القاريء لرسائل فرانز كافكا " لحبيبته - ميلينا " سيكتشف أمراً غاية في الغرابة :
عندما كانت تُرسل " ميلينا " الرد على أي رسالة لـ " كافكا " .. كان يُدرك تماماً من خلال حروفها وسياق الرسالة ، أنها حزينة ، دون أن تُشير بأي إشارة إلى ذلك الحزن ، لم يكونا في هذه الفترة قد اقتربا بشكل كبير لكي تُخبرهُ بأدق تفاصيلها ، كان ينظر في شكل الحروف ، وينتبه أنها لم تُكمل الكتابة على ذات السطر قبل أن تنتقل للسطر التالي ، لا نستطيع وصف هذا الانتباه بمجرد " شدة انتباه ، أو دقة التركيز " الأمر يتعدى ذلك ، كان يُدرك بحواس الحب أنها تجلس في ضوءِِ خافت ، كان يتوقع مساحة الغرفة التي تجلس فيها ، كثيراً قال لها " لا تجلسي في تلك الغرفة الضيقة " ثم أخبرَتهُ بعد ذلك أن الغرفة بالفعل ضيقة ومُعتِمة .. كان يسألها عن سر هذا الاكتئاب الذي هيَّ عليه ، والذى بدى واضحاً من خلال شعرِها المُنسدِل على جبهتِها دونما ترتيب ، على الرغم من أنها لم تكتب له عن شيء من كل هذا ! لم تتطرق سطور رسالتها أو تُشير من قريب أو بعيد عن معايشتها لحالة حزن أو اكتئاب ، أو عن شعرِها وطريقة تصفيفه ، شيئاً من ذلك لم يحدث على الإطلاق !
كانت ميلينا تندهش من قُدرة كافكا على ملامسة حالتها بهذا القدر من الحِس والمباشرَة .
ولم يكشف عن هذه الأسرار إلا كتاب " الخاطبُ الأبديّ " للكاتبة Jacquelin Raoul التي أرَّخَت فيه لحياة فرانز كافكا ورسائله .
Post A Comment: