•••••••••••••••••
رغم انتهاء إمتحان القبول للشهادة الإبتدائية على خير الا أن مشهد ذهابى للإمتحان ممتطيا ظهر حمار ومسنودا من أحد الأقارب لم يفارق مخيلتى ..
كما لم يفارق مخيلتى أن ورقة الإجابة أصيبت من الرشح المسيطر على أنفى لشدة نزلة البرد التى أعانى منها ..
وظل هاجس عدم الحصول على المركز الاول فى مدرستى يؤرقنى حتى صبيحة يوم الإعلان عن النتيجة ..
كان منافسى على المركز الاول هو صديق طفولتى فهيم وديع ..
عند سؤالى عن النتيجة لم أهتم بنتيجة أحد سواه ..
كل طفل بيسأل عن نتيجته برقم الجلوس ..
الا أنا سألت عن نتيجتى ونتيجة فهيم ..
وكان ما تخوفت منه ..
فهيم سبقنى وحصل على درجات أعلى من درجاتى ..
لم يشفع لسوء فهم الطفل تقدير الجميع أنه كان مريضا قبل وأثناء الامتحان ..
بل سيطر على كل جوانحه شعور بالأسى أن هناك من تفوق عليه ..
بعقلية طفل نرجسى لا يريد أن يبدو منكسرا أمام زملائه وأهل قريته قرر أن يخترع كذبة وهو يشعر بالأمان ..
فهيم حصل على ٢٧٨ درجة من ثلاثمائة درجة مجموع درجات المواد الدراسية ..
وانا حصلت على ٢٥٨،٥ درجة ..
ورغم أن نسبة النجاح فاقت ال ٨٦٪ ..
الا أن ذلك لم يكن كافيا لإرضاء ذلك الطفل النوجسى ..
يعمل ايه بقى الطفل النرجسى ؟
أعلن للجميع أنه حصل على ٢٧٩،٥ درجة ..
ومن الطبيعى لتفوقه أن يصدقه الجميع بمن فيهم صديقه فهيم ..
وتبادل الجميع التهانى ..
وظلت هذه الكذبة تؤرق نفس الطفل النرجسى رغم أن كذبته قد انطلت على الجميع صغارا وكبارا ..
فالطفل النرجسى يدرك أنه ارتكب محرما فقد كان اول ما حفظه فى مقتبل عمره آيات الله التى تحضه على الصدق وتنهاه عن الكذب ..
بعد اسبوعين من الواقعة وعلى حين غرة وفى غيبة الطفل النرجسى جاء فراش المدرسة ليوزع الشهادات على التلاميذ فى منازلهم ..
وكانت الطامة ..
اطلع الزملاء على شهادة الطفل النرجسى واكتشفوا أنه قد كذب عليهم وأنه ترتيبه ليس الأول ..
ومش هقول لك بقى تأثير انكشاف الكذبة على الطفل النرجسى اللى أول حاجة اتعلمها فى حياته كتاب الله ..
الكذبة من ناحية وانكشافها على الملأ من ناحية ثانية تركا أثرا فوريا عميقا فى نفسه فتعاهد مع نفسه ألا يكررها ثانية مهما كانت الأسباب والتبريرات ..
وطبعا الكذبة تم نسيانها فالأصل ان كلنا عيال ..
لكن الطفل النرجسى لم ينسها رغم مرور عشرات السنين على وقوعها ..
بل وكانت سببا فى أن يتخلص من نرجسيته ..
وبعدها بأسابيع كان الطفل ينتقل الى مدرسة إعدادية فى البندر تبعد عن قريته بما يقارب الإثنين من الكيلومترات ..
تلك المدرسة التى كانت إيذانا بعهد جديد يتطلع اليه الطفل ابن الريف ..
ولذلك حكاية أخرى ...
....
Post A Comment: