••••••••••••••••••
صباح عيد الأضحى منتصف يناير ١٩٧٣ ..
دخل عم سيد السجان ..
صبح عليا وقال لى :
كل سنة وانت طيب يا عبدالعزيز يا ابنى ..
وانت طيب يا عم سيد
الفطار يا ابنى ..
الفطار كان عبارة عن طبق فتة ولحمة طازة ..
فطار عيد ..
اصل معتقل القلعة مش تابع لمصلحة السجون ..
شاب صغير جعان ونفسه ف الأكل اللى فى الطبق ..
قلت له انا مضرب عن الاكل يا عم سيد ..
عم سيد كان كل ما يفتح زنزانة عشان يديهم الفطار يسمع عبارة انا مضرب عن الاكل ..
وفضل يسمع العبارة دى لحد ما وصل للزنزانة رقم ٢٨ اللى ف آخر العنبر اللى هيا زنزانة العبد لله ..
فجأة .. لقيت عم سيد قعد ف الارض وحط صينية الاكل قدامه وحط ايده على خده وهات يا عياط ..
انا ذهلت ومش عارف اعمل ايه ..
عم سيد السجان كان راجل كبير فوق الخمسين وشعره الابيض على جانبى رأسه ينبئ عن تقدمه فى العمر ..
وأكثر ما يؤلمنى منذ صغرى هو بكاء الرجل الكبير فى السن ..
مالك يا عم سيد ؟
بعد ان تمالك الرجل نفسه قال ودموعه ما زالت تنهمر على خديه :
يعنى يا ابنى يوم مفترج زى ده وانتوا لسه صغار وبعيد عن اهاليكم وكمان مش عايزين تاكلوا ومش عايزنى ازعل واعيط ..
فى اللحظة دى بس ابويا وامى نطوا قدام عينى ..
وابتديت اتخيل قرايبى واهل قريتى وهما رايحين يعيدوا عليهم وبدل ما يعيدوا عليهم رايحين ياخدوا ب خاطرهم عشان ابنهم معتقل ..
وقعدت اتخيل منظر امى وهيا حاطة ايديها على خدها والدموع مش مفارقاها ..
واتخيل ابويا وهو حابس دموعه امام الناس عشان محدش يشوفه فى لحظة ضعف ..
ف اللحظة دى بس بدأت أشعر بألم الحبس وأتذكر ليلة القبض عليا وابويا رحمة الله عليه بيترجانى أبعد عن السياسة واهتم بمذاكرتى ..
خلى بالك .. بيترجانى مش بيستغل سلطته الأبوية ويصدر أمرا لا بد من تنفيذه ..
أيام ما كانوا الناس بكل فئاتهم ونوعية أعمالهم بيحتفظوا بين جوانحهم بمشاعر الرحمة والانسانية ..
رحم الله ابى وامى ..
ورحم عم سيد الراجل الحنين ..
Post A Comment: