نظر الجميع إلى دلوعة الشاشة العربية على أنها فتاة أحلامهم، إلا أنا.. "إلا أنا"!
كان والدي رحمه الله يعشق سماع الراديو في الصباح، وكنت في السابعة من عمري حين استمعت لأول مرة إلى صوت شادية، وكانت تشدو برائعتها "عااالي.. عاااالي.. عااالي.. فوق في السما.. بعيد قوي عن هنا"
كانت هذه الأغنية تُعاد تقريبا في صباح كل يوم، وفي نفس الموعد، حين كان يرتدي والدي ملابسه ويتهيأ للخروج إلى عمله.
كنت أسمعها علي.. علي..علي وليست عاااالي.
اعتقدت أنها أمي، وتبحث عني، وتناديني بصوتها العذب.. ظننت أنها سافرت إلى القمر لتفتش عن ابنها "علي"!
كنت حقيقةً؛ أنظر بعين الريبة والشك في أبي وأمي، ظننت أنهما اختطفاني منها!
لن يصدق أحد حين يعرف أنني: كنت أنزوي بعيدًا لأبكي بكاءً حارًا، ومنذ تلك الأيام، وأنا مؤمن بأنها أمي، زاد يقيني بهذا الأمر عندما شاهدت فيلمًا لها هو "المرأة المجهولة" وعاش هذا اليقين حتى بعد أن كبُرت لأنه استقر في مكان ما داخل النفس والعاطفة، فكانت "فؤادة" في شيئ من الخوف وكانت "نور" في اللص والكلاب وكانت "حميدة" في زقاق المدق وكانت وكانت وكانت....
شادية هي أمي، تعيش معي العمر بمراحله كلها " سيد الحبايب يا ضنايه إنت.. تقول يا ماما يا قلب ماما، مشبعش عمري م الكلمة ديه.. لو يحرموني من نور عيوني مطرح ما تبقى أشوف وأجيلك".
في بدايات الشباب إتخذت رائعتها (فارس أحلامي) دستورًا للعشق والحب يجب عليّ أن أحفظه.
حين عشقت وخفق قلبي، قضيت الليل مُسهدًا مع (همس الحب)، ثم تجود الحبيبة فأعيش أيامًا مع (شباكنا ستايره حرير)، وفي الخصام أحاول سماع صوت الحبيبة على الهاتف فأتردد، ثم أعود لشادية ( مخاصمني بقاله مده وفي مرة الشوق نداني.. كلمته سمعت حسه وقفلت السكة تاني.. أكمنه ياناس وحشني وخصامه كمان حايشني..)!
إذا جادت الحبيبة بنظرة أو صادفتُها في طريقٍ، أردد في سعادة غامرة ( بوست القمر)، ثم يأتي السفر وبدايات الغربة فأسمع (خلاص مسافر)، شادية الأم تَعُدُ حقيبة سفري لأرحل ويصاحبني طَيفُها.
تأكل الغربة جل عمري وأنا أسمع صدى خفقان قلبها الحنون (والنبي وحشتنا).. وها أنا في كل ساعات الضيق أردد حزينًا (خد بإيدي)!
رحم الله العظيمة شادية، رحم الله الزمن الجميل.
Post A Comment: