جاءَ في اللِّسانِ: التَّأْريخُ تَعْريفُ الْوَقْتِ، وَالتَّوْريخُ مِثْلُهُ، أَرَّخَ الْكِتابَ لِيَوْمِ كَذا: وَقَّتَهُ، وَالْواوُ فيهِ لُغَةٌ (تَوْريخ). وزَعَمَ يَعْقوبُ بنُ السِّكِّيت (ت246ه) أَنَّ الْواوَ بَدَلًا مِنَ الْهَمْزَةِ.
إنَّ التّاريخَ الَّذي يُؤَرِّخُهُ النّاسُ لَيْسَ ىعَرَبِيًّا مَحْضًا، أًَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ عن أَهْلِ الكِتاب، وَتاريخُ المُسْلِمِين (الهِجري) بَدَأَ بِهِ المُسْلِمونَ عَلَى يَدِ ةالخليفَةِ عُمَرَ بن الخَطَّابِ سَنَة (16ه) وَيَبْدأُ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ (ص) مِنْ مَكَّةَ ىإلَى المديينَةِ.
يَقولُ روزنتال (روزنتال: عِلْمُ التاريخ عندَ المُسلِمين،تَرْجَمَةُ صالح العَلي، ص: 18،ط1، بغداد 1963م) ا"لتّاريخ هو الْوَصْفُ الأَدَبِيُّ لِأَيِّ نَشاطٍ إنْسانِيٍّ ثابِتٍ، سَواءٌ قَامَ بِهِ الأفْرادُ أوِ الْجَماعاتُ، وَيَتَجَلَّى في تَطَوُّرِ أَيَّةِ جَماعَةٍ أَوْ فَرْدٍ وَيُؤَثِّرُ عَلَى تَطَوُّرِها". فَفِي هذا الْمَعْنَى فَقَط يَسْتَطِيعُ التَّاريخُ أنْ يَكُونَ مَوْضوعَ  دِراسَةٍ عِلْمِيَّةٍ بِالمَعْنَى الدَّقيق، أيْ يَدْخُلُ العُلومَ العَقْلِيَّةَ.
عَبَّرَ الْعَرَبُ عَنْ فِكْرَةِ التّاريخِ بِمُصْطَلَحَيْنِ هُما: عِلْمُ الأخْبارِ، وَكَلِمَةِ "تاريخ".
كانَتْ كَلِمَةُ "تاريخ" أَكْثَرَ شُيوعٍا، وَستُعْمِلَتْ لِتَسْجيلِ تاريخِ الوفَيات، وَالأوقات ولم يَكُنْ مَدْلولُها في البِدايَةِ كَمَدْلولِ كَلِمَةِ (History) الإنجليزِيَّة. 
إنَّ كَلِمَةَ "تاريخ" يُقابِلُها في اللُّغَةِ السَّامِيَّةِ مِنَ الكلماتِ ما تَعْنِي الْقَمَر أوِ الشَّهْر، وَهِيَ في اللُّغَةِ الأَكَّدِيَّةِ "أَرْخُو"، وفي اللُّغَةِ الْعِبْرِيَّةِ "يَرِيَّح". وَمِنَ الصَّعْبِ أَنْ تَكُونَ مُشْتَقَّةً مِنَ اللُّغات العِبْرِيَّة وَالأَكَّدِيَّة أو الآرامِيَّة لِوُجودِ حَرْف الياء في تِلْكَ اللُّغات. الأَصَحُّ أنْ تَكونَ قَريبةً مِنَ الْحَبَشِيَّةِ أوِ الْقَدِيمَةِ.
ابْتِداءً مِنَ الْقَرْنِ ةالتّاسِعِ الْمِيلادي أصْبحَتْ كَلِمَةُ "تاريخ" تَعْبيرًا فَنِّيًّا خَاصًّا، وَبَدَأَتْ تَظْهَرُ كُتُبُ التّاريخ الشَّهيرة كتاريخِ الرٌّسُلِ والملوك لمحمّد بن جدَرير الطَّبَرِي، وتاريخِ المَسعودي، وتاريخ اليعقوبي، والكامل في التَّاريخ وهو أوسَعُها لعزِّ الدِّين بن اتلأثير، وَكُتُبُ الأنسابِ، كَطبقات بن سَعْد\ الكُبْرى، وَأنساب الأَشرافِ للبَلاذُري، وهو من أَهَمِّ الكُتُب، وسبَقَتْها كُتُبُ الأَنساب لهشامِ بنِ محمّد المعروف بابنِِ الكلبي. ولكِنَّ السيرَةَ النَّبَوِيَّ سبَقتْ الجميع عَلَى يَدِ محمّد بنْ إسحاق (ت١٥١هج) وجمَعَتْ ثَلاثَ مَراحل هِيَ: المبدَأ، المبعَث، والمغازي.
وَ الأسباب التي دَفَعَتِ المُسلمينَ لكتابَةِ التّاريخ
هُوَ معرِفَةُ سيرَةُ النَّبِيِّ عليْهِ السّلامُ وكذلكَ القرآنُ الكريم.
هناكَ ثَلاثَةُ أبعادٍ زمنِيَّةٍ ذكرَها الْقُرْآن هِيَ:
الماضي ويشتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ الأنبياءِ والصّالحينَ، وذِكْرِ الأُمَمِ القديمة كفومِ فرعَوْنَ، وعادٍ وثمودَ وسبَبَأٍ وحِمْيَر والتَّبابِعَةّ والرُّوم والفرس وغَيْرِهِم. أرادَ المسلمون مَعَرِفَةَ أشياءَ عَنِ تلكَ الأُمَمِ، ثُمَّ معْرِفَةَ الخليقَةِ. اذلكَ كانَتْ كتبُ التّاريخِ تبدَأُ مِنَ الخليقةِ.
البعدُ الثّاني فترةُ النُّبوة، والدَّعْوَةُ الإسلاميَّةُ وتاريخُ الصَّحابةِ.
البُعْدُ الثالثُ هُوَ المستقبَلُ وسيطَرَةُ المسلمينَ بالفتوح، وذكرُ البرزخ والقيامَةِ والثَّوابِ والعِقابِ، وذِكْرُ الجَنَّةِ والنّارِ.
كلُّ هذا دفَعَ المسلمينَ إلَى الاهتمام بالتّاريخ الذي أصْبَحَ عِلْمًا مُهِمًّا في حَياتِهِم.



Share To: