السلام عليكم 

 لقاءنا اليوم مع المبدعة التي عرفت بقلمها الرائع وترجمتها النصوص إلى الفرنسية التي قالت :

" ترجمة القصيدة،  كيفما كان نوعها، لا يمكنها إلا أن تخدم القصيدة و تعمل على نقلها للآخر في لغة و قالب قد يجعلها أحيانا أجمل من الأصل"

معنا اليوم ابنة المغرب العربي خديجة ناصر 

اهلا بك عزيزتي 
، هل عرفينا  من هي الشاعرة خديجة ناصر؟  

جواب : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. قبل كل شيء اسمحي لي عزيزتي أن اشكرك  على إتاحتي فرصة التواصل مع أصدقائي و صديقاتي أعضاء نادي الهايكو العربي و كل الشكر والتقدير موصول لعراب الهايكو العربي، المعلم الفاضل محمود الرجبي. و أن ادعو بالرحمة والمغفرة للفقيد الشاعر و المترجم عصام زودي الذي نظمت مسابقة الهايكو على شرف روحه التي ما زالت حاضرة بيننا و إن غيبته المنية.

خديجة ناصر،  مواطنة من المغرب، أرملة، ام لثلاثة أبناء و جدة لحفيدتين.
خريجة المركز التربوي الجهوي  ( تكون أساتذة التعليم الاعدادي) تخصص العلوم الطبيعية. ثم خريجة المدرسة العليا للأساتذة،  تخصص الترجمة العلمية. استاذة التعليم الثانوي التأهيلي و بعده التحقت بالإدارة التربوية بالثانوي التأهيلي. و الآن متقاعدة متفرغة للترجمة و كتابة الهايكو و الشعر الحر و القصة القصيرة. 

سؤال 1
ترجمة القصيدة، هل هي تخدم النص و تمنحه روح التعايش و الوصول إلى الطرف الآخر بسلام؟  البعض يقول عند الترجمة النص يشوه، فما رأيك في هذا بالخصوص؟ 

جواب: 
ترجمة القصيدة،  كيفما كان نوعها، لا يمكنها إلا أن تخدم القصيدة و تعمل على نقلها للآخر في لغة و قالب قد يجعلها أحيانا أجمل من الأصل. فالكل يتوقف على حنكة المترجم و مدى إلمامه بقواعد و معجم اللغة التي يترجم إليها إضافة إلى تشبعه بثقافة الشعوب التي تتكلم هذه اللغة. فالترجمة ليست مجرد عملية نقل لغوي لخطاب ما، انها تضمين للمحتوى الثقافي لتلك اللغة و أوضح ذالك بمثال بسيط : في العربية نعبر عن سرورنا من أمر ما بقول: هذا أمر يثلج الصدر: لأن  البيئة التي نشأ فيها الإنسان العربي، بيئة ذات مناخ صحراوي حار و من ثم فهو يثمن كل ما هو بارد منعش بينما في اللغة الفرنسية، يعبر عن نفس الاحساس بقول : Cela me réchauffe le coeur.   أي :  هذا الأمر يدفي صدري،  قد يبدو تضاد في المقولتين ، لكن علما بأن اللغة الفرنسية لغة بلد ذو مناخ بارد يثمن المتكلمين بها كل ما يدخل الدفء على أنفسهم...أما ما يخص القول بأن الترجمة تشويه للنص الأصلي، فلا يمكن الجزم بذالك و لو انه يحصل في بعض الأحيان. ..الترجمة علم و فن، هي جسر تعبر عبره القصيدة إلى المتلقي الأجنبي محملة بما تزخر به لغته  من محسنات بديعة و مسكوكات لغوية و مشاعر إنسانية،  و إتقان الترجمة قد يعطي للقصيدة روحا جديدة و جميلة في مكان و زمان مغايرين.

السؤال 2
تتعدى القصيدة من الأمكنة  وهي تؤسس عبورها عبر مخيلتك، هل بمقدور الشاعر ترويض المكان باللغة؟ 
جواب :
القصيدة، كأي إبداع،  تتأثر بالمكان و الزمن الذين صيغت فيهما. و قصيدة الهايكو أكثر القصائد إرتباطا بهذين  العنصورين لأنهما من مرتكزاته: الكيغو : الموسمية،  الزمن ( فصول السنة،  الليل و النهار) أما المكان فهي الطبيعة بكل شساعتها و محتوياتها من بحار و جبال و صحاري. واني لأرى ، حسب، منظوري الخاص و المتواضع،   ان الشاعر يعمل دائما على ترويض المكان باللغة، بل هو من البارعين في المجال الأدبي في كذا ترويض. فكم من صحراء قاحلة، يصبغ عليها الشاعر من الأوصاف و الأمداح ما يجعل المرء يشتهي زيارتها  و قد يحدث العكس،  حسب مزاج الشاعر. اللغة تلعب بالنسبة له ، في نفس الوقت ، دور البناء و الهدم. ..التجميل و التبخيس في حق الأمكنة. 

السؤال 3
يقول الشاعر لويس ارغون " لولا الشعر لأصبنا جميعا...بسكتة قلبية " اليس العالم بدون شعر خراب و خواء؟
جواب:
لولا الشعر لأصبنا جميعا بسكتة قلبية" مقولة لها من الصدق الكثير...فإذا ما نظرنا لمكانة الشعر و فروعه ( الغناء، الزجل، الاهازيج، الملاحم الحماسية....) وجدنا ان الشعر يوظف في كل مناسبات الحياة، السارة منها كالعشق، و الاعراس، و مواسم االقطاف و الانتصارات و التشجيعات ( كرة القدم خاصة)....و كذالك في المناسبات الحزينة كالرثاء، و الحنين او مواجهة الخصم بالهجاء ...فالشعر اذا متنفس للذات البشرية و من ثم قد يكون لإنعدامه وقع مأساوي على الانسان الذي سيبدو له العالم خراب و خواء. 

السؤال 4
القصيدة رسالة مفتوحة للعالم، وانت تكتبين هل تفكري في القارئ؟ 

جواب:
كل واحد منا حينما يكتب ينتظر ردة فعل القارء عما كتبه ،فيسعد برضا هذا القارئ و يحزن لعدم رضاه. الكاتب انسان اجتماعي اكثر من غيره و همه الاساسي هو إرضاء القارئ و تبليغه رسالة ما و من ثم يكون هذا الاخير محور عملية الكتابة و يؤخذ بعين الاعتبار، فلا نخدش حياءه  و لا نتطاول على حريته و نبخس مقدساته ...طبعا ككل كاتب فإني افكر في القارئ و انا اكتب.

السؤال 5
 باعتبارك شاعرة هايكو، ماذا وجدت في الهايكو حتى جذبك اليه؟
جواب:
 لا اخفي ان هذا النمط من الشعر الوافد علينا من اليابان.، برشاقته و خفته و عمقه و بساطته اتاح لي مساحة للتعبير و متنفسا جميلا لا يطلب التصنع و المبالغة في استعمال الكلمات الرنانة من اجل اثارة الانتباه...فهو انتاج ادبي مبني على قواعد علمية ممنهجة من حيث عدد الاسطر و المقاطع المكونة لكل سطر منه، مجال العمل: الطبيعة على الخصوص، الزمن ...و كاننا نرسم منحني في الرياضيات باتباع معطيات نتقيد بها مما يجنبنا التيه. كما انه يتماشى مع  عصر السرعة الذي نعيشه، كاغتنام اللحظة الوجيزة للتعبير باقل عدد من الكلمات على احداث او ظواهر قد تكون بحجم الكون. لكل هذه الخصائص  و جدت نفسي مشدودة لكتابة الهايكو من أجل التعبير عما قد يدهشنا في هذه الحياة.

السؤال 6
هل الغموض في القصيدة يؤدي الى ابتعاد القارئ عنها؟

جواب:
طبعا، في بعض الحالات، قد يؤدي الغموض الى ابتعاد القارئ عنها، اذا كان هذا الاخير لا يكلف نفسه التفكير و التعمق و تحليل و تفكيك القصيدة للوصول الى كنهها...و قد يكون العكس ، و يعطينا قراء يهتمون بالقصيدة و يضعون لها قراءات  توضحها اكثر و مع ذالك تبقى القصيدة الواضحة محببة لذا القارئ على العموم، القارئ الذي يتوخى المتعة دون تكلفة.

السؤال 7
ماذا تفعلين عندما تنقطع عنك الافكار/ لا تستطيعي الكتابة؟

جواب عن السؤال 7
عندما تنقطع عني الافكار و لا استطيع الكتابة، ألجأ الى القراءة و تغيير الجو بالتنزه و المشي ...و بالنسبة للمرأة فاشغال البيت كفيلة بملئ كل الفراغات...

السؤال8
بما انك عضوة في بعض الاندية و المجالات الخاصة بالهايكو،  ماذا يميز نادي الهايكو العربي عن غيره؟

جواب:
نعم، انا عضوة في بعض الاندية و المجالات الخاصة بالهايكو، لكن يبقى نادي الهايكو العربي هو المدرسة الاساس لكل عاشق و راغب في تعلم  الكتابة في هذا النمط من الشعر و ذلك راجع للمجهودات الجبارة التي يقوم بها رائد هذا النادي، المعلم القدير و الهايكست المتمكن محمود الرجبي. إنه لا يبخل بوقته و جهده في تقديم كل ما يهم الارتقاء بمستوى اعضاء هذا النادي من حيث الالمام بثقافة الهايكو و التدرب على كتابته و كذالك التحفيز من خلال الأوسمة التي يتوج بها كل نص جميل ، كذالك توثيق النصوص المميزة في مجلات الكترونية و كتب خاصة و عامة .ناهيك عن تنوع روافد هذا النادي كنادي هايكو الطفال و نادي  هايكو الخيال العلمي ثم اندية مكملة لهذا النمط من الشعر كنادي الهايبون العربي و التانكا العربي و قصة النانو . كل هذا و غيره جعلني مرتاحة اكثر و انا عضوة بنادي الهايكو العربي.

السؤال 9
دم الشعراء مشترك رغم اختلاف القارات و تنوع الاراضي الشعرية. كيف تلقيت فاجعة رحيل عصام زودي؟ و كيف كانت علاقتك به؟ 

جواب:
فعلا ، دم الشعراء مشترك و ان اختلفت الاقطار و الاراضي الشعرية، فهم مهووسون بنثر الجمال و غرس فسيلة المحبة اينما حلوا و إرتحلوا و من ثم فرحيل اي واحد منهم يكون خسارة للآخر. رحيل الهايكست و المترجم عصام زودي كان فاجعة كبرى تلقيتها بحزن شديد، موته الفجائي ذكرني بوفاة زوجي رحمه الله الذي باغثته المنية،  و انا وإياه في نزهة،  اثر سكتة قلبية. هذه الطريقة في الرحيل اصعب ما يكون في تقبلها و لو ان الامر كله بيد الله. علاقتي بالمرحوم عصام زودي كانت علاقة طيبة اذ اشتغلت معه في ورشة ترجمة نصوص هايكو، بنادي نبض الهايكو، في اطار احداث مجلة هايكو بثلاث لغات: النصوص الاصلية بالعربية و ترجمتها الى الانجليزية من قبل الاستاذ عصام زودي و الى اللغة الفرنسية، ترجمتي. كما  قد حظيت بعض نصوصي الى ترجمة من قبله الى الانجليزية. كان من اطيب خلق الله.

السؤال 10
ما هو انتاجك الادبي حتى الآن؟ 

جواب:
لحد الآن ، انتاجي الادبي اغلبه ترجمة. منها:
- ترجمة خمس روايات، نشر اثنان منها و ثلاثة في طريقها للطبع و النشر و كلها لكتاب مغاربة مرموقين.
- ترجمة ثلاثة دواوين شعرية تم اصدارها و هي ايضا لشعراء مغاربة.
 - مضمومة لنصوص ادبية متنوعة لكتاب مختلفين.صادرة ايضا
- كتاب / مجموعة قصص قصيرة لكاتب مغربي.
- ديوان هايكو لشاعرتين ( جزائرية و سورية) في انتظار طبعه.
كل هذه الترجمات كانت من العربية الى الفرنسية.
اما بالنسبة للترجمة من الفرنسية الى العربية فهناك ديوان " هايكو مسابقة لويس براي" العالمية و كانت الترجمة مشاركة مع الاستاذ عبد الرحيم بن سعيد.
  فيما يخص الكتابة، لي ديوان هايكو تحت عنوان" على جدار الصمت" بتقديم جميل من طرف الكاتب الالمعي المغربي مصطفى لغتيري. صدر في اكتوبر 2019 عن مطبعة بلال بفاس.
و لي مشروع اصدار كتاب يضم  قصائد هايكو و هايبون و تانكا و نانو. 
و كذالك مجموعة قصص قصيرة. اتمنى التوفيق من الله.

السؤال 11
كلمة تكون لنا حسن الختام .مع اضافة البعض من ققصاىد.
جواب:
مرة ثانية اشكرك جزيل الشكر،  استاذة كريمة علي، على هذا الحوار الذي سيقربني اكثر من اصدقائي و صديقاتي اعضاء نادي الهايكو العربي و الشكر و التقدير لمعلمي الفاضل المهندس الشاعر محمود الرجبي على كل ما يبذله من جهد و ينفق من وقته الثمين في الرقي بنادي الهايكو العربي الى مرتبة العالمية وما  تنظيم مسابقة " هايكو لويس براي العالمية " قي صيغتها العربية ، تحت اشرافه و بمباذرة من الاستاذ عبد الرحيم بن سعيد و لجنة ضمت اعضاء مرموقين من نادي الهايكو العربي و هايكو مصر و كان لي شرف المساهمة معهم، لخير دليل على ذالك. اطال الله عمر عراب الهايكو العربي، محمود الرجبي. و رحم الله الفقيد الشاعر عصام زودي.
بعض من قصائدي:
 باي لغة أرثيك يا عصام 
عربي ....انجليزي...
كل دموعي لن تكفيك!

من قال مات؟
روحه فراشة 
تطرز الهايكو على البتلات!

سكون الليل
أرتشف الصمت 
و أداعب طيفك!

فراشات الشام 
عصفت بها الرياح
مكنسرات، على الأرصفة ترتاح!

فستان زفاف
على مقاس شجرة اللوز 
تغزله ندف الثلج!

وفي الختام اتقدم بالشكر والتقدير لك شاعرتنا وللاستاذ والمعلم محمود الرجبي ..!



Share To: