ذات قصيدة
أغوتني إحدى الليالي الباردة
بنيران الحرف المتأججة
على طرف أناملي
فاندفعت حناجري
بلهفةِ عاشقٍ
انتحل لوهلةٍ
صفة رجل الإطفاء
ليخمد حرائق الأبجدية
قبل أن يلفظها الورق
رويدًا رويدًا
بدأت أفكر
كيف هو صوت الشعر؟
وكيف يسترقها المسامع؟
وكيف يصعد وكيف يهبط
على تلال السطر ..؟
كساحرٍ أعرج يتلذذ بعثراتٍ
هو صانعها
يفاخر بتعرية حروفه بكل جرأةٍ
و يلقيها و يجمعها
و انشغلت الحناجر بنزح الجليد
إذ لابد أن تستقبل الشعر
بدفءٍ يمتص صلب القصيد
نزحته في الإتجاه المعاكس لفمي
على أمل أن تذيبه حرائق الأرض من حولي
فإذ به يتصاعد للأعلى
في إتجاه النظر الغائب عن الوعي
تراكمت جباله في مقلتاي
كتراكم الأحزان في حاضري
فتساقطت بلورات الثلج
على صدر الورق
همت يداي مسرعتان
لإنقاذ آخر سطرٍ مشتعل
قبل أن يطمسه الثلج
"إني عرفتك قبل أن .."
هنا .. ها هنا
صمتي أنا
يعلن حضوره باجتياح
فاختنق في صوتي البراح
و تحجرت روح الحناجر ..
جاهدت في نطق الكلام
كجميع سادة الافتعال
أهدأ .. أنفعل .. أسكن .. ألهث ..أبكي!!
حاولت .. دون جدوى
واستسلمت لمغيب الحناجر
على ضفاف السطر الهادر!
لملمت أوراقي مع احتراقي
ومضيت في ذاكرةٍ ثكلى
تذكرت حينها ما قالته لي عرافة
ذات بحرٍ
"النساء يا بنيتي يهمسن الشعر"
فإن اقتربتي بصوتك
ستفقدين النطق إلى الأبد!
ومذ ذلك الحين وأنا أكتبه
في قصاصاتٍ
وأدسها في خصري سرًا
وكلما اشتعلت في الأنامل قصيدة
تراق.. الخصر
نسيت أنها حذرتني من هذا أيضًا!.
Post A Comment: