أنت عائد , إلى روح الروح , إلى بلدك ,تحمل مفتاحا موريسكيا في قلبك, و تمتطي أي شيء , تسافر , ليلا , لا تبالي البرد , لا الحر و لا بل فالشوق ينسيك كل , شيء , و كأنك سكران بالحب و شربت نصف طن من الشوق , حتى أدمنت , فصرت صاحب بار و عربيد سكير في تلك المعابد الخالدة في الذاكرة , ما بقيت منها سوى أطلال , بائده , بجرد مخيلتك , تحاول إعادة بناء أسوارها المتهدمة , كباناصا
و أنت عائد , تحمل في قلبك , نزيف موريسكي خاص , ما بين الغربة , الاشتياق , ما بين الماضي و التاريخ و الألم و الوجود و دلك الحنين لماض قد اغبر و انتهى , تقتلك الغيرة , أنت لا حيله و لا قوة لك , عابر سبيل , مهاجر , مغترب من بلد كان و كان و كان يوما عربيا , الغيرة على ماض قد وئد .
و أنت عائد , من الغربة , تتسارع خفقات القلب , و كل ذكرى أمامك ' تتداخل و تخرج , تتطاحن , تصنع معركا غجريه لا تنتهي , لا تعرف كيف بدأت و لا ماهي نهايتها , تلك الغجرية الأندلسية الراقصة في دهنك , بفساتينها المزهرة ألوانا, ترقص على نغمات الفلامنكو ،و تحتسي في راسك شرابا نبيذيا أندلسي من الأوفا الإسبانية الريوخا
و أنت عائد , تحني شعرك بحناء الذكريات , النوستالجيا , تتوشح موشحات عربية أندلسية خليط بالعكر الفاسي الوردي , فتتورد كل شيء , حتى شفاهك الباهتة من ظلام الغربة و أما عينيك , فتصبح بلون تراب بلادك لشدة الحب للترس
و أنت عائد , تولج الليل في النهار و تولج الليل في النهار , فلا يهم , هل هو نهارا , أم ليلا , هل هو بردا , أم نار و حر , لا يهم , المهم , هو قطع المسافات , اختصارها , ما بين الوديان , الجبال الإسبانية العتيقة , فهده , الأيطانا , تلك لاسيرا ,و بيكو المنصور , سيرافيرا و مونتي خورا , و هدا نهر الواد الكبير يخترقك , حينها تشم عبير الأندلس , تستحضر الحضارة الأندلسية , فتتخيل , ملوك بني الأحمر  قد بعثوا من جديد على فرسانهم , يصارعون الريح لفتح مرة أخرى إشبيلية و غرناطة , كل شبر من بلاد الأندلس
لكنك تعود , إلى واقعك , تلتفت , إلى حقيبتك , إلى التعب الذي عانيته من السفر لكن لا يهم ,
و أنت عائد , تنتفخ عيناك , نعاسا , تقاوم حمرتهما و تعبهما , تقف بمقهى , أو بار ليلي للخدمه 24 ساعة , تدخل , الكل ينظرون , إليك , من هو هذا العربي القادم الغريب , تتقدم للحانة, تطلب فنجان قهوة ,, لعل البن , يزيح عليك تعب السفر , مع قطعه تورتيا إسبانية بالبطاطس , تسد بها رمق الجوع , لكن لا يهم , فالحب كبير , ينسيك , الجوع و العطش و كذك التعب
و أنت عائد , لا يهم التعب , لا يهم هل وجهك مرتب بالمايكب , أو شعرك شعت من عدم النوم على وسادة ريش ناعم , فقد تقف سيارتك في الأرض الإسبانية على حافة طريق زراعي , لترتاح على العشب الأندلسي الزهيد , لكن لا يهم , بالقدر ما يهم , أنك ستصل , للبحر , لتقطع الحدود الإسبانية و كأنك مور سكي , عائد إلى أرض الجدود مطرودا كالأندلسي من الأندلس
المهم , لا يهم , و أنت عائد , على الحدود الأندلسية و أنت في الجزيرة الخضراء , الخزيرات , ينبض القلب , كأنه عائد من الموت بعد لبت في المرقد آلاف سنين و لربما إزدادوا عددا  , تشم رائحة البحر , التي تحمل في طياتها رائحة البلاد ,
آه يا بلدي , آه يا وطني , كم هو الاغتراب مكلف جدا , تدفع نصف حياتك , في بلد لا علاقة له بك , لربما قد تتشبث يوم بجدودك الأندلسيين , لكن على من تبكي عليك , أو على قصص من الأندلسيين بنو الأحمر , و طليطلة و إشبيلية و غيرها من المدن و القرى الأندلسية العتيقة ، لا يهم لا يهم , المهم , أنك تمتطي البحر , كأنك قائد موسى إبن نصير , أو طارق بنو زياد , تعبر المضيق , فيلوح لك جبل طارق شامخا , لربما رأيت روح طارق إبن زياد على الجبل ينادي , البحر من ورائكم و العدو من أمامكم , فأين المفر؟ 
لا يهم , لا يهم , هنا تكثر الحكايات , يزدحم الشوق , تطل النوستالجيا , تتوه أنت غائصا و أنت تراقب موج البحر يغني تارة و يبكي أخرى , ينتحر مرات على جذور المركب فالاريا , تسمع أحاديث الشجون تدور , تحملق النوارس فوق رأسك , هي تتحدث إليك بشجون , تحكي لك عن حكاية بحر غامض أزرق , قد جمع في طياته أرواح مهاجرين , قد لفظوا أرواحهم حالمين بأندلس و بجنة النعيم, لكن البحر كان جهنم أرواح , لا يهم , لا يهم , فالنورس يتابع حكايتيه طايرا , يلقي ما في جعبته و يبتعد عنك
و أنت عائد , تشم رائحة البلاد , فهذه الحدود المغربية تطل عليك مبتسمة, بالشمس ' على ذاك الجبل كتب بالبند العريض

الله الوطن الملك , و أخيرا , حروفا عربية تطل من البوغاز , و أخيرا صوامع و مساجد طنجة ترحب بك , طنجة العروس البيضاء ستزف اليوم بين أحضانها اليوم عروسا أندلسية موريسكية 
تتنفس الصعداء حينها و تنسى و لو عن حين مشق المسافات تتنفس طنجة ياسمينا
و أنت عائد , تخوض كل المغامرات و كأنك دون كيشوت دي لامانشا و طواحينه , أنت عائد و كأنك موريسكي , هارب من الغربة , أنت عائد , كأنك أنبسي مهزوم , و أنت عائد و كأنك غجري مسافر على وجه البسيطة , أنت عائد , و كأنك حبة سنبل عادت لترسها ,و أنت عائد تحمل قلبك باناصيا ,
و أنت عائد موريسكي ألى باناصا .



Share To: