أنتِ تعلمين بأنني مريتُ بفترات صعبة، وحدكِ من كنتِ الطبيبة عندما هجروني الأطباء يا سلوى، ما زلتُ أتذكرُ دموعكِ الماطرة التي كانت تهطل من سحابة وجهكِ الذي يشعُ نورا، من جبينكِ الأبيض كقطعة ثلج وكقميص طفلة، من وجهكِ الملائكي الذي يشبه المشكاة، من عيناكِ المليئتان بالنور كضوء قمرٍ في ليلة المُنتصف، كنتِ تذرفين دموعكِ بكل إسراف وتتنهدين من أخمصُ فؤادكِ يا سلوتي وراحتي، كانت دموعكِ تحط رحالها فوق جسدي فأشعر بالراحة، كنتُ أشعر بأنني وليد اللحظة، أعيشُ أيامي الأولى على سطح هذا الكوكب، كُنتي كوكبي الآمن المليء بالضوء، كنتِ المشفى وكنتِ الطبيبة، كنتِ المغُذيات وكنتِ المُهدئات وأقراص البندول .
كنتُ أستلقفُ دموعكِ بيديّ ومن ثم أوزعهم على كل جزءاً من جسدي وحين أنتهي أشعر بأنني نَبي، هأنذا أدعو بِكل سجدة وركعة، أبرمجُ ساعة الحائط وأضبطها إلى الموعد المحدد حين ينزلُ الرب إلى سماء الدُنيا، أسرح بغيبوبة سُباتية وفجأة أسمعُ جَرس الإنذار يغني جواري، أفزُ كل ليلة ثم أذهب نحو المكان المُخصص، هُناك أطهرني من كل شائبة وخطيئة، أعودُ خفيف من كل شيء إلا من حُبكِ يا امرأة، يا هدية الله التي عانقت روحي، يا فؤادي الذي يضخ الدم إلى جميع أجزائي، في النصف الأخير من الليل أرفع يديّ نحو خالقكِ وخالقي أدعوه أن يحفظكِ لي، وأن يجعلكِ شمعة تحترقين فتسيلُ منكِ السعادة نحوي يا نَجمتي الراقصة.
هل تعلمين بأن أحدهم سخر مني ، مزقني برسالة ساخرة، هدمني ، بِرسالة يا سلوى ، قال : أنني مسكين كفقيرٍ يمدُ يديه للمارة لعل يجد ورقة نقود متسخة، وأنني تائه بدون بوصلة، أجزمُ بأنه إنسانٍ وقح، عديم الأخلاق يا سلوى، أو ربما يظن بأنني أشبهه وأنني نسخة كربونية منه، هو لا يعلم بأنكِ مالي والظمار ، وعندما أفقدني تأتين وتنقذيني من الشتات والضياع بإبتسامة، إن ذلك الشخص جعلني لا أهتمُ لأي كائن وجودي البتة، أنا أولاً وأنتِ ثانيا، وأنا ثالثاً وأنتِ رابعا إلى مالا نهاية ، جميعهم كاذبون ليس إلا يا سلوى، يضحكون جواركِ وعندما تغيبين يمارسون طعنكِ بأسلحتهم، يقطعون جـسدكِ إلى أشلاء كما يقطع الجزار جَسد الذبيحة، يطهون براءتكِ على نار تفاهتهم ووقاحتهم دون إكتراث، دون الرجوع لذكرياتكِ معهم،
آه يا سلوى إنني أتمزق إزاء هذه الكارثة البشعة التي وصلتني من أقرب المقربين إلى زاوية قلبي، إنني أنشطر كقُنبلة عنقودية، تشفى بسقوطي الذي كان بإرادة الرَب ثم إنني أثقُ بأن الرب سوف يجعلهم يمرون بلحظاتٍ قاسية كلحظاتي لكي يعلمون مدى الوجع ، مدى الألم والألم يا سلوى ، سيسقطون وسأرتفع ، سيختفون وسأظهر ، سأضحك وأرقصُ واُغني وسيتوجعون وسيحزنون ، هأنا قد صِرتُ أقوى من أي وقت مضى، سأحملُ الراية عالياً وسأكون مُحارباً شرساً في وجه تفاهات الحياة وقهقهات المرضى يا سلوى ...
Post A Comment: