عمار التويني


نشرت أمس قصيدة بعنوان "نظرية الذاكرة" للشاعرة الأمريكية لويز جلوك. وقبل دقائق، ترجمت لها قصيدتين من ديوانها غير المترجم للعربية "ليلة وفية وعفيفة". وهاتنان القصيدتان هما "كتاب الخيال" و"زوار من الخارج" أتمنى ان تروق لكم الترجمة.
عمار الثويني 

كتاب الخيال
عندما قلبت آخر صفحة بعد ليال طوال
غمرتني موجة من الحزن 
أين توارى كل هؤلاء؟ 
الناس الذي بدوا حقيقين تماما؟
ولكي أصرف عني هذا الاشتباه
سرت خارجا في الليل دون إرادة
أشعلت سيجارة
فشعشعت وسط الظلام 
لكأنها نار أوقدها أحد النُجاة  
لكن من بوسعه أن يرى هذا الضياء؟
نقطة وسط حشد نجوم لا متناه 
وقفت للحظة وسط الظلام 
وسيجارتي تشع وتخبو 
وبكل نفس أسحبه منها بأناة 
أشعر أنني سائر نحو الدمار...
يا لهذا الضوء الصغير الضئيل  
كان صغيرا وكان ضئيلا 
أخذت أتساءل مع ذاتي الآن
أي النجوم ما كان موجودا أبدا

زوار من الخارج
1-
أحيانا، عندما بلغت ذلك الشطر من الحياة
يؤثر الناس التلميح بشيء للآخرين
دون الإشارة إلى ذواتهم  
عند منتصف الليل رن الهاتف
ولبث يرن ويرن 
كما لو كان العالم في فاقة لي
وليس العكس من ذلك حقا. 
اضطجعت على السرير 
أحاول حدس سر هذا الاتصال
هل أتى من أمي اللحوح
أو من أبي الشاعر بحرج مؤلم 
عندما رفعت السماعة، كان الخط ميتا
أو ربما كان الهاتف يعمل، لكن المتصل مات
أو ربما ليس بجرس الهاتف، بل الباب؟ 

2- وقفت أمي وأبي وسط البرد
في أعلى مدرج البيت أمام الباب 
حدقتْ فيّ أمي وقالت:
يا بنت، يا فتاتنا
لم تفكري قط فينا! 
لقد قرأنا كتبك عندما بلغتْ عنان السماء
بالكاد ثمة ذكر لنا
وبالكاد ثمة ذكر لأختك المتوفاة
فأشارا لأختي الغريبة تماما عني
أختي التي لفتها أمي بذراعها بقوة
قالت: هي أختك، وأنت من يملك روح هذه الأخت 
بعدها، توارى الاثنان مثل مبشري المورمون
3- عاد الشارع متوشحا البياض 
واكتست كل الأشجار بثلج كثيف
فأخذت تلك الأشجار البيضاء تشع
اضطجعت في الظلام، بانتظار الليل أن ينطوي
لكنها كانت ليلتي الأطول التي عشتها 
أطول من ليلة ولادتي 
صحت بصوت عال: أكتب عنك طوال الوقت،  
كل مرة أقول فيها "أنا" فإنني أشير إليك. 
4- 
أطبق الصمت خارج الطريق
كانت سماعة الهاتف هناك، وسط اشتباك الشراشف
بعدما توقف الرنين العنيد قبل بضع ساعات 
تركت السماعة على حالها هناك
أتأمل سلكها الطويل يهتز تحت الأثاث 
أبصرت الثلج ينسدل هناك
ليس كثيفا ليعيق الأشياء 
ليجعلها تبدو أكبر مما عليه الحال 
من ذا الذي يتصل بي منتصف الليل؟ 
مكالمات مقلقة ويائسة
بينما ينام الفرح مثل الأطفال. 

                             

                             لويز جلوك



Share To: