من عشر سنوات أو تجاوزها، شهد النادي خلالها ما يؤكد كلامي، حول النادي إلى خلية نحل لا تهدأ، من أمسيات إلى ندوات، ومن محاضرات إلى ملتقيات، ومن مهرجانات إلى احتفالات وتكريم، ومن نشر وإصدار إلى تواصل محلي وعربي؛ رغب مني مشاركته الرأي والمشورة، حينما فكر بالقصة القصيرة والاحتفال بها، وأيدته وكنت المعين له في برامجها والاحتفال بها، وأكرمني حينما أخذ بما أشرت عليه وأضاف المزيد والنجاح يتلو النجاح، لكن الكريم لايرضى إلا بزيادة الكرم والسخاء والبهاء، وأصر على الاحتفال بي مرتين، ليثبت لي عن أصالة روحه ونقاء قلبه وصفاء معدنه، وكأنما حسن بن محمد الزهراني هو الأسورة الذهبية التي احاطت بي مع نهاية عقد جميل من حياتي الثقافية، هو المجدد في دفق العمل والإنتاج والعطاء بما قابلني به، هو من كتب أجمل الكلمات في ليلة تكريمي، هو من أصر أن يكون لي احتفال خاص بعد الاحتفال العام، ليمنحني شهادة عز وافتخار بما قدمت لوطني ويعطيني لقب: ذاكرة الوطن الثقافية، ماذا أقول لك أيها الشاعر الشامخ، الناثر الطامح، الاداري المحنك، إلا (كفيت ووفيت وبيض الله وجهك) أنا أدين لك بالجمال الذي لا يأتي إلا منك، شكراً أخي وصديقي الحبيب الاستاذ حسن الزهراني.
سمير الفيل
هل سمير مصطفى الفيل ابن طنطا البار قاص للقصة القصيرة فقط؟ هل هو صحفي ومحرر أدبي وناشط أدبي وثقافي فقط؟ هل هو باحث ومعلم وكاتب وروائي مميز فقط؟ هو حقيقة جميع هذه الصفات وزيادة، هو الإنسان الخلوق الرائع التعامل، وهو المعلم الذي يعلّم الآخرين كيف تُكتب القصة القصيرة بطريقة احترافية لا يكتبها إلا هو! هو المعلم الذي يعلّم الآخرين أن الذاكرة الانسانية لا يمكن أن تنسى من مروا بها بسهولة، هو يتذكرنا واحداً بعد الآخر، في كل شاردة و واردة في صفحات الفيسبوك.
كنت أتمنى أن التقي به، وإذا هو أمامي في بهو فندق بيرميزا في القاهرة أيام مهرجان الأيام الثقافية السعودية التي اقيمت في مصر قبل أكثر من عشر سنوات، وسهرنا ليلة كاملة في مواقع كثيرة، ثم في اليوم التالي التقيت به وجلسنا وتحاورنا وسعدنا ببعض، ثم في زيارة أخرى لمصر احضرت معي مجموعة من كتبي خصوصاً كتاب الانطولوجيا لتقديمها له، ولم تسنح الفرصة لزيارته في طنطا ولم التقي به في القاهرة، وسلمتها لمن أثق بأنه سيسلمها له، ولا أعلم حتى هذا اليوم هل وصلت إليه أم لا؟
عند انطلاقة نادي القصة السعودي عبر صفحات الفيسبوك كان أول المبادرين لمساندتي في نشر قصصه المميزة على صفحات النادي، بل تجاوز هذا وأرسل إليّ بمجموعة كاملة وقال: هذه بين يديك يا خالد أنشرها كما تشاء! ثم كرر هذه العملية، ويشحذ الهمة في وقوفه معي في كل حين، بل قبل سنوات أطلق مشروعاً عبر الفيسبوك لكتابة القصة القصيرة المختلفة، ومن مجموعة منتقاة واختارني معهم، وكان مشروعاً فيه تحدي للقدرات الكتابية والابداعية، وهو لا يفتأ في أثبات وجوده وانتمائه للقصة القصيرة، حيث يعلن بين وقت وآخر اعتكافه على إنجاز مجموعة قصصية جديدة، ليعلن على الملأ أنه معلم القصة القصيرة الأول.
العزيز والصديق والاستاذ والمعلم سمير الفيل من أعز الأحبة إلى قلبي، فهو يكرمني دوماً بالتهاني والافراح، ويشاركني الاحتفال بكل منجز جديد أُعلن عنه، وهو من الشخصيات التي لها تأثير كبير عليّ وعلى خطواتي في الحب والجمال، والعطاء والانتاج، من قلبي شكراً سمير الفيل.
Post A Comment: