محور حديث هذا المقال كاتبه، فقد أحببت ككاتب أن أتلمس معنى الفضيلة بالاعتراف وأطبق مقولة العرب "الإعتراف بالذنب فضيلة ". وعلى قاعدة فهم السؤال نصف الإجابة،   فالاعتراف بالذنب نصف الحل، فأنا أعترف بأني مدمن،حتى بت أقضي معظم وقتي أتعاطى مع ما ابتليت به.

   ومما شجعني على الإعتراف بذنبي، إدراكي أن الإعتراف يعني أنني لست في مرحلة يصعب منها الشفاء، وإدراكي كذلك أنني ما زلت أميّز بين الخطأ والصَّواب رغم إدماني، وأن لدي الاستعداد للتعافي والخروج من مرحلة الإدمان إلى بر الأمان.

 ما كنت أدري أنني سأقع فريسة لما كنت أحذر أبنائي منه، إلا أنني أدري أنني قطعت مواقعهم باشواط، وأنهم باتوا ينصحونني بالخروج مما ابتليت به.
  
   سأعترف على الملأ أنني قد هويت إلى مرحلة الإدمان، وأنني أتلمس جيوبي في كل حين، وأتحسس جوانب جسدي المسجى، وكأني أبحث عن شيء مفقود لا تستوي حالي إلا به. بت أخجل من نفسي وأنا أمارس مرحلة الإدمان حتى أمام ضيوفي أحياناً،  فأسرق لحظة سكون او انقطاع في الحديث لأختلس شيئا مما أرسله الأصدقاء، وبات من يجالسونني يضجون من شرودي وعدم قدرتي على المتابعة، فقد بت أميل إلى الاختصار في حديثي وأود لو يختصر الآخرون. عدا عن ميلي إلى الوحدة" طبعا لا أقصد الوحدة العربية فهي من الدعوات المضحكات المبكيات. " إنما أقصد التفرد والابتعاد عن مجاملة الآخرين،  لدرجة أنني أصبحت أخشى على نفسي من " التوحد " ، وأحيانا أشعر أن انقلاباً على دبابة من صنعهم "هم" قد أطاح بي، وأحيانا أترحم على ماض قضيته متطوعا ما بين الجمعيات والمراكز والأندية لدرجة أنني كنت أتمنى لو أن الأسبوع ثمانية أيام لأنجاز متطلبات التطوع، فلكم أن تتخيلوا أن وقتي كاملاً عدا سويعات في الاسبوع أقتطعها بحضور نشاط ثقافي أو في زيارة للأهل أو الأصدقاء أو القيام بواجب إجتماعي وأعود على عجل للارتماء على سرير الانطواء بين أربعة جدران، وأمارس إدماني دون ضجر.
 
  بدأت قصتي في الشهر الأول من عام الف وتسعمئة وإحدى عشر، وبعد مشاهدة الزملاء والأصدقاء ممن سبقوني في التعاطي  وبتشجيع منهم قررت فتح حساب "الفيس بوك " وبدأت رويداً رويداً كما هم الآخرون أكتب وأبدي إعجابي وأرسل وأستقبل وأحاور، وشيئاً فشيئا ًوبخطى غير واثقة بدأ التعامل مع " الفيس بوك " وبات العالم مفتوحاً وكأني في حلم، ما يلبث الخبر إلا ويكون بين يدي خلال ثوان، وبات لي أصدقاء بكل الألوان والأذواق والمشارب عليَّ متابعتهم، فهم بحكم انتشارهم العنكبوتي لا يمكن أن يتفقوا على وقت محدد للتواصل أو النشر.
  وبما أني إنسان حالم، بدأت بالكتابة والنشر ما جعل لي جمهورا لولا ثناؤه لما استطعت الاستمرار، فكتبت وكتبت، حتى بدأت أشعر أن الكتابة واجب علي ومتابعة ما يكتبه الاصدقاء بات واجباً أيضاً. كل هذا أسهم في إدمان " الفيس بوك " لدرجة أصبح من الصعب الاقلال من جرعات تعاطيه،  حتى أني لم أعد أفرق بين الليل والنهار، لدرجة انني استغل فترة من بين الغفوتين لمتابعة " الفيس بوك "  . 

مع اعترافي ببلوغ مرحلة الإدمان، إلا أنني سأبدأ بالبحث عن حل وأتخلص من الإدمان.
   
مع شكري الكبير واعترافي بجميل "الفيس بوك " الذي عرفني على أصدقائي الذين أعتز بهم وأفتخر، وأتمنى لهم استخداماً موفقاً غير الذي فعلت.



Share To: