صباح اليوم فرحت امرأة من هذا العالم .وأزهر قدّاحها. وانفجرت بالحب.
ليس مهماً أن نعرف لماذا فرحت ، لكنها فرحت بالنتيجة وكتبت قصيدة ولبست ثياب الوردة. وتعطرت بمروج صدرها حتى تنفست الصباح الوردي وتنفسها ، فتعاشقا والتحما فصارا كتلة من جمال مرة واحدة.
..
ثمة رجل غامض يختفي وراء شجرة وقد سربله الظلام . كان يتجلى بروحه اليها ، فيغذي قلبها بماء الورد ، ويرسل لها سطور عشقٍ متصلة كلما وجد فسحة من البقاء خلف شجرته . وكانت روح المرأة تتسامى بخفة لتصل الى نيرفانا الوحدة الخالصة وتقرر خلاصاً مؤقتاً من ربقة ظلام روحها الطويل.
...
ثمة فضاء سينبلج عن فجر رصاصي ، وثمة جورية تبرعمت في صدرها ؛ طلعت من أعماقها الوردية ونبتت على أظافرها مثل العصفورة الصغيرة.
تبادلتا النظرات ؛ الوردة والمرأة ؛ وكان الرجل يراقب الاثنتين صامتاً إلا من شفرات عشقه يبثها كلما لمح المرأة شاردة عن روحها .
قالت الوردة لها : أنا وردتكِ.
قالت المرأة لها : أنت وردتي .
..
وكان الرجل المتخفي وراء الروحين يرنو الى دبيب النور في وجه المرأة . ويبصر رشاقة الوردة وهي تتعرى ، وتخلع ثيابها قطعة قطعة ، فترتديها المرأة بصمت وفرح ، قطعة قطعة .
 الرجل طيلة الليل يرتجل العشق ، وأصابعه لا تكف عن الشعر ، تبتكره ابتكاراً وتنحته نحتاً . كانت روحه أيضاً تتعرى وتتألق وتسمو في المكان ، لتغترف من روح المرأة إشراقاتها المتعالية ، وتغترف من الوردة رشاقتها ونعومتها ، وقبل هذا وذاك عطرها الذهبي .
..
عند الصباح تبادلت المرأة والوردة قُبلة صغيرة بحجم فَراشة . 
صعدت الوردة الى شجرتها . وذهبت المرأة الى روحها الوردية ، وكتبت فرحها بخمس سنبلات نبتنَ على أصابعها ، وقالت لزهراتها : هذه يدي .. وكانت يدها تنادي طيفاً بعيداً تعفّر بياسمينها ونرجسها وخمارها الأزرق. فأستعان بعصفورة مارّة ليرسل لها : هذا صباح العاشقات.
..
من خمرة روحها صنعت نعومة صباحها ، ومن عبق شفتيها صنعت أول قُبلة في حياتها للغريب المتواري خلف أزهار المطر، وبثتها في فضائها الصغير لتذهب بعيداً اليه ؛ ذلك العاشق المتواري الذي يختفي تحت ثيابها ، فيضيء لها نجوماً صغيراتٍ في عتمة جسدها كي يتفتح ويُشرق مع روحها الجميلة.
..
الرجل العاشق وَجَدَ الوجْدَ ينسفح أمامه كنهرٍ أزرق ثم يترامى ليصير خليجاً بلون عينيها البارقتين. فيكبر صباحه ويمطر جورياً جنوبياً ، فخبّأ قصيدة عشقه تحت رموشها كي تبلل دموعها.
..
ثمة امرأة من هذا العالم فرحت صباح اليوم ، فامتشقت قامتها ولفّت عليها ثياب الوردة وتعطرت بأريج جسدها .
خرجت الى حديقة النور لتجد طيفاً بعيداً يضيء سماءها ، فشعرت لأول مرة أنها اصبحت عاشقة.



Share To: