| ما هو التنوير ؟

 أجاب "إمانويل كانط" عن سؤال ماهو التنوير بقوله : "إنه خروج الإنسان من مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد."
"عصر العقل" "عصر التنوير"، هكذا تم تسمية حركة فلسفية عقلانية أعادت توجيه مجالات متعددة في حياة الأوربيين كالسياسة والفلسفة والعلم جذرياً خلال القرن الثامن عشر (1685-1815). 
حيث دعى التنويريون في مختلف دول أوربا، خصوصاً بريطانيا وفرنسا، إلى الشك في السلطة التقليدية وإصلاح حال الإنسان عن طريق التغيير العقلاني.
كان عصر التنوير مليئاً بالإختراعات والإكتشافات العلمية، والحروب والثورات (الثورتين الفرنسية والأمريكية)، هاته الأخيرة لم تكن إلاّ نتاجاً للثورة التنويرية.
إنطلق عصر التنوير وكانت بداياته في إنجلترا خلال ثمانينيات القرن السابع عشر، وبلغ ذروته مع الثورة الفرنسية (1789)، وانحسر أخيراً في "رومانسية" القرن التاسع عشر.
ومن أبرز رواد وفلاسفة التنوير نذكر : توماس هوبز (1588-1679)، جون لوك (1632-1704)، ديفيد هيوم (1711-1776)، إمانويل كانط (1724-1804)، آدم سميث (1723-1790)، إسحاق نيوتن (1642-1727)، وغيرهم الكثير.

| أهم المفاهيم الفلسفية للتنوير :

• المنطق :
المنطق أكبر قدرة إنسانية يمكن استعمالها لتحسين طرق التفكير، وكذا تحسين الإنسان في حد ذاته. فالمنطق يسمح للعقل بالتحرر من الجهل واللاعقلانية، كما أن التفكير بشكل معقول يؤدي إلى التصرف بشكل معقول.

• الشك :
التنوير يدعو لتجنب الإيمان الأعمى واستبداله بالشك، هذا الأخير هو بداية التعرف على اليقين وإدراك الحقيقة. فقد كان فلاسفة ومثقفو التنوير يشككون في الحق الإلهي للملوك والملكيات عموماً، وكذا الإدعاءات العلمية الخاصة بالعالم الطبيعي، وطبيعة الواقع والعقيدة الدينية التي أتت بها الكنيسة ورجال الدين.خلال فترة عصر التنوير، إنتشر فكر -إيماني- جديد، وهر "الحركة الربوبية" التي تقول بوجود إله، لكن هذا الإله لا يتدخل في الأرض والكون عموماً، فالكون -حسب الربوبيين- يمشي وفقا للقوانين الطبيعية والتي تقوم على أساس علمي.

• التسامح الديني :
بعد الشك في المؤسسة الدينية، رأى كثير من فلاسفة التنوير أنه من الضروري أن يكون الناس أحراراً في عباداتهم، وفي اختياراتهم الدينية والعقدية. وأدى ذلك إلى تقييد السلطة السياسية للدين منعاً لحدوث أي حروب دينية تعصبية.
كل هذا أنتج مفهوماً جديداً نعرفه اليوم باسم "العَلمانية"؛ والتي تعني فصل الدين عن الدولة.

• الحرية :
التنوير مرتبط بتأكيد الحرية الفردية، ويفترض التنويريون أن " الإله-الطبيعة" أعطى للإنسان جميع الحقوق الأساسية وأنه يجب أن يكون حرًّا في التصرف دون قيد أو سلطان.
وقد أكد رواد التنوير على أن لا سلطة للحكومة على ضمير الأفراد، للأفراد حقوق والكل متساوون، كما أن السياسة الشرعية تكون ممثلة لإرادة الشعب.

• التقدم :
قبل عصر التنوير بقرون ساهم عصر النهضة بشكل كبير في التقدم العلمي والتقنية الفنية، واستكشاف العالم. 
هذا جعل مفكري التنوير يعتقدون أن الحالة الإنسانية تتحسن مع مرور الوقت بسرعة كبيرة، هذا وقد ربط عدد من الفلاسفة أمثال "ديفيد هيوم" و "آدم سميث" مبادئ التنوير بالسياسة والإقتصاد.

• التجربة مقابل العقلانية :
ارتبطت التجريبية بفلاسفة التنوير البريطانيين بمن فيهم "جون لوك" و "هيوم" ، فقال التجريبيون أن المعرفة تأتي من الحواس والخبرات الحية. فيما اكتفى العقلانيون برفض تصديق الحواس، وادعائهم أن المعرفة تأتي من العقل؛ من خلال تصور الأفكار أو الحدس بها.

أخيراً :
ساهمت الحركة التنويرية في بناء فكر جديد اعتمد على المنطق والتجربة، ومارس الشك تجاه الفكر التقليدي الذي كانت الكنيسة أحد أركانه الأساسية، لتنتهي بذلك عصور من الظلام الدامس والأفكار الرجعية.



Share To: