(القصة تجسد قدرة المراة العراقية،في الكفاح للحصول على القوت اليومي للعائلة أيام محن الحرب و حتى اليوم. ولذلك لابد ان نستذكرها اشادة بدورها.
القصة من مجموعة الجذور المتوحشة . نشرت عام 2000 أرجو الانتباه للتاريخ ، فله دلالته )
المرأة يضمر مبيضها و ينغلق ..
هذا صحيح . لأن المرأة .. ثبّتت ضمن رقعة ، ذات خطوط بيانية . مربعات آلام وهموم . و الليالي الحبلى بالقلق، و الرعب من المجهول .من الأصوات العالية . الريبة من استفسارٍ عن بيتٍ مقصود.
المرأة تشرذمت . هو نفسه تشرذم . هل هو حي ؟ أين ملامح الحياة؟ عجز جنسي و جسدي . ضائقة البيت.أسعار الغزل المتضارب. هموم لا تحصى.
الطماطم صعدت . الطماطم هبطت .أوراق الخبّاز بكم ؟ جسد امرأة مثل أم غني بكم ؟
***
اذا كان السؤال مجديا عنها : هي تستمــــــيت منتصرة لعفّتها لكي لا تهبط إلى حضيض اليأس .
تساوت لديها الأصفار . صفر يطرح من صفر يساوي صفر. اعرض مزيدا يبهت الطلب .أحفر خندقاً تزداد ترساً. كل الأشياء أصبحت ذات قيمة إلاّ.. هي .
ترفع صوتها الغاضب :
ــ أليس لهذا حد؟ أنا ما عدت أُطيق .. ألستم رجالا؟
ويهدر بكاؤها المهووس كالرعد . ثم يتلاشى كالهشيم في أعماق الصمت القصية .
تصمت . تقضي يومها غازلة مغزولة. المغزل يتروّض على أصابعها . أصابعها تتروّض على المغزل .. الصمت بداية التمرّد . رفض الأمر الواقع . (2) تتعايش على مضض مع المغزل و مطواه. هو قدرها . ممعنا بلولبيته. يهبط لكي يطوي قدرا أكبر من الطوي. ثم يدور على الذراع المبتورة ، دورة معاكسة و يتكوّر. تنجز أم غني هذا و ذاك . تطفق بتهيئة ( اللمبة) (3) . تشعل فتيلها لكي لا يباغتها انطفاء الضوء.
يمضي المغزل مفتولا ، وينقضي مزيدا من هزيع الليل . و ألزوج يطوي .. ويطوي .. ويطوي.
عند الصباح ، وبعد أن تبتلع لقمة الخبز، تغذ السير إلى ( العلوه) (4). بانتظار أن تحصل على سعر أفضل . البائعات أعداد غفيرة . إنه حشر عامل حقا .
النساء غادرن الخدر . والغنج . والليالي الحلوة. و أمسيات التجميل .ٍ و انتظار المساء . و الضحك الصاخب .
***
تلوح له الخارطة : عرض و طلب . هبوط وارتفاع . قبلة مواسية على خد معفر بغبار العهن المنفوش . يتعفّر بغباره فيعطس. و يستحضر من ذاكرته أنه : القلب النابض نفسه . يلقى لهاثه يَضطّرد . يتمعّن في الحاصل و المحصول . في الربح اليومي . يلتقط .. لقى من ُحدُبات أيّامه. ينحدر بنظره إلى أم غني .. إلى أسفل . يتمعن في الجسد الذاوي في الوجه المكدود . المخصول المتعب .. الحيف الغالب . المغلوب . الذكورة في خنثية أنثى .
تذهب ، أُم (غني) ثم تعود بعد ساعتين، أو ثلاث.تجد الأب المركون . تقفز إلى مخيلته : ذكريات ألأصدقاء : محسن .. أحمد .. محمود .. حامد. أين؟ رحلوا إلى الأبد.
سعد.. حسين .. منتظر . أين ؟ جوّابون مع الغجر .
هو نفســـــــــــــــه ؟
فليسمى ما يسمى . الناس وقعت . ومن لم يقع .. يزحف على كوعيه.
هو يقول ذلك . إعتراف أمام مذبح المغزل . مُقعد ، بعيد عن عملية الخلق ، غارق في هموم الطوي . لا يرى أجمات ولا سهبأ .
***
تعود أم غني صامتة ، تقضي نهارها صامتة. تقرر هي متى تتحدّث . هو أيضا ليس ملزما ، أن يجيب بإسهاب. ذلك أمر لا يؤثر على كفة المعادلة.
هم أحرار في الصمت. وفي الغور بمتاهات الصمت .تساوت الأرقام . قياسات الإسهاب و الاختصار : قياسات.. حافلة بالضلال . قياسات ذات مقاعد متحركة، ألاّهم . والأهم .. و الأهم من كل ذلك : أن تتوقف دورة المغزل . أن يطوى غزله و إلى الأبد.
ما عادت تطيق حركته اللولبية . و المطوى . و الكيس المحشو مصائب، مسجى كالنعش فوق هامتها. كأنه .. قدرها المقدّر.
ما عادت عابئة .. أن تفض الريح عباءتها. فما عادت لها أُنوثة محتشمة. ألمغزل ألغى الأنوثة . ابتلع ليلها و نهارها . ما عادت تحلم بخدر الصباح ولذّته. هو الآخر مبتلع .
***
أدرك الزوج قبلها ما تدركه اليوم . وتلمّس بالرصد ، إطلالة الرفض من عينيها. نظرة البغض إلى المغزل . تحرقها أن تحطّمه. أو ينطوي بانطواءة واحدة .
يرقبها .. كيف تطوي الليل . صخب الأواني . حضور فطورهما على عجل . لم تنل سوى كسرة خبز . ورشفة شاي مشفوطة. هيّأت علاّقة (5) الغزل . وانحنت لكي تخطف عباءتها . لاح من ثوبها الراقد
ذلك الثقب الذي تألقت منه نصاعة مؤخرتها .
قال هو :
استري عورتك .-
ارتدّت بنظرة جافلة . أزاحت العباءة، و قرّبت الثقب أمام بصرها ، غرست إبهامها فيه ، وقدّته من أعلى إلى أسفل .. ومضت.
موسى غافل
24/2/2000
(ــ يطغ: لفّة الفراش.1)
(ـ حذف جزء من هذه الجمل من قبل خبير دار الشؤون الثقافية .2)
(ــ اللمبة:قنينة يوضع فيها فتيل و نفط للأضاءة.3)
(ــ العلوة : محطة بيع الغزل4)
(ــ العلاّقة : كيس لحمل الغزل.5)
Post A Comment: