اي عقل هذا الذي نريد، ضمن منوال النظر و الحقيقة، وما العلم بالشيء الا قول فيه. ان الخلفية الذهنية للذاكرة المركزية الموجهة للرؤية الحداثية، و التي عاشت طغيانا لنزعة إنسانية مفرطة إلى حد إبعاد الله عن تجليات الوجود و خلاص الانسان. فالحداثة بكل مجموع تلاوينها تعتبر أن قضايا الإنسان هي منه وإليه، و يجب عليه تحمل مسؤوليته الكاملة في الوجود بإمكاناته المنفردة. و من ثمة لا يجب عليه أبدا الاعتماد على أي قوى اخرى تتجاوزه. أن الحداثة غيبت قضايا الحياة من الدين و اعتمدت على عقل وفق منظومة الحيرة الدائمة و رسمت الحداثة العزل التام لذاك العقل عن الروح و الذات و خلاص الانسان  من سؤال الحياة و ما بعد الموت، الذي اختار له طريق إجابات المطلق و الإيمان بمسلمات الغيب و علو الروح و شغف الانتظار عبر منهج الذوق. ان اعتماد الحداثة عن العلمانية بما هي فصل للسياسة عن الدين كان بسيطا جدا بما تم فصله في إطار ممنهج، ليتم فصل العلم عن الدين، فكان بؤس الانسانية و العالم، كما بالحداثة فُصل المخلوق عن خالقه فضاع الإنسان و هدرت آدميته. ان مسلمات الغيب  هو خلاص الانسان و جمالية العرفان و إجابات الحيرة و العجز. ففهم العلل و المقاصد  و محاولة تاويلها و عدم اعترافها بعدم ادراك العقل للاسئلة الكبرى جعل من الذاكرة المركزية للثقافة العربية تجعل من الحداثة اختيارا و الذات مركزا، بحيث منها ننطلق وإليها نعود بقرارها و منهجها، و لم ندرك انها تبتعد عن اختيارنا و قوة ارادتنا لان انموذج التفكير عندنا بسيط و غير مركب لنتعرف على مكامن قوتها و ضعفها و منه تفكيكها، و اكتفى بتشكيك لا يوصله الى يقينيات الحداثة و مكرها.ان النسق العلمي الذي هو  إنساني المعرفة عليه ان يدرك أن العقل لا يمكنه أن يبرهن عن نفسه و ان  منهج العرفان و الذوق هو مسار خلاص الانسانية، و الطارح لاجابات الأسئلة الكبرى بين العالمين و العاملين بالنسق  و ان ما وراء العقل هو ذاك العقل الذي نريد.



Share To: