حلق ببصره، قرب النجف العملاق ،المعلق ،في بهو النزل الفسيح .
وضع ساق فوق ساق ،ثم فتح الجريدة، علي صفحته المفضلة.،توقف ،للتأمل فيها ،في حركة شبه استطلاعية، حتي وقعت عينيه ،علي خبر صغير ،في ركن بعيد، أسفل  صفحة المناسبات ""تتقدم أسرة العالمية للمنتجات الغذائية، بخالص الشكر ،للأستاذ /فريد تهامي ،بمناسبة إنتهاء خدمته،مع تمنياتنا له ولأسرته بالسعادة.""
إنتابه شعور، بأنه ضئيل ، قزم. تذكر قصة عقلة الإصبع، ثم مشت أمامه نملة ،فتذكر قصة سليمان عليه السلام .
أهكذا الدنيا ؟!أحس بأن العالم ينسحب من داخله ،وبأنه، قد سقط في الفراغ .سأل نفسه :أهكذا يودعني رفاق العمر ،أجمل، وأطول ساعات العمل ،بضعة كلمات ،في خبر صغير ،في ركن بعيد ،في جريدة .
تذكر حينما طالبه أحد الدائنين، بسداد دين أو اللجوء للنيابة، هرع إليهم، ليقفوا جانبه، فاختلقوا له دور في جمعية ،وقبضها، وسدد الدين ،ثم ذهب كل لحاله .
حدث نفسه :هي نفس الطريقة، نفس الحياة ،التي تنقضي. 
لمح أحد القادمين الجدد ،وهو يتقدم نحو إستقبال النزل ،وخلفه البيل مان يحمل حقائبه. 
سأل نفسه :متي يأتي هذا القادم الجديد  ،ويتصفح الجريدة. ؟



Share To: