قبل الآن....

كان جدي 
يسكنُ مقبرة الحي وحيدًا
وكانت جدتي تزورهُ في الأسبوع
مرتين حتى لا يشُعر بالوحدة
هكذا كانت تقول،
كان جارنا مسعود
يسُكن المبنى المقابل لمنزلنا
وكان أبًا لأربعة أبناء،
ثلاثةِ أولاد وصبيةِ حسنا
أحدهم كان مهووسًا بالرياضة
والآخر يعشق فتاةِ تسكُن
الجهه الغربية لحينا المُمتد،
أما الثالث فلا يحب سوى
دراجتهُ الهوائية والركوب عليها 
بين الحين والحين،
كانتْ تيسير 
ابنة العم محمود فتاة جميلة،
مخطوبة ولشابٍ شجاع من أبناء الحي
يخدم طيلة أعوامٍ في الجيش،
كان الحي جميلًا حد الدهشة
سعيدًا مُكتظًا
بالأبـــناء 
بالأحلام
والألوان
والأزهار،
بالحب والأنغام و.......و،
كُل هذا كان 
قبل الآن بلحظة
وقبل الحربِ بدمعة
قبل وقوع القذائف 
وقبل سقوط الجثثُ

أما الآن
وبعد الحرب
ها هو الحي اختلف
فجدي في المقبرة لم يعُد وحيدًا
وجدتي لم تعُد تزورهُ سوى
 في الشهر مرة واحدة،
جارنا محمود لم يعُد هنا
فقد غادر بالأمس وحيدًا بعد أن حطتْ
قذيفة على منزلهُ ونجا بمفردهُ
فالمهوس بالرياضة لم يعُد
والعاشق لجهة الحي الغربية 
أيضًا لم يعُد وعن الطريق غابتْ
الدراجة الهوائية وثالث الأبناء،
تيسير الفتاة الجميلة
لم تعد مخطوبة فـ بالأمس
حُمل خطيبها على التابوتٍ الخشبي،
الحي لم يعُد جميلًا،
أصبح خاليًا دونما أبناء، 
دونما ألوان، دونما أزهار،
ودونما أفراح
فقط مكتظ
بالحرب والموتى
وبالنيران.......




Share To: