ما لم يكتب عن الراحل
الزيد لم يكن مذيعاً فقط!
المتأمل للسيرة الوظيفية لصديقي الراحل وأخي الأكبر الاستاذ عبدالله الزيد غفر الله له ورحمه وأدخله فسيح جناته، سيجد أنه عمل مذيعاً في إذاعة الرياض فقط منذ تخرجه وحتى احالته إلى التقاعد! لكن الواقع الحقيقي أنه كان يأمل ويحلم أن لايفارق الإذاعة والمذياع أبداً، لعشقه المتيم لهذا العمل العظيم، وهو العمل الإذاعي، ولهذا حرص في سكناه أن يكون قريباً من مجمع الاعلام، وتنقل في أكثر من بيت في الأحياء المحيطة بالمجمع.
لكن الذي حصل أنه تنقل في وظائف إدارية كثيرة، وهي لم تأتِ برضاه واختياره، لكن الظروف هي التي حتمت عليه أن يتنقل من الإذاعة إلى:
التلفزيون السعودي
مكتب وكيل وزارة الاعلام للشؤون المالية والادارية
وكالة الانباء السعودية
رقابة المطبوعات العربية
إذاعة أبو ظبي
إمارة شقراء
الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون
وزارة المواصلات
وكالة وزارة الثقافة والاعلام للشؤون الثقافية
ثم عاد من جديد إلى الاذاعة وبدأ خطواته من أول السلم، وكأنه خريج حديث التخرج، إلى أن تم إجالته إلى التقاعد!
هذه المحطات التي مر بها الراحل، تكشف لنا أن هناك خطأ إداري وراء هذه الوقائع التي جعلته يترك العمل في الإذاعة فترة طويلة، ثم يعود إليه من جديد! وعودته دليل قطعي على عشق متجذر في اعماقه، وأعرف عدداً من الاذاعيين الذين تركوا الإذاعة نهائياً بمجرد الحصول على وظيفة أفضل وأرقى وأجمل، لكن الزيد بقي وفياً لها ولعالمها، والحزن الشديد تسرب إليه حين احيل إلى التقاعد النظامي، وكان يردد علينا: بفضل الله تعالى صوتي وقدراتي لم تنتهي لكي تحال هي للتقاعد! ألا يستحق المذيع أن يتعاقد معه دوماً وأبداً مادام نشيطاً وحاضراً فيما تتطلب الإذاعة؟
وهي أسئلة مشروعة من إذاعي قدير، لأنه تجاوز التقديم وقراءة الأخبار والتقارير، إلى اعداد برامج ثقافية وأدبية نالت القبول والرضا والتميز، بل له برنامجاً ثقافياً تألق في تقديمه، إلى درجة أنه اذيع عبر معظم المحطات الاذاعية العربية!
إن الزيد المرهف الشاعر، شديد التألم من أي موقف يمر بها، أرى أن هذه المشاعر الرقيقة هي التي أثرت عليه في عمله، مع الواقع العملي النظامي الذي لايفرق بين إنسان وإنسان، لأنه يريد منا جميعاً الانجاز في فترة زمنية محددة.
اتمنى على من يقرأ كتاباتي هذه من منسوبي إذاعة الرياض، أن يسعى للأخوة فيها إلى إعادة بث برامجه الثقافية المتميزة، وسنبتهج بها، ويفرح المستمعون الذين هم بشوق كبير لسماع صوته الخالد رحمه الله.
Post A Comment: