منتصف السبعينات. عرض تلفزيون العراق في برنامج السينما والنَّاس فيلم جامع الفراشات ، كان ضيف الفيلم كما تسعفني الذاكرة البعيدة أستاذ علم نفس في جامعة بغداد ( لقبه الحمداني كما اذكر )
ظل تأثير هذا الفيلم ضاغطا على مشاعري المراهقة حينذاك ، حتى قرأت الرواية المعدة عن الفيلم بعد قرابة ثلاثين عاما منذ ذلك الزمان. وقد صدرت عن دار الهلال لأول مرة بترجمة فهمي عبد الحميد (تلتها طبعة اخرى لنفس المترجم )
جون فاولز. الروائي اليساري البريطاني نشر هذه الرواية عام ١٩٦٤ وبيعت منها ملايين النسخ وهي روايته الاولى أعقبها بسلسلة روايات رسخت مكانته في الرواية الانكليزية منها رواية الساحر ورواية زوجة الضابط الفرنسي التي ترجمها المترجم العراقي القدير د. محمد درويش وأنتجت هي الاخرى فيلما ناجحا
درس فاولز الفلسفة واشتغل شيئا بها فترك ذلك اثرا على أعماله الأدبية التي غالبا ما تتسم بالطول وتكتنز بالافكار والحوارات والتساؤلات وشيئا من السياسة واحداث التاريخ
ثيمة الرواية الاساسية هي موضوعة عشق الجمال والرغبة في تملكه ، حيث فردريك بطل الرواية الشاب الثري الذي يقع منذ مراهقته في عشق اماندا الصبية الرسامة الجميلة التي تنحدر من عائلة فقيرة
فردريك يمارس هواية غريبة هي تخدير الفراشات وصيدها وجمعها ، وهو شخص كما تظهره الرواية منعزل مولع بالقراءة وجمع الفراشات
يدفع تعلق فردريك بجمال اماندا الى الى أفكار مجنونة حيث يقوم بشراء منزل في غابة ويؤثثه بما تحتاج اليه اماندا ، بما في ذلك ملابس على مقاساتها ، ويظل يتابعها حتى يراها تدخل حانة مع احد اصدقائها ثم يقوم باختطافها بعد خروجها من الحانة ويأخذها للمنزل الريفي حيث يودعها في القبو ويظل معها يتأملها. تأمل العاشق دون اَي تفكير بأذيتها
انه يعشقها فعلا الى الدرجة المؤذية للعشق وهي درجة التملك ،
حين يخبرها بانه لا يود أذيتها ولا طلب الفدية من اَهلها وانه يريد فقط ان تحبه كما يحبها ،فتخبره بأنها تحب شخصا اخر ، أملا في ان يطلق سراحها ،لكنه يخبرها بانه سيبقيها معه لأربعة أسابيع ويتركها مطلقة السراح داخل البيت تُمارس هواياتها في الرسم ويتحاوران عسى ان تحبه خلال هذه الفترة ،فان لم تحبه فانه سيطلق سراحها حينئذ
خلال هذه الأيام. تشعر اماندا بشيء من الطمأنينة وتنطلق في حوارات طويلة معه حول الفن واليسار والطبقات والحب والجنس ( اختزل كاتب سيناريو الفيلم اغلب الحوارات الفكرية في نص الرواية لأسباب يتطلبها العمل السينمائي )حتى انها تحاول استمتالته لممارسة الجنس معها املا في ان يشبع غريزته منها ويطلق سراحها ،لكنه يفاحؤها بالرفض مؤكدا لها انه يحبها هي لا جسدها ، وانه يأسف لها اذ تسلك معه سلوك عاهرة !
قبل نهاية مدة الاحتجاز تحاول اماندا استغلال فرصة للهرب من المنزل لكنه يفطن لذلك وحين يحاول إمساكها تضربه بمجرفة على راْسه وتصيبه إصابة بالغة ، يتمكن رغم إصابته من تقييدها في قبو المنزل ويذهب لمستشفى مجاور لتلقي العلاج ويمكث ثلاثة ايّام في المستشفى يتعرف خلالها على ممرضة جميلة هي الاخرىً
حين يعود للمنزل يجد ان اماندا قد ماتت ، لكننا لا نجد ذلك التأثير الذي يحدثه موت من يعشق ، فيقوم بدفنها في حديقة البيت مقتنعا بأنها نالت مصيرها لانها لم تحبه !
ثم يذهب للمستشفى للقاء حبيبة جميلة بديلة ، تلك التي كانت سببا لعدم تأثره بموت معشوقته اماندا كما يبدو ...
فردريك يحب الجمال لذاته ، ان كانت اماندا أو كانت الممرضة ، وبسبب من وضعه الطبقي والنفسي فانه يسعى لتملك الجمال الذي يعشقه
ولا تقول الرواية ان كان سيتملك الممرضة الجميلة هي الاخرى ويختطفها ليصبح قاتلا متسلسلا شأن المضروبين نفسيا من امثاله أم لا ..
أنيطت بطولة الفيلم بممثلين شابين وقتها ، اشتهر احدهما وهو تيرينس ستامب الذي مثل دور فردريك ، اما سامانثا ايغر التي مثلت دور اماندا فقد كان حظها من الشهرة اقل من زميلها .
Post A Comment: