عندما يسكنني ذاك المساء بصمته
أحزمُ حقائبَ التَّرحالِ وأهاجرُ إلى مضاربِ غيمةٍ منسيّة
أستفيقُ على كركرةِ الكلامِ وهي ترسمُ دوائرَها الفيروزيّة
إخالُ القمر َ يغتسلُ خجلًا من ضوء الوحشة
لا أعرفُ سبلَ الانعتاقِ ولا أجدُ تلك المبررات
وحيدة أنا دومًا
يرافقُني ظلُّ الوحدةِ بهدوءٍ نحو وديان الغروب
تأتيني من سراجِ الانتظارِ شعاعةٌ سمراء
تؤنسُني وتفتحُ الأبوابَ للجن
تغتالُني أمسياتٌ كانت مستترةً في عروة قميصي
راميةً وشاحاتٍ مزركشةً بالحنين على مرآتي
وكأن شتائي لا يمطر مواعيدَ ولا لقاءات
تجانستُ مع السكونِ وهدهدةِ الفراغات الرقطاء
صرتُ أتغذّى حريتي من ذاتي
وصارت ذاتي تتغذى حريتها من صمتي
إن المسافةَ العوجاءَ في قعرِ فنجاني
وبقايا الرمادِ الراسي في منضدةِ غربتي
صارتا قصائدَ الشوقِ المنسيةِ في أشعارِ الشعراء
صارت روحي مُسجّاةً على كفِّ الأيام
صقيعها بات دافئًا تمامًا كاحتضانِ الزهرِ للشوك
وصرتُ متآلفةً مع حالتي مثل صياد اصطادته طريدتُه
أغلقتُ نوافذي على الوجوه الآتيةِ من خيالِ الاتجاهات
أقفلتُ كلَّ الطرقاتِ الفرعيةِ في حياتي
فالخريفُ وإن هبّت رياحُه
وتعطّرَ بنسائمِ الشتاء
يبقى في ثنايا هبوبه عطر ُ الحياة
Post A Comment: