بقلم نجاة تقني
21 سبتمبر - أيلول 2020

استضافت الشاعرة دليلة حياوي في أول حلقة من المعرض الفني الافتراضي "وشاية لوحة" في صالونها الثقافي "جنان أركانة" على تطبيق زوم Zoom ، وفي بث حي ومباشر على صفحة الصالون الثقافي بالفيسبوك، يوم الثلاثاء 8 سبتمبر- أيلول 2020، أحد عمالقة الفن التشكيلي العراقي الأستاذ مؤيد محسن، بمشاركة الفوارس: الشاعر والمخرج والناقد الفني استناد حداد من العراق / أستراليا. والأستاذ الدكتور فاروق إسماعيل من سوريا / ألمانيا. وأيقونة الفن المغربي الفنان التشكيلي الأكاديمي والخطاط والمصور الفوتوغرافي المحترف الأستاذ محمد بنعبدالله. كما أشرف على الإدارة التقنية والفنية الأستاذ إدريس حلفاوي من المغرب. وصممت ملصق هذا المعرض الفني الكاتبة نجاة تقني من المغرب / هولندا. وبمشاركة نخبة من الشعراء والأدباء والنقاد واالفنانين من مختلف بلاد العالم: الشاعر الدكتور صميم إلياس من العراق / السويد. والشاعر المهندس عبد الحميد السباعي من سوريا / السويد. والدكتور الأديب مولاي علي الخامري من المغرب. والكاتبة نجاة تقني من المغرب / هولندا. والشاعر المترجم وليد آل هايس من فلسطين / كندا. والدكتور أحمد رزيق من المغرب. والشاعر والإعلامي محمد الحراق من المغرب / بلجيكا. والدكتورة الناقدة فتيحة عبدالله من المغرب. والأستاذ إدريس حلفاوي من المغرب. والشاعرة فاطمة الزهراء اللوزي من المغرب. والدكتور الإعلامي حسن مدن من البحرين. والشاعر والحقوقي عبدالعالي أبو إكرام من المغرب. والدكتور والمخرج عبدالله المعاوي من المغرب. والأستاذة فوزية الزهراوي من المغرب. والإطار الطبي عائشة علي من المغرب / الولايات المتحدة الأمريكية. والأستاذة نجاة موكرور من المغرب. والأستاذ أحمد بنونة من المغرب.

من هو الفنان التشكيلي مؤيد محسن؟



ولد الأستاذ مؤيد محسن في مدينة بابل العراقية، مدينة حمورابي الواقعة على نهر الفرات، المعروفة بالبنايات البرجية (الزيجوات) ومعبد إيزاجيلا للإله الأكبر مردوخ (مردوك) وباب عشتار. تاريخ المدينة غني بالحضارات والعلوم والفنون قبل أن تصبح أطلالا بعد الحرب.
تلقى تعليمه الفني في معهد الفنون ببغداد، وحصل على بكالوريوس فنون تشكيلية من جامعة بغداد سنة 1999. وفي سنة 2011 حصل على الماجستير في الرسم من جامعة بغداد. كان أول مصمم لمصنع الملابس النسائية. رسوماته زينت المنازل والحقائب. وشارك في العديد من المعارض التشكيلية في العراق وخارجه.
لوحات الفنان التشكيلي مؤيد محسن التي شارك بها في هذا المعرض الفني:

لست ناقدة ولا دارسة للفن التشكيلي، لكني أعشق كل فن يعبرعن الحب والسلام ويزرع الأمل في مواطن وقلوب سكنها الألم وحطمها الحاضر الماضي لكي ينبئها بمستقبل خالٍ من مرض متقطع وبمستقبل مزين بحنين إلى عالم لا ألــــم فيه.
استمتعت خلال هذا المعرض الذي تجاوزت مدة عرضه الأربع ساعات، بالتجوال في لوحات شبيهة بالصور الفوتوغرافية. لوحات جعلتني أسترجع ما قرأته عن الحضارة البابلية، وذكرتني بقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش حين قال:
" لنذهب إلى غدنا واثقين ... بصدق الخيال، ومعجزة العشب."
لوحات الفنان مؤيد محسن شبيهة بالصور الفوتوغرافية، وموضوعاته تعرفنا على حضارات بلاد ما بين النهرين (السومرية) و(البابلية) و(الآشورية). يتقن توظيف فلسفة خياله ليعبر في لوحاته عن واقع مظلم مرشوش بألوان ربيعية، وكأنه يعلن للعالم أن الأمل لم يغادر بلادا حطمتها الحروب. هناك حضور متميز في كل لوحاته ل (السريالية)، التي يمكن أن نقول عنها تنافس لوحات الفنان (سلفادور دالي). لوحاته صادقة، وعفوية ومترجمة للاشعورواللاوعي والخيال والأحلام، معبرة عن المفارقة والتناقضات التي تعيشها معظم البلدان العربية.
تم عرض عشرين لوحة للفنان المبدع مؤيد محسن خلال المعرض الفني الافتراضي "وشاية لوحة":









































  قراءة الأستاذ الدكتور فاروق إسماعيل من سوريا / ألمانيا في أعمال الفنان التشكيلي مؤيد محسن:

"تأملت أعمال مؤيد قبل اللقاء وكتبت بعض السطور تعكس تصوراتي بشكل عام بدلا من الدخول في دقائق الأمور.
تعرفت على أعمال الفنان مؤيد منذ زمن ليس ببعيد، لذلك لا أعرف شيئا عن بداياته ومراحله السابقة. لكن عندما رأيتها بصراحة  سيطرعلي الذهول، لأنني قرأت من خلال لوحات مؤيد ما أتعايش معه يوميا خلال بحوثي في تاريخ بلاد الرافدين. هي نفس الصفحات الزاهية من الآثار الفنية او من النصوص الكتابية  المعمارية. ولكن مؤيد غمسها بهموم الإنسان العراقي المعاصر. ويبدو لي وكأنه فنان سومري، يصور مآثر بعض الملوك المتميزين السابقين. وانتقل من حياته السومارية إلى الفترة التالية البابلية وكأنه عاش في بلاط حمورابي واهتم بشخصيته وإنجازاته وزار معه المعابد المقدسة وشارك في حفلات الأناشيد والتراتيل ومدائح عشتار وتموز ومهرجانات ناكيتو. أشعر انه رجل من تلك الأزمنة، ثم هو نفسه حل في روح شاب من الحِلَّة المجاورة لبابل، فبدأت مشاعره تتنازع وازدادت عيناه بريقا وحِدَّة في تأمل ما كان وما هو موجود. صار يقارن بين ماكان وما صار... صارت ريشته تتنقل بين بابل القديمة والحلة الحديثة وتستشعر لنا معا عالمين متكاملين من ناحية. متكامين على أرض العراق. ولكنهما متناقضين في الوقت نفسه. مؤيد يتجول في لوحاته مرارا كما لاحظتم في أهوار الجنوب. أظن أنه يعرف هذه الأهوار منذ طفولته وشبابه. نحن لم نرها، هو رآها قبل أن توشك على الاختفاء بعد انتفاضة 1991، ولذلك صار يحرك ذاكرته ليستعيد بعض تلك المشاعر. كأن مؤيدا ينادي ابن الرافدين كيف كنا وكيف صرنا، لماذا أخفقنا في عصر حديث تتوافر فيه كل مقدمات التقدم إلى الأمام. هل هو فشل المواطن؟ إخفاق الحكام الذين فرضوا أنفسهم علينا؟ لماذا تسلل الغريب إلى بلادنا حتى إلى غرف النوم؟ أشعر أنه يعيش هذه المقارنة المؤلمة التي تثير الشذى. لذلك شخصية البابلي القديم والحديث أشعر أنهما تتحدان في مخيلة مؤيد البصرية. وينقلها لنا بأسلوب تعبيري فيه الكثير من الواقعية، والكثير من الرموز التجريدية. المهم أنه يزاوج بين كل هذا بأسلوب خاص... هو لا يشبه الكثير من الفنانين. أنا أتوقف كثيرا عند لوحات مؤيد، لاأستطيع أن أفهمها بلحظة قصيرة. أظل أمامها لعلني أستكشف شيئا آخر، لعله أراد أن يقول شيئا آخر.... لا أستطيع أن أقف أمام اللوحة دقيقتين أو ثلاث فقط... تجذبك إليها لكي تتمعن أكثر وأكثر فيها... هي لوحة ترهق المشاهد.. ترهق الذي لا يملك الصبر... لذلك ربما هذا يضر من شعبية الفنان لدى شرائح كثيرة من مجتمعاتنا التي لا تريد بذل هذا الجهد لفهم اللوحة، تريد لوحة جميلة وكفى. أقول بصراحة، خطر في بالي مقارنة، نحن رأينا منذ بداية القرن الماضي أن الدول والمتاحف الكبرى بدأت تتنافس لاقتناء تماثيل وأعمال فنية من حضارة بلاد الرافدين لعرضها في متاحفها. وفعلا قسم كبير من آثارنا في سوريا، في بلاد العراق صارت في متاحف المتروبوليتان واللوفر وغيرها. وأشعر أن إبداعات هذا الحفيد البابلي مؤيد محسن تستحق ذلك أيضا. "
-        قراءة الشاعر والمخرج والناقد الفني استناد حداد من العراق / أستراليا في لوحات الفنان التشكيلي مؤيد محسن:
" أود في البداية أن أتكلم عن مؤيد الإنسان والفنان. هو إنسان قبل أن يكون فنانا... يحمل في داخله الكثير من الهم الإنساني. كرس هذا النشاط في فنه. أنا عشت معه منذ بداياته الأولى، منذ أن مسك الفرشاة لأول مرة، كنا حينها طلابا في معهد الفنون الجميلة، هو في قسم الرسم وأنا في قسم السينما. في البداية شاهدت فيلما قصيرا لأحد أصدقائي، أطروحة تخرجه، فقال لي شاهد وأريد رأيك، فكان الممثل في هذا الفيلم هو مؤيد محسن... شكل الممثل أعجبني، يشبه أنطونيو أندريس، له شكل أندلسي.. السينما كلاسيكية.. في تلك الفترة يحمل هذه الصفات السينمائية... وتعرفت عليه واكتشفت أنه رساما وليس سينمائيا. قد أثرت فيه السينما فهو يحب التمثيل... بعد ذلك دخلنا أنا ومؤيد محسن في عربة الغجر التشكيلية والموسيقية والرسم والبالي وغير ذلك...كان مؤيد محسن رساما للعمل وأنا شاعرا ومخرجا للعمل. من هذا العمل بدأت أتعرف على أعماله.... بعد ذلك شاهدت له أول معرض أقيم على ما أظن في معهد الفنون الجميلة... كتبت في دفتر التوقيعات كملخص لما رأيته:
 " أنا ريف عينيك بخراب المدن بالسحر والأدعية والكمال" ... كنا نرى في رسومه أنه سريالي. مفرداته تطورت... كان طالبا بشكل وبعد دخوله الحرب بشكل آخر..يبدو أن تأثير الحياة  والواقع أثرت كثيرا على مؤيد الإنسان. هو يمتلك في داخله صفة الإنسان الواعي، والفنان المثقف، والفنان صاحب الرسالة، ويريد أن يجدد ويقدم شيئا مختلفا عما هو سائد... السريالية هي سائدة ومعروفة، هو ابتعد عنها كثيرا ودخل في مناطق أقرب إلى الواقعية الأكاديمية، والواقعية السحرية. كتبت الكثير عن أعمال مؤيد محسن، أستحضر الآن ما كتبته بشكل ارتجالي..سأتحدث بشكل عام عن أعمال الفنان مؤيد محسن... مثلا في لوحة "شوارع تضيق بأحلام الطفولة"، نرى أنه استخدم الضوء.. الطفلة والأم... يعني ثنائيات.. اللون لديه يشكل عنصرا مهما في اللوحة ورمزيا أيضا. من خلال اللون قد نستطيع أن نستشف الموضوع. اللون هو عنصر لغوي يثير فينا الاكتشاف. يعني هو مثلا وضع لون المرأة واضحا ومبرزا أكثر من الألوان الأخرى، وألوان اللوحة فيها تدرجات لونية، بحيث يعطي فسحة من القدم للوحة. "عطلة نهاية الأسبوع" مثلا يرسم أوباما يرمي كرة السلة في رأس الثور المجنح، فهو هنا ساخر من التاريخ.... أعمال مؤيد محسن تنتمي إلى الدرامية، فيها صراع... أشبه بالحبكة السينمائية... فيها مشهد.. فيها شخصيات... فيها موضوع... وفيها لغة صورية... أعتقد لوحة مؤيد محسن سهلة جدا للمتلقي العادي، والغير المثقف والبسيط، وفي نفس الوقت هي صعبة، هو يستطيع أن يشاهد لونا وشخصيات، لكن ربما لايستطيع أن يربط بين هذه الرموز أوالتاريخ أو المعاصرة.. بشكل عام يستطيع المتلقي المثقف وغير المثقف أن يستمتع بها. أردت أن أقول بالنسبة للوحة التي رسمها للصديق المرحوم عبد الخالق المختار، الممثل الذي تحدث عنه في لوحة "كرسي القيصر".... اللوحة تعبرعن الشهيد الممثل العراقي  الذي كنت أقول له أنت شهيد مؤجل، كان من المفترض أن يموت في المعركة، لكنه توفي بعد سنوات بسبب نفس الإصابة...رسم جراحه في أرض جبلية فارغة وموحشة، دلالة على هذا الكائن الذي فقد كل شيء وأصبح في عزلة تامة... "الطريق إلى معبد بورسيبة": المرأة هنا تبدو وكأنها مقتولة ومغتصبة، تنبت عليها الأشجار والنباتات، وكأنه يعطينا صورة قديمة لشيء تعفن أو مات رغم جمالها الواضح والمثير كرمز أنثوي. أيضا هناك ظلال في اللوحة... هناك الزمن موجود في اللوحة. لا أريد أن أقول أن لوحات مؤيد محسن تنتمي إلى النهار أو الليل لأنه يضع إضاءة خاصة به لاتنتمي إلى إضاءات الزمن المتعارف عليه اليوم. وهي أشبه بالإنارة السينمائية، لأنه هو صاحب الزمن في لوحته. أيضا لوحة "الطريق إلى العاصمة": العربة تحمل مسلة حمورابي، وصاحب العربة بلا رأس، وفيها تدرجات اللون الأخضر.... كما ذكر الأستاذ مؤيد محسن " هل نستطيع رسم التحف الحضارية القديمة بهذه الطريقة الغير مقدسة؟"، رأيي الشخصي، لا يوجد شيء مقدس في الفن... طالما أننا نريد أن نوصل رسالة حقيقية للناس، لايوجد معنى للسخرية، بالعكس، هو صاحب رسالة. حتى في السينما نستطيع إدخال هذه الرموز...هناك هندسة فنية ومعمار وكأنه مصمم للأشياء والمفردات. مثلا عند السكة الحديدية والطريق تحس أن هناك تأسيس معماري وتوزيع للكتل. باختصار مؤيد هو رسام من الطراز الأول، يمتلك مهارة جد فائقة في صناعة اللون واكتشافه وتحضيره.... هي مثارات اكتسبها عبر التجربة.. يمتلك الخط أيضا... أعتقد أنه فنانا عالميا بامتياز...."
 
-        قراءة أيقونة الفن المغربي الفنان التشكيلي الأكاديمي والخطاط والمصور الفوتوغرافي المحترف في لوحات الفنان التشكيلي مؤيد محسن:
 
"الكل يعلم أن الفن التزام وإخلاص وصراع روحي للآثار النفسية والضغوطات الحياتية والأحاسيس الجياشة التي تحفز وتدفع الفنان نحو الإنجازات الفنية والخلق والإبداع. والفنان التشكيلي مؤيد محسن الذي حسب نظري دخل للعالمية بأعماله، يلتهم الدنيا بعينيه، ثم يفرزها لنا بيده ويجسدها في أعماله التي تسعى لإيجاد الحقيقة القصدية والفعلية بكل حوافزها،الدافع والغاية، وفعلها الخارط للفعل وإذابة الوجود بألوان كالجحيم. تتحدث بطريقة فنية عن التطور التاريخي للوجود والعدم مزاوجا في ذلك بين الحاضر والماضي. فالفن لدى فناننا مؤيد محسن وفي كافة أعماله ليس ملأ فراغات كما شاهدنا بألوان شتى وليس إغراق الواقع ببحورضبابية، وليس اقتباسات فوضوية زائدة في جسد اللوحة، بقدر توظيف الدروس الكلاسيكية  في أعماله الفنية الناطقة بصمت مما يشعرنا بلذة غريبة بما في لوحاته من بهاء وتأثيرعميق لما فوق الواقع superrealisme  ليقدم  متعة فكرية بموسيقى لونية تجسد الروح بسحر موضوعي للشكل والمضمون. وعلى كل فإن أعمال الفنان المقتدر مؤيد محسن بسيماتها تنبئنا أننا مع فنان ذو وزن ثقيل، لما له من مهارة في كشف أسرار الإبداع الفني المتكون في الإحساس والمزدان بحركة مرهفة للضوء والظل كما شاهدنا والدقة البنائية المجسمة ببراعة الألوان وتناغمها في الإنجاز الفني. ففناننا العراقي مؤيد محسن يمزج بأفكاره بين النحت والرسم، بين رموز شاخصة كالأحجار والأصنام والجسد، وبين سوريالية سيلفادورية أو سلفادور دالي ذات المتاهات الواسعة وبين الواقعية التي تؤكد حضورها في لوحاته وبهذا يؤكد لنا مرة أخرى أنه فنان مخلص جدا للأكاديمية، ملتزم بالسريالية والواقعية معا وبين واقعية تؤكد حضورها في لوحاته وأعماله في نظري تخطت المحلية والعربية والعالمية. أتمنى له مزيدا من التألق والتوفيق والسداد، لأنه ينتمي إلى العراق، والعراق تاريخ عميق جدا وهو موغل بالقدم  مرتبط بالحضارات التي شهدها العراق سواء في سومر أو بابل أو النمرود، حيث كانت الكهوف مليئة بتلك الرسومات والتي نجدها أو نجد بعضها في أعماله المنجزة والتي شاهدناها كما شاهدها الجميع. وأتمنى له المزيد من التوفيق... لدي أصدقاء كثر من العراق أمثال شاكر خالد، نتمنى له الشفاء بمرض كورونا. العراق زاخر بفنانين الذين دخلوا إلى العالمية: مؤيد محسن، نوري الراوي، محمود صبري، زيد صالح، جواد سليم، فاضل حيضر، رحيم السيد، حافظ الدروبي، اسماعيل الشليخلي، أسماء تجاوزت المحلية إلى العالمية. أتمنى لهم التوفيق وأتمنى للصديق مؤيد محسن المزيد من التألق، وشكرا لأنكم أتحتم لنا المشاركة في هذا الفضاء الجميل ولو عن بعد..."
مداخلات الحضور:
الشاعرة و الكاتبة دليلة حياوي – المغرب / إيطاليا: "اللوحات تجمع ما بين الحاضر المستديم والماضي الحي...كما لو نرى أن الخراب  الذي يمس عوالم الحياة تصدح به اللوحات ضاربة في أعماق الجذور والموروث لتنقل لنا الهم.... وهناك دائما حضور لأسد بابل، للثور المجنح، سكة القطار المؤدية إلى المجهول، الكرسي المنكفئ، الحجارة... إلى جانب الألوان والأشرطة الحمراء والخضراء التي تكون على أذرع الشخوص وعلى العربات وأيضا في عكاز الشخص المسنن ملك المخيسة. كل الشخوص تكون كما أنها منبعثة من الطين وكما أنها حجر منحوت...."
-        الشاعر محمد الحراق من المغرب/بلجيكا: "سؤالي حول بناء لوحات الدواوين والروايات والكتب هل تختلف عن بناء اللوحة العادية؟".
-        الشاعر المترجم وليد آل هايس من فلسطين / كندا: "أولا أود أعبر عن مدى سعادتي لحضوري هذه الحلقة. والحلقة متميزة جدان وهي بداية التعامل مع الفن التشكيلي من خلال جنان أركانة، وكلن اختيار الفنان الكبير مؤيد، اختيارا موفقا. أهنئك دليلة على هذا الاختيار وأهنئ أنفسنا على هذه المناسبة التي تعرفنا من خلالها على فنان كبير عراقي وأستاذ في فن الرسم... أولا في لوحات الفنان مؤيد محسن هناك ثراء فني غامر، وعمق فكري أيضا، لاتوجد كما قال الأستاذ محمد قبل قليل إنه مجرد بياض يمتلئ بمساحات لونية عبثية أو مجانية، هناك فكرة حاضرة. والحقيقة أنا سمعت لشرح الأستاذ مؤيد للوحاته، مع أن ما قاله مؤيد مفيد لكن لا يجوز الأخذ بشرح الفنان لعمله. دائما عمل الفنان يحتوي على أكبر بكثير جدا حتى مما يعي الفنان نفسه. لأن العمل الفني هو نتاج مشترك للوعي واللاوعي أيضا. وهذين الشيئين موجودين تماما في لوحات الفنان الكبير مؤيد. نحن نجد هناك علاقة جدلية وحوارية بين الماضي العظيم المهان وبين الحاضر المبدد والذي لم يستطع الاحتفاظ بهذا الإجلاء للماضي العظيم. وهذا تجده في كل لوحاته على الإطلاق. دائما هناك كسر لشيء جليل في نفوسنا وهو التراث العظيم. هناك هباء نجده من قبل الواقع الذي يتمدد ويتناثر و يسير بدون وجود، يسير كحلة أو كملابس رثة أو ملونة لكن دون حضور للإنسان داخل هذه الملابس. طبعا يمكن القول الكثير من الأشياء حول خصوصية كل لوحة وخصوصا لوحة نهاية الأسبوع.... أعتقد أن الطريقة المبدعة التي قدم بها مؤيد كانت جميلة وفريدة أيضا من نوعها. هناك أيضا مزج بين الواقعية والرمزية والغرائبية أيضا عند مؤيد، واستخدام المادة الحلمية في اللوحة بطريقة فذة. هذا المزج بين مكونات مستقاة من الواقع ومن الحلم ومن اللاشعور بطريقة إبداعية، فعلا جميلة جدا. طبعا واضح جدا أن الأستاذ مؤيد مستوعب تماما المنجزات الفنية الحداثية  أيضا دون الوقوع تحت هيمنتها والسقوط في الإفراغ للمحتوى. لأنه الكثير من الأعمال الفنية الحداثية تجد أنها فن مجاني مفرغ  من محتواه. عالمنا لا يحتمل هذه المجانية...طبعا الاتستمات الموجودة عنده واضحة وخاصة وجديدة من بينها اللوحة التي اقترحنا لها اسم طريق في السماء. كان هناك درج مشكل من الكتب يصعد إلى فتحة تؤدي إلى سماء زرقاء، أنا كمشاهد للوحة أرى أنه هناك رؤيا للوصول إلى الأعالي لا يمكن إلا أن يمر بالتعليم والثقافة والعلوم. هاهذه الملامح التي تشكل ركائز حقيقية للمعنى وتغني محتوى اللوحات، وفيرة جدا في لوحات الهائلة. أحسست أنه هناك نوع من مرثاء هائلة للماضي والحاضر معا، هناك وقوف لفنان كبير أمام أطلال الماضين وأمام هباء الحاضر. يقدم مرثاء في غاية الروعة وتكاد تبكي المشاهد أيضا. شيء جميل، أهنئك على هذا العمل الرائع مؤيد.وأتمنى لك دوام الإبداع... فيما يخص سؤال الأستاذ محمد الحراق: الشاعر أدواته في الداخل والرسام أدواته في الخارج.... أدوات الشاعر هي اللغة، في حين أدوات الفنان التشكيلي هي اللون والظل واستخداماته لها. طبعا بدون شك هذه الأدوات متاحة للجميع، لكن ليس كل شخص يستطيع أن يكون فنانا."
-        الدكتورة الناقدة فتيحة عبدالله من المغرب: "هي مأدبة فنية باذخة جدا،استمتعنا بها هذا المساء في هاته اللوحات المرثيات. أعود لسابقي الذي قال هي لوحات مرثيات للعراق. حتى ولو لم نعرف الفنان وعمله. أعرفه لأول مرة واكتشفه هذا المساء. أنا ناقدة أدب ولست ناقدة فن، ولا علم لي أكاديميا بالفن التشكيلي ولكن أقول بأنني حتى وإن لم أعرف هذا الفنان، استنتج أنها لوحات عراقية تحمل العراق في عمقها، هي القيمة التي تلف هذه اللوحات جميعا. فيها زخم التاريخ العراقي. فيها الحاضر البئيس للعراق. هذا الخلاء، هذا التدمير، هذا الطين، هاته المتاريس، هذا الإنسان المغيب، نرى شبحه أو ألبسته ولا نرى وجهه أو لانعرفه. وحتى حين جاءت بعض اللوحات فيها الإنسان، لايبرز واضح المعالم. حضور المرأة أيضا، واضح  في اللوحات وهي عنوان الاستمرارية، تهرب من الطوفان أو هي مسجاة تمثل العراق الغني بتراثه المدمر حاليا. هي لوحات أيضا فيها عمق سياسي لايخطئه المشاهد. رسائل تصل إلى العمق. هي لوحات بقدر ماهي عميقة بذاتها وتحمل رموز كثيرة ورسائل قوية جدا، هي أيضا سهلة للمتلقي...حينما ترى اللوحة، المعنى العام يصل إلى المتلقي وإن لم يكن دارسا للفن.... كل لوحة يمكن أن نكتب عنها كتابا.... كل لوحة تحمل قصة يمكن أن نحولها إلى فيلم أو إلى رواية لأن وراءها معاني كثيرة تمتد من التاريخ العميق والزاخر للعراق إلى الحاضر المدمر الذي لا تبدو أية ملامح فيه. هناك ثوابت في كل اللوحات: السكة، اللون الطيني، الكرسي في وضعيتين (كرسي القيصر المراسل صديق الفنان الذي خلده بهذه الصورة) و( الكرسي المقلوب الطائش، كرسي السلطة حينما تنهار وتنقلب على أهلها)، هناك أيضا المأساة، القبور،شواهد القبور، الأشلاء، هذا التاريخ المعفر في التراب من خلال هاته اللقى المهشمة والمحمولة في العربات، هناك أيضا الإنسان الكادح في هذه اللوحات... هالة الضوء التي تحيط في بعض اللوحات... بالنسبة لعنوان اللوحة التي وردت بدون عنوان أقترح لها "من نور الماضي وعلى سلم العلم ينبثق المستقبل" مستقبل العراق يمر على سلم العلم والقراءة والكتب كما كانت العراق وعودتنا بنوابغ في الأدب، في الفن، في التاريخ، في التكنولوجيا، الحضارة القديمة والحضارة الحديثة. العراق كان رائد الوطن العربي إلى وقت قريب....نتمنى للعراق الشقيق وفنانيه وأدبائه كالعنقاء ينتفض من رماده ليبني وطنا جديدا، نأمل كل الخير إن شاء الله."
-        الدكتور والمخرج عبدالله المعاوي من المغرب: "سلامي الحار للعائلة الأندلسية الأركانية الفنية الشاملة، وبحكم هذه الشمولية التي تجمع ما بين الفنان التشكيلي والسينمائي و الدرامي والمسرحي والفلسفي والأدبي. أريد أن أذكر الجميع بهزة درامية أصابت مدينة مراكش بصفة خاصة والمغرب والعالم العربي بصفة عامة وهي فقداننا لفنان أعطى لمدة طويلة في مجال الركح، مجال المسرح والسينما والتلفزيون الفنان المرحوم عبد الجبار الوزير.....
 
الإحالة الأولى: معرض الفنان الكبير الأستاذ مؤيد محسن، أحالني على مسألتين أساسيتين. المسألة الأولى هي كذلك مسألة درامية عشتها مع إخواني في العراق... لوحاته أحلتني على الهجمة المغولية على متحف العراق، تأثرتْ بها مجموعة من التحف الفخارية التي أراها متناثرة في لوحات الفنان الجميل والكبير الأستاذ مؤيد، الجرارات والأكواب الفخارية المبثوثة في لوحاته، أعتبرها شخصيا إحالة على هذه الطعنة التي تلقتها الثقافة العربية القديمة ببلد العراق وتلقاها تاريخه. إذن هذه اللوحات ستبقى تذكر دائما بهذه المأساة التي عاشها العراق وعشنا نحن معه تلك اللحظة التي تبكي فيها مديرة المتحف، أنا لن أنساها أبدا، وأنا أقدس تلك القطع الإنسانية التي داسها المغول الجديد. على أية حال كما عبر الفنان مؤيد في لوحاته، هناك ناس طيبين استطاعوا رغم حاجتهم للمال ورغم عوزهم، أن يحموا بعض ما وصلوا إليه من هذه التحف وردوها إلى مكانها. فهنيئا لهم وهنيئا لفناننا العراقي مؤيد بهذا التأريخ الفني الجميل.
الإحالة الثانية: تجربة الأستاذ مؤيد، أحالتني إلى جانب كنت دائما أهتم به، وهو جانب التجربة الفنية العراقية منذ الأربعينات التي ارتبطت بالوعي التشكيلي بخصائص انتمائية لها مناخ روحي ولها لغة متميزة، وهذا مالاحظته في لوحاته. أعطت المجال لتوسيع المدارك وتوسيع الأبحاث التجريدية فخلقت أسلوبا وطنيا من ذلك الوقت، أي  من الأربعينيات وذلك من أجل بناء ثقافة تقدمية ومعاصرة. في هذه اللوحات كيف ألاحظ أنا التقدمية: هناك الموضوع النضالي، نضال الإنسان العادي الشريف في حياته اليومية. هناك عند كل فنان عراقي منذ تلك التجربة اهتمام بالتراكيب الإديولوجية وهذا واضح في لوحات الأستاذ والفنان مؤيد، يدعم بهذه التركيبة بناء طاقة تعبيرية في الشكل، في اللون، في المضمون، وهذه الطاقة قادرة على الإدانة، إدانة وهذا ماهو جميل فيها، دونما سقوط في شكلية استعارات جماعية غير مبررة. فإن لوحاته تقع داخل شخصية الوطنية العراقية وخاصة الشخصية التاريخية فنا وثقافة. فالفن في هذه التجربة العراقية، واعتبر لي الآن وحصل لي الشرف أن أتعرف على تجربة الأستاذ مؤيد محسن، من أهم ما تتميز به، ارتباطها بالأرض وبالسماء، طبعا هذه خاصية الفنان العراقي. ارتباطها بالمواد الأولية، ونلاحظ أن هناك الطين حتى في صورة الإنسان. ارتباطها بالحجر، بالخزف، بكل مادة قيمتها الفنية كبيرة وتنتمي للوطن العربي والعراقي، ثم أضاف الأستاذ المؤيد إلى الواقع ما فوق الواقعية، بمجموعة من الأدوات يستطيع الرائي أن يدركها في مقدمتها وهاته أسجلها له، الصور.  فالصور هنا تضيف قيمة مضافة إلى هذه اللوحات. إذن عبر بالواقع المدون وبالرموز المستمدة من تشكيلات شخصية مبسطة وهذه هي التجربة العراقية التي لاحظتها في كثير من الأشياء التي بدأت الحركة التشكيلة العراقية منذ أواخر القرن التاسع عشر. ويكفيني أن أذكر هنا ولعل الفنان مؤيد أدرى الناس بأصدقائه وببلده، أذكر بتجربة الفنان عبدالقادر الرسام، الذي ظهر كهاوي، والحاج محمد سليم، كذلك الذي ظهر كهاوي، وهناك محمد صالح زكي وعاصم حافظ وغيرهم من الأوائل الذين ظهروا من سنة 1931 . إذن هؤلاء الفنانين وأضيف إليهم الآن الأستاذ مؤيد محسن اهتموا بالدرجة الأولى بالتراث الحضاري، بالفنون العربية القديمة، بالمحيط الثقافي الشعبي المحلي. طبعا هذه التجربة التي أذكر بها الأستاذ مؤيد محسن وأعتبره جزءا منها بشكل معاصر، أبرزت مجالات جديدة في الحركة التشكيلية المعاصرة. فهؤلاء هم الذين هيأوا لفن الخزف أو مايسمى بالسيراميك، للصناعات الشعبية، لفن النحت، لفن الجدريات، لفن الكرافيك، لفن الملصقات الجدارية، لفن تصاميم أغلفة الكتب وهذه خاصية عراقية، لفن التصوير الفوتوغرافي، وكذلك للكاريكاتور، وكانوا سببا في خروج عند العرب ما يسمى برسوم للأطفال إلى جانب الرسم والتصوير. إذن أدخل الأستاذ مؤيد محسن وأحيله على مجموعة من الأسماء وطبعا أطلب في إطار سؤال حميمي هل له علاقة بتأثير مجموعة من الأسماء أذكر منها صالح الجميعي، كاظم حيضر،سعدي الكعبي، ضياء العزاوي، محمد غنمي حكمت، رافع الناصيري، علاء حتي، علي طالب، محمد مهر الدين، ركان دبدو، عزام الجزتر، شاكر حسن، وهناك سؤال جانبي: ما دخل السمك في اللوحة الجميلة التي رأيت؟...أتمنى أن أرى لوحات الأستاذ مؤيد محسن في مدينة مراكش..فيما يخص سؤال الأستاذ محمد الحراق: الأستاذ ضياء العزاوي هو أول من رسم قصائد الشعراء .. فرسم قصائد المعلقات وأقام معرضا، هو يعتبر مدرسة في اهتمام الفنانين العرب بالصورة واللوحة والكتاب"
-        الشاعر المهندس عبد الحميد السباعي من سوريا – السويد: "الحقيقة كرأي شخصي، أرى أن الفنان الحقيقي جماليته هو حين يجعل كل مشاهد للوحة ما أن يراها مختلفة عن المشاهد الآخر، وربما غير ما أراد ان يقوله الفنان. مثال على ذلك اللوحة الثالثة الجدارية، نرى أن كل من الإخوة الأساتذة أعطاها عنوانا مختلفا عن الآخر. وهذا كان بناء على رؤية كل واحد لهذه اللوحة وخلفية الإنسان وثقافته وربما لاوعيه. نجح الأستاذ مؤيد نجاحا باهرا في توظيف التاريخ وربطه بالواقع العراقي حقيقة ... لذا كان واقعيا من جهة ورمزيا من جهة أخرى. كما لاحظت أن لدى الفنان فكرة يريد أن يقولها، وغالبا ما تكون تصوير لمعانات الإنسان العراقي وخاصة الإنسان العراقي الفقير المسحوق. وهذا الفقيرهو الذي حافظ على حضارة العراق القديمة، ونقلها على العربات وبنفس الوقت أيضا معاناة الوطن. والجمالية الحقيقية هي هذا التوافق الناجح ما بين الشكل مثل الألوان وتوازن الكتل والمضمون. شعرت أن بعض اللوحات هي عبارة عن جداريات نحتية تكاد تنطق مثال الحصا الذي تفضلتم بذكره قبل قليل... الحقيقة  أنا على المستوى الشخص، أكثر ما أثر بي لوحة الطريق إلى بورسيبة حيث وجدت أن الوطن مسجى على شكل امرأة جميلة، وهذا أعطاني معنى أن الوطن مازال جميلا وسيبقى جميلا رغم ما يحيط به من صقور... ورغم أنه يحتضر أو محتضر أو مسجى. وهذا أعطاني نظرة تفاؤلية إلى أن أوطاننا سوف تقوم من تحت الرماد.سؤال بسيط جدا للأستاذ مؤيد: " لماذا كانت المقارنة بين الحاج السبتي بملك المخيسة؟"
-        الدكتور الأديب مولاي علي الخامري من المغرب: ".. الحقيقة هذه اللوحات عبرت عن وضع إنساني معين، في زمن معين، وفي مكان معين، وطبقا لرؤية الفنان مؤيد، وهذا يدل على دور الفنان في الحياة، دور الفنان والفن بصفة عامة. الحياة تمر عبر الزمان وعبر الشهور وما إلى ذلك، لكن يبقى الفنان مهما في إطارها لاقتناص تلك الخاصيات الإنسانية التي يمكن أن تبقى عبر التاريخ، وهذا هو دور الفنان بصفة عامة. أنا سمعت كثيرا وحقيقة استفدت كثيرا وأعتبر تجربة الأخ مؤيد هي تجربة غنية، هي تجربة جميلة، هي تجربة كبيرة، لكل ما لهذه الكلمات من دلالات ومعاني. مجموعة من العناصر تكاثفت فيما بينها لإنتاج الحياة الفنية عند الأستاذ مؤيد، المرأة، الأماكن الخاصة، بالعراق، كذلك فكر الأستاذ مؤيد، تلك الأجساد المبتورة التي لم تتم من طرف الأستاذ الفنان، وكذلك تلك الأهداف والمقاصد التي يمكن أن نقف من خلالها على قراءتنا لهذه اللوحات...... ما قاله الأستاذ وليد أن الشاعر أدواته في الداخل والرسام أدواته في الخارج، ربما هذا الموقف أن يكون صحيحا لكن يمكن ألا يكون صحيحا فالشاعر كذلك يكتب بقلم ويكتب على صفحة وهذا يعادل ربما الأدوات التي يستخدمها الفنان التشكيلين إنما القاسم المشترك فيما بينهما جميعا أو في مابين جميع الفنانين هو أنهم يتوكلون على أنفسهم ويستخرجون الخبايا التي لا ينظرها إلا الفنان والشاعر. إذن الأدوات الخارجية لا تصنع من الفنان فنانا، لو كان الأمر كذلك لأصبح كل من يملك تلك الأدوات فنانا، لكن لايمكن لأن الدواخل الأساسية في عملية الفن وفي عملية الإبداع بصفة عامة. الذي لا يملك تلك الدواخل وبالحرقة التي يشعر بها الفنان لايمكن أن ينتج لنا فنا أبدا. سواء كان فنا تشكيليا أو إبداعا على شكل قصيدة أو رواية.. بدوري أحييك أيها الأستاذ الكبير لأنك ابن بار للعراق، رقعة الجغرافية المعطاءة ومعروفة بجاذبيتها وأحداثها ومنجزاتها وفتنها على مر التاريخ... والعراق من خلال هذه المسيرة التي لاتستقر حتى تبدأ ثورة أخرى استطاع أن ينتج لنا هذا الفن الذي لايمكن أن نجد له نظيرا في الرقع الجغرافية التي تنعم بالاستقرار وتنعم بالحياة الناعمة. ربما القلاقل التي تحدث في بعض الأماكن، ربما تؤدي إلى ولادات جديدة على كافة المستويات. هنيئا لك بهذه الأفكار وهذه اللوحات. وأتمنى لك مستقبلا زاهرا، يمكن أن نجد فيه الأستاذ محسن في جينيتس أو في غيرها من المنصات التي تهتم بالفن الجميل."
الأستاذة فوزية الزهراوي من المغرب: "أستاذ يتابعنا على الفيسبوك لكنه لم يستطيع الحضور، ترك لي أبياتا شعرية لكي أقولها بأمانة، يقول شكرا للأستاذ وشكرا للجلسة الماتعة التي نعيشها الآن:
عستني الطيعات من القوافي فما أدري وحقكم أقول
كسحر إكرام سحركم في فؤادي حبا لكم لا يفنى ولا يزول
خلدكم الدهر على مر العصور كما خلد الرسول محمدا وقبله الخليل
قال حروف بسيطة في حقكم.
الشكر الكبير لمهندس ومخرج هذه الحلقة، بذل جهدا جهيدا لكي يكون معك اليوم... نتمنى الشفاء لوالدته. مداخلتي ستكون لها مزحة فلسفية... الفن هو تعبير راق عن واقع ما، تعبير يحمل جمالا، يحمل جديدا، ويحمل في طياته حرية للمتلقي. بمعنى الفنان يبدع جمالا ما ويترك لنا الكلمة وهنا تتجسد الحرية في الفن. ربما إذا كانت القصيدة أو إبداعا آخر يسجننا باللغة، فالفنان يعطينا فسحة الحكم على لون وجمال ومضمون. فإذا كان الشاعر يسجننا في فسحة الحرف فالتشكيلي أو الفنان ينقلنا إلى فسحة الألوان والأشكال والظلال، وهنا تتماهى مع المبدع والإبداع بشكل أو بآخر. وفي اختلافاتنا حول الحكم على لوحة معينة، هنا يتجسد الغنى، تتجسد الحرية الإبداعية، وتتجسد حريتنا في التفاعل مع هذه اللوحات. أستاذ مؤيد، عشنا معه عالمين لاأقول متناقضين، ولكن بقدر ماعشنا انكسارات بغداد،، ولكن بقدر ماعشنا انكسارات العراق، وأنا العراق أحمل لها محبة خاصة لأن هناك بعض الأقارب عاشوا هناك ونقلوا لنا آنذاك جمال العراق وقدرة العراق... ثم عايشنا قدرة العراق حين كانت تصلنا الكتب العراقية بالاكوام لا نؤدي إلا ثمن الطائرة، الكتاب ثمنه خمسة دراهم في حين ثمن المجلد قد يصل إلى 200 أو 300 أو 400 درهم. فحينما ضاعت العراق،ضاع العالم العربي في قلب ثقافته. الشيء الثاني الذي أسجله على العراق، إيجابي، سنة 2005 كرم المرحوم الجابري بقصر الصخيرات، وكان مؤتمرا عالميا، وكانت الرباط آنذاك عاصمة الفلسفة عالميا، فحضر 100 عراقي وكان من بينهم تشكيليون حضروا معنا في كل الورشات التي أقيمت لمناقشة مؤلفات الأستاذ المرحوم الجابري. وهذا يكفينا شرفا أن نفخر بالعراق وبأهله. واليوم جسده لنا الأستاذ مؤيد. بقدر ما عشنا الانكسارات معه في الصور، بقدر مانحن فرحون بإبداعه الذي تعدى الجمال، فيه روعة، فيه أناقة،فيه رونق،  التي تعددت وتنوعت بأشكالها وبطينها  وبأشخاصها  وبالشرائط الملونة... كلها ترسخت في أذهاننا هذا اليوم. ما بإمكاننا إلا أن نشكر العراق التي أنجبت في هؤلاء. في ختام هذه الجلسة رأيت أن كل الحاضرين أبدعوا وبرعوا في رؤيتهم الخاصة للوحات الأستاذ مؤيد. كل ما يمكن أن نقوله قليل في حق اللوحات التي رأيناها...."
الكاتبة نجاة تقني من المغرب / هولندا: "لوحات رائعة جعلتنا نتجول في الحضارات السومرية والبابلية والآشورية. حضور لفلسفة الخيال في صميم الواقع. مخيلة فنان مبدع لديه القدرة على مزج الألوان ليعبر عن آلام الآخرين ويرش ألوان الحياة كاللون الأزرق واللون الأخضر في لوحاته. بالإضافة إلى الاهتمام بالجزئيات التي تجعل اللوحة شبيهة بصورة فوتوغرافية. هنيئا للعراق بالفنان العالمي مؤيد محسن."
بعض ما قاله الفنان مؤيد:
حسب ما قاله واتفق عليه معظم الحضور، الفنان ليس مطلوب منه أن يتحدث عن لوحاته، لذلك ذكرنا بعض وليس كل ماقاله الفنان المبدع مؤيد محسن.
السمك الطائر: رسمت هذه اللوحة لأني سئمت من استخدام الرموز الحجرية، وأردت أن أضع حركة في فضاء العمل. فالأسماك أضافت فنتازيا غريبة على اللوحة ومفردة الثور، هي مفردة رافدية حقيقية خاصة جدا. أردت تنفيذ عمل جديد يختلف عن باقي الأعمال.عندما نضر هذا العمل على الفيسبوك، أحدث ضجة. في الحقيقة بالواقع تلاحظ أشواك رستمها بدقة متناهية بفرشاة رقمها 1 أو 1 تحت الصفر. كان عندي أستاذ أعتز به وأعتز بتجربته خريج أمريكا اسمه وليد شيت، معروف بالعراق وأستاذ وأكاديمي بجامعة العراق، أول ما نشرت بعد عشر دقائق تنصل بي، قال " كيف اشتغلت الحصا؟" الحصى الموجود على السكة، هو حصا مدمر ويأخذ من الجهد والوقت الشيء العسير. فقلت أحيانا أتداخل مع اللوحة... هذا العلم سبب لي الكثير من الآلام في ظهري...الحمد لله أنه وصل إلى الناس بالطريقة التي كنت أتمناها...قال الأستاذ وليد شيت "أنا أشعر بصوت الحصا وأنا أمشي فوقه"... عود نفسك على الصدق قبل التنفيذ.. الرسم مدرسة عظيمة لتهذيب النفس......"
" بخصوص لوحة ملك المخيسة: المخيسة تبعد عن بغداد حوالي ساعة في مدينة بعقوبة، وهي مسقط رأس الحاج سبتي الله يرحمه.... نزح من القرية إلى مدينة بغداد. وسكن في منطقة الكسرة. كانت حينها بساتين. الآن هي منطقة مدنية فيها سكن وعمارات... لكن قبل حوالي خمسين أو ستين عام كانت هي مشارف بغداد عبارة عن بساتين وشجرات النخيل المتباعدة وكان  فيها حي شعبي بسيط، فأسس مقهى للقاء الناس واستمر بعيش بالمدينة... ذكرياتي كلها عن مدينة المخيسة... الفن يمجد الملوك وأنا قلبت القاعدة ... أمجد الناس الطيبين والكادحين والفقراء."
"... علاقة الرسم بالشعر... كلاهما يتفقان في قضية الخيال والتعبير، لكن الوسائل والتقنيات تختلف... الشاعر يمكن أن يمارس خلوة في الطبيعة، يحقق صورة ذهنية ويدونها على ورق. الرسام يكون متعب، بعد الخلوة ينفذ. يعني قضية اختصار للوقت بالنسبة للشاعر. يعني أحيانا، يجلس الشاعر في الطائرة، يغادر المكان، تأتيه الفكر، يدون بعض الصور الشعرية ويطورها في البيت أو في مشغله أو كذا.. الرسام هنا عناؤه يكون أكبر والمادة تكون متعبة وصعب أن تجد مكانا يصلح أن تمارس فيه اللون والتقنية، يعني المذيبات ورائحة المذيب، واستخدام المادة ووقت أكسدتها وتأثير الفصول .. هذه المسائل تحول أن يكون فرق بين الرسم والشعروالقصة والرواية. أعتقد أن الروائي والشاعر والمفكر لديه فسحة من المكان والزمان، يحقق شيئا، الرسام يحتاج إلى استقرار مكان...".








Share To: