لا تعدْ ياغريبُ 
تركتُ الستائر بيضاء في غرفتي ، 
والوسادةَ، 
والكأسَ بيضاءَ من غير ماء ، وحبرَ الوصيّة مندلقاً مثل ضوءٍ  عجوز على جبهتي ، 
وغطاءَ السريرِ  الذي نمتَ فيه ثلاث ليالٍ سويّا. 
وسبّابتي  ، بعد أن رفعتْ بي الشهادة َ ، مثل وليمة سطو ، على جنباتِ زناد المسدّس بيضاءَ أيضاً . 

وهذا  الظلام يحّدق بي .
لم يعدْ أيّ شيء هنا يشبه أيّ شيء هنا . 
 كأنّ يدي  ظلّ شاهدة لسوايَ  ،   
لعلّي سمعتُ  اسمه بين حربين   في سِيرِ الذاهبين إلى حتفهمْ عنوةً ، 
أوقرأتُ  اسمه  في  قوائم قتلى الوباء الأخير .
وعينيّ عينا غراب كسيح  على رأس تمثال غوته يلاحق آخر ريشاته في الدخان المبلّل باللعَنات على عتبات الجحيم . 

كأنّي على جبل لا أكلّم نفسيَ  ، 
فيما تقيم الشعوب القديمة في لغتي ،  
والفلاسفة العارفون بنسل الطبيعة والكائنات ، 
وآلهة الأمم المطمئنة للحب ينبت في صلواتي 
وينمو كحقلي سنابل بين ذراعيّ ، 
واللاجئون إليّ بموت الزهور على الشرفات ، 
وموتى بلا رحمة فقدوا دمهم في مدن متعفّنة ، 
وشفاهٍ لم تعدْ تستطيع الهبوط إلى النهر حتى تقلّد ثيران إشبيليا قبل بدء مصارعةٍ تنتهي بتبادل قبّعةالماتادورَ . 

أنا ملح أرض مباركةٍ  خانه الأقربون ، 
وأفسدها العابرون  ،  
وأوصى بها الفاتحون لغيري ، 
أسير وحيداً  ، 
وتتبع صوتي البحار ، 
وسور المدينة ، 
والهندباء التي نبتت في أهازيج بحّارة لم يعودوا  ، 
وليس سوى شجرٍ ميّتٍ  في مخيلَة الغرباء الذين أقاموا على جنباتِ سريري ، 
وغرقى يئنّون تحت وسائدهم . 

لست أحتاج هذا القناع لأعترف الآن أني حقيقة أمري ، 
وليس بمقدور قانليَ المتمرّس أن يحجب الضوء عن فكرتي .

ما صعدتُ على الطود كي يصطفيني إلهي على الكائنات ، 
ولم أبنِ لي هيكلاً لأصلّي  على من أضاعوا شواهدهم في قبور جماعيةٍ ، 
أو حروب تجوس خلال الديار ، 
وتسبي بلا رحمة في طريق الخروج إليّ مزامير شعبي ، 
ولم آت في سِيَرِ الأوّلين بتاج من الشوكِ فوق جبيني
سوى كي أقوم ، 
وأصرخ في سِفر  من شاءني  ميّتاً  في الأساطير ِ؛ 
يا خالقي في السماوات ، شكراً لأنّّي َ ما زلت حيّا.



Share To: