أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تكبرَ في كلِّ شهيقٍ
ألف عامٍ من قهر
وأن تموت في كلِّ زفيرٍ
ألف ميتةٍ 
حتّى يئنَّ لحالِكَ القبر
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تغتالكَ قذائفُ الحقدِ
وتنثرَ أشلاءَكَ قنابلُ الطَّائفيّة
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن يُهدَمَ قصرُ عنفوانِكَ
فتبنيَ من حُطامِ عزيمتِكَ كوخَ كبرياء
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن يحرقوا سنابلَ أملِكَ
وأن يقطعوا 
عن حقولِ أجدادِكَ الماء
فتسقيَها 
عرقًا ممزوجًا بالدَّمع والرّجاء
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن يشعلوا أشجارَ سلامِكَ
ويكسِروا أغصانَ أحلامِكَ
ثمَ يقطفوا ثمارَ أيَّامِكَ
ويبيعونها في سوق
الإفكِ والعهرِ والرِّياء
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تُطفئَ حرائق أوجاعِكَ
بِقنِّينةِ صبرٍ
وأن تُسكِتَ جوعَ طموحِكَ
بكسرةِ خيبة وشربةِ جمر
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تستنيرَ بنورِ قلبِكَ
في ليالي الأحزان
وأن تتوكَّأَ عصا الإصرارِ
تَهُشَّ بها قطيعَ البؤسِ والضَّرَّاء
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تتدفَّأَ على حطبِ الأسى
وتشربَ الشَّايَ المُحلَّى بالحنظلِ
مع فطورٍ من: (أرجو، ولعلَّ، وعسى)
والقهوةَ
نعم -ليسَ إشاعةً-
القهوةُ بلا بنٍّ أو قطعةِ حلوى
لمَ الإسرافُ في الشَّكوى؟
يكفيكَ فنجانُ اللوعةِ اليوميِّ
وقِطعٌ من البلوى
أن تكونَ سوريًّا
يعني ليس بمقدورِكَ
أن تشعلَ عودَ فرحْ
وليس بمقدورِ دروبِك السّوداء
أن تتلوَّن بقوسِ قزحْ
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تتجمّدَ في شتاءات الفاقةِ
من شدّة الوعد
وتصابَ بذبحةٍ فكريّة
ولو كان طموحُكَ
طفلًا في المهد
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تصابَ
بتخمةٍ لالتهامِكَ 
أطباقًا من الأكاذيبِ اليوميَّة
أو غُصَّةٍ بماءِ الوفاء 
أو حُرقةٍ في الرّجاء
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تُصابَ
بِعسرِ هضمٍ 
من وجبةِ كلماتٍ مشبعةٍ بالزَّيفِ 
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تناضلَ صبحَ مساء
دون أن تشعرَ بالجورِ أوالذُّلِّ أوالحيفِ
وأن تعلمَ
أنَّ الحقَّ الّذي -على ظهرِ وفائكَ- تحملُهُ
يجرجركَ 
إلى أعلى جبلِ الآلامِ..
ويُنزِلُكَ
أن تكونَ سوريًّا
يعني أنَّ سيفَ ذا الفقارِ
يبترُ أعناقَ أشقائِكَ اللاشرعيِّين
فيُعادوكَ برجمِ جدِّكَ..
كي لا تنسى
ألَّا عدوَّ يودُّكَ
كي تدركَ
أنَّ نفطَ الصَّحراءِ العربيَّة
يبني قصورَ فجورٍ
ويُرقصُ عاهراتٍ
على أنغامٍ داؤديّة
وألحانٍ أمريكيّة
أن تكونَ سوريًّا
يعني أن تعلمَ
أنَّ العروبةَ 
عنقاءُ عصرِكَ الأبديّة
أن تكونَ سوريًّا
يعني ألَّا حدودَ لإيمانكَ
فوحدَهُ من أنقذكَ
من جُبِّ المؤامراتِ
قادرٌ على انتشالِكَ
ووحدَهُ من ألقاكَ
في بطنِ الحوتِ
قادر أن يخرجكَ
ووحدَهُ
مَن علَّمَ بالقلمِ قادرٌ 
أن يعلِّمَ العالمَ من أبجديَّةِ
عظمتِكَ وجبروتِكَ وشموخِكَ وصبرِكَ
مهلًا
لا تخدَعَنْكَ صراحتي
لا تغرينْكَ حلاوةُ قصائدي
أنا مثلُكَ فقيرةٌ إلَّا 
من لغتي وجرأتي وفصاحتي
فاعذرني
أنا مثلُهم
لكن بلا مظاهرَ برَّاقة
ولا حرَّاسٍ أشدَّاء
أنا مثلُهم
لا أملك لكَ سوى 
الوعودِ بقصائدَ عصماء
أنا لا أملكُ سوى حرفي
يسدُّ رمقَ انتظارِكَ
فاقبلهُ واعذرْ قلَّةَ حيلتي
وقِصْرَ يدي
فلا شكَّ
صوتُكَ المقهورُ
صوتُكَ المخنوقُ
سيزلزلُ أرجاء السَّماء
لا شكَّ ينصرُكَ اللهُ
فأنتَ سورِيٌّ
لا شكَّ يفكُّ عنكَ 
حصارَ الجبناء

٢٠٢٠/١٠/٩




Share To: