تُعد الدراما من الأساليب الحديثة في التعليم، خاصة للمراحل العمرية الأولى، وأصبحت في الدول المتقدمة كبريطانيا وسيلة لا غنى عنها لتعليم القراءة والكتابة. وتقوم على تمثيل حكاية ما أو درس ما من خلال لعب الأدوار، واستخدام الدور من قبل المعلمة أساسيا، فلا يوجد طريقة أكثر قوة للتعليم منها.

وإلى جانب استخدام الدور، ترتبط أعمال درامية كثيرة باستخدام مشترك لأدوار خاصة بالأطفال، فالأطفال يريدون أن يشعروا بأنهم مهمون. واستخدام دور "المساعدين الكبار" الذي يوصي به الباحثين، يعطي الأطفال الثقة بقدرتهم على معالجة المشكلات، فهم يحبون التحدث من خلال مشكلات، ويرغبون في مساعدة الآخرين.

"في الدراما كما في جميع مجالات الحياة، عندما يكون لدينا موقف وتحظى آراؤنا بالاحترام، نتعلم أكثر لأننا نستمع أكثر ويزداد احترامنا للذات. هذا شيء يربطه كثير من المهنيين بالنجاح في التعليم". (نايجل توي وفرانسيس برنديفيل. الدراما والقصة الشعبيّة

لسنوات الطفولة المبكرة. ترجمة عيسى بشارة. رام الله: منشورات مركز القطان للبحث والتطوير. 2014. ص14)

ودور المساعدين الكبار مستمد من عمل "عباءة الخبير" لدوروثي هيثكوت الرائدة في هذا المجال، هي طريقة مؤثرة لتزويد الأطفال بالسلطة داخل إطار يساعد المعلمين.

إنَّ الدراما هي أحد الموضوعات الأكثر قوة للتطبيق في المرحلة المبكرة، وتمنح الدراما الأطفال القدرة على التأثير في عمليات تطورهم الخاص، وفي التعليم، بل أيضا في تعليمنا كيف ينظرون إلى العالم، وما يفهمونه عنه.

وتعرض الدراما تجربة فريدة، حيث تستخدم أوضاعًا خيالية وظروفا وأشخاصًا، وبخاصة عند استخدام لعب دور معلمة، وهذا يخلق حوارًا مميزًا ومثمرًا ما بين التلميذ والمعلمة، وليس الهدف هنا إشراك الأطفال وتحفيزهم على التعلم وحسب، بل لخلق حوار أيضًا، وبخاصة في السنوات الأولى المبكرة من عمر الأطفال، حيث يعرف الأطفال كيف يستخدمونه تمامًا.

أحد الأسباب الأكثر أهمية للدراما، أنَّ الأطفال يجدون طريقة اللعب هذه مقبولة وتشدهم إليها.

في جذور لعب الأطفال ثمة دراما تعليمية، وتحديدًا في لعب دور اجتماعي، حيث يتصرف الأطفال كما لو أنهم شخص آخر، أو كما أنهم أنفسهم في وضع متخيل. وهذه سمة مألوفة لأي شخص يراقب الأطفال وهم يلعبون معًا، حيث يتم تجاوز الحدود الثقافية واللغوية، والاجتماعية الاقتصادية، إنها سمة لتطور الطفل، وقد بقيت معنا على مدى التاريخ، فهكذا لعبنا، وهكذا فعل آباؤنا وأجدادنا.

إن دمج الخيال والتظاهر في اللعب هو ما يجعل الأمر مهما لتطور وتعلم الطفل، فاللعب التخيلي التظاهري يقود مباشرة إلى الدراما. وكما يقول فيجوتسكي: "الطفل لا يمثّل رمزًا في اللعب، ولكنه يتمنى ويحقق أمنياته عن طريق ترك التصنيفات الأساسية للحقيقة تمر من خلال تجربته، وهي على وجه التحديد لماذا في اللعب يأخذ اليوم نصف ساعة، والمائة ميل تُغطى بخمس خطوات". (المصدر السابق. ص21)

وبما أن الطفل يملك القدرة على استيعاب وفهم تجارب ومعان جديدة بشكل متخيل، فأننا نستطيع أن نحولها لأثر سحري من خلال توفير محتوى وسياقات لنأخذ الطفل إلى أبعد من ذلك. فالدراما في هذا الحيز من اللعب تعمل بشكل فعّال للغاية.

فالدراما وسيلة تعليم، وعليه يمكن تطبيقها عبر المنهاج الدراسي. واستخدام الدراما في تعليمك أيتها المدرسة "يأخذك إلى أبعد من مجرد نقل المعرفة وبناء المهارات، كما يقتضي تفاوضًا بشأن المعنى لاكتساب الفهم. وهذا يتم من خلال المشاركة الفعالة في قصة عالم السرد المتخيل". (ص33)

وعلى غرار لعب دور اجتماعي، تستخدم الدراما الرموز وخلق السياقات المتخيلة ولعب الدور. ولا ريب أنَّ الدراما والشكل السردي يعملان معا بشكل ممتاز إذا استخدمت الدراما لاستكشاف القصة بدلا من مجرد تمثيلها.

أما كيفية التحول من القصة إلى الحوار، فالمعلمة تستطيع من خلال عدة طرق أن تشرك الأطفال بشكل أقوى وأكثر فعالية في القصة. فاستخدام إستراتيجيات تدخل المعلمة، يمتلك زخما عظيمًا لدعم عملية تعليم القراءة والكتابة. ويدعم عملية استكشاف الأفكار والشخصيات في القصة، ففهم القصة يتأتى عن طرق خلق سياق متخيل جديد يقوم على أساسها.

وهذه التقنية تعتمد على طاقة اللعب الاجتماعي الدرامي للأطفال، وتحديد قدرتهم على التظاهر. فهم يستخدمون تظاهرهم كوسيلة لصنع المعنى مما يسمعونه أو يقرؤونه، وبذلك يتعلمون من خلال التظاهر.

فالمفتاح بالنسبة للمعلمة هو المباشرة بطريقة "فيما لو" مع الأطفال، وبهذه الطريقة يمكن دعم حوار من شأنه أن يولد استخدامًا فعالًا للقصة، بما في ذلك استكشاف الكلمات التي تُصادف فيها. 

ورغم كوننا نستخدم معرفة الأطفال باللعب الدرامي، إلا أننا نعمل على تهيئة ظرف ديناميكي للأطفال يندمجون فيه ويكون جديدًا، ويعتمد أساسًا على القصة.

فنحن بالأساس نسعى إلى الحصول على تفاعل مع أفكار القصة أكثر من مناقشتها، وذلك عن طريق صياغة أسئلة مجربة جدًّا من قبل المعلمة وأجوبة من قبل الأطفال. والفكرة بالنسبة للأطفال هي المبادرة بأسئلة لدور من القصة، وليس للمعلمة من خارج القصة. وبصياغتها الأبسط، يحدث هذا على السجادة كجزء من وقت القصة.

ومن خلال وضع التلاميذ في دور ضمن الدراما بشكل متعمد، فإنَّ الدراما تهدف إلى تحقيق عدة أمور كما يقول نايجل توي وفرانسيس برنديفيل منها:

إعطاؤهم وجهة نظر يبدؤون منها عملية التعلم المتجسدة في الدراما: إعطاؤهم دورًا وجعلهم يفكرون بوجهة النظر هذه أكثر مما لو كانوا سيظلون أنفسهم. وتشجيعهم على تعلم اللغة عن طريق وضعهم في موقع يتطلب مطالب محددة حول الحديث والاستماع، وحمايتهم فالدور يوفر مسافة من الموضوع المدروس، لأنهم يأخذون موقعًا في عالم القصة المتخيلة. والمسافة تساعدهم على النظر إلى المادة المثيرة للجدل دون تهديد. كما أنَّ لعب الدور يرفع من مكانة التلاميذ. وهذا يجعل التلاميذ يتعلمون بفعالية أكثر إذا ما تم إعطاءهم مكانة داخل عملية التعلم. ويعزز مهارات الاتصال والصحة الاجتماعية المستمدة من مهارات الاتصال المتنامية بين الأفراد، ولعب الدور يطور مهارات الأطفال في معالجة الدراما: للعمل جديًا، وهذا مطلب أساسي للدور، وللتصرف مثل "ولي أمر" قادر على الإقناع، أو أي دور آخر، وهذا يحدث في لعب دور التظاهر.

والباحثان يعتبران استخدام "عباءة الخبير" الذي ابتكرته دوروثي هيثكوت مع الأطفال بسنواتهم المبكرة يحقق ويعزز هذه الأهداف بالشكل الأفضل، فهذا النوع يمنح الأطفال دورًا عادة ما يكون مهنيًا مميزًا وقائمًا على أساس مهمة، على سبيل المثال حارس غابة، عالم آثار، عضو مجلس بلدي... أما فيما يتعلق باللغة والاتصال، فإنَّ استخدام "عباءة الخبير" توفر سياقات يواجه الأطفال من خلالها التحديات ويضطرون إلى استخدام اللغة، لكي: يستمعوا بنشاط ويفهمون المطلوب، ويكونوا قادرين على اتخاذ القرارات، ويُديرون الوضع ويطورون القصة، على سبيل المثال للتفاوض، للاستجواب، للتعريف، للتعليل، للوصول إلى حل وسط... ويعطون أجوبة لمشكلات من خلال معرفة النتائج المترتبة على الأفعال.

فعباءة الخبير تستطيع أن تجعل التعليم ممكنًا في مجالات عدة، عندما تعالج مشكلات تبرزها الدراما.


الدراما وتطور اللغة

لا ريب أن هناك علاقة قوية جدَّا بين الدراما واللغة، فالدراما توفر السياق من أجل التعلم للتحدث والاستماع، وتطوير لغة لفظية وغير لفظية لجميع الأطفال بشكل واضح وجلي. وهي تتضمن الأدوات الأساسية لتطوير لغة ناجحة، وإعطاء الأطفال مكانة ملائمة لهم ولأفكارهم.

وتعد اللغة أحد أكثر مجالات التعلم قوة وتأثير للأطفال في سن مبكرة، وهي مهمة لامتلاك وسيلة تربط الجسدي بالشفهي بالنسبة لهم. فالأطفال يجلبون معهم مهارات متطورة في قراءة الإشارات غير اللفظية، "ويستطيعون أن يشعروا بارتياح كبير من خلال الوسيلة، حيث تساعدهم المعلمة لفهم الوضع عن طريق جعلهم يقرأون مجموعة كاملة من الإشارات" (المصدر السابق. ص126) بالإضافة للكلمات المألوفة لديهم.

ومن العوامل التي تساعد في تطور اللغة، (أي ظروف تحتاجون لمساعدة الطفل؟) فأنه تم تشخيص ثلاثة عوامل باعتبارها حيوية لتطور اللغة، وهي: الفرصة للعب التخيّلي. وحوار مع شخص بالغ متعاطف. وبيئة متاحة.

والدراما تدمج كل هذه العوامل وتعززها جميعا، لأنها تقوم أساسا على "اللعب التخيّلي" حيث يمكنها أنْ تقدّم أكبر مجموعة من البالغين لكي يشترك معهم الطفل طالما أن المعلمة المتعاطفة التي تستخدم الدراما يمكنها أن تتبنى عددًا كبيرًا من الأدوار تناسب تعلمًا محدَّدًا، وشخصيات ذات نفوذ، جيدة وسيئة، وضحايا، ووسطاء، وبالغين أذكياء وحمقى، "وأناس يعرفون وأولئك الذين يفكرون بأنهم يعرفون ولكنهم لا يعرفون. فالأطفال يمتلكون أفضل ما يمكن من المتعة لفهم ذلك كله". (المصدر السابق. ص128)

ومن هنا، فإنَّ إمكانيات تعلم اللغة للأطفال الصغار من خلال الدراما كبيرة جدا. ولعل الشكل الآتي بحسب "نيلاندز" (المصدر السابق. ص128)، يمثّل ملخصًا بيانيًا لكيفية تولّد اللغة من خلال الدراما.


سياق جديد يُبنى من خلال الدراما



بناء أدوار قصصية ووجهات نظر جديدة



علاقات جديدة تتطور وتعمل في الدراما



حاجات لغوية جديدة تنشأ عن طريق وضع الدراما

                                                       حاجات لغوية تعالج في دور (وخارج الدور)

                                       

         

تطور اللغة هو النتيجة

ينخرط الأطفال في استخدام الدراما، والنتيجة تعني أن لديهم تجربة مشتركة معك تعتبر أساس الحوار الحاصل. وهذا يساعد الأطفال على الكلام والحديث بشكل طبيعي، فالحديث في الصف ليس مجر د حديث افتراضي للغة، بل لغة صعب استخدامها كلما كنتم أصغر سنًّا. والجزء الهام هنا يكمن أن التجربة "تتطلب أن تكون وتعمل وتفكر وتشعر في وقت واحد وفي الوقت ذاته. فمعظم أعمال الدراما تستخدم الأطفال فيما هو مؤثر في الشعور إزاء الوضع. وهذا ليس بعضًا من التدفق العاطفي المتساهل، وإنما استجابة منضبطة للأحداث والأدوار".  (ص129)

ولا بُدَّ من توقف الدراما في هذه اللحظات لأخذ الوقت في التفكير بما تعنيه اللحظة. فاللغة المستعملة لوصف وضع ما في القصة، ستكون بالضرورة أكثر تماسكًا وتكاملًا وتطورًا بسبب البعد الشعوري.

والنتيجة لكل ذلك، أنْ تحوز اللغة هدفًا، وتصبح قريبة ومنتمية للأطفال، وهم يساعدون على إبداع وضع داخل السياق الدرامي للقصة. فهم يستعملون اللغة ليس بهدف الاستقبال فقط، بل من أجل القيام بفعل.

فالوضع الجديد المستحدث مهم، على الرغم من أنه بني على قصة خيالية، فهو يبدو حقيقياَ للأطفال وقويًا، لذا فأن حاجات اللغة والنمو شيء لا غنى عنه بناءَ على ما سبق. 

والخلاصة هنا، أنَّ استخدام الدراما في التعلم، تتيح سياق من أجل التعلم للتحدث والاستماع وتطوير لغة لفظية وغير لفظية لكل الأطفال بشكل واضح وظاهر. وبناء سياق لتعلم اللغة من خلال استخدام اللعب، وإعطاء مكانة لهم ولأفكارهم.

فالدراما لها مفعولها القوي في تحفيز اللغة والتطور الاجتماعي للأطفال، لأنها ملائمة ومألوفة لهم.  


الدراما وذوو الاحتياجات الخاصة 

" إن اللبنة الأساسية للدراما هي اللغة (لفظية وغير اللفظية):

 وهذا يعني أن الكثير من الأطفال الذين يكافحون بالقراءة والكتابة

 محررون عن طريق النطاق الواسع لأشكال الاتصال في الدراما"    

(الكتاب، ص159) 

من الواجبات الرئيسية للمعلمات، أن يمتلكن خطة عمل تناسب تنوع القدرات داخل الصف، ومن المزايا المثيرة للدراما، أنها تملك القدرة على جعل الأطفال ينخرطون في المشاركة بغض النظر عن قدراتهم.   

تتيح الدراما للأطفال التعلم مهما كانت قدراتهم. إذا وافق الطفل على قواعد الدراما، عندئذٍ يستطيع أن يحقق هدفاَ.

والاختلاف في أعمال الدراما يكون في النتائج وليس في التخطيط. على الرغم من أنَّ طرق التعليم قد تختلف لإفساح المجال لمشاركة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.


أطفال لديهم صعوبات تعلم   

توفر الدراما بشكل كبير لمن لديهم احتياجات خاصة من الأطفال الوسيلة الناجعة لإيجاد صوت لهم، والشعور بالثقة، لأن الدراما تعمل على خلق سياق للتعلم، وترتكز على الاتصال اللفظي وغير اللفظي، ولا تعتمد بشكل رئيسي على القراءة والكتابة رغم أنها توفر حافزاَ لهذه الأنشطة بدرجة كبيرة، كما أنها تقوم بالعمل عبر عناصر اللعب واللعبة.

هكذا يتطور التعليم في الدول المتقدمة، فماذا عن وطننا العربي؟

إنَّ من الأسباب الرئيسية للكبوات في الوطن العربي ناتج أساسا من فشل العملية التربوية، فالتعليم في الوطن العربي يواجه مشكلات كثيرة، تبدأ بالميزانيات الشحيحة المرصودة ومرورًا في المناهج التي لا تتغير إلا شكليًا بعد مرور سنوات طويلة، ولا تنتهي بالملعمين والمعلمات الذين يدخلون في مسيرة التعليم دون خبرات أو دورات تمنحهم الامكانيات والمهارات اللازمة للقيام بعملهم المهم.

وبينما نرى الاهتمام الكبير بالنشء في الدول المتقدمة، والانشغال في كيفية تطوير العملية التربوية والمناهج، والأساليب التدريسية، ما زلنا نحن العرب نمارس نفس العملية منذ الاستقلال، فلا تطوير للبيئة المدرسية، ولا المناهج تواكب التطور الكبير في مختلف المجالات، والأساليب التدرسية لا توجد، اللهم إلا أسلوب التلقين الذي لا يتم بالمدارس وحسب، بل أيضا في الجامعات العربية مما خلق جيل يعجز عن فهم مشكلاته وحلها.

وإذا كان الاهتمام بالتعليم للطلاب العاديين هكذا، فإنَّ ذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم يتحطمون على أسوار المدارس لأنه ليس هناك طرق للتعامل معهم.

إنَّ استخدام الدراما في التعليم انتشر في الكثير من دول العالم، والتي حققت نتائج عظيمة بتخريج أفواج من الطلبة يعتمد عليهم في النهوض ببلدانهم، بينما لم يفكر وزير تعليم عربي بأحداث ثورة في وزارته للنهوض بالتربية والتعليم من خلال تدريب المعلمين والمعلمات على الطرق الحديثة في التعليم، والتي يجب أن تدرس في الجامعات كي يتخرج المعلمون وهم يملكون المعلومات والمهارات والمعارف اللازمة وإلا سنبقى نرزح تحت نير الضعف والهوان والتخلف، فالكلمة السحرية للنهوض بأوطاننا العربية هو العلم الذي لا يمكن أن نملكه إلا إذا جعلنا كل همنا كيفية مواكبة الأساليب العلمية الحديثة في التعليم.

إن أفضل النتائج يمكن الحصول عليها من المتعلمين، إذا كان المعلم يمتلك مهارات جوهرية ثلاث كما يقول عالم النفس كارل روجرز، وهي: القبول، والأصالة، والتعاطف.

إذ على المعلم أن يكون بلا أحكام مسبقة، ويقبل التلميذ كما هو.  والأصالة تعني تقيما نزيها للذات كمعلم، فهل يدخل المعلم الغرف الصفية كما هو عليه حقيقة، أم يضع قناع السلطة؟ أما التعاطف فهو: "القدرة على وضع الذات في جلباب شخص آخر للتوصل إلى المعنى الحقيقي لما قد يشعر به". ((دافيد هيكس. تربية الأمل. ترجمة يوسف تيبس. رام الله: منشورات مركز القطان للبحث والتطوير. 2015. ص 107) فعندما يحس التلاميذ أنهم مقبولون كما هم، تصبح التفاعلات مفيدة للغاية، والتعلم العميق ممكنا.

وبما أن العمل مع التلاميذ سيكون صعبًا إذا شعروا بعدم الأمان، فقد وضع هيكس قواعد أساسيَّة تهب الطلبة الشعور بالأمان، وهي:

- التحدث: طالب واحد يتحدث في كل مرة، قد يكون بعد رفع اليد مثلا.

- الاستماع: من المهم الاستماع بانتباه لما يقوله الآخرون، وعدم مقاطعتهم.

- عدم الحكم: الاستماع دون إصدار الأحكام، واحترام وجهات النظر المختلفة.

المشاركة: لا بُدَّ من مشاركة الجميع بالنقاشات، وعدم استبعاد أحد.

التعبير: والأمر لا يتعلق بالإجابة الصحيحة، بل "العثور على طريقة تعبيره، الذي قد يكون فقط مشاركة ما يشعر به المرء مع المجموعة". (المصدر السابق. ص 111)

ولننظر الآن إلى واقع المعلم العربي الذي يعاني الفاقة وانسداد فرص التطور، وإلى التلاميذ وكيف يعانون في المدارس؟

آن الأوان لثورة تعليمية شاملة، تنهض بالوطن من كبواته التي طالت.





Share To: